لاحظت مصادر ديبلوماسية بارزة في حديث لصحيفة "المستقبل"، أن لا توافق في لبنان على طريقة إعادة النازحين السوريين إلى أرضهم، وهذا الوضع قد يجعل وجودهم مستمراً في ضوء صعوبة إيجاد مناطق آمنة لهم داخل سوريا على الحدود مع لبنان، حيث كل الأراضي السورية يسيطر عليها النظام السوري و"حزب الله".
وبحسب "المستقبل"، فإن ما يقوم به الأردنيون والأتراك هو ايجاد مناطق آمنة على حدودهما مع سوريا من الداخل، حيث تعيش أعداد كبرى من النازحين، بحيث أن الأراضي هناك تغلب عليها سلطة المعارضة. فالأردن بالإتفاق مع الأميركيين وبالتفاهم مع الروس، توصل إلى مثل هذه المناطق ويقوم بإيواء السوريين فيها. وتركيا قامت بالشيء نفسه. وحصلت تفاهمات مع الدول الكبرى حول ما تقبل به في هذه المناطق، وما الذي يجب توفيره للنازحين فيها، مع ضمان عدم وضعها تحت نيران الطيران.
ولكن الوضع قرب الحدود مع لبنان، مختلف، ومقاربة المشكلة مختلفة. والواقع، يبدو أن إيران و"حزب الله" يقومان عملياً بالإعداد لمنطقة تمتد من دمشق حتى الحدود مع لبنان، مروراً بالمناطق العلوية لتصبح تحت نفوذهما ونفوذ النظام. وهذه المنطقة ليست آمنة لجزء كبير من النازحين الذين يشعرون بالخطر الفعلي في مناطق النظام. وبالتالي، هي منطقة يعود إليها النازحون بإتفاقيات مع النظام والحزب، ولا يمكن اعتبارها دولياً، منطقة آمنة، لأنها ليست خاضعة لإشراف دولي، وهذا هو الفرق. وهذه المنطقة شبيهة بالمناطق التي كانت المعارضة تتفق حولها مع النظام الذي يحصل على سلاحها، مقابل دخولها إليها. الأمر الذي لا يمثل مفهوم المناطق الآمنة كالتي سعى الأردن مثلاً إلى تحقيقها.
في لبنان، تمارس بعض القوى المعروفة ضغوطاً على الحكومة والسلطات العليا للتفاهم مع النظام من أجل إعادة النازحين إلى ديارهم. وهناك قوى أخرى لا تريد مثل هذا التفاهم على الإطلاق، بل تعتبر أن طريقة اعادتهم هي بالتفاهم مع الدول الكبرى المعنية بالوضع السوري ومع الأمم المتحدة أيضاً. ومشكلة لبنان، أنه لا يستطيع جراء الضغوط المتباينة، التفاهم لا مع المعارضة ولا مع النظام.
وأشارت المصادر، الى أن الأمر الوحيد الذي يتفق حوله الأفرقاء في لبنان، هو ضرورة إعادة النازحين إلى أرضهم، وأن وجودهم فيه مؤقت. ويستخدمون هذه العبارة في المحافل العربية والدولية، لكن الحزب لن يرضى أن تسعى الدولة الى مناطق آمنة مثل الأردن وتركيا.
والخلاف الداخلي هذا من شأنه أن يبقي النازحين أطول فترة ممكنة في لبنان. والدولة لا تستطيع أن تتفاهم مع المجتمع الدولي على معايير معينة دولية مقبولة لعودة هؤلاء، وهذا ما لا يقبل الحزب به. وإذا عمل لبنان على التفاهم مع النظام، فسيتم عزله عربياً ودولياً.
ويضاف إلى الإنقسامات الداخلية اللبنانية، الموقف الدولي، لاسيما موقف الأمم المتحدة، التي تقول إن من المبكر البحث في اعادتهم، والمهم الآن تقديم المساعدات الإنسانية اليهم ريثما يتطور الوضع السوري وحل الأزمة. وتريد الأمم المتحدة أيضاً التأكد من حمايتهم وضمان أمنهم في المناطق التي يقصدونها. كما أنه ليس من اختصاصها النظر في مساعدة لبنان لإعادتهم، بحسب مصادر ديبلوماسية. وبالتالي، المجتمع الدولي مع عودة آمنة لكي يستطيع هؤلاء العيش، تقابلها نظرية السيادة، بحيث لا يريد لبنان بقاءهم فيه أكثر من ذلك. اذاً، كيف السبيل لعودتهم؟ أول ما يجب القيام به هو احصاؤهم فعلياً، وبداية التفكير في كيفية اعادتهم. وهذا يحتاج إلى مؤتمر إقليمي دولي يتم من خلاله الخروج بأفكار مدروسة ومتكاملة.
(المستقبل)