"إلّا أمّي" مسرحيّة تحاكي واقع العلاقة الشّائكة بين المراهق وأهله، ذلكَ الصّراع بين قُطبي الفكر، فكر يريد التّحرر والإنعتاق من بوتقة القيد والّذي يحسبُ نفسه أنّه يمتلكُ القدرةَ على مواجهة الواقع والتّفكير الصحيح وأنّه الأوحد . وفكر و(هم الأهل) قد خبر الحياة وذاق مرارة قيودِها وعرف حلاوتها وسمها ومن باب الحب والخوف من تكرار التجربة أخذ يِضيّق على أولاده وهنا يبدأ الصّراع لتتشكّل شخوص تجربة الحياة في المسرحيّة. فالأم هي التي نذرت حياتها لأولادها ها هي تفقد ابنتها، تناجي الله بحرقة الخوف والحب والابنة المراهقة الفتاة التي حسبت أنها تملك جناحي الحرية ولكنها وقعت ضحية فصرخت بكل ما فيها معتذرة لتعود إلى حضن أمها فهي كانت مساحة الضّوء ، المرأة العجوز تلك النّاصحة لنا في الحياة المحملة بالخبرات ساقت المراهقة الى خلاصها لكنها لم تنصت. أما الفتاة الضائعة تلك التي سقطت سابًقا اخذت تحاول جاهدة ان تفهم المراهقة فهي تمثل دور الناصح المجرب الذي أخطأ ولا يريد ضحايا أخرى هي صورة الوجع والألم وانهيارات البراءة ثم نرى الناسك ذلك الشرير الذي أغرى الفتاة يمثل شيطان النفس الأمارة التي تسوّل لنا. والمجانين هم رمز الاشخاص في الحياة الذين سقطوا في وهم الحياة لكنهم استسلموا له وباتوا يغردون مع السّرب يظنون أننا لا نستطيع المقاومة او القدرة على التغيير فقبلوا واقعهم المذل ومروراً بالشيخ الذي يمثل الحكمة والإيمان أخيرا مخرج السيناريو هو الحرب النّاعمة التي تذيقنا من السّم حلاوة قسوة الحياة وواقع غرورها السقطة والشهقة والشّر والاستغلال الذي نراه في حياتنا بأشكار عديدة.
هذا العمل لم يكن ليتحقق ويُكتب له النّور إلّا برؤية إخراجية إبداعية للمخرج حسين طالب حيث رسم المشاهد وحركة الشخوص وطابق الأضواء مع مسرح الحياة، وهذه الرؤية قامت بالأساس على تنفيذ فكرة متميزة للمعلمة المتألقة نادين مروة التي ترجمت ما نعايشه يومياً من صراع بين المراهق وأهله بأسلوب إبداعي.