تعرفة الخلوي المرتفعة ليست ناتجة فقط من سياسات سيئة استسهلت فرض الضرائب غير المباشرة وغير القانونية على المواطنين، بل هي ناتجة كذلك من عدم اقتناع وزراء الاتصالات سابقاً بوجود بدائل سهلة تخفض الكلفة وتحافظ على العائدات. فقد خفض وزير الاتصالات شربل نحاس التعرفة الليلية على البطاقات المسبقة الدفع 40%، بإجراء لن يخفض إيرادات الخزينة العامّة من الخلوي بل يزيدها
رشا أبو زكي
مليونان و300 ألف مشترك هو عدد المستفيدين من الإجراء الذي أعلنته وزارة الاتصالات أخيراً، والقاضي بخفض تعرفة الاتصالات الليلية بين 20 و40 في المئة على المشتركين بالخلوي عبر البطاقات المسبقة الدفع، ابتداءً من مطلع أيلول الجاري، وذلك بعدما بيّنت دراسة للوزارة أن عدد المشتركين الذين يستخدمون الخلوي بين الساعة الحادية عشرة ليلاً والثامنة صباحاً يعدّ قليلاً جداً. والخفض الجديد الذي يطال تعرفة الخلوي يعدّ جزءاً من سلسلة إصلاحات ستطال أسعار المكالمات الخلوية، التي ستعلن تباعاً خلال الأشهر المقبلة. وإن كانت الأيام الخمسة الماضية لا تعدّ مؤشراً لمعرفة نتائج هذه الخطوة على تطور عدد المشتركين بالهاتف الخلوي، وعدد المستفيدين من إجراء الخفض، إلا أن التوقعات تشير الى ارتفاع في حركة الاتصالات ستشهده شبكتا الخلوي بين الساعة العاشرة والثامنة صباحاً، في مقابل تأثر طفيف لعائدات الخزينة العامّة من الخلوي، إلا أنه سيكون له مردود إيجابي أكيد على المستهلك، الذي يدفع في البطاقات المدفوعة سلفاً الفاتورة الأعلى في المنطقة.
10 ساعات يومياً
ففي 14 آب الماضي، أعلنت وزارة الاتصالات قرار بدء تطبيق تعرفة ليلية مخفوضة تصل حتى 40% على خدمتي التخابر الصوتي والرسائل القصيرة العائدة للخطوط المسبقة الدفع (المعروفة بخطوط التشريج)، اعتباراً من مطلع أيلول الجاري، وقد قسمت الوزارة نسبة الخفض على فترتين، الأولى من العاشرة ليلاً حتى الثانية عشرة من منتصف الليل، إذ تبلغ نسبة الخفض 20 في المئة على كلفة دقيقة التخابر لتصبح 29،6 سنتاً بدلاً من 36 سنتاً، وخفض 20 في المئة على كلفة الرسالة القصيرة لتصبح 2،7 سنت بدل 9 سنتات.
أما الفترة الثانية فتمتد من الساعة الثانية عشرة منتصف الليل حتى الثامنة صباحاً، وتبلغ نسبة الخفض 40 في المئة على كلفة دقيقة التخابر لتصبح 22،2 سنتاً، وخفض 40 في المئة على كلفة الرسالة القصيرة لتصبح 5،4 سنتات.
وقد أعلنت شركة ألفا، وهي تشغّل الشبكة الخلوية الأولى بإدارة شركة أوراسكوم تيلكوم، المباشرة بتطبيق الخفوضات على تعرفة المكالمات والرسائل القصيرة sms للخطوط المسبقة الدفع خارج أوقات الذروة، ابتداءً من الأول من أيلول 2010، وكذلك فعلت شركة أم تي سي تاتش، وهي تشغّل الشبكة الخلوية الثانية بإدارة شركة زين. وأشار رئيس هيئة مالكي الخلوي في وزارة الاتصالات جيلبير نجار إلى أن نسبة المشتركين في البطاقات المسبقة الدفع نسبة الى إجمالي عدد المشتركين في الخلوي تصل الى 80 في المئة في الشبكتين، وبالتالي فإن عدد المستفيدين من قرار خفض كلفة المكالمات الليلية يفيد أكثر من مليونين و300 ألف مشترك. ويشير نجار الى أن هذا القرار لا يخفض من إيرادات الخلوي، بل من المتوقع أن يزيدها، وذلك لكون حركة الاتصالات على شبكتي الخلوي تكون في أدنى مستوياتها بين الساعة الحادية عشرة والنصف تقريباً والساعة الثامنة صباحاً، والقيام بإجراء الخفض خلال هذه الفترة سيزيد من عدد مستخدمي الشبكتين للإفادة من الحسومات الكبيرة على كلفة الاتصال، ما يرفع من عائدات الخزينة العامّة، في مقابل إفادة المواطنين من أسعار شبه مقبولة على الاتصال الخلوي، لافتاً الى أن هذا القرار سيؤدي الى ملء الفراغ الذي يحدث عادة على الشبكتين خلال الفترة الليلية، وينقل الاتصالات غير الضرورية التي يمكن أن يجريها المواطنون الى الليل، بعدما كانوا يدفعون كلفة مرتفعة للاتصال طوال الوقت.
القرار سيمتد الى الخلوي الثابت
ويفيد مستشار وزير الاتصالات محمود حيدر أن اختيار هذه الفترة تحديداً لتخصيصها بإجراء الخفض يعود الى وجود سعة على الشبكات خلالها، بحيث تنخفض حركة الاتصالات كثيراً ويتراجع الضغط على الشبكتين ليقتصر على عدد محدود من المشتركين بالبطاقات المسبقة الدفع، ويوضح أنه فعلياً تبدأ فترة انخفاض الحركة هذه عند الساعة الثانية عشرة، إلا أن الوزارة قررت أن تعطي حافزاً للمواطنين للإفادة من هذا الخفض، بحيث تبدأ من الساعة العاشرة ليلاً، وبذلك تتسع رقعة الإفادة الى أكبر عدد من المشتركين.
ويلفت حيدر الى أن الوزارة وفّرت حافزاً للمواطنين، ولكن من الصعب توقع نسبة المشتركين التي ستستفيد من هذا الإجراء، لكن من المؤكد أن النسبة تتجه نحو الارتفاع، ويشدد على أن الخفض يطال حالياً البطاقات المسبقة الدفع التي تبلغ كلفة الدقيقة فيها 36 سنتاً، وهي كلفة مرتفعة جداً نسبة الى الأسعار المطبقة في الدول المجاورة، والتي تصل أقصاها الى 18 سنتاً، ويشرح أن هذا الإجراء سيؤثر تأثيراً طفيفاً على إيرادات الوزارة لأنه ستستخدم الشبكة بموارد لم تكن مستخدمة، وهنا يوجد ربح ولو على سعر أقل، ولكن بما أن السعر قليل ستكون هنالك خسارة في قيمة الفواتير المدفوعة، ما سيخلق توازناً معيناً، وسيؤدي الى تأثيرات طفيفة على إيرادات الخزينة.
أما عدم شمول القرار الخطوط الخلوية الثابتة فيعود الى أسباب تقنية كذلك، أي عملية الفوترة، وقد ارتأت الوزارة إطلاق الخدمة على البطاقات المدفوعة سلفاً، على أن تمتد الى الخطوط الثابتة بعد اكتمال الإجراءات التقنية خلال الأشهر القليلة المقبلة، وخصوصاً أن سعر الدقيقة على الخط الثابت يصل الى 11 سنتاً وهو سعر مقبول نسبة الى الدول المجاورة، وبالتالي بدأت الوزارة خطوتها بالبطاقات المدفوعة سلفاً، التي تطال عادة ذوي الدخل المحدود والذين يشترون الوحدات شهرياً. ويلفت الى أن تقويم تأثيرات هذه الخطوة على المشتركين سيعرف نهاية الشهر الجاري، وعلى ضوئها تكون قراءة النتائج الأولية لعملية الخفض على التعرفة الليلية.
500 ليرة لبنانية
هي تعرفة التخابر الدولي على الهاتف الثابت خلال النهار التي خُفضت إلى 400 ليرة في الليل في عام 2007 بقرار من وزير الاتصالات حينها
15 دولاراً
هي كلفة الاشتراك الشهري بالخط اللاحق الدفع، أي الثابت بعدما انخفض من 25 دولاراً، أي بنسبة 40 في المئة في عام 2009.
11 سنتاً
هي كلفة دقيقة التخابر في الخط الثابت، التي خُفضت بنسبة 16.% إلى 13 سنتاً، فيما انخفض سعر الدقيقة على الخطوط المسبقة الدفع من 48 إلى 36 سنتاً.
تأثيرات موسمية
ستكون تأثيرات خفض التعرفة الليلية على إيرادات الخزينة العامّة موسمية، ففي رمضان مثلاً يسهر المواطنون أكثر من الأشهر الأخرى، ما يرفع نسبة استخدام الخلوي خلال الفترة الليلية، بعكس ما يحدث في الأشهر الأخرى. ويلفت وزير الاتصالات شربل نحاس (الصورة) الى أن الخفوضات موجودة على تعرفة الاتصالات الدولية، وكذلك على الاتصالات الليلية على الهاتف الثابت، إلا أن إطلاق الخفوضات على الاتصالات الخلوية كان يحتاج الى أمرين: قرار من الوزير، وجهوزية فنية تتعلق بأنظمة الفوترة.