أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

من المسؤول؟

الإثنين 28 آب , 2017 08:16 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 13,461 زائر

من المسؤول؟

بغصتين، دمعتين ووردة، استقبل ذوي العسكريين المخطوفين ابنائهم العائدون من الاسر لكن بنعوش بدلاً من الزي المرقط بعد ان غدو شهداء على مذبح الظلم. قتلوا مرتين باياد ظالمة، مرة يوم تركوا وشانهم كنتيجة لعدم اعضاء الجيش الغطاء السياسي، واخرى على يد ارهابيين سود لا يفقهون من الدين شيء.

ليس الان وقت النقاش وفتح ملف المسؤولية عن التفريط بحياة هؤلاء، فغداً سيرفع الحزن وستنجلي الحواجز التي وقفت حائلاً امام الحديث ويفتح باب تسمية الامور بمسمياتها ولن يجد من كان مسؤولاً في ذلك التاريخ مهرباً للفرار، وسنرى كيف سيكون رده في حال سأل من العائلات المفجوعة وسنرى اذا ما كان ولاة الامر جاهزون للذهاب بعيداً ومساءلة كل من تواطئ على ظهر الجيش.

المؤسسة العسكرية ليست مسؤولة عن ما آلت اليه امور البعض ورهاناتهم او مصلحهم الخاصة، بل هي مفجوعة وشهيدة ولا تختلف عن الاهالي بشيء بل تتقاسهم معهم طعنة السياسيين في الظهر، بعدان نغص عليها انتصارها.

كانت تدري بمصير هؤلاء قبل مدة من الزمن، لكنها كانت تمني النفس ان تكون اعترافات من اوقف لديها مخطئة. آمنت حتى اليوم الاخير بحياة هؤلاء، وكانت تسعى الى اعادتهم، لكن دون ان تجد سوى الكلام المعسول. ما كشفته المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم يعد خطيراً وصك ادانة للطبقة السياسية التي مارست المكائد طوال اعوام ولم تجد من يحاسبها، وترك الامن يزيل وينظف من خلفه اصحاب البدلات.

عموماً بتنا في يوم آخر. اليوم هو يوم حزن وانتصار في آن. حزن على ما وصل بنا الحال، وانتصار على دحر من اجتاح جرودنا ذات يوم. وبينما يقف سائل ليسال، من سيتحمل المسؤولية؟

في الميدان
وصلت "داعش" في الايام الاخيرة من المعركة الى حاجز اللاعودة، فلم تعد تنفع لا الطبخات الانتحارية ولا جرعات الدعم، فضيف الهامش حتم على المجموعة المتبقية من المسلحين ان تجنح نحو السلم، وتختار المعراج الى احد مناطق دير الزور عوض الجلوس في بقعة لا تتعدى مساحتها الـ20 كيلومتراً مربعاً.

وكانت معلومات عسكرية دقيقة قد اشارت، الى ان ما تبقى من مسلحين في الجرود ككل، بات متواجدين ضمن مساحة 62 كلم2، (27 كلم2 من الاراضي اللبنانية و35 كلم2 في الداخل السوري) في دائرة تتركز بشكل رئيس بين وادي ميرا وقرية مرطبية والحليمة الشمالية لقارة او ما يصطلح تسميته بـ"حليمات قارة" ووادي الشاحوط تشمل كهفاً كبيراً يضم غرفة عمليات ومخازن أسلحة. ولاحقاً تمكن حزب الله من الوصول الى مسافة 1 كيلومتر من اول نقطة سيطرة لـ"داعش" في حليمات قارة.

وبحسب جردة الميدان، فوصول حزب الله الى هذه المسافة حتم على المسلحين تفعيل خطوط المفاوضات عبر وسيط "مجهول الهوية"، والتي كانت تجري تفاصيلها داخل الاراضي السورية، والتي سبق للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان اعلن عنها قبل ايام.

ووضعت لهذه المفاوضات خطوط حمر يجري على اساسها التباحث. ففي البند الاول وضع الكشف عن مصير العسكريين اللبنانيين المختطفين كمنطلق لبحث باقي البنود التي تشتمل على اعلان داعش عن مصير مقاتلين من حزب الله وقائد ميداني ايراني جرى اعتقالهم في محيط تدمر بالبادية السورية.

وتوازياً من التفاوض التي بقيت الساحة اللبنانية بمنأى عنه، كانت المقاومة تعمل على تتبع وترصد آخر منطقة سيطرة للمسلحين مضاف اليها اجراء عملية استطلاع اخير لها بغية الحصول على كم معلومات قد تستخدم في جولة القتال الرابعة التي يبدو انها كانت بمثابة اشعار ضغط لفرض الاوراق اكثر من كونها عملية فعلية.

وبعد ان حقق الجيشين اللبناني والسوري مع حزب الله غاياتهم من الوصول الى افضل نقطة تموضع وحصر المسلحين في نطاق ضيق، حققوا بالتالي اهداف العملية وبات الجزء الاخير كنوع من فرض الشروط معوماً بوابل ناري، ما فتح الباب امام فرض المطالب على المسلحين واجبارهم على تطبيقها.

وبدى لافتاً ان وقف اطلاق النار الاخير الذي حصل في الجرود اللبنانية كان متزامناً مع آخر فرض على الجبهة السورية، وهو امر تكرر خلال اعلان انتهاء المرحلة الثالثة والاعداد لبداية المرحلة الرابعة والاخيرة، ما يدل على تكامل الخيارات بين العسكر.

وتوازياً مع هدوء الجبهة، لكن بال بعض المسلحين الذين يفضلون الخروج من الجبهة على ان يتحولوا انتحاريين لم يهدأ. وكما اعلن الامين العام لحزب الله من ان بعضهم آثر الاستسلام لحزب الله لكن المقاومة لم تعلن عن ذلك "من منطلقات احترامية"، علم "ليبانون ديبايت" ان احد قادة "داعش" الميدانيين في قاطع مرطبية المدعو "أبو يزيد "قام بتسليم نفسه للمقاومة الى جانب بضع افراد من كتيبته المؤلفة من نحو 50 عنصراً.

وعلى عكس التوقعات، ظهر تنظيم "داعش" في المنطقة الجردية على عكس ما روج له، ضعيفاً هزيلاً ويفتقد الى الامكانيات وفي اضعف صورة ممكنة برزت من خلال اقدامهم على اخلاء مواقعهم بسرعة والتراجع الى الخلف واعتماد اسلوب الفرار السريع دون اخذ عناء الدفاع عن النقاط، فضلاً عن استسلام مجموعة منهم وظهور تباينات داخل صفوفهم عبر عنها من خلال التفرد بالاستسلام.

وتعود بعض اسباب هذا الضغف على العوامل العسكرية التي سبقت المعركة وعلى رأسها الحصار الطويل للمنطقة التي كانت خاضعة لداعش فضلاً عن الرميات النارية الكثيفة التي مهد عبرها كل من الجيشين اللبناني والسوري وحزب الله لايام عبر الجبهة، وهو ما اوقع داعش بهذا السيناريو.

ويلفت مراقبون الى انه على الجبهة اللبنانية، لم يسجل حصول اي اشتباك او التحام مباشر بين الدواعش والجيش، ما يعطي صورة عن "نمر الروق" الذي تكون منه هذا التنظيم.

واستطاع الجيش في خمسة ايام من عمر المعركة ان يحقق اهدافا كبيرة أهمها السيطرة على مختلف التلال والوديان التي كان يحتلها تنظيم داعش، وعمل على ربطها ببعضها البعض وفتح خطوط عسكرية والشروع في تنظيفها من مخلفتات التنظيم، وهذا يعكس راحة للجيش في مكان. 

اسلوب الجيش الفذ لم يكن بعيداً عن تعليقات البعثات الدبلوماسية في بيروت، التي لا تخفي مصادر "ليبانون ديبايت" انها ابدت اعجاباً بما حققه الجش خلال سير المعركة التي واكبتها منذ لحظة بدايتها الى المكان الذي وصلت اليه مبدياً ارتياحاً الى ما تحقق والذي يفترض ان يعمم الى ما بعد الجرود وصولاً للاستمرار في اجتثاث الخلايا الارهابية في الداخل.
المحرر الأمني | ليبانون ديبايت 

Script executed in 0.19859600067139