نشرت صحيفة "صاندي تايمز" مقالا لأستاذ علوم الحرب في كلية كينغز كوليج البروفيسور لورنس فريدمان، يقول فيه إن المواجهات بين إسرائيل وإيران ستتواصل، إلا أن الطرفين يعلمان أن حربا شاملة ليست من صالحهما.
ويقول فريدمان في مقاله إنّ "إيران وإسرائيل تشجبان بعضهما منذ وقت طويل، وعلينا الملاحظة أنهما ليستا عدوتين طبيعيتين، وبينهما مسافة 600 ميل، فلا توجد هناك نزاعات حدودية، وعندما يتم الحديث عن مستقبل الرئيس بشار الأسد فكلاهما متفق على بقائه في الحكم، وهناك مخاوف مما سيحصل بعدما ينهار نظامه".
ويلفت فريدمان إلى أن "طهران عثرت على طرق عدة لإظهار قوتها في الشرق الأوسط، أولا من خلال دعم وتمويل حزب الله في لبنان، ومن ثم العراق وسوريا، والأخطر في هذه النشاطات كلها هي مواصلتها البرنامج النووي".
ويفيد البروفيسور أن "إسرائيل تملك برنامجا نوويا تعده رادعا لأعدائها، ولن يكون له أثر لو استطاع واحد من أعدائها مساواة ترسانتها النووية، ولهذا السبب فإنها قامت بعمليات وقائية، وضربت المفاعل النووي العراقي عام 1981، والسوري عام 2007، وهي مستعدة لفعل الأمر ذاته مع إيران، ومشروع الأخيرة أكبر وتتوفر له حماية مشددة".
ويبين فريدمان أن "إسرائيل أطلقت أصواتا وتهديدات، إلا أنها كانت تأمل بإنجاز الأميركيين المهمة نيابة عنها، لكن أميركا قررت مع الدول الغربية وروسيا عام 2015 توقيع اتفاقية مع إيران، تتخلى بموجبها عن برامجها النووية -على الأقل في الوقت الحالي- وهو ما أثار إحباط إسرائيل، التي كانت تأمل بإنهاء البرنامج وللأبد، ولم تعد ترى منطقا في شن هجوم بمفردها ضد البرنامج الإيراني".
وينوه الكاتب إلى أنه "من المنظور الإيراني فإن الموضوع مختلف، فهي منخرطة في العراق وسوريا؛ لأنها تريد حماية النظام الحاكم فيهما ضد التهديدات الخطيرة، وكانت المعركة للحفاظ على الأسد مكلفة وصعبة، تكبدت فيها إيران خسائر فادحة، وأثار التدخل جدلا في داخل إيران، حيث انطلقت دعوات للحد من المغامرات الخارجية، والتركيز أكثر على معالجة المعضلات الاقتصادية".
ويجد فريدمان أنه "في الوقت الذي يخطط فيه الإيرانيون لإقامة طويلة، فإن سوريا ليست المكان المناسب لتوسيع الحرب ضد إسرائيل، التي تتمتع بتفوق عسكري، وستواجه إيران عقبات في صد الهجمات الإسرائيلية على بناها العسكرية في سوريا".
ويوضح البروفيسور أنه "في المقابل، فإن لدى إسرائيل أسبابها للحذر، فهي تأمل بعدم اندلاع حرب واسعة، فلا شيء يمكن أن تكسبه لو قررت احتلال سوريا، فخبراتها في احتلال أراضي الآخرين كانت قاسية، وانسحبت من جنوب لبنان وغزة؛ لأنها لم تعد قادرة على قمع سكانهما للأبد، وتحول المكانان لقواعد شن هجمات عليها، وأخطر ما يهدد إسرائيل هو عشرات الآلاف من الصواريخ التي يملكها حزب الله".
ويستدرك فريدمان بأنه "مع أن إسرائيل حسّنت من دفاعاتها في السنوات الأخيرة، لكنها لا تستطيع فعل إلا القليل أمام أمطار من الصواريخ، وعليه فإنها تفضل تبني الرئيس دونالد ترامب موقفا متشددا من إيران، لكن من الصعوبة التكهن في الكيفية التي سيتحرك فيها ترامب، حيث شجب الاتفاقية، إلا أن نتائجه بعيدا عن فرض عقوبات جديدة على إيران من الصعب الحكم عليها، وعبر عن رغبته ايضا بالانسحاب من سوريا، وهو ما يشير إلى طبيعة الضربات الجوية في الأسبوع الماضي، التي كانت محدودة".
ويذهب فريدمان إلى أن "روسيا تبقى العنصر الوحيد الذي يستطيع التواصل مع إيران وإسرائيل، ولديها الكثير لتخسره لو اندلعت الحرب بينهما، حيث يواجه بوتين مشكلة باعتباره القوة المهمينة في سوريا، لكنه لا يملك النفوذ على أي منهما لفرض حل".
ويختم فريدمان مقاله بالإشارة إلى أن "المسألة هي إن استمر الطرفان في عمليات الانتقام والعين بالعين، وإظهار أنهما لن يتراجعا، فإن الوضع قد ينفجر بطريقة خارجة عن السيطرة".