كغيرها من الفتيات تحلمُ أن ترتدي الفستان الأبيض، ممسكة بباقة من الورود، وسط زغاريد أهلها، ابتهاجاً بيوم زفافها، غير أن صابرين (20 عاماً) يلاحقها كابوس نظرة المجتمع كونها "فتاة سُكرية".
صابرين -اسم مستعار- تعاني من السُكري منذ ولادتها تعرضت لهزة نفسية مريرة أثَّرت على نظرتها للحياة ككل، جاءت تلك الصدمة بعد أن أُعجبت بشاب بادلها الشعور ذاته، وعندما طلب يدها وأراد التعرف على عائلته لإكمال مراسم طقوس الزواج المتعارف عليه في مجتمعنا، غير أن مصارحتها له بأنها تعاني من "السُكري" أفقدها حُلم حياتها.
ويشكل ذلك الأمر هاجسٌ عند العديد من السيدات والعائلات التي تتوجس خوفاً من ارتباط أبنائها بمريضات السكري، مخافة انتقال المرض لأولادهنَ أو عدم الإنجاب تماماً بسبب هذا المرض.
ويمتنع العديد من الشباب في قطاع غزة عن التقدم لخطبة الفتيات مريضات السكري هربا من توارث الأبناء المرض وخوفا من نقل داء السكري إليهم، حسب اعتقاداتهم.
يمتنع العديد من الشباب في قطاع غزة عن التقدم لخطبة الفتيات مريضات السكري هرباً من توارث الأبناء المرض
صابرين تقول، باستغراب "نظرة المجتمع خاطئة بالنسبة للفتيات المصابات بالسكري، وهناك ضعف في الثقافة العامة تجاه السكري ككل، وهناك تبريرات غير منطقية من قبل عوام المجتمع تجاه الزواج من المصابين بالسكري".
وتضيف: السكري لا أعتبره مرض، بقدر ما هو نظام حياة، ولا بد من أن تتغير نظرة المجتمع لكل المصابين بالسكري، خاصة أن هناك أطباء وأطفال ونساء وشباب مصابين بهذا المرض ويقدر عددهم بالآلاف.
وتتابع بحرقة "السكري ليس عيباً في الفتاة أو الشاب الذين من حقهم بناء أسرة تحفها السعادة، وهذا الذي يسمونه مرض من اختيار الله وليس من اختيارنا".
معاناة صابرين ليست الوحيدة في قطاع غزة وإنما يعاني الكثير من الشباب والشابات صعوبة في الزواج نظراً لأوضاعه الصحية.
إسلام علي (27 عاماً) هي الأخرى تعاني من العنوسة بسبب إصابتها بالسكري، وعلى الرغم من أنها متعلمة ومن عائلة ثرية وجميلة تقول، "كنت أخرج إلى الخُطاب، وكان يعجبوا فيَّ بدرجة كبيرة، ولكن عندما تخبرهم أمي من باب الأمانة أني أعاني من السكري تتغير وجوههم وينصرفوا دون رجعة".
وتوضح أن بعض "الخُطاب" رددوا كلمات ازعجتها نفسياً كقولهم "الله يعينك"، "والله يشفيكم"، معتبرةً أن نظرة المجتمع خاطئة تجاه الفتيات السكريات، ويعتبرونه كارثة.
أخصائية: لا يوجد أي تأثير على العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة مريضة السكري
وتحاول إسلام تغيير نظرة المجتمع تجاه الفتيات السكريات من خلال ورش العمل وسلسلة فيديوهات وتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى ان بعض الفئات المجتمعية خاصة المثقفة بدأت تتفهم طبيعة مرض السكري.
محمد يوسف (30 عاماً) تقدم مراراً وتكراراً للعديد من الفتيات للزواج، غير أنه كثيراً ما كان يعود بـ"خُفي حُنين"؛ فقط لأنه مصاب بالسكري.
يقول محمد وعيناه تقدح شراراً ونقماً على نظرة المجتمع لمصابي السُكري "تقدمتُ للعديد من الفتيات ولم يقبلنَّ بي رغم أن كل مؤهلات الزواج متوفرة بي، متسائلا لماذا هذه النظرة الدونية؟!"
من جانبها، تشير الاخصائية السعودية في مرض السكري سمية أبو عظمة أنه لابد أن لا يكون هناك تخوف من التقدم لفتاة مريضة سكري بتاتا، لأن نسبة الوراثة من الأم تكون احتمالية لكنها ضئيلة، ومن الممكن أن يكتسب الطفل مرض السكري ومن المحتمل الكبير أن لا يصاب بالمرض، مشيرة إلى أن السكري مرض غير معدٍ وغير قاتل حتى يمنع الزواج من مريضة السكري.
وتؤكد أبو عظمة أنه لا يوجد أي تأثير على العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة مريضة السكري، أما على مريض السكري فمن المحتمل أن يكون هناك تأثير على العلاقة الزوجية إذا كان في سن متقدمة وغير متحكم في سكر الدم، والحكمة من ضبط السكري هو تفادي المضاعفات التي تأتي بعد 10 أو 11 سنة من الإصابة بالمرض، أما إذا كان المريض غير متحكم في نسبة السكر في الدم فمن المحتمل أن تأتي المضاعفات خلال 4 أو 6 سنوات.
فلسطين اليوم
في السياق، تقول أخصائية التغذية وعضو جمعية أصدقاء مرضى السكري بيان طاشكندي، إنه يجب على مريض ومريضة السكري أن يتبعوا خطوات أساسية لتفادي جميع المضاعفات لعيش حياة سليمة، أولا الرياضة وثانيا الإبر أو الحبوب وثالثا التغذية السليمة.