تشهد الساحة التربوية الخاصة حالياً حالةً من الارتباك على مستوى الأهل ولجانهم، كما على مستوى المدارس وإداراتها، علماً بأن المدرسة الخاصة، المجانية وغير المجانية، تستوعب نسبة تفوق 69 في المئة من تلامذة لبنان (راجع عدد «السفير» الصادر في 20 أيلول 2010). إذ ينتظر الأهالي الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، لمعرفة نسبة الزيادة التي ستلحق بالأقساط المدرسية، إن اتخذت إدارات مدارسهم قراراً بها. كما تنتظر الإدارات اكتمال صورة التسجيل فيها، فاتضاح عدد الطلّاب وتوزّعهم على المراحل التعليمية، لتحدّد ميزانيتها، لتتخذ قرارها في الزيادة على الأقساط، ونسبتها. وقد وعد بعض ممثلي لجان الأهل بأن يكونوا لادارات مدارس أولادهم بالمرصاد، في حين بدا آخرون أكثر مرونة، رابطين الزيادة بتطبيق القانون 102 الذي يفرض على المؤسسات زيادة الدرجات إلى جسمها التعليمي. فلا يقود البحث في الأقساط المدرسية لهذا العام، إلى خلاصات واضحة في الوقت الراهن، باستثناء انقسام الإدارات وذوي الطلاب إلى فريقين: فريق يسمّي التعليم رسالة ويطالب بخفض كلفته قدر المستطاع، وآخر يصرّ على أنه ميزة لبنان الأخيرة، والحفاظ عليها يتطلب مدخولاً ليلبي المصروف. ولعلّ القانون 515 الذي ينظم ميزانيات المدارس، ويعتبر موافقة لجان الأهل عليها إلزامية، لا يتحكّم بمصادر «الغلّة» التي تجنيها المدارس، كلها. إذ تجد الإدارات لنفسها منافذ عديدة تدرّ عليها الأرباح، كالقرطاسية، والنشاطات اللاصفية، واللباس المدرسي... كما أنه لا يراعي، من جهة أخرى، ما تشير إليه إدارات المدارس، لجهة الديون المستحقة لها، والمساعدات التي تقتطعها من أقساطها لمساعدة عدد من الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم مادي.
بمعنى آخر، هناك حقيقة واحدة يمكن الركون إليها حتى الساعة، وهي «الاستمرار بالتريُّث في تطبيق القانون 102 ريثما تصدر النصوص القانونية المتوافق عليها».. وهو ما توصّل إليه «اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان» في الثاني من أيلول الماضي. ولن تنكشف الصورة الحقيقية لنسبة الزيادة على الأقساط الا بعد شهرين أو أكثر، علماً أن القطاع التربوي شهد ارتفاعاً بالأسعار بنسبة 22 في المئة (يشمل الأقساط والنقل والكتب) بين تشرين الثاني من العام 2006 وتشرين الثاني من العام 2009، وذلك بحسب مؤشر الأسعار الاستهلاكية لمدينة بيروت وضواحيها الصادر عن «مؤسسة البحوث والإستشارات».
لا تعرف ريهام، وهي أمٌّ لابنة وحيدة تتابع دراستها في «الليسه فردان»، قيمة القسط السنوي الذي يجب عليها دفعه لهذا العام، «فنحن عادةً نبلّغ بالزيادة عندما ندفع الجزء الأول من القسط، بعد شهرين أو ثلاثة من بدء العام الدراسي». وتضيف: «أي زيادة ستكون أرحم من تلك التي شهدناها منذ سنتين، حين رفعوا الأقساط بنسبة 25 في المئة مرة واحدة». تشبه حال ريهام حال الكثيرين من ذوي الطلاب، حتى رؤساء لجان الأهل منهم، والأعضاء فيها. فهم ينتظرون صدور قرار الإدارات لتحديد موقفهم منه، بحسب ما يقول رئيس لجنة الأهل في مدرسة «سيدة الجمهور» فادي شلفون، الذي يشير إلى زيادة صغيرة ألحقت بأقساط السنة الماضية.
مثله، لم يتبلّغ رئيس لجنة الأهل في مدرسة «السيدة الأرثوذكسية» عن أي زيادة بعد، لافتاً إلى أن الأقساط «لم تتغيّر خلال السنة الدراسية الماضية، ولم تطل الزيادة إلا كلفة النقليات». ويعتبر رئيسا اللجنتين أن «لكل مقام مقالا»، رافضين استباق قرار الإدارة بإطلاق المواقف منه. «والمهم»، بحسب شلفون، هو أن «أياً من الطلاب لن يوضع خارج المدرسة في حال تعذّر دفع قسطه، على أساس أن لجنة الأهل وصندوق التعاضد الخاص بالمدرسة يساهمان في تسديد القسط أو جزء منه».
في مقابل حالة الترقّب التي يعيشها كثيرون، هناك من ينتظر بفارغ الصبر قرار بعض الإدارات، مع التهديد بالاعتصام والتظاهر. نيللي هي رئيسة لجنة الأهل في مدرسة خاصة، رفضت نشر اسم المدرسة «لأن معاملتها لذوي الطلاب ليست أسوأ من معاملة سواها من المدارس». علمت نيللي أن إدارة المدرسة ترفض زيادة الدرجات المستحقة لجسمها التعليمي، ومع ذلك، لوّحت بزيادة على أقساطها تصل نسبتها إلى حدود 15 في المئة، «مبررةً إياها بضرورة تجهيز بعض المختبرات وقاعات الرياضة، واستحداث غرفة سمعية بصرية». وتصف نيللي تصرّف الإدارة بـ«السرقة المفضوحة»، لا سيما أن «قيمة متوسط أقساط المدرسة تبلغ ثلاثة آلاف وخمسمئة دولار، وهي تضمّ أكثر من ألفي تلميذ». أما أسباب الانتظار المتوجس الذي تعيشه نيللي فيعود إلى كون المدرسة حاولت، منذ سنة، منع عدد من ذوي الطلاب من الترشّح إلى عضوية لجنة الأهل، «كي تأتي بمن يوافق لها على ميزانياتها من دون أي اعتراض».
في المقابل، ترى بعض الإدارات أن اتهامها بالسرقة أو حتى بالتجارة هو أمر مبالغ فيه، وتقترح مقاربة أخرى للموضوع: «إذا كان مصروف عائلة مؤلفة من أربعة أشخاص يصل إلى حدود الألفي دولار شهرياً، فما هي الميزانية المطلوبة شهرياً لتلبية حاجات ألفي طالب، والجهاز التعليمي الخاص بهم، إذاً؟»، بحسب جميل حرب، وهو مدير إداري في مدرسة رفض نشر اسمها.
يؤكد حرب أن حجم عجز المدرسة التي يعمل فيها يقارب الأربعمئة مليون ليرة، «بفعل أقساط مستحقة لم يسدّدها أهل الطلاب.. ناهيك بما يتم حسمه من أقساط بعض العائلات الميسورة». وبالنسبة إليه، لا تعتبر كلفة التعليم عالية في لبنان، «بل إن مستوى دخل الفرد هو المتدنّي». في المقابل، لا ترى إحدى المديرات (وقد رفضت ذكر اسمها) عيباً في إفصاح أي صرح تربوي عن كونه يبتغي الربح، «لأن الربح يضمن الاستمرارية، وإلا لما حافظنا على المستوى التعليمي في لبنان». وتلفت إلى أن العلم «بقي الميزة الوحيدة التي تميّز هذا الوطن الصغير عن محيطه، بعدما تخطانا محيطنا في المحافظة على جمال الطبيعة والبنى التحتية والاقتصاد».
يؤكد كل من حرب والمديرة المذكورة إقرار زيادة الأقساط في مدرستيهما، لكن بنسبة لا تتجاوز الخمسة في المئة.
أما في مدارس «المقاصد» فيقول الدكتور كامل دلال أن «الجمعية قد ترفع الأقساط في مدارسها غير المجانية بنسبة لا تتعدى العشرة في المئة، ومع ذلك، تبقى الزيادة دون الميزانية التي يسمح بها القانون 515، لأن قيمة رواتب الأساتذة لدينا تستحوذ على نسبة تفوق 65 في المئة من الميزانية، تضاف إليها المتطلبات اللوجستية لكلّ من مدارسنا».
من جهتها، حسمت إدارات مدارس «المهدي» أمرها بعدم رفع أقساطها لهذا العام، وفق ما أعلن أمين سرّها عصام الحاج علي، إلا أنه يلفت إلى أن منح المعلمين درجاتهم يبقى رهناً بقرار «اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة». يـــذكر أن العـــام الماضي شهد زيادة على أقساط «المهدي» تراوحت قيمتها ما بين الخمسين ألفا والمئة ألف ليرة.
يتوافق رأي إدارة «المهدي» مع ما يؤكّده الأمين العام لرابطة المدارس الإنجيلية في لبنان نبيل قسطة، لجهة أن الزيادة «لن تكون عشوائية، وإن أقرّت، فلن تتعدى قيمتها المئة وخمسين ألف ليرة، علماً بأن رفع الأقساط يتعلّق بالقرار الذي سيتخذه الاتحاد بشأن القانون 102». وتحت شعار «لبنان مصدّر للثروة التربوية»، يلفت القسطة إلى أنه «لا يمكن التوفير في القطاع التربوي لأن توظيف معلمين غير كفوئين بأجور زهيدة سينعكس سلباً على الطلاب وعلى القطاع عموماً على المدى البعيد». وهو يرفض الحديث عن أرباح «لأننا لا نرفض تلميذاً لا يستطيع أهله دفع كامل قسطه، كما أن مستلزمات العلم الحديث وتجهيزاته باتت مرتفعة الكلفة».
مدارس طبقية وطائفية
بين لجان أهل مستسلمة لقرارات الإدارات، وأخرى تهدد بعصيان مدني ضد رفع الأقساط، هناك من يرى خطراً في الزيادة، ليس على ميزانية العائلات وقوتها اليومي فحسب، بل على الطبقة الوسطى بكل ما ترمز إليه، أيضاً. هو خوف تعبّر عنه رئيسة لجنة الأهل في «الليسه الكبرى» (المتحف) جويل هاشم عندما تقول: «حين انتقيت الليسه مدرسةً لأولادي، كان في ذهني أنهم سيختلطون مع مجموعة من أولاد الطبقة المتوسطة والمثقفة والمتعددة المشارب والطوائف. اخترت المستوى العلمي العالي مع البيئة التي أراها مناسبة لنموّهم الذهني والفكري. لكن، مع رفع الأقساط الذي نشهده في كل سنة، والذي لامست نسبته حدود 25 في المئة في السنتين الماضيتين، تتحول المدرسة إلى صرح خاص بالأثرياء، علماً بأنه توجد مدارس معدّة للطبقة المخملية. تمكنا، بعد جهد، من تقليص الزيادة التي أقرتها المدرسة في السنة الماضية، لتنخفض من نسبة 18 في المئة إلى نسبة 11 في المئة. ونحن حالياً موعودون بزيادة نسبتها 4،5 في المئة على الأقساط، لرفع أجور الأساتذة». تؤكد هاشم أن اللجنة لن توافق على زيادة إلا إذا أتت نسبتها منخـــفضة، «لا سيما أن التحسينات التي تشهدها المدرسة ضئيلة بالمقارنة مع الزيادات التي تلحق بالأقساط». وتذكّر الهاشم بأن أي زيادة ستحلّ كالكارثة على العائلات التي تعلّم ولدين أو أكثر في المدرسة.
من جهته، يرى المشرف التربوي الأب ميشال السبع أن «على المدارس أن تعضّ على الجرح»، محملاً وزارات التربية المتعاقبة مسؤولية انتهاج سياسة تربوية تقوم شيئاً فشيئاً على إلغاء المدرسة الخاصة المعدّة للطبقة المتوسطة، وتحويل القطاع التربوي الخاص إلى مدارس خاصة بالطبقة الغنية، وأخرى خاصة بالطوائف: «فأهالي الطلاب في المدارس المخملية لن يعترضوا مهما ارتفعت الأقساط، في حين تقوم بعض الدول بدعم المدارس الدينية على اختلاف طوائفها، وتبقى المدارس الخاصة الأخرى من دون أي دعم. وغالباً ما توضع تلك المدارس أمام خيارين: إما الاستمرار بما يفرضه عليها الواقع، أو توظيف كادر تعليمي لا يملك الخبرة المطلوبة، فتخسر مستواها». وينتقد السبع القانون 515 الذي لا يعترف بالحسومات التي تقدّمها المدارس لعدد من الطلّاب، ما يضطرها إلى «الدخول في زواريب» لتحصيل أموالها، مؤكداً أن لا خلاص للمشاكل التربوية «إلا بتحسين مستوى المدرسة الرسمية التي هي حقّ لكل عائلة تدفع ضرائبها».
بمعنى آخر، هناك حقيقة واحدة يمكن الركون إليها حتى الساعة، وهي «الاستمرار بالتريُّث في تطبيق القانون 102 ريثما تصدر النصوص القانونية المتوافق عليها».. وهو ما توصّل إليه «اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان» في الثاني من أيلول الماضي. ولن تنكشف الصورة الحقيقية لنسبة الزيادة على الأقساط الا بعد شهرين أو أكثر، علماً أن القطاع التربوي شهد ارتفاعاً بالأسعار بنسبة 22 في المئة (يشمل الأقساط والنقل والكتب) بين تشرين الثاني من العام 2006 وتشرين الثاني من العام 2009، وذلك بحسب مؤشر الأسعار الاستهلاكية لمدينة بيروت وضواحيها الصادر عن «مؤسسة البحوث والإستشارات».
لا تعرف ريهام، وهي أمٌّ لابنة وحيدة تتابع دراستها في «الليسه فردان»، قيمة القسط السنوي الذي يجب عليها دفعه لهذا العام، «فنحن عادةً نبلّغ بالزيادة عندما ندفع الجزء الأول من القسط، بعد شهرين أو ثلاثة من بدء العام الدراسي». وتضيف: «أي زيادة ستكون أرحم من تلك التي شهدناها منذ سنتين، حين رفعوا الأقساط بنسبة 25 في المئة مرة واحدة». تشبه حال ريهام حال الكثيرين من ذوي الطلاب، حتى رؤساء لجان الأهل منهم، والأعضاء فيها. فهم ينتظرون صدور قرار الإدارات لتحديد موقفهم منه، بحسب ما يقول رئيس لجنة الأهل في مدرسة «سيدة الجمهور» فادي شلفون، الذي يشير إلى زيادة صغيرة ألحقت بأقساط السنة الماضية.
مثله، لم يتبلّغ رئيس لجنة الأهل في مدرسة «السيدة الأرثوذكسية» عن أي زيادة بعد، لافتاً إلى أن الأقساط «لم تتغيّر خلال السنة الدراسية الماضية، ولم تطل الزيادة إلا كلفة النقليات». ويعتبر رئيسا اللجنتين أن «لكل مقام مقالا»، رافضين استباق قرار الإدارة بإطلاق المواقف منه. «والمهم»، بحسب شلفون، هو أن «أياً من الطلاب لن يوضع خارج المدرسة في حال تعذّر دفع قسطه، على أساس أن لجنة الأهل وصندوق التعاضد الخاص بالمدرسة يساهمان في تسديد القسط أو جزء منه».
في مقابل حالة الترقّب التي يعيشها كثيرون، هناك من ينتظر بفارغ الصبر قرار بعض الإدارات، مع التهديد بالاعتصام والتظاهر. نيللي هي رئيسة لجنة الأهل في مدرسة خاصة، رفضت نشر اسم المدرسة «لأن معاملتها لذوي الطلاب ليست أسوأ من معاملة سواها من المدارس». علمت نيللي أن إدارة المدرسة ترفض زيادة الدرجات المستحقة لجسمها التعليمي، ومع ذلك، لوّحت بزيادة على أقساطها تصل نسبتها إلى حدود 15 في المئة، «مبررةً إياها بضرورة تجهيز بعض المختبرات وقاعات الرياضة، واستحداث غرفة سمعية بصرية». وتصف نيللي تصرّف الإدارة بـ«السرقة المفضوحة»، لا سيما أن «قيمة متوسط أقساط المدرسة تبلغ ثلاثة آلاف وخمسمئة دولار، وهي تضمّ أكثر من ألفي تلميذ». أما أسباب الانتظار المتوجس الذي تعيشه نيللي فيعود إلى كون المدرسة حاولت، منذ سنة، منع عدد من ذوي الطلاب من الترشّح إلى عضوية لجنة الأهل، «كي تأتي بمن يوافق لها على ميزانياتها من دون أي اعتراض».
في المقابل، ترى بعض الإدارات أن اتهامها بالسرقة أو حتى بالتجارة هو أمر مبالغ فيه، وتقترح مقاربة أخرى للموضوع: «إذا كان مصروف عائلة مؤلفة من أربعة أشخاص يصل إلى حدود الألفي دولار شهرياً، فما هي الميزانية المطلوبة شهرياً لتلبية حاجات ألفي طالب، والجهاز التعليمي الخاص بهم، إذاً؟»، بحسب جميل حرب، وهو مدير إداري في مدرسة رفض نشر اسمها.
يؤكد حرب أن حجم عجز المدرسة التي يعمل فيها يقارب الأربعمئة مليون ليرة، «بفعل أقساط مستحقة لم يسدّدها أهل الطلاب.. ناهيك بما يتم حسمه من أقساط بعض العائلات الميسورة». وبالنسبة إليه، لا تعتبر كلفة التعليم عالية في لبنان، «بل إن مستوى دخل الفرد هو المتدنّي». في المقابل، لا ترى إحدى المديرات (وقد رفضت ذكر اسمها) عيباً في إفصاح أي صرح تربوي عن كونه يبتغي الربح، «لأن الربح يضمن الاستمرارية، وإلا لما حافظنا على المستوى التعليمي في لبنان». وتلفت إلى أن العلم «بقي الميزة الوحيدة التي تميّز هذا الوطن الصغير عن محيطه، بعدما تخطانا محيطنا في المحافظة على جمال الطبيعة والبنى التحتية والاقتصاد».
يؤكد كل من حرب والمديرة المذكورة إقرار زيادة الأقساط في مدرستيهما، لكن بنسبة لا تتجاوز الخمسة في المئة.
أما في مدارس «المقاصد» فيقول الدكتور كامل دلال أن «الجمعية قد ترفع الأقساط في مدارسها غير المجانية بنسبة لا تتعدى العشرة في المئة، ومع ذلك، تبقى الزيادة دون الميزانية التي يسمح بها القانون 515، لأن قيمة رواتب الأساتذة لدينا تستحوذ على نسبة تفوق 65 في المئة من الميزانية، تضاف إليها المتطلبات اللوجستية لكلّ من مدارسنا».
من جهتها، حسمت إدارات مدارس «المهدي» أمرها بعدم رفع أقساطها لهذا العام، وفق ما أعلن أمين سرّها عصام الحاج علي، إلا أنه يلفت إلى أن منح المعلمين درجاتهم يبقى رهناً بقرار «اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة». يـــذكر أن العـــام الماضي شهد زيادة على أقساط «المهدي» تراوحت قيمتها ما بين الخمسين ألفا والمئة ألف ليرة.
يتوافق رأي إدارة «المهدي» مع ما يؤكّده الأمين العام لرابطة المدارس الإنجيلية في لبنان نبيل قسطة، لجهة أن الزيادة «لن تكون عشوائية، وإن أقرّت، فلن تتعدى قيمتها المئة وخمسين ألف ليرة، علماً بأن رفع الأقساط يتعلّق بالقرار الذي سيتخذه الاتحاد بشأن القانون 102». وتحت شعار «لبنان مصدّر للثروة التربوية»، يلفت القسطة إلى أنه «لا يمكن التوفير في القطاع التربوي لأن توظيف معلمين غير كفوئين بأجور زهيدة سينعكس سلباً على الطلاب وعلى القطاع عموماً على المدى البعيد». وهو يرفض الحديث عن أرباح «لأننا لا نرفض تلميذاً لا يستطيع أهله دفع كامل قسطه، كما أن مستلزمات العلم الحديث وتجهيزاته باتت مرتفعة الكلفة».
مدارس طبقية وطائفية
بين لجان أهل مستسلمة لقرارات الإدارات، وأخرى تهدد بعصيان مدني ضد رفع الأقساط، هناك من يرى خطراً في الزيادة، ليس على ميزانية العائلات وقوتها اليومي فحسب، بل على الطبقة الوسطى بكل ما ترمز إليه، أيضاً. هو خوف تعبّر عنه رئيسة لجنة الأهل في «الليسه الكبرى» (المتحف) جويل هاشم عندما تقول: «حين انتقيت الليسه مدرسةً لأولادي، كان في ذهني أنهم سيختلطون مع مجموعة من أولاد الطبقة المتوسطة والمثقفة والمتعددة المشارب والطوائف. اخترت المستوى العلمي العالي مع البيئة التي أراها مناسبة لنموّهم الذهني والفكري. لكن، مع رفع الأقساط الذي نشهده في كل سنة، والذي لامست نسبته حدود 25 في المئة في السنتين الماضيتين، تتحول المدرسة إلى صرح خاص بالأثرياء، علماً بأنه توجد مدارس معدّة للطبقة المخملية. تمكنا، بعد جهد، من تقليص الزيادة التي أقرتها المدرسة في السنة الماضية، لتنخفض من نسبة 18 في المئة إلى نسبة 11 في المئة. ونحن حالياً موعودون بزيادة نسبتها 4،5 في المئة على الأقساط، لرفع أجور الأساتذة». تؤكد هاشم أن اللجنة لن توافق على زيادة إلا إذا أتت نسبتها منخـــفضة، «لا سيما أن التحسينات التي تشهدها المدرسة ضئيلة بالمقارنة مع الزيادات التي تلحق بالأقساط». وتذكّر الهاشم بأن أي زيادة ستحلّ كالكارثة على العائلات التي تعلّم ولدين أو أكثر في المدرسة.
من جهته، يرى المشرف التربوي الأب ميشال السبع أن «على المدارس أن تعضّ على الجرح»، محملاً وزارات التربية المتعاقبة مسؤولية انتهاج سياسة تربوية تقوم شيئاً فشيئاً على إلغاء المدرسة الخاصة المعدّة للطبقة المتوسطة، وتحويل القطاع التربوي الخاص إلى مدارس خاصة بالطبقة الغنية، وأخرى خاصة بالطوائف: «فأهالي الطلاب في المدارس المخملية لن يعترضوا مهما ارتفعت الأقساط، في حين تقوم بعض الدول بدعم المدارس الدينية على اختلاف طوائفها، وتبقى المدارس الخاصة الأخرى من دون أي دعم. وغالباً ما توضع تلك المدارس أمام خيارين: إما الاستمرار بما يفرضه عليها الواقع، أو توظيف كادر تعليمي لا يملك الخبرة المطلوبة، فتخسر مستواها». وينتقد السبع القانون 515 الذي لا يعترف بالحسومات التي تقدّمها المدارس لعدد من الطلّاب، ما يضطرها إلى «الدخول في زواريب» لتحصيل أموالها، مؤكداً أن لا خلاص للمشاكل التربوية «إلا بتحسين مستوى المدرسة الرسمية التي هي حقّ لكل عائلة تدفع ضرائبها».