عشية اجتماع اللجنة النيابية للإعلام والاتصالات، المقرر غداً، ما تزال «فضيحة الانترنت» تشهد سباقاً محموماً، على الصعيد السياسي، بين محاولات حثيثة ومستمرة لإقفال هذه المغارة وتجهيل الفاعل، عبر عرقلة عمل القضاء ومنع التحقيق من إماطة اللثام عما تكتنزه القضية من خفايا وأسرار خطيرة، وبين إصرار اللجنة النيابية على المضي في هذا الملف وصولا الى خواتيم تفتح القفص أمام المرتكبين، وتعيد الى خزينة الدولة ملايين الدولارات التي نُهبت من هذا القطاع من دون وجه حق.
وفي سياق هذه القضية، برزت تباينات داخل تيار سياسي بارز في «14 آذار»، حول كيفية مقاربة هذا الملف، بين فريق يصر على متابعة الموضوع حتى نهايته لوضع حد له، وفريق يسعى لإيقاف الملف عند هذا الحد والحؤول دون التوسع في عمل القضاء، لان من شأن ذلك أن يسلط الضوء على تورط بعض المحطات التلفزيونية، وتلافياً للانعكاسات السلبية على العلاقة مع جهة نافذة في «14 آذار»، تمت بصلة مباشرة الى المحطة المذكور. علما ان هذا الموضوع سيأخذ حيزا أساسيا في اجتماع «كتلة المستقبل» اليوم، حيث أكدت أوساط الكتلة لـ «السفير» أن الاجتماع سيقارب هذا الملف من زاوية انعكاساته السلبية على الوضع العام.
وتقول مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» إن ثمة ضغطا كبيرا يمارس من قبل جهات سياسية لطمس الحقائق المتصلة بهذا الملف، ومحاولة حرف التحقيق في ما خص «محطة الزعرور»، والقول بأن هذه المحطة «لم تكن تستجر الانترنت»، ونفي ما ورد في المحاضر الرسمية لهيئة «اوجيرو» التي أكدت انه أثناء تفكيك المعدات في الزعرور كانت هناك محطة كاملة لاستيراد الانترنت، وتم وضعها في سيارات «اوجيرو» قبل أن تتدخل مجموعة مسلحة وتعيد هذه التجهيزات الى محطة الزعرور. كما أكدت محاضر «اوجيرو» انه عندما تدخّل المدعي العام المالي لاسترجاع المضبوطات أعيدت ناقصة.
وبحسب مصادر سياسية متابعة لهذا الملف، فإن أداء القضاء حيال هذه الفضيحة بطيء، برغم توفر المعطيات لديه، خاصة أن لجنة الإعلام قد أودعت القضاء المختص، ما توفر لها من معلومات موثقة ربطا برفع السرية عن محاضر لجنة الإعلام بناءً على طلب الرئيس نبيه بري، حيث تحول محضر اللجنة الى مضبطة اتهامية ومستند أمام القضاء، تتوفر فيه المعطيات التي لا يستطيع القضاء إلا أن يأخذ بها، لا أن يتجاوزها أو يقفز فوقها.
ويبدو أن رفع السرية عن المحاضر قد أعطى زخما إضافيا للجنة للمضي قدما في هذا الملف، وبالتالي ستكون الجلسة التي ستعقدها اللجنة عند العاشرة قبل ظهر غد الاربعاء، بمثابة «الحفارة» لسبر أغوار هذه المغارة أكثر فأكثر، اذ ستشهد مشاركة من مختلف الأطراف، لطرح معطياتها وملاحظاتها، سواء على فضيحة الانترنت أو في ما خص المدير العام لهيئة «اوجيرو». وفي هذا السياق، قرر النائب وليد جنبلاط المشاركة فيها عبر ممثل لكتلة «اللقاء الديموقراطي» هو النائب علاء الدين ترو برغم عدم عضويته في اللجنة.
وعلم أن النقاش سيتمحور حول حجم الخروقات وآثاره السياسية والاقتصادية، وكذلك موضوع الخسارة المالية، حيث إن وزير المال علي حسن خليل الذي اتخذ صفة الادعاء في هذا الملف أعد تقريرا حول حجم الخسارة على خزينة الدولة، فيما تنتظر اللجنة جوابا عن سؤال بات يتردد على كل لسان «لماذا تأخر كشف شبكات بهذا الحجم وهذا الانتشار، من يحميها، ومن سهل دخولها، ومن هم الشركاء أو المتورطون الحقيقيون فيها؟ كما تنتظر أجوبة شافية وتفصيلية من وزارة الاتصالات، خاصة أن هناك محطة ما تزال موجودة في الضنية تعتبر «لقيطة»، حتى الآن، كون صاحبها ما يزال مجهولا. وكذلك أجوبة من وزارة الداخلية، حول عدم معرفتها بوجود تلك الشبكات، وكذلك عدم معرفتها بالوقائع التي رافقت تفكيك هذه الشبكة والاعتداءات التي حصلت على موظفي «اوجيرو» في الزعرور. وكذلك الامر بالنسبة الى وزارة الدفاع.
ولفتت المصادر الانتباه الى أنه في ضوء المعطيات التي ستتوافر، وما ستكشفه التحقيقات، ستستكمل لجنة الإعلام عملها بجلسة خاصة يدعى اليها الجسم القضائي لإطلاع اللجنة على ما بلغته التحقيقات في هذه الفضيحة.
وقال رئيس لجنة الإعلام النائب حسن فضل الله لـ «السفير»: هناك محاولات حثيثة لتغيير مسار القضية وإدخالها في الحسابات السياسية.
وأكد أن النقاش مفتوح أمام النواب لتقديم ملاحظاتهم ومعطياتهم، ملوحاً بأن وجود أي خلل في عمل الجهات الرسمية، أو تقصير حيال تمدد الانترنت غير الشرعي، سيدفع اللجنة الى ملاحقته وستعلن ما ستتوصل اليه على الملأ، ليكون الرأي العام على اطلاع على كل المجريات ولتكون السلطة القضائية ايضا أمام كل الحقائق التي ستتوصل اليها اللجنة، وهذا ما بدأناه حينما وضعنا محضر جلسة اللجنة في 21 آذار الجاري في عهدة القضاء.
السفير بتاريخ 2016-03-29 على الصفحة رقم 1 – الصفحة الأولى
http://assafir.com/Article/483987