من يكتب اسم خالد جبارة في خانات البحث بمواقع التواصل والتصفح، سيعثر على الكثير من مشاعر الحزن والتضامن، كتبها أميركيون بشكل خاص عن شاب أبصر النور قبل 37 سنة بالسعودية، وكان واعداً، إلا أن الأقدار جعلته جاراً في بلاد بعيدة لأميركي "ترامبي" (أي متعصّب)، اعتاد المجاهرة بكرهه للعرب والمسلمين، ولهذا السبب بالذات استهدفه قرب منزليهما في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما، وأرداه مساء يوم الجمعة الماضي بالرصاص قتيلاً بعز الشباب، كرهاً وتشفياً بثالث قتل يلحق بعرب ومسلمين بأسبوع واحد في أميركا.
جبارة القتيل، عازبًا، هاجر في 1983 طفلاً عمره 4 سنوات مع عائلته إلى الولايات المتحدة "وهو مسيحي من إحدى قرى الجنوب اللبناني"، بحسب ربيكا أبو شديد، وهي لبنانية الأصل تقيم في واشنطن، ومولودة قبل 37 سنة في الولايات المتحدة، وتعمل بشركة ناشطة في حقل الطاقة وتوابعها، إلا أنها تبرعت لتكون الوسيط بين ذوي القتيل والإعلام الأميركي، ولهذا نجد اسمها واردا بهذه الصفة أسفل بيان نشرته عائلة جبارة في "فيسبوك" وطلبت الاتصال بها، للحصول منها على مزيد من المعلومات عما حدث. كما أن البيان ورد أيضا بموقع معهد شهير، هو Arab American Institute المتخذ من واشنطن مقره.
ومما روته ربيكا عن جبارة الذي سيشيّعونه للدفن الخميس، أنه توفي بعد قليل من نقله إلى مستشفى في اليوم الذي سدّد إليه جاره 4 رصاصات، وأن الشرطة اعتقلت قاتله باليوم نفسه، وذكرت أن القتيل كان يعمل مع والدته هيفاء نعمة جبارة، الوارد بحسابها "الفيسبوكي" أنها من قرية "دير ميماس" البعيدة 92 كيلومترا عن بيروت، وتملك وتدير شركة أسستها باسم Limelite Catering للمواد الغذائية في Tulsa المقيمة فيها مع زوجها.
كما تقيم في "تولسا" شقيقة القتيل فيكتوريا، العاملة بالتسويق والمولودة في لبنان، كذلك يقيم فيها شقيقه رامي، وهو محام ولد بالسعودية، ممن يتضح من حساباتهم في "فيسبوك" أنهم من عائلة ثرية، في حين أن الأب المتخرج في "جامعة ولاية أوهايو"، وفق ما تذكر العائلة عنه في حسابه "الفيسبوكي" أيضا، فاسمه منح جبارة، وهو من بلدة "مرجعيون".
وفي العام الماضي حاول دهس والدة القتيل بالسيارة
أما جاره وقاتله ستانلي فيرنون ماجورز (Stanley Vernon Majors) البالغ من العمر 61 سنة، والموحية ملامحه بصور كوكب المشتري، فكررت ربيكا ما ورد عنه بوسائل إعلام أميركية أتت على ما ارتكبه بمعاينة شهود رأوه يطلق الرصاص من شرفة بيته على خالد الذي كان في الشرفة المقابلة، وبعدها هدّد من رأوه بمسدسه ولاذ بالفرار، وحين أقبلت الشرطة أخبروها بأنه ما زال في منزله، لكن عناصرها لم يعثروا عليه هناك، فبحثوا عنه بالجوار، إلى أن وجدوه مختبئا خلف إحدى الأشجار المزروعة على جانبي الطريق المؤدية إلى مكتبة هاردستي العامة، وهي قريبة في المنطقة.
اقتادوه مقيّدا إلى مركز احتجاز، وأثناء نقله انهار "ستانلي فيرنون ماجورز" شبه مغمىً عليه، فحوّلوه إلى مستشفى عالجه مما كان فيه، ثم أخضعوه لتحقيق اعترف أثناءه بالقتل، وأفرجت الشرطة للإعلام عما لديها بشأنه، مشيرة إلى مشاكل عديدة حصلت مع الجار الكاره والممتلئ غيظا من العرب والمسلمين، إلى درجة أنه قام في 2015 بصدم الأم هيفاء جبارة بسيارته، فاعتقلوه وأطلقوا سراحه بكفالة قيمتها 60 ألف دولار، مع وعد بلفظ الحكم عليه في آذار المقبل.
جدع أنفها وسبب لكتفها وكاحلها كسورا
بعدها، احتدمت الشحناء بينه وبين خالد جبارة أكثر، والجيرة انقلبت إلى عداء ناري يومي، جمره متّقد تحت رماد الكره والتعصب من جار امتهن التطاول مرارا بشتائم عنصرية على كل فرد من الأسرة يراه في الحي، حتى إن شرّه شمل جيرانا آخرين نالهم شرّ عدائياته، فوصل صداه الى القضاء الذي أدانه مرة بالسجن 8 أشهر، من دون تنفيذ، وهو ما شحنه بالعداء أكثر على جبارة بشكل خاص، فظهر على مرأى من جيران رأوا معه مسدساً قبل نصف ساعة من الجريمة، ووصل الخبر إلى خالد جبارة، فاتصل بالشرطة التي أخبرته أنها لا تستطيع أن تفعل شيئًا، لذلك انتهى اللبناني جثة اخترقتها رصاصات جاره المتعصب، طالب الادعاء العام في "تولسا" بإدانته بتهمة القتل من الدرجة الأولى.
في البيان الذي نشرته أسرة القتيل في حساب شقيقته فيكتوريا "الفيسبوكي" يظهر أن شقيقها قضى "ضحية لخطاب الكراهية المتصاعد ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة"، في إشارة ربما إلى تصريحات دونالد ترامب عن المسلمين واللاجئين، وأن الأسرة شكت جارها الكاره في الماضي لإقدامه على صدم هيفاء جبارة عمدا بسيارته، وهي أم القتيل، فجدع أنفها وسبب لكتفها وكاحلها كسورا. وأنه كان يكرر عبارة "عرب وسخين" وأحيانًا "لبنانيين قذرين" في مناسبات كثيرة وعلنا.
الجريمة هي ثالث قتل يلحق بعرب ومسلمين في أسبوع واحد بأميركا، فيوم السبت الماضي قتل الأميركي أوسكار موريل أمام "مسجد الفرقان" في نيويورك، البنغالي مولانا أكونجي، ومعه قتل مساعده ثراء الدين، بدافع الكراهية، وهو ما قد يؤكده التحقيق مع قاتلهما المعتقل.
(العربية - Washington Post - ABC news)