"شو بدك الناس يحكوا علينا"! كثيرًا ما تصدح هذه الجملة في بيوت مجتمعنا، وإن لم تكن موجهة لنا مباشرةً فلابد أن تكون لشخص نعرفه ، إلا أني أحبذ تحديد الشخص وتعيينه ألا وأقصد "الأنثى " ، بالرغم من أني لا أحيد إلى جهة في حرب العنصرين الحقوقية ، لكن إستوقفت هذه الجملة حشريتي الفلسفية .
أسئلةٌ تجتاح أحرف الحق ، فتصطف مكسورةَ الحلول ، لأن لم يضمها اي من الوعي و التفكر ، "شو خطبتي؟" ، "وينك الوقت تأخر والعالم بتحكي ! " ، "بدك تقعديني كل العمر على أعصابي " ، وأكثرها سذاجةً " صدق القال هم البنات للممات " ،
لا زال التفكير القديم يسيطر على حانات العقل اللبناني ،
أنا أؤمن بأن مجتمعنا وخصوصا في مجالات العمل يعرض الفتاة للكثير من المواقف التي قد تحرجها ، وأدرك أن شوارع بلدي غير آمنة ، وأبصم على حقوق الأهل بالخوف على بناتهن ، في حين أسلم طوعاً لقدرة كل فتاةٍ على تحمل الثقة الممنوحة لها،لكن الامر لم يعد موضوع الخوف عليهن ، بل أضحى شذوذا في طريقة التفكير ، تحديد للطموحات والحلم ، المبدا عند البعض أن تستقل بناتهم قطار الزواج قبل أن يفوتهم ، من هنا يخطر سؤال في خاطري : هل وجدت تلك الفتاة من يستحق أن تتخلى عن حريتها الشخصية لعبودية رجل متسلط . قد تجد تلك الفتاة في الشخص سندا يدعمها في طموحاتها ، وهذه نسبة لا تتخطى ٥٪ في مجتمعنا . وهناك فرق شاسعٌ ما بين رجل يشجع زوجته لتساعده في المعيشة ، و ما بين من يدعمها لشأنها الخاص . أما معايير القبول عند الاهل و الفتاة فتختلف من تفكير لآخر ، ففحين يسعى الاب لتزويج ابنته برجل خلوق و متعلم ، قد ترغب الام بالمال الوفير و كثيرا ما تأثر على إبنتها فقد صدق القول :" طب الجرة عتمها بتطلع البنت لامها " ، بيت ، سيارة ، خادمة ، حساب في المصرف، إذا وُجدت هذه المطالب ، فللشاب الحق في تغليف الفتاة و يضعها في صندوق ليحملها الى بيته مادةً تشترى وتباع . أما الحب فاصبح اضغاث احلام و عند الكثير صار صورة جميلة ينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي ليحصل على مجموعة كبيرة من الاعجابات والتعليقات . من جهة أخرى ، يعاني مجتمعنا من مقياس الماضي ، فالام مثلاً لا تقبل بزوجة لابنها اذا كانت مطلقة او ارملة و ما الى ذلك لكن حين يتعلق الامر بابنتها تبسط الشرف وسائد لها و تجد مبرراً .
هذه مشكلة من فيض ، أن لا تقاس الاخطاء بين الذكر و الأنثى ، مجتمعٌ عاق ، متمردٌ على الحق و المساواة ، هناك تفاوتٌ غريب ، فحين تجد رجلاً متسلطاً ستجد في المقابل إمرأةً مسترجلة في تصرفاتها .
"العقلانية " لربما تكون هذه الكلمة رغم إفتقار المجتمع اللبناني لها هي الاجدر تقديراً و الاكثر حاجةً للتنفيذ والتفكر . الزواج إذا سنة الحياة و ليس آخرها ، فاذا ما استطاعت له فتاة سبيلاً لا يحق لمحيطها البالي بنعتها بـ"العانس" و تلفيق القصص المخزية عنها ، إن المرأة الحق هي التي تبرهن لأتفه العقول و المجتمعات أنها ليست الحلقة الاضعف وأن الزواج لا يزيدها شيئا فهو مكمل ليس إلا ، وعليه ، فلتنتفض من ركود التقاليد وستنتصر و تغير في المفاهيم الرجعية لكن بالرقي و اللباقة التي تعكس وعيها وثقة ذويها .
زينب مرعي