أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الضريبة الأقسى لم يشعر بها الناس بعد

الإثنين 30 تشرين الأول , 2017 08:10 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 18,882 زائر

الضريبة الأقسى لم يشعر بها الناس بعد

كتب أنطوان فرح في صحيفة "الجمهورية": "قد تكون تداعيات السلّة الضرائبية التي فرضتها الحكومة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب مقبولة على مستوى الاسعار التي لا يمكن القول انها ارتفعت بنسب دراماتيكية، ولو ان كل زيادة، مهما كانت بسيطة، تؤذي ذوي الدخل المحدود. لكن «الضريبة» الحقيقية التي «تقطع الظهر»، ولم تظهر تداعياتها بوضوح حتى الان، هي تلك المتعلقة بالاقساط المدرسية.تعرف الحكومة، أو هكذا يُفترض، ان قرار ارسال الاولاد الى المدرسة الخاصة لا يرتبط بالترف، ولا هو مجرد اختيار شخصي بين مدرسة رسمية ومدرسة خاصة. بل ان اختيار المدرسة الخاصة، والموافقة على تحمّل الاعباء المالية، هو قرار بين الفشل والنجاح. وهذه هي الحقيقة مهما حاول البعض التنظير وتجميل الواقع بالماكياج.

المدرسة الرسمية فاشلة، حتى لو تخرج منها عباقرة يحتلون المراتب الاولى في الامتحانات الرسمية، والمدرسة الخاصة ناجحة، حتى لو مرّ فيها تلامذة فاشلون. انها مسألة قاعدة عامة لا تلغيها الاستثناءات، بل انها الاستثناءات التي تؤكد القاعدة.

كم مرة سمع المواطن خطابات سياسية تتحدث على ضرورة دعم التعليم الرسمي ليصبح موضع ثقة المواطن. هذه الخطابات والمطالبات لا تصنع نجاحاً عاماً في التعليم الرسمي، تماما كما ان فشل بعض المدارس الخاصة التجارية، لا يصنع فشلا عاما في قطاع التعليم الخاص.

تستطيع الحكومة اليوم أن تكرّر ما يقوله المسؤولون المتعاقبون منذ عشرات السنين حول ضرورة دعم التعليم الرسمي وتحويله الى قطاع ناجح يضاهي التعليم الخاص. وتستطيع الحكومة ان تدّعي ان هذا هو الحل الوحيد لأزمة التعليم، لكن هذه الادعاءات لا تصنع نجاحاً.

تعرف الحكومة بلا شك ان الطبقة الوسطى ليست وحدها من يتحمّل اعباء ارسال الاولاد الى المدرسة الخاصة، بل ان قسما كبيرا ممن يمكن تصنيفهم فقراء يختارون التعليم الخاص، وبعضهم يحرم نفسه من ادنى مقومات الحياة من اجل ارسال اولاده الى مدرسة تضمن مستقبلهم بشكل أفضل. آخرون يبيعون ارضا ورثوها اباً عن جِد من اجل تعليم الاولاد.

وهذا يعني ان ضريبة الاقساط المدرسية هي أقسى ضريبة فُرضت على المواطنين جراء السلسلة. حتى لو سلمنا جدلاً بأن كل من يختار التعليم الخاص على اساس انه افضل من التعليم الرسمي وأضمن لمستقبل الاولاد مخطئ، فمن واجب الدولة ان تراعي هذا الخطأ، وتتعاطف مع مواطن يبيع بيته من اجل تعليم اولاده.

هل تكافئ الدولة هذه التضحية التي يُقدِم عليها اللبناني، بأن تفرض عليه بطريقة غير مباشرة ضريبة تعليم اضافية تتراوح حسب المؤشرات القائمة، بين 30 و40 في المئة زيادات على الاقساط؟"

Script executed in 0.18634510040283