وفي ملفِ شهودِ الزورِ قال الشيخ قاسم، لِيَكُن معلوماً أنه لا يكفي رأسُ الصدّيق والمطلوبُ أن تتدحرجَ كلُّ الرؤوسِ التي صَنَّعت شهودَ الزور. كلامُ الشيخ قاسم جاءَ خلالَ حفل تأبيني أقيمَ في حسينيةِ البرجاوي بمشاركةِ حشدٍ من الشخصياتِ السياسيةِ والفعالياتِ الاجتماعيةِ والنقابية.
وهنا نص الكلمة التي القاها سماحته:
المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية هي تنازل مجاني لمصلحة إسرائيل، وبالتالي ليس فيها أي خير للفلسطينيين، وهي حاجة إسرائيلية، وتذكروا الضغوطات غير العادية التي مارسها أوباما والمطالبة اليومية منه لنتياهو لتنعقد المفاوضات لأنهم يريدون الصورة، أي صورة المفاوضات من دون مضمون حقيقي، ليقول بأن عدوانه على لبنان وعلى غزة وعلى أسطول الحرية والجرائم التي ارتكبها قد أصبحت من التاريخ، والآن نحن أمام حلٍّ سلمي صورته المفاوضات الفارغة من المحتوى، وإن كان هناك من محتوى فهو لمصلحة إسرائيل. لاحظوا كيف أن الإسرائيلي يأخذ ما يريد ويجاهر بما يريد، فمن اللحظة الأولى التي عقدت فيها المفاوضات صدر تصريح لأوباما يقول بأن التقدم لن يأتي بسهولة ولن يأتي سريعاً، يعني من البداية لا تراهنوا على الحل، أما نتنياهو فكان أصرح: ليس هناك ما يضمن نجاح هذه المحاولة، فهناك أسباب كثيرة للتشكيك في احتمالات النجاح، يعني قبل بداية المفاوضات يقولون بأنها لن تصل إلى نتيجة، وهذا الكلام هو جزء من الضغط على السلطة الفلسطينية لتقدم تنازلات إضافية إضافة للتنازلات التي قدمتها إلى الآن، أتريدون أن تعرفوا لماذا ليس هناك حلاًّ مع إسرائيل؟ لأن ما تطلبه إسرائيل لا يمكن أن يتحقق من الآن إلى يوم القيامة، ما الذي تريده إسرائيل من الفلسطينيين؟ الأرض؟ كلا، لأن الأرض تحصل عليها وهي حاصلة عليها، الاستقرار السياسي مقابل ثمن؟ كلا، فهم يطلبون من الفلسطينيين الأمن، يعني يتحمل الفلسطينيون مهمة الأمن الإسرائيلي، فلو تحرك فلسطيني واحد في فلسطين أو في آخر الدنيا وقام بعملية ضد إسرائيل، فهذا يعني أن السلطة الفلسطينية لا تقوم بواجباتها في الأمن الإسرائيلي، لأن أغلب الشعب الفلسطيني شعب مقاوم، ولن يرضى أن تذهب أرضه هباءً، ولن يرضى لأن يكون هناك تسوية تعطيه دولة فلسطينية قابلة للحياة، وما معنى عبارة "دولة قابلة للحياة"، هم يريدون مخيماً فلسطينياً منزوع السلاح لا يستطيع أن يتحرك، بمعنى آخر هو يريدون إنهاء فلسطين والفلسطينيين، وهذا لا يمكنه أن يتحقق، وعلينا أن نواجه هذا الخطر لأنهم إن نجحوا في فلسطين سيمتدون إلى لبنان وسوريا والأردن ومصر، بعد ذلك إلى كل الدول العربية والاسلامية.
نحن نسمع في العالم بأن هناك حملة كبيرة لكل من يقف ضد السامية، يعني لكل من ينتقد شيئاً إسرائيلياً، كانتقاد المحرقة أو الاتجاه اليهودي أو غيره، فيقولون بأن هذا ضد السامية فيُسجن ويُعاقب في أمريكا وفرنسا وكل أوروبا بانتهاك حرية الرأي التي يتحدثون عنها، وإذ بنا نسمع أن شخصاً في أمريكا ومعه جماعة يريدون أن يحرقوا القرآن في ذكرى 11 أيلول، ألا يستحق هذا أن تقف الإدارة الأمريكية موقفاً معترضاً ومانعاً ومعاقباً لهؤلاء الذين يسيئون إلى الإسلام والمسلمين وإلى رسالة السماء، ألا يستحق هذا الأمر اجتماعاً للدول الإسلامية والدول العربية أو كلاهما، من أجل أن يُطلقوا صرخة كبيرة في وجه إهانة كبيرة للمسلمين في العالم، ما معنى أن يُحرقوا القرآن، هذا يعني أن يدوسوا على المقدسات، أين هي الأصوات التي ترتفع قبل أوانها، أو ننتظر حتى يُحرقوا القرآن وبعدها نتحرك، أو نقول بأن في أمريكا حرية رأي، هذه الدول الكبرى المتحضرة التي هي أساس التخلف الأخلاقي والسياسي والاجتماعي في هذا العالم اليوم بسبب انحرافها.
أما في موضوع شهود الزور فقد أصبح لدينا الآن شبه إجماع عند السياسيين اللبنانيين بأن شهود الزور ضللوا التحقيق وخربوا الاستقرار في هذا البلد، وبالتالي لم يعد هناك نقاش حول دور شهود الزور الذي أثَّروا في واقع البلد وجعلونا نعيش فترة خمس سنوات من الإرباك السياسي العام الذي يعيشه لبنان ومحيط لبنان، لكن ليكن معلوماً أن قضية شهود الزور ليست محصورة بشخص شهود الزور مثل الصدِّيق وهسام هسام أو غيرهما، شهود الزور بالنسبة لنا مطيَّة، وهم معبر لمن صنَّعهم وموَّلهم ووجَّههم، ونحن نريد من فتح ملف شهود الزور عدم الالتهاء بالأدوات الصغيرة التي أطلقت مواقفها، لنصل إلى الرؤوس التي ندعو إلى أن تتساقط عندما يثبت أنها قامت بالتوجيه والدعم واختلاق وصنع شهود الزور في هذا البلد، لذلك نحن مع المتابعة التي تؤدي إلى تدحرج رؤوس، وليس مجرد رفع العتب في الحديث عن شهود الزور أو بمتابعتهم بمعزل عن مصنِّعيهم، هذه القضية لا تمر بتقبيل اللحى، وبالتالي آن لنا أن نحاسب المرتكبين بمعزل عن مذهبهم وطائفتهم، لا يجوز أن نبحث في شهود الزور وطائفتهم، لا يجوز أن نبحث في شهود الزور كما نبحث في كثير من القضايا، لأن المرتكب والمصنِّع لا دين لهم ولا طائفة لهم ولا وطن لهم، هؤلاء شياطين خرَّبو البلد وعليهم أن يدفعوا الثمن، البعض اعتقد أن شهود الزور هم فقط من أدلوا بالشهادات ولنضحِ بهم، نحن نريد المصنِّعين المجرمين الذين يختبئون وراء شهود الزور، والذين قاموا بهذه الإساءة للبلد والمنطقة وخربوا على الناس كل هذه الفترة، فقد خرب البلد في الخمس سنوات، وهناك عشرات الآلاف من الناس قد تضررت، كلٌّ بطريقة مختلفة عن الأخرى. نحن ننتظر الآلية التنفيذية التي سيقررها مجلس الوزراء بعد أن يأتي وزير العدل بمطالعته، ونريد آلية تكشف وتحاسب وتضع حدًّا للاستثمار الظالم، ولتنظر في ملف التحقيق بشكل جدي حتى نصل إلى الحقيقة وإلى نتيجة، وكفانا تحليلات من هنا وهناك تضيِّع الحقيقة، فنحن نريد أن نتلمَّس النتائج.
اليوم لدينا فرصة تاريخية في لبنان: أولاً أمريكا مشغولة بانتخاباتها ولملمة فشلها في العراق وأفغانستان، وهي حائرة في كيفية متابعة التسوية وكيفية معالجة شؤون الشرق الأوسط، ثانياً إسرائيل أسيرة تركيبتها العاجزة عن إنتاج مواقف وحلول، وهي لا زالت ملجومة عن الاعتداء بحرب ضد لبنان أو سوريا أو إيران أو غزة بفعل نتائج عدوان تموز وما حصل في المواجهة ضد غزة، وبالتالي تستحضر إسرائيل هذا الفشل، وتعلم أن أي إقدام يمكن أن يؤدي إلى فشل ذريع، وهي لا تتحمل الفشل الثاني الذي يمكن أن يكون المقدمة الطبيعية النهائية لسقوط إسرائيل إن شاء الله تعالى، خاصة أننا مستعدون كامل الاستعداد لأية مواجهة يمكن أن تُفرض علينا، في أي وقت وفي أي ظرف، ولا ننتظر في استعداداتنا التحليلات السياسية. ثالثاً، فشلت طموحات وارتكابات جماعة الاستثمار الداخلي في لبنان والاستقواء بالخارج، واليوم واضح أن هذا الاتجاه لم يعد له قدرة ولا قوة، والجميع عادوا إلى الوحدة الوطنية والتآلف الوطني، الحمد لله سواء رجع الواحد إلى الوحدة الوطنية مضطراً أو مؤمناً بها. إذاً أمام هذه الأمور الثلاثة الدواء الأنجع للبنان أن يعرف كلٌّ حدوده وأن يتعاون الجميع لنهضة هذا البلد، ليس بإمكان طائفة أن تسيطر على الطوائف، وليس بإمكان مذهب أن يسيطر على المذاهب وليس بإمكان جماعة أن تأخذ وحدها ما تريد من لبنان على حساب الجماعات الأخرى، نحن في مركب واحد وعلينا أن نعيش معاً ونتعاون معاً ونتحمل بعضنا، وبالتالي لا يستطيع أحد إلى حيث يريد، ولن نمكَّن أحداً من أن يثقب المركب، على قاعدة أنه حرٌّ في زاويته لأنه سيُغرق المركب بما يفعل، على هذا الأساس إذا نظرنا إلى الساحة الإقليمية والدولية والمحلية فالفرصة مؤاتية لنعمل، الفرصة مؤاتية لنستفيد من فترة الجمود الإقليمي والدولي، الفرصة مؤاتية لمعالجة الملفات الداخلية، ولتُفتح كل الملفات: ملف الإعمار وملف الموازنات وملف الفساد وملف الكهرباء، وليكن هناك وضوح بأن يُقدم كل طرف الأرقام والأدلة وأن يلجأ إلى القوانين، للتفكير بالمعالجة وليس بالنكانيات، هكذا نستطيع فتح الملفات بجدية وعلى مجلس الوزراء أن يقوم بدوره، وكذلك مجلس النواب عليه هذه المسؤولية في أن نعالج الملفات المختلفة.
الفرصة مؤاتية لتيئيس من يريد مد يده على لبنان، والفرصة مؤاتية للاستفادة من القرائن التي قدمها سماحة السيد حسن نصر الله لاتهام إسرائيل، ويجب البدء العملي للتهيئة لقرار ظني يتَّهم إسرائيل، ولتأتي إسرائيل إلى المحكمة وتبيِّن أدلَّتها، وبالتالي لا بد من استدعاء القادة والمسؤولين والعسكريين ليدلوا بشهاداتهم، أو أن يكونوا متَّهمين فيدافعوا عن أنفسهم. والفرصة مؤاتية لكشف شهود الزور المجرمين، كي لا تبقى الجريمة عيبئاً على لبنان، بالتهويل والاستمرار الذي تستخدمه أمريكا ليل نهار، من أجل الضغط في منطقتنا لتحقيق بعض المكتسبات بعد أن فشلت في مجالات مختلفة.