أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أوامر حازمة من رئيس الجمهورية.. من ستطال محاكمات "ملف عرسال"؟

السبت 09 أيلول , 2017 08:51 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 23,960 زائر

أوامر حازمة من رئيس الجمهورية.. من ستطال محاكمات "ملف عرسال"؟

تحت عنوان "محاكمات ملف عرسال ستطال المتورطين الميدانيين فقط" كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة "الديار": "عهدي لكم أنّ دماء أبناءكم أمانة لدينا حتى تحقيق الأهداف التي إستُشهد أبناؤكم من أجلها، وجلاء كل الحقائق" بهذا الكلام توجّه رئيس الجُمهوريّة العماد ميشال عون إلى أهالي العسكريّين الشُهداء الذين كانوا قد تعرّضوا للخطف على أيدي المجموعات الإرهابيّة في عرسال في آب 2014. وموقف الرئيس إستكمل بتعليمات مُشدّدة أعطاها رئيس الجُمهورية لعدم التساهل في مُواكبة هذا الملفّ أمنيًا، خلال إجتماع المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، وهو يأتي أصلاً في سياق حديث مُتزايد عن قرار كبير بمُحاكمة كل المُتورّطين بملف العسكريّين المخطوفين، بما فيهم كل المسؤولين السياسيّين والعسكريّين الذين كانوا في سُدّة الحكم آنذاك. فهل هذا الأمر مُمكن، وهل سيحصل فعلاً؟

مصدر أمني مُطلع أكّد أنّ رئيس الجمهوريّة أعطى أوامر حازمة بفتح تحقيق جدّي في ملفّ خطف العسكريّين في عرسال قبل ثلاث سنوات، وبضرورة مُحاسبة كل المُقصّرين في هذا الملف، من دون التوقّف عند أي إعتبارات، ولفت إلى أنّ قيادات سياسيّة وعسكريّة وأمنيّة وقضائيّة عدّة تبلّغت هذا القرار، وأنّ إجراءات ميدانيّة إتخذت بسُرعة على الأرض في هذا الإتجاه. ولفت المصدر إلى أنّ حملة المُداهمات والإعتقالات القائمة في عرسال حالياً مُرشّحة للإستمرار في الأيّام المُقبلة، كونها ليست عشوائيّة بل تتمّ بناء على لوائح إسميّة مُحدّدة تشمل مجموعة من الأشخاص الذين أثبتت تحقيقات سابقة أجرتها مديريّة الإستخبارات في الجيش اللبناني وُجودهم خلال أحداث آب 2014، وذلك إمّا في أماكن خطف العسكريّين أو في أماكن توقيفهم خلال المراحل الأولى من الإعتقال.

وأضاف المصدر أنّ توقيف هؤلاء الأشخاص الذين يُقدّر عددهم بالعشرات سيسمح بتكوين صورة كاملة عمّا حصل ميدانياً في ذلك اليوم المشؤوم، على أن يتم تحديد مسؤولية كل شخص كان في موقع إعتقال وتوقيف العسكريّين، ومدى تورّطه. ولفت المصدر إلى أنّه مع كل توقيف جديد يحصل المُحقّقون على دفعة إضافيّة من المعلومات التي تُتيح لهم كشف المزيد من الملابسات ومعرفة خفايا ما حصل، ويُصبحون في موقع أفضل لتحديد المسؤوليّات. وأشار المصدر الأمني نفسه إلى أنّ أوراق التحقيقات التي أجريت مع العسكريّين الذين كانوا في المنطقة من دون أن يقعوا في الأسر في أحداث عرسال قبل ثلاث سنوات، لا تزال محفوظة وهي ستُضاف إلى التحقيقات الحالية، ليُبنى على الشيء مُقتضاه.

وتوقّع المصدر الأمني أن يتمّ توقيف العديد من الأشخاص المُتورطين في حادثة إختطاف العسكريّين، نتيجة وُجود أدلّة حسّية وملموسة بحقهم، تبدأ باعترافات مُعتقلين، وتمرّ بإفادات مجموعة من العسكريّين والشهود المدنيّين أيضاً، وتصل إلى أفلام مُصوّرة من قبل بعض وسائل الإعلام. وأكّد المصدر أنّ زمن المُحاسبة قد حلّ، بعد تحرير كل الجُرود، وكذلك بعد الحُصول على "الضوء الأخضر" السياسي بذلك من أعلى المراجع الرسميّة، مُعتبرًا أنّ الوقت الحالي لهذا الأمر هو مثالي نتيجة الغطاء السياسي والشعبي الذي تحظى به القوى الأمنيّة الرسمية في المرحلة الراهنة، ونتيجة الحاجة إلى إثبات مصداقيّة الوُعود التي أعطيت إلى أهالي الشُهداء الذين هم بحاجة إلى تلمّس خُطوات ميدانيّة تمتصّ غضبهم وتبرّد قلوبهم ولوّ جزئياً.

وعمّا إذا كان يتوقّع أن تطال التحقيقات والتوقيفات القائمة حالياً، قيادات الصفّ الأوّل العسكريّة والسياسيّة التي كانت في الحكم خلال أحداث عرسال 2014، أكّد المصدر الأمني أنّ التحقيقات التي تتمّ هي مهنيّة بحت وغير سياسيّة ولا كيديّة، وهي ستطال المتورّطين مهما على شأنهم، لكن شرط ثُبوت ضُلوعهم في ما تعرّض له العسكريّون آنذاك.

لكنّ أوساط سياسيّة مُطلعة رأت من جهتها أنّه على الرغم من الجدّية المُستجدّة في التعاطي مع ملفّ العسكريّين الشُهداء هذه المرّة، فإنّ التوقيفات والمُحاكمات ستطال المُتوّرطين المَيدانيّين فقط، مُتوقّعة أن تحول المُناكفات والمُزايدات السياسيّة دون مُحاكمة كبار المُقصّرين، إن من الطبقة السياسيّة أو حتى من المؤسّسة العسكريّة. ولفتت هذه الأوساط إلى أنّ ما يُؤثّر سلباً على التحقيقات الحالية، وعلى النتائج المُتوخّاة منها، يتمثّل في سعي أكثر من جهة سياسيّة إلى تسييس الملف بشكل كامل، حيث تدفع بعض الجهات نحو إلقاء المسؤولية على رئيس الجُمهوريّة السابق ميشال سليمان مُتهمة إياه بتجاهل الخطر الذي كان يتنامى في عرسال منذ إندلاع الأحداث في سوريا، وعلى رئيس الحكومة السابق تمّام سلام بحجّة منعه الجيش من تنفيذ عمليّة عسكريّة لمحاولة فك أسر العسكريّين في حينه، وعلى قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي بحجّة أنّه كان يُقدّم إعتبارات وطموحات رئاسيّة شخصيّة على مصلحة العسكريّين.

(ناجي سمير البستاني - الديار)

Script executed in 0.19743204116821