زحفت الاعتراضات إلى مبنى وزارة التربية لتجد طريقها إلى قسم الشكاوى الذي امتلأت أدراجه أوراقاً مشبعةً بالوقائع حول خروقاتٍ حصلت في هذا المركز أو ذاك خلال دورة الامتحانات الرسميّة للشهادتين المتوسّطة والثانوية للعام الدراسي 16/2017.
شكاوى بالجملة نُصّت ووقعت وأرسلت إلى القسم، تمحورت بمجملها على أمور "مُزعجة" كانت تحصل بالقرب من بعض المراكز شوّشت على المرشّحين، وخلل في التنظيم بمراكز أخرى فضلاً عن تدخّلات عانى منها المراقبين، لكن ما يلفت في نصوص الشكاوى المقدّمة، تلك المتعلّقة بخدماتٍ قُدّمت إلى أبناء سياسيين نافذين أو تدخّل من رجال أمن في الحثّ على تقديم مساعدة للمرشّح المسمّى بالاسم، أمّا الأبرز فكان غزو الهواتف الذكيّة لمجمل المراكز، إن كان على صعيد الطلّاب المرشّحين أم المراقبين، وهذه كلّها تقود إلى تسليط الضوء على نماذج من التفلّت شهدها بعض المراكز.
التفلّت المشار إليه نوعان، انضباطيّ مسلكيّ - ينمُّ عن عجزِ بعض المراقبين من ضبط جنوح البعض نحو تقديم المساعدات -، وتفلّت تقنيّ يعبّر عنه باستباحة الهواتف الذكية الغرف علماً أنّ النص يقضي بتسليمها على باب المركز، إلّا أنَّ هذا الإجراء لك يُتّبع في العديد من المراكز أبداً.
نموذج ثانٍ من التفلّت، كتب على أوراق شكاوى أظهرت ضلوعاً لمراقبين في تقديم مساعداتٍ لمرشّحين؛ كالحالة التي حصلت في مركز بسن الفيل، إذ أقدمت إحدى المفتّشات على تسريب إجابات مكتوبة لنجل شخصيّةٍ نافذة. وقيل إنّ المفتّشة، مارست ضغطاً نفسياً لتمرير "الخدمة"، غير أنّ رئيسة المركز رفضت الرضوخ وبادرت إلى شكاية المفتشة للوزارة.
لكن ثبات رئيسة هذا المركز قابله خضوع لآخر في ضهور الشوير والذي غضّ النظر عن خدمات قُدّمت قبل بدء الامتحان لابنة زعيمٍ سياسيٍّ نافذ، كانت تُقدّم مسابقات الشهادة المتوسطة، فعنوةً عن كلّ زملائها في مدرستها الذين وُضِعوا في الطبقة الثانية من المبنى، اختير أن توضع هذه الفتاة بالذات في الطبقة الأولى مع طقم مراقبين اتّضح لاحقاً أنّهم نشطاء في حزب ذلك الزعيم السياسيّ، ما طرح علامات استفهام حول الغاية.
وليس بعيداً عن سن الفيل وضهور الشوير، ففي ذوق مكايل، قام دركي مكلّف بالحراسة بالدخول إلى المركز طالباً الحصول على أسئلة الامتحان، ليتّضح لاحقاً أنّه نقلها إلى سيارة تقف في الخارج ثمّ يعود ويحمل الأوراق ويدخلها مجدّداً إلى إحدى الغرف، دون أن يبادر إلى سؤاله أحد عمّا يفعله، فكانت له كاميرات أحد هواتف المراقبين بالمرصاد.
وفي محاولةٍ لفهم خطوات وزارة التربية، تواصلنا مع دائرة الامتحانات، لكنّ الموظفين رفضوا الإدلاء بأي موقف بذريعة "منعهم من تقديم الأحاديث للإعلام"، فجّرت إحالتنا إلى مكتب مدير عام الوزارة الأستاذ فادي يرق، إلّا أنّه تعذّر الوصول إليه، على الرغم من اتّصالاتنا المتكرّرة.
ليبانون ديبايت