أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الشاشة تتحول جسداً في «سيد الشهداء» وجمهور المقاومة على ثوابته في «يوم القدس»

السبت 04 أيلول , 2010 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,791 زائر

الشاشة تتحول جسداً في «سيد الشهداء» وجمهور المقاومة على ثوابته في «يوم القدس»
مرّ «يوم القدس العالمي» على «مجمع سيد الشهداء» بهدوء هذا العام. الاحتفال الذي كان يلف الضاحية الجنوبية كلها، تراجع إلى حدوده الدنيا أمس. المجمّع والشارع المقابل فقط.
وبعدما كانت العروض العسكرية التي تسبق خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله تلهب جماهير المقاومة حماسة، صارت المسؤولية على «السيد» مضاعفة، لأنه بات وحده عنصر الجذب، وخطابه يقوم مقام هذه العروض التي كانت تطمئن جمهور المقاومة وترسل ما تريد إرساله إلى عدوه.
قبل بدء الاحتفال كانت الجماهير تدخل إلى مكان الاحتفال بانسيابية وهدوء يجعل المتابع الجديد يظن أن الحضور لن يملأ القاعة. فجأة يمتلئ المكان برايات «حزب الله» التي تلوّح بها أياد فتية، مدعومة بمن خبر المقاومة ومناسباتها. تستنتج سريعاً ألاّ مجال لأكثر من احتمال: جماهير «حزب الله» لا بد أن تلبي النداء.
على الطريق المحاذي لمدخل المجمع الرئيسي يتجمع عدد من الشبان. عيونهم تتوه غالباً وتستقر على مكبرات الصوت التي تتلو أناشيد المقاومة، أو تلك التي تؤكد أن «القدس لنا». عيونهم لم تعد تنتقل، كما قبل سنوات، من اليمين إلى اليسار بشكل منتظم على إيقاع ضربات النظام العسكري المرصوص. العيون نفسها لم تعد ترتفع إلى الأعلى، فلا حبال يمتشقها مقاومون.

«يوم القدس»، الذي دعا الإمام الخميني في السابع من آب 1979 إلى إحيائه في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في جميع أنحاء العالم، تعرض، بالشكل، لتغييرات كبيرة لم تنل من الرسائل التي يوجهها «حزب الله» كل عام إلى العدو، أو من القناعات الراسخة التي يعمل على تحقيقها. يؤكد «السيد» أن يوم القدس «هو يوم التأكيد على الثوابت وليس إعلانها، فهي معلنة وقدم لأجلها الكثير من التضحيات والآلام والأسرى والشهداء والمهجرين». تلك الثوابت التي تقول إن فلسطين من البحر إلى النهر هي حق للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية ولا يحق لأحد أن يتنازل عن حبة تراب من ترابها المقدس ولا حتى عن حرف من اسمها ولا نقطة مياه من مياهها».
بعد عدوان 2006، صار الظل هو البيئة الأفضل للتأسيس لهزيمة المشروع الصهيوني. الاستعراضات العسكرية التي كانت جزءاً من الحرب النفسية مع العدو، وجدت نفسها محاصرة بالحساسيات الطائفية التي أبعدتها عن هدفها، وجعلتها عاملاً مستفزاً لبعض الداخل، فتخلى عنها الحزب.
في القاعة التي تتسع للآلاف يبدو الجمهور متشابهاً إلى حد كبير. الكل يعرف متى يصفق ومتى يصرخ ومتى يعيد المنبر لسيده. الكل مصغ وحريص على عدم تفويت أي كلمة. في المجمع لا يمكن أن تقول إنك تشاهد «السيد» تماماً كما تفعل في البيت. الأمر مختلف بالنسبة لهؤلاء، فالجلوس في المجمع والاستماع إلى «السيد» هو بمثابة ضرب موعد معه.
في البيت أمر واحد يمكنك التحكم به وتتمنى لو انك تستطيع أن تفعله في قاعة سيد الشهداء. مستوى الصوت لا يمكن تحمّله إلا لمن اعتاده. وعلى ما قاله احدهم، فالهدف منه تعويض الغياب الجسدي لسيد المكان، الذي أعاد في كلمته التأكيد على الثوابت. وأضاف إليها وعداً بأننا «أقرب من أي وقت آخر إلى القدس»... وناس «السيد» مقتنعون بأنه ما وعد إلا ووفى.
أطل «السيد» والناس بانتظاره وقوفاً، يعرفون بقرب ظهوره مع ارتفاع نبرة مقدم الحفل وازدياد حماسته الخطابية. الزمن يقاس في هذا اللحظات بعدد الكلمات المتبقية قبل نقطة النهاية في الخطاب.
أطل «السيد» وتحدث بداية عن المناسبة وعن «المفاوضات التي ولدت ميتة»، ثم عن «انسحاب الهزيمة والفشل من العراق»، قبل أن ينتقل إلى الملفات الداخلية، فيعطي رسالة مختصرة لمريدي المحكمة الدولية: الحزب غير معني بالتحقيق الدولي ولا بالمحكمة وغير معني بالإجابة عن طلبات المدعي العام للمحكمة القاضي دانيال بلمار، لافتا الى ان الحزب قدم ما لديه من قرائن للقضاء اللبناني وإذا كان لديه أسئلة تعنيه كقضاء لبناني فالحزب جاهز أما إذا كان صندوق بريد بينه وبين المحكمة الدولية فهو ليس جاهزا لأنه غير معني بالمحكمة.
وفي ما يتعلق بملف تسليح الجيش اللبناني، أعرب عن أمله في أن يأخذ هذا الملف طريقه الجاد، مطالبا الحكومة بتشكيل وفود وزارية لطلب مساعدة عربية، متمنيا أن «يكون موضوع التسليح جديا وصادقا بعيدا عن الخصومات السياسية الداخلية التي نشعر أحيانا أنها قذرة».
وفي ما يتعلق بحادثة برج أبي حيدر، اعتبر نصر الله ان ما حصل في هذه الحادثة لا يحتاج لأي مكابرة بل هو خسارة صافية لا ربح فيها بأي مكان معتبرا ان «بعض الناس حاولوا إيجاد مكاسب ولكن أقول لكم إنها خسارة بكل المقاييس». وقدم نصر الله نصيحة لمن يقوم بالتوظيف والاستغلال للحادثة، لافتا الانتباه الى ان «البعض أخذ الحادث وهجم به، «وطلع التعميم» وهجمت الشخصيات والقوى السياسية، وبدلا من أن تقول هذه الناس إن هنالك نارا فلنطفئها قاموا بزيادتها اشتعالا، وبدلا من أن ينظروا إلى هذا الموضوع على أنه خطر وضعوا نارا وبنزينا ومازوتا على الموضوع الطائفي»، معتبرا ان «هذا استغلال خطير جداً، ما جرى يمزّق ولا يلمّ الشمل». وأشار الى أن «البعض وضع ملحاً على السكين ووضعها في قلبنا»، مشددا على أنه «ليس على هذا النحو تعالج الأمور في البلد، وليس على هذا النحو تتصرف القيادات السياسية في لبنان».
«السيد» كان حريصاً منذ بدأ خطابه في «الأستديو»(على حد تعبيره) على ضبط الوقت للانتهاء سريعاً، تقديراً لتعب الصائمين وبينهم ممثل رئيس الجمهورية الوزير محمد جواد خليفة وممثل رئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، يجلس قريبا منهما المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين خليل، بالاضافة الى عدنان طرابلسي («الأحباش) وممثلي قادة الأجهزة العسكرية والأمنية والأحزاب. غير أن «السيد» لم ير من شاشته ذلك الشيخ الذي كان يتفاعل مع ما يقوله. يثني على كلامه أو يعيد ما قاله، يضحك لنكتة أو يزيد عليها. يسأل سؤالاً وينتظر إجابته من «السيد» كأنه إلى جانبه في سهرة سمر رمضانية لا يريدها أن تنتهي، ناسيا أن موعد الإفطار صار قريبا.
استهل نصر الله كلامه بالقول: يوم القدس هو يوم التأكيد على الثوابت لا إعلان الثوابت. يأتي يوم القدس هذا العام وبين أيدينا حدثان مهمان:
الحدث الأول: الإعلان عما يسمى بالمفاوضات المباشرة في واشنطن.
والحدث الثاني: الانسحاب الأميركي من العراق.
في النقطة الأولى: هذه المفاوضات ولدت ميتة. استهدافاتها السياسية والإعلامية واضحة. التوظيف السياسي الأميركي والحاجة السياسية الانتخابية الأميركية لها واضحة. الحاجة الإسرائيلية لها واضحة. للأسف فإن الحاجة العربية، بعض الحاجة العربية الرسمية، لها واضحة. وآخر من تعنيه هذه المفاوضات وترجع له هذه المفاوضات هو فلسطين.
في الحدث الثاني: الانسحاب الأميركي من العراق هو بالتأكيد عنوان فشل، عنوان هزيمة. وأنا عندما أتحدث عن المقاومة ويستمع إليّ أخواني العراقيون يجب أن أميز وأجزم بشكل قاطع وحاسم: المقاومة تعني تلك العمليات الجهادية البطولية التي كانت تستهدف قوات الاحتلال، أما العمليات التي كانت تستهدف الشعب العراقي فهذه عمليات إرهابية إجرامية، عمليات قتل منظم جماعي وجرائم حرب.
عامل المقاومة فاجأ الاحتلال، حجم الخسائر أكبر من أن يتحمله الشعب الأميركي والإدارة الأميركية، حجم الإنفاق لمواجهة هذه المقاومة وتثبيت الحضور العسكري أكبر من أن تتحمله الخزينة الأميركية، فكان الخيار الوحيد المتاح هو الانسحاب التدريجي، وبهذا الشكل هناك عامل ثانٍ ومهم جداً ولا يقل أهمية عن عامل المقاومة، هو عامل صمود الشعب العراقي، صبر وتحمل الشعب العراقي.
وتابع نصر الله: الإسرائيليون وأجهزة المخابرات الأميركية كلها على صلة بالتفجيرات التي كانت وما زالت تجري في العراق، حتى على صلة بمجموعات الانتحاريين، والعراق اليوم ساحة مفتوحة للموساد الإسرائيلي، وكلنا يعرف أن إسرائيل لديها خط أحمر أن يكون هناك عراق موحد.
طبعاً فقط للاستعراض وللتأكيد على أن الكثير من هذه الجماعات التي تمارس العمليات الإرهابية الانتحارية هي مرتبطة بأجهزة المخابرات. (انظروا إلى) ما جرى أيضاً في مدينة «كويتا» في باكستان، أناس يتظاهرون، وباكستان التي فيها 20 مليون منكوب والتي فيها 4 ملايين فقدوا منازلهم وأرزاقهم، باكستان المنكوبة يتظاهر في بعض مدنها أناس ليدافعوا عن فلسطين والقدس وغزة، ثم يأتي انتحاري ليفجر نفسه في هؤلاء المتظاهرين. هؤلاء شهداء القدس وشهداء فلسطين.
باختصار شديد، بعد 11 أيلول جاء المحافظون الجدد إلى الإدارة الأميركية ومعهم مشروع لكل هذه المنطقة. وأتمنى أن تؤخذ هذه الملاحظة بعين الاعتبار، أنا أدعي ان هذا المشروع كان يمتلك خلال الـ10 سنوات الماضية إمكانات هائلة لم يملكها أي مشروع استكباري طوال التاريخ... هذا مشروع فشل، هذا مشروع هزم، عندما أتحدث عن الفشل والهزيمة هذا لا يعني أن الصراع انتهى، نحن انتقلنا إلى نوع آخر من الصراع، إلى ساحات، إلى نظرة مختلفة من الصراع، انظروا إلى تداعياته السياسية وتداعياته الاقتصادية والمالية على أميركا وعلى أوروبا. أميركا ليست قادرة، وهي لا تشن حروباً جديدة لأنها عاجزة عن شن حروب جديدة.
وتابع نصر الله: نحن مدعوون الى الصمود، إلى استمرار مقاومتنا وممانعتنا وتوحدنا وتماسكنا. من هذا السياق أود أن أدخل إلى الجزء الثاني من كلمتي في العناوين اللبنانية وأعتقد أن لها صلة عميقة بهذا السياق.
نحن في لبنان دائما نؤكد على المعادلة التي يسميها البعض بالذهبية والبعض الآخر بالمعادلة الماسية وهي معادلة: الجيش والشعب والمقاومة. أنا سآخذ من كل جزء من المعادلة عنواناَ لأعلّق عليه بالاختصار الممكن.
وسأبدأ من عنوان المقاومة أولاً. (هناك) نقطتان: النقطة الأولى، قبل أيام كان 31 آب، ذكرى اختطاف واحتجاز سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر أعاده الله بخير، ومعه اختطف واحتجز رفيقاه سماحة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ السيد عباس بدر الدين، نحن جميعاً ننظر إلى الإمام موسى الصدر على أنه إمام المقاومة، كلنا يعرف أن الإمام موسى الصدر ورفيقيه كانا في ضيافة النظام الليبي وأنهم احتجزوا في ليبيا، في هذه القضية تحدث دولة الرئيس الأخ الأستاذ نبيه بري قبل أيام بالتفصيل، أنا لا أريد أن أعيد بل أؤكد على كل كلمة قالها دولة الرئيس في هذه المسألة سواء على المستوى القضائي أو على المستوى السياسي.
على المستوى القضائي فالقضاء يجب أن يتحمل مسؤوليته عن مواطنين لبنانيين بل عن قادة لبنانيين ونحن لم نذهب إلى خيار المحكمة الدولية والتحقيق الدولي، لأننا نعرف أن محكمة دولية تخضعها بضعة مليارات دولار، فقد عرض على عائلة الإمام وعلى الرئيس بري أن تتم معالجة هذا الموضوع بأثمان كبيرة جداً بالمعنى المالي، مليارات الدولارات، لكن نحن لا نبيع ليس فقط قادتنا بل حتى أطفالنا الصغار لا نبيعهم بمليارات الدولارات، فلجأت عائلة الإمام إلى القضاء اللبناني الوطني، الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته بالتفصيل الذي ذكره دولة الرئيس قبل أيام قليلة.
أيضاً على المستوى السياسي، نحن نؤيد بشدة الدعوة إلى مقاطعة أي قمة عربية في ليبيا. ولنا كلمة واحدة: الإمام ورفيقاه أحياء محتجزون في ليبيا ويجب إطلاق سراحهم وإعادتهم الى ساحات جهادهم وعائلاتهم وشعبهم وديارهم ونقطة على أول السطر.
النقطة الثانية في المقاومة هي مسألة التحقيق الدولي والمحكمة الدولية: نحن قلنا سابقا إننا نحن غير معنيين بالتحقيق الدولي ولا بالمحكمة الدولية، وبالتالي نحن غير معنيين بالإجابة على أسئلة أو طلبات المدعي العام للمحكمة الدولية، نحن قدّمنا ما لدينا من قرائن ومعطيات للقضاء اللبناني بناء لطلب القضاء اللبناني، من جديد إذا كان لدى القضاء اللبناني أسئلة ومتابعات تعنيه هو كقضاء لبناني يريد أن يحقق حولها فنحن جاهزون. أما إذا كان القضاء اللبناني دوره فقط صندوقة فنحن لسنا جاهزين لأننا لسنا معنيين بالمدعي العام وبالمحكمة الدولية. إذا كان القضاء اللبناني مهتما فنحن جاهزون لكل تعاون، إذا كان المدعي العام يهتم بالقرائن التي قدمناها أو لا فهذا شأنه ولكن اهتمامه أو عدم اهتمامه سيكون مؤشراً هاماً جداً يؤخذ في أي تقييم لسلوك وأداء المدعي العام والمحكمة الدولية (إلى هذا الحد يكفي الكلام في هذه النقطة).
وقال نصر الله: الجزء الثاني من المعادلة الذهبية – الماسية هو الجيش: نحن جميعاً دعوْنا وندعو ونساند ونؤيد الدعوة إلى تسليح الجيش الوطني.
ما المعيب في طلب المساعدة؟ ونحن قلنا إننا نساعد بطلب مساعدة إيرانية، المضحك أن لبنان الذي كانت تفرض عليه شروط في التسليح، عندما تحدثنا عن تسليح إيران للجيش اللبناني خرج الناس ليضعوا شروطاً على إيران، إذا كان الشرط أن تكون مساعدة غير مشروطة فنحن نقبل. الرئيس الإيراني الدكتور أحمدي نجاد سيأتي بعد أسابيع قليلة، فلنكن جاهزين لنقاش جدي في موضوع تسليح الجيش.
وتابع: الجزء الثالث في المعادلة هو الشعب، أفتح عنوانين سريعين أعتقد أنه يجب أن أتحدث فيهما:
العنوان الأول: حادثة برج أبي حيدر، عن هذه الحادثة نحن أصدرنا بياناً مشتركاً نحن والأخوة في «جمعية المشاريع»، قلنا: هذا حادث مؤلم جداً، هذا حادث مؤلم جداً. أنا قلت للأخوة نحن لم يسقط لنا شهيدان، نحن سقط لنا ثلاثة شهداء في هذه الحادثة. ما حصل في حادثة برج أبي حيدر لا يحتاج إلى أي مكابرة. بالتقييم هو خسارة صافية. أؤكد لكم أن هذه حادثة فردية تطورت بشكل محزن ومؤسف. كل الذي سمعتموه لاحقاً من تحليلات سياسية، هذا الذي اعتبر أن حادثة برج أبي حيدر هي تعبير عن الصراع الإيراني السوري، هؤلاء أناس فاشلون. وأنا أحب أن أقول لكم العلاقات الإيرانية ـ السورية الآن أفضل من أي زمن مضى.
لكن ما أود التعليق عليه في الحادثة هو الجانب الآخر: أولاً هذه الحادثة تم تضخيمها بشكل كبير في وسائل الإعلام، طبعاً الذي حصل ليس صغيراً، لكنه ليس بالضخامة التي أثيرت في وسائل الإعلام، ودائماً يتم استباق التحقيقات وإطلاق أحكام كما يحصل في القضايا الكبيرة والصغيرة فوراً.
ثانياً، التوظيف والاستغلال: أنا هنا أريد أن أقدم نصيحة، نحن سكتنا أول يوم، ثاني يوم، ثالث يوم، صمت كامل، لأننا متألمون نحن مجروحون، نحن وأخواننا في المشاريع، نحن كمقاومة بشكل خاص نعرف حجم الخسارة، لكن في المقابل كيف حصل التصرف؟ لا أتحدث عن رجال دولة وغير رجال دولة، نحن نتحدث كلبنانيين وشركاء وهناك حد أدنى مطلوب من قيم تحكم العلاقات في ما بيننا. تم تضخيم الحادث بشكل كبير جداً وأخذوه وهجموا به وصدر التعميم، الذي أقول عنه دائماً ألـ «أس أم أس»، صدر التعميم وهجموا، إعلام وجهات وشخصيات وقوى سياسية. بدل أن يقوم هؤلاء ويقولوا هناك نار فلنعمل على إطفائها، قاموا ليصبوا فوقها الزيت وليزيدوها اشتعالاً، بدل أن ينظروا لهذا الموضوع على أنه موضوع خطير جداً، أن هذا يحتاج إلى تقييم، هناك شيء خطير، هناك شيء جدي تجب معالجته، خصوصاً في الموضوع المذهبي، لكن أخذ يرمي ناراً وبنزيناً ومازوتاً على الموضوع المذهبي، هل هذه مسؤولية وطنية أم هذا استغلال خطر، لا أريد أن أعطيه الآن توصيفات أخرى، استغلال خطير جداً. أحب أن أعبّر عن مشاعري للذين أخطأوا في هذه الأيام بعد الحادثة، بعضهم لا نعتب عليه، لكن البعض الآخر نعتب عليه، أقول له أنت لم تأتِ وتضع ملحاً في الجرح، نحن من يوم الثلاثاء وما زلنا مجروحين في قلبنا من الداخل، أنت جئت ووضعت على السكين ملحاً ووضعت سكينك في قلبنا وأخذت تحركها. ليس بهذه الطريقة تعالج القضايا الخطرة والحساسة في البلد، ليس هكذا يتصرف رجال الدولة ولا رجال السياسة ولا قادة أحزاب.
وتابع: أنا اليوم أعلن مبادرة من طرف واحد وأنا «مش عامل اتفاق مع حدا»، هذا الموضوع أخذ مساره الطبيعي والتحقيق ماشي وعملنا لجنة تعويضات ونحن وأخواننا في المشاريع نعالج الوضع والقضاء اللبناني وضع يده على الملف وانتهينا، لنضع هذا جانبا. فبالنهاية هؤلاء الناس سيكملون مع بعضهم البعض، ولا أحد يريد إلغاء أحد.
وختم: النقطة الأخيرة موضوع الحقوق الفلسطينية: اسمحوا لي أن أقول إنّ المقاربة التي تمت في الآونة الأخيرة هي مقاربة تحتاج إلى نقاش. أي ملف عندما تدخل عليه المخاوف والمخاطر والمزايدات والمناكفات تكون نتيجته هي نتيجة ملف الحقوق المدنية للفلسطينيين اللاجئين في لبنان. هذا الأمر لم يرضِِ اللاجئين الفلسطينيين، أقترح أن يأتي فريق لبناني، أي جهة تتطوع وتقول نحن كفريق لبناني سوف نعمل خلية تفكير وعصف أفكار ومقاربات وتلتقي مع أطراف فلسطينيين. الذي أنجز في المجلس النيابي هو خطوة جيدة على الطريق ولكنه غير كافٍ وغير مرضٍ، ليذهب أحد من اللبنانيين أو الفلسطينيين أو فريق مشترك فلسطيني لبناني ويجري نقاشاً بعيداً عن وسائل الإعلام ويجري نقاشاً جدياً وتعرض المخاوف على الطاولة.

Script executed in 0.22608709335327