بعد تحريك دعوى الحق العام ضد المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، وإسقاط لجنة المال والموازنة النيابية البند الخاص بقانون البرنامج المتعلق بتمويل المحكمة الدولية، ودعوة المعارضة إلى ترجمة رئيس الحكومة سعد الحريري خطابه السياسي في موضوع شهود الزور إلى المسار القضائي، ودعوة النائب وليد جنبلاط إلى الإجماع على إلغاء المحكمة الدولية إذا كانت عنوانا للفتنة... تدحرجت العناوين السياسية والقضائية دفعة واحدة، ومعها تجددت مخاوف اللبنانيين من عناوين أمنية قد تستفيد من هذا التوتر السياسي غير المسبوق منذ الخامس من أيار 2008 حتى الآن، بالتزامن مع عنوانين كبيرين إقليمياً، استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين واقتراب المشهد العراقي من تسوية مهددة لحكومته المعلقة منذ شهور.
ومع ارتفاع منسوب التوتر السياسي، كثرت الأسئلة وقلّت الأجوبة، وبرزت مخاوف من وجود اتجاه دولي، ملامحه إسرائيلية ـ أميركية، لتقريب موعد القرار الاتهامي الذي سيوجه لعناصر من «حزب الله» في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلى تشرين الأول المقبل، وذلك في مواجهة مناخ دولي آخر، يدعو لتأجيله حتى نهاية الخريف مقدمة لتأجيل آخر.
وأفاد مراسل «السفير» في باريس محمد بلوط بأن جيرار آرو، المندوب الفرنسي في مجلس الأمن، والموصوف في بلاده بأنه من «آخر المحافظين الفرنسيين الجدد» بسبب التصاقه باليمين الإسرائيلي، أعلن «أن لا رجعة فرنسية عن دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، وذلك استنادا إلى معلومات أبلغه إياها المدعي العام الدولي دانيال بيلمار، خلال لقاء بينهما في نيويورك في تموز الماضي، حيث قدم بيلمار له عرضا للقرار الظني المرجح صدوره في كانون الأول المقبل والعناصر التي باتت بحوزته، أي عناصر الاتصالات الهاتفية التي توصلت إليها تحقيقات «فرع المعلومات» في قوى الأمن الداخلي.
وفي الوقت ذاته، نقل مراسل «السفير» في نيويورك عن دبلوماسي غربي استبعاده تأجيل صدور القرار الاتهامي. وقال لـ«السفير»: لا تأجيل لقرار الاتهام كما ان احدا لا يستطيع وقف المحكمة الدولية، وستكون هناك قرارات اتهام قبل نهاية العام. لا أعرف متى تحديدا ولكن سيكون هناك قرار اتهام. ولا يمكن لأي دولة أن تؤخر هذه القرارات».
وسخر المندوب الغربي في مجلس الأمن من مطالبة بعض الأطراف بالتأجيل وقال: بات من المستحيل تأجيل عمل المحكمة أو تعطيله. هذه محكمة مستقلة تعمل بمفردها. ولا أحد، بما في ذلك الرئيس (الأميركي باراك) أوباما نفسه يمكنه أن يوقفها».
إلى ذلك، شكلت جلسة اللجنة النيابية للمال والموازنة، أمس، مساحة تظهير واضحة للانقسام الداخلي حول المحكمة الدولية، وهذه المرة، من باب سلفة الخزينة التي دفعتها الحكومة من ضمن موازنة العام 2010 وهرّبت من خلالها حصة لبنان في تمويل المحكمة الدولية، على مرأى من فريقي الأكثرية والمعارضة. وقد انتهى اجتماع لجنة المال ليلاً، الى توجيه ضربة قاسية الى المحكمة في أول اختبار حقيقي لها في المجلس النيابي، عبر إسقاط بند التمويل من مشروع الموازنة، علما أن القرار النهائي سيكون ملك الأكثرية النيابية في الهيئة العامة عندما تناقش الموازنة.
وجاء هذا الإسقاط وسط صخب نيابي، أظهره النقاش الذي استبطن محاولات واضحة لتسجيل النقاط، وخصوصا بين تيار المستقبل الذي سعى الى تمرير بند التمويل كبند إجماعي بمعزل عن الاشتباك السياسي الراهن، وبين «حزب الله» الذي أثار علامات استفهام تشكيكية حول موجبات تمويل محكمة «ذات بعد تسييسي وتزويري وتسعى الى التآمر على المقاومة وإحداث فتنة في لبنان» على حد تعبير أحد أعضاء كتلة الوفاء للمقاومة.
وقالت مصادر نيابية إن رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان حاول القيام بدور توفيقي، وسعى منذ بداية جلسة قبل الظهر إلى تأجيل انفجار هذا اللغم، فطرح تأجيل بند التمويل على اعتباره بندا خلافيا إلى جلسة 27 الجاري التي سيتم فيها بحث كل البنود الخلافية التي لم تبت بها اللجنة بعد. لكن نواب تيار المستقبل و14 آذار أصروا على السير بالبند المذكور رافضين تأجيله وأصروا على التعاطي مع قانون البرنامج المتعلق بتمويل المحكمة على غرار ما تم التعامل فيه مع الوزير جبران باسيل في قانون البرنامج المتعلق بوزارة الطاقة.
وسعى النائب عباس هاشم إلى تأجيل البند في انتظار رد وزيرة المالية على السؤال الذي قدمه بعض النواب حول كيفية صرف سلفة الخزينة وعلى أي أساس قانوني تم الارتكاز، وريثما يصل إلى اللجنة رأي ديوان المحاسبة حول سلف الخزينة. غير أن النواب عمار حوري وأنطوان زهرا وأحمد فتفت وفادي الهبر وجمال الجراح ونبيل دو فريج أصروا على رفض التأجيل الى 27 أيلول الجاري أو إحالة أمر بند التمويل إلى الهيئة العامة، وعندها أكد نواب المعارضة انه إذا تم فتح البحث اليوم، فمعنى ذلك أن لا عودة إلى الخلف وبالتالي فإن مجرد فتح النقاش يعني البت به نهائيا.
فضل الله: المحكمة أداة أميركية إسرائيلية
وأشارت المصادر الى مداخلات قدمها نواب المعارضة، حيث شدد النائب غازي زعيتر على اهمية ان تتضح الصورة، فيما اشار النائب علي حسن خليل الى انّ بروتوكول المحكمة لم يقر اساسا في مجلس النواب. وأعقبت ذلك مداخلة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، لفت فيها الى «ان اللبنانيين مجمعون على كشف حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري، ولكن كيف يمكن ان نموّل محكمة لا تتوخى الوصول الى هذه الحقيقة، ودلت التجربة معها ان المسار الذي سلكته حتى الآن هو مسار التسييس والتزوير، وكيف يمكن أن نموّل محكمة اميركية وإسرائيلية تحولت أداة لتخريب لبنان وللتآمر على المقاومة، وزرع الفتنة بين اللبنانيين»؟
اضاف فضل الله: كانت هناك فرصة خلال سنة لتلك المحكمة لتصحيح مسارها بإيقاف التسريب ووقف فبركة السيناريوهات ومحاكمة شهود الزور وبوضع كل الفرضيات امامها بما فيها فرضية اتهام اسرائيل، لكن هذه المحكمة أكملت بالمسار الخاطئ برغم كل التسهيلات التي قدمناها لها، وظلت أداة بأيدي الاميركيين والاسرائيليين، ولذلك لا امكانية لتمويلها. وبالتالي هذه الفرصة انتهت، ومرحلة الصبر والانتظار انتهت.
وأشارت المصادر النيابية المعارضة الى ان نواب المستقبل و14 آذار، الذين أصروا صباحا على التصويت اعتقادا منهم بأنهم كانوا يشكلون أكثرية حضور جلسة اللجنة قبل الظهر، سعوا الى التأجيل في جلسة بعد الظهر بعدما تبيّن لهم أن التصويت في غير مصلحتهم، ومجرد طرحه يعني اسقاط البند على اعتبار ان نواب المعارضة الحاضرين كانوا يشكلون الاكثرية، ولذلك انسحبوا من الجلسة.
حوري: القصة قصة موقف سياسي
وقال النائب عمار حوري لـ«السفير»: ان الامور سارت بشكل طبيعي وموضوعي وهادئ الى ان وصل النقاش الى بند تمويل المحكمة حيث اكدنا اننا أجمعنا على المحكمة في مؤتمر الحوار الوطني، وفي البيان الوزاري وأقرته الحكومة من خلال مشروع الموازنة، ثم اتخذت الحكومة قرارا بإعطاء سلفة خزينة بتاريخ 3 شباط الماضي للمحكمة، فتم تنفيذ هذا القرار بمرسوم في 23 شباط الماضي بتوقيع فخامة الرئيس ودولة الرئيس والوزراء المختصين. وبالتالي فإن هذا الموضوع سار في السياق الطبيعي، ووصلنا الى جلسة تحصيل حاصل في هذا الجزء.
أضاف حوري: إن الفريق الآخر اراد ان يعتبر هذه الجلسة فرصة لإبراز موقف سياسي، يحاول من خلاله تعطيل المحكمة اذا جاز التعبير، فسمعنا موقفا واضحا من الفريق الآخر، بأن هذه المحكمة اسرائيلية وأميركية وأنهم يطلبون إلغاءها وأنهم أعطوا مدة سنة مهلة، ولكن بعد مرور هذه السنة لم يعودوا يستطيعون الصبر والانتظار وإعطاء تسهيلات، وقالوا دخلنا في مرحلة خطيرة بعد ايلول، هذا الكلام حصل في جلسة قبل الظهر، وبعد الظهر تم تأكيد المواقف نفسها، حتى إنني وجهت سؤالا محددا لزملائنا من الفريق الآخر، فأعادوا تأكيد الموقف نفسه على ان المحكمة اسرائيلية وأميركية.
وقال: في لجنة المال والموازنة الامور تسير عادة بالتوافق، فأصر الفريق الآخر في هذه اللحظة على إجراء التصويت، وفي تلك اللحظة كان هناك فارق صوت واحد لمصلحتهم، على اعتبار ان زميلين لنا مسافران، ولكن بغض النظر عن التصويت، هذه القضية سياسية، فهم من جهتهم عبروا عن موقف سياسي، ونحن عبرنا عن موقف سياسي من خلال انسحابنا من الجلسة.
وردا على سؤال قال حوري: عندما تنتهي اللجنة المالية من مناقشة مشروع الموازنة، ستحال الامور الى الهيئة العامة للمجلس النيابي وهي صاحبة القرار في النهاية...
كنعان: للهيئة العامة أن تقرر
بدوره، قال رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان لـ«السفير»: «ما حصل أمر مؤسف. لقد سعينا لتجنيب اللبنانيين صورة الانقسام السلبي والتصادمي، لكننا لم نوفق، علما اننا وصلنا الى مشارف الانتهاء من إقرار مشروع موازنة 2010 وإصلاحها». وتوجه الى النواب اعضاء لجنة المال وخاصة الذين انسحبوا من الجلسة وطالبهم بالعودة الى المؤسسات وإلى المجلس النيابي لاستكمال ما بدأناه سويا والاحتكام الى الاصول الديموقراطية بحسب الانظمة والقوانين والأعراف لحل الخلافات. وفي هذا المجال فإنني مستمر في البرنامج المحدد والذي يستكمل البحث نهار الاثنين الواقع فيه 20 ايلول وفي جدول اعمالنا وزارات الصحة والاقتصاد والتجارة والاعلام والزراعة . أما بالنسبة الى البند الخلافي، والمتعلق بقانون البرنامج لتمويل المحكمة، فإنه وبحكم عدم إقراره اليوم، فقد أصبح في عهدة الهيئة العامة للمجلس النيابي للبت به وبغيره من البنود.
جنبلاط: ليسمح لي جميل السيد
ورأى النائب وليد جنبلاط عبر برنامج «كلام الناس» أن لا إمكانية لإلغاء تمويل المحكمة في هذا الجو الحامي، وقال: «إذا توافقنا أن المحكمة في مكان ما عقبة نتفق بشكل جماعي على تأجيلها، وإذا كانت تثير الفتنة فلنتفق جميعا على إلغائها».
وأكد أن الاتهام السياسي لـ«حزب الله» من «دير شبيغل» ثم صدور قرار ظني يتهم حزب الله يبين أن المحكمة مسيسة. وقال: المحكمة تحل بين السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري ولا ننسى أن الأول قدم قرائن مهمة جدا في موضوع المحكمة، وسعد الحريري قال كلاما استراتيجيا بحق سوريا كان يجب الترحيب به ولم يرحب وكأن هناك بعض الناس في المعارضة و14 آذار لا يريدون أن تتحسن علاقة الحريري بسوريا.
واستبعد جنبلاط أن تكون التسوية السعودية السورية تهتز. وانتقد كلام اللواء جميل السيد، وقال: «فليسمح لي السيد. هو ليس ملاكاً ولا أنا ملاك ولا بشير الجميل في قداسه بالأمس كان ملاكا. أنا أرفض تهديد مؤسسات الدولة وأرفض كلام جميل السيد كما أرفض كلام ميشال عون، يجب أن لا نقع في الفخ، والفخ هو الفتنة، ولا ننسى أن هناك مفاوضات مباشرة قد تنجح وقد تذهب إلى الفشل. لنتذكر منذ كامب دايفد كلما فشلت المفاوضات كان هناك دم في لبنان».
ومع ارتفاع منسوب التوتر السياسي، كثرت الأسئلة وقلّت الأجوبة، وبرزت مخاوف من وجود اتجاه دولي، ملامحه إسرائيلية ـ أميركية، لتقريب موعد القرار الاتهامي الذي سيوجه لعناصر من «حزب الله» في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلى تشرين الأول المقبل، وذلك في مواجهة مناخ دولي آخر، يدعو لتأجيله حتى نهاية الخريف مقدمة لتأجيل آخر.
وأفاد مراسل «السفير» في باريس محمد بلوط بأن جيرار آرو، المندوب الفرنسي في مجلس الأمن، والموصوف في بلاده بأنه من «آخر المحافظين الفرنسيين الجدد» بسبب التصاقه باليمين الإسرائيلي، أعلن «أن لا رجعة فرنسية عن دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، وذلك استنادا إلى معلومات أبلغه إياها المدعي العام الدولي دانيال بيلمار، خلال لقاء بينهما في نيويورك في تموز الماضي، حيث قدم بيلمار له عرضا للقرار الظني المرجح صدوره في كانون الأول المقبل والعناصر التي باتت بحوزته، أي عناصر الاتصالات الهاتفية التي توصلت إليها تحقيقات «فرع المعلومات» في قوى الأمن الداخلي.
وفي الوقت ذاته، نقل مراسل «السفير» في نيويورك عن دبلوماسي غربي استبعاده تأجيل صدور القرار الاتهامي. وقال لـ«السفير»: لا تأجيل لقرار الاتهام كما ان احدا لا يستطيع وقف المحكمة الدولية، وستكون هناك قرارات اتهام قبل نهاية العام. لا أعرف متى تحديدا ولكن سيكون هناك قرار اتهام. ولا يمكن لأي دولة أن تؤخر هذه القرارات».
وسخر المندوب الغربي في مجلس الأمن من مطالبة بعض الأطراف بالتأجيل وقال: بات من المستحيل تأجيل عمل المحكمة أو تعطيله. هذه محكمة مستقلة تعمل بمفردها. ولا أحد، بما في ذلك الرئيس (الأميركي باراك) أوباما نفسه يمكنه أن يوقفها».
إلى ذلك، شكلت جلسة اللجنة النيابية للمال والموازنة، أمس، مساحة تظهير واضحة للانقسام الداخلي حول المحكمة الدولية، وهذه المرة، من باب سلفة الخزينة التي دفعتها الحكومة من ضمن موازنة العام 2010 وهرّبت من خلالها حصة لبنان في تمويل المحكمة الدولية، على مرأى من فريقي الأكثرية والمعارضة. وقد انتهى اجتماع لجنة المال ليلاً، الى توجيه ضربة قاسية الى المحكمة في أول اختبار حقيقي لها في المجلس النيابي، عبر إسقاط بند التمويل من مشروع الموازنة، علما أن القرار النهائي سيكون ملك الأكثرية النيابية في الهيئة العامة عندما تناقش الموازنة.
وجاء هذا الإسقاط وسط صخب نيابي، أظهره النقاش الذي استبطن محاولات واضحة لتسجيل النقاط، وخصوصا بين تيار المستقبل الذي سعى الى تمرير بند التمويل كبند إجماعي بمعزل عن الاشتباك السياسي الراهن، وبين «حزب الله» الذي أثار علامات استفهام تشكيكية حول موجبات تمويل محكمة «ذات بعد تسييسي وتزويري وتسعى الى التآمر على المقاومة وإحداث فتنة في لبنان» على حد تعبير أحد أعضاء كتلة الوفاء للمقاومة.
وقالت مصادر نيابية إن رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان حاول القيام بدور توفيقي، وسعى منذ بداية جلسة قبل الظهر إلى تأجيل انفجار هذا اللغم، فطرح تأجيل بند التمويل على اعتباره بندا خلافيا إلى جلسة 27 الجاري التي سيتم فيها بحث كل البنود الخلافية التي لم تبت بها اللجنة بعد. لكن نواب تيار المستقبل و14 آذار أصروا على السير بالبند المذكور رافضين تأجيله وأصروا على التعاطي مع قانون البرنامج المتعلق بتمويل المحكمة على غرار ما تم التعامل فيه مع الوزير جبران باسيل في قانون البرنامج المتعلق بوزارة الطاقة.
وسعى النائب عباس هاشم إلى تأجيل البند في انتظار رد وزيرة المالية على السؤال الذي قدمه بعض النواب حول كيفية صرف سلفة الخزينة وعلى أي أساس قانوني تم الارتكاز، وريثما يصل إلى اللجنة رأي ديوان المحاسبة حول سلف الخزينة. غير أن النواب عمار حوري وأنطوان زهرا وأحمد فتفت وفادي الهبر وجمال الجراح ونبيل دو فريج أصروا على رفض التأجيل الى 27 أيلول الجاري أو إحالة أمر بند التمويل إلى الهيئة العامة، وعندها أكد نواب المعارضة انه إذا تم فتح البحث اليوم، فمعنى ذلك أن لا عودة إلى الخلف وبالتالي فإن مجرد فتح النقاش يعني البت به نهائيا.
فضل الله: المحكمة أداة أميركية إسرائيلية
وأشارت المصادر الى مداخلات قدمها نواب المعارضة، حيث شدد النائب غازي زعيتر على اهمية ان تتضح الصورة، فيما اشار النائب علي حسن خليل الى انّ بروتوكول المحكمة لم يقر اساسا في مجلس النواب. وأعقبت ذلك مداخلة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، لفت فيها الى «ان اللبنانيين مجمعون على كشف حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري، ولكن كيف يمكن ان نموّل محكمة لا تتوخى الوصول الى هذه الحقيقة، ودلت التجربة معها ان المسار الذي سلكته حتى الآن هو مسار التسييس والتزوير، وكيف يمكن أن نموّل محكمة اميركية وإسرائيلية تحولت أداة لتخريب لبنان وللتآمر على المقاومة، وزرع الفتنة بين اللبنانيين»؟
اضاف فضل الله: كانت هناك فرصة خلال سنة لتلك المحكمة لتصحيح مسارها بإيقاف التسريب ووقف فبركة السيناريوهات ومحاكمة شهود الزور وبوضع كل الفرضيات امامها بما فيها فرضية اتهام اسرائيل، لكن هذه المحكمة أكملت بالمسار الخاطئ برغم كل التسهيلات التي قدمناها لها، وظلت أداة بأيدي الاميركيين والاسرائيليين، ولذلك لا امكانية لتمويلها. وبالتالي هذه الفرصة انتهت، ومرحلة الصبر والانتظار انتهت.
وأشارت المصادر النيابية المعارضة الى ان نواب المستقبل و14 آذار، الذين أصروا صباحا على التصويت اعتقادا منهم بأنهم كانوا يشكلون أكثرية حضور جلسة اللجنة قبل الظهر، سعوا الى التأجيل في جلسة بعد الظهر بعدما تبيّن لهم أن التصويت في غير مصلحتهم، ومجرد طرحه يعني اسقاط البند على اعتبار ان نواب المعارضة الحاضرين كانوا يشكلون الاكثرية، ولذلك انسحبوا من الجلسة.
حوري: القصة قصة موقف سياسي
وقال النائب عمار حوري لـ«السفير»: ان الامور سارت بشكل طبيعي وموضوعي وهادئ الى ان وصل النقاش الى بند تمويل المحكمة حيث اكدنا اننا أجمعنا على المحكمة في مؤتمر الحوار الوطني، وفي البيان الوزاري وأقرته الحكومة من خلال مشروع الموازنة، ثم اتخذت الحكومة قرارا بإعطاء سلفة خزينة بتاريخ 3 شباط الماضي للمحكمة، فتم تنفيذ هذا القرار بمرسوم في 23 شباط الماضي بتوقيع فخامة الرئيس ودولة الرئيس والوزراء المختصين. وبالتالي فإن هذا الموضوع سار في السياق الطبيعي، ووصلنا الى جلسة تحصيل حاصل في هذا الجزء.
أضاف حوري: إن الفريق الآخر اراد ان يعتبر هذه الجلسة فرصة لإبراز موقف سياسي، يحاول من خلاله تعطيل المحكمة اذا جاز التعبير، فسمعنا موقفا واضحا من الفريق الآخر، بأن هذه المحكمة اسرائيلية وأميركية وأنهم يطلبون إلغاءها وأنهم أعطوا مدة سنة مهلة، ولكن بعد مرور هذه السنة لم يعودوا يستطيعون الصبر والانتظار وإعطاء تسهيلات، وقالوا دخلنا في مرحلة خطيرة بعد ايلول، هذا الكلام حصل في جلسة قبل الظهر، وبعد الظهر تم تأكيد المواقف نفسها، حتى إنني وجهت سؤالا محددا لزملائنا من الفريق الآخر، فأعادوا تأكيد الموقف نفسه على ان المحكمة اسرائيلية وأميركية.
وقال: في لجنة المال والموازنة الامور تسير عادة بالتوافق، فأصر الفريق الآخر في هذه اللحظة على إجراء التصويت، وفي تلك اللحظة كان هناك فارق صوت واحد لمصلحتهم، على اعتبار ان زميلين لنا مسافران، ولكن بغض النظر عن التصويت، هذه القضية سياسية، فهم من جهتهم عبروا عن موقف سياسي، ونحن عبرنا عن موقف سياسي من خلال انسحابنا من الجلسة.
وردا على سؤال قال حوري: عندما تنتهي اللجنة المالية من مناقشة مشروع الموازنة، ستحال الامور الى الهيئة العامة للمجلس النيابي وهي صاحبة القرار في النهاية...
كنعان: للهيئة العامة أن تقرر
بدوره، قال رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان لـ«السفير»: «ما حصل أمر مؤسف. لقد سعينا لتجنيب اللبنانيين صورة الانقسام السلبي والتصادمي، لكننا لم نوفق، علما اننا وصلنا الى مشارف الانتهاء من إقرار مشروع موازنة 2010 وإصلاحها». وتوجه الى النواب اعضاء لجنة المال وخاصة الذين انسحبوا من الجلسة وطالبهم بالعودة الى المؤسسات وإلى المجلس النيابي لاستكمال ما بدأناه سويا والاحتكام الى الاصول الديموقراطية بحسب الانظمة والقوانين والأعراف لحل الخلافات. وفي هذا المجال فإنني مستمر في البرنامج المحدد والذي يستكمل البحث نهار الاثنين الواقع فيه 20 ايلول وفي جدول اعمالنا وزارات الصحة والاقتصاد والتجارة والاعلام والزراعة . أما بالنسبة الى البند الخلافي، والمتعلق بقانون البرنامج لتمويل المحكمة، فإنه وبحكم عدم إقراره اليوم، فقد أصبح في عهدة الهيئة العامة للمجلس النيابي للبت به وبغيره من البنود.
جنبلاط: ليسمح لي جميل السيد
ورأى النائب وليد جنبلاط عبر برنامج «كلام الناس» أن لا إمكانية لإلغاء تمويل المحكمة في هذا الجو الحامي، وقال: «إذا توافقنا أن المحكمة في مكان ما عقبة نتفق بشكل جماعي على تأجيلها، وإذا كانت تثير الفتنة فلنتفق جميعا على إلغائها».
وأكد أن الاتهام السياسي لـ«حزب الله» من «دير شبيغل» ثم صدور قرار ظني يتهم حزب الله يبين أن المحكمة مسيسة. وقال: المحكمة تحل بين السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري ولا ننسى أن الأول قدم قرائن مهمة جدا في موضوع المحكمة، وسعد الحريري قال كلاما استراتيجيا بحق سوريا كان يجب الترحيب به ولم يرحب وكأن هناك بعض الناس في المعارضة و14 آذار لا يريدون أن تتحسن علاقة الحريري بسوريا.
واستبعد جنبلاط أن تكون التسوية السعودية السورية تهتز. وانتقد كلام اللواء جميل السيد، وقال: «فليسمح لي السيد. هو ليس ملاكاً ولا أنا ملاك ولا بشير الجميل في قداسه بالأمس كان ملاكا. أنا أرفض تهديد مؤسسات الدولة وأرفض كلام جميل السيد كما أرفض كلام ميشال عون، يجب أن لا نقع في الفخ، والفخ هو الفتنة، ولا ننسى أن هناك مفاوضات مباشرة قد تنجح وقد تذهب إلى الفشل. لنتذكر منذ كامب دايفد كلما فشلت المفاوضات كان هناك دم في لبنان».