تعيش طرابلس اليوم ما تخشى حلوله بقية المناطق في حال استمرّت حملات التعبئة والتعبئة المضادة مستعرّة بين الأطراف السياسية المختلفة في البلاد.
وليس الكلام عن فتنة، وتوتّر ينعكس جمودا في الشارع، وحوادث أمنية، وأضرارا تلحق بالناس وأرزاقهم، بمخاوف مستقبليّة في العاصمة الثانية، بل أضحى كل ذلك حقيقة يوميّة واقعة.
ويبدو الشللّ واضحا على الحركة الاقتصادية والتجارية في المدينة نهارا. وصار الأهالي يحجمون عن التنّقل مساء وليلا تحسّبا لأي طارئ.
ويتفق الطرابلسيون على أن «مدينة العلم والعلماء» لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الأعباء، ولا سيما الأمنية منها، في وقت تتطلع إلى أن توليها الحكومة رعاية خاصة عبر المشاريع التنموية، وليس عن طريق استخدامها من قبل بعض الأطراف لتوجيه الرسائل، أو كي تخوض حروبا جديدة بالنيابة عنها.
ولم يأت الخوف في طرابلس من فراغ. فقبل أيّام، أطلقت قذيفة «إنيرغا» عند مدخل جبل محسن، وألقيت قنبلة صوتية في مجرى نهر أبو علي، أعقبهما ظهور مسلح وتبادل للاتهامات. ثم تلى كل ذلك تنامي الشائعات عن عودة الأطراف المحليّة للتسلح، وعن حضور لمجموعات سلفية وأخرى أصولية على علاقة بتنظيم «القاعدة» إلى المنطقة.
وفي اليومين الماضيين، نشط عدد من الجمعيات في رفع اللافتات والصور «المستفزّة»، وكان آخرها صور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التي تضمنت عبارات مناهضة لزيارته إلى لبنان، الأمر الذي تزامن مع كلام عن أعمال شغب سوف تشهدها طرابلس يوم الزيارة احتجاجا عليها.
وتفاقم التوتر لدرجة دفعت الأطراف السياسية والأمنية للتحرك السريع للمساهمة في عودة الحياة «طبيعية» إلى مناطق التبانة والقبة وجبل محسن، والمناطق الأخرى، إلا أن عامل الخوف لا يزال مسيطرا على الجميع، خصوصا في ظل ما يشاع من أن سبب انحسار التوترات هو اقتراب موعد زيارة الرئيس الإيراني، التي ستليها جولات توتر جديدة سيكون للمدينة نصيب وافر منها.
مساع سياسيّة وأمنيّة
وعلمت «السفير» أن القصر الجمهوري أجرى سلسلة من الاتصالات الحاسمة مع الأجهزة المعنية مطالبا بنزع الصور واللافتات التي تتناول الرئيس الإيراني «على وجه السرعة» لأنه «ضيف الدولة اللبنانية وليس ضيف جهة حزبية معينة». كما عملت البلدية على إزالة بعض اللافتات والصور بناء على قرار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي.
وتتسارع المعالجات السياسية والأمنية على قاعدة أن «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، خصوصا أن جميع الأطراف المعنيين باتوا على قناعة راسخة، بأن أي فلتان أمني قد يحصل في شوارع العاصمة الثانية، معرّض بقوة للخروج عن السيطرة، وسترتدّ انعكاساته وتداعياته عليهم بالدرجة الأولى وعلى المدينة عموما التي تعاني أصلا من مشاكل اجتماعية ومعيشية بالغة الصعوبة.
وقام عدد من القيادات السياسية والحزبية بعقد سلسلة لقاءات مع الأطراف المعنيين للتأكيد أن «أمن طرابلس هو خط أحمر»، وأنه «من غير المسموح به أن تكون الفيحاء مكسر عصا وأرضا خصبة لتبادل الرسائل المتفجرة، إذ يكفيها ما عانته وما تعانيه».
واتفق الأطراف على ضرورة سحب فتائل التفجير من المدينة، الواحد تلو الآخر، بدءا من نفي مسألتي تهريب السلاح وتواجد عناصر للقاعدة في المدينة، وصولا إلى إزالة أسباب التوتر والاستفزاز.
وترافقت المساعي السياسية مع تدابير أمنية مشددة للجيش اللبناني في مناطق التوتر، حيث سيّر دوريات وأقام حواجز تفتيش عند مداخلها، وعزز مواقعه.
وبحسب المعلومات المتوفرّة لـ«السفير»، فقد أبلغ الجيش كل الأطراف المعنية بأنه «لن يتهاون مع أي مخل بالأمن وسيضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه العبث باستقرار المدينة أو إعادة جولات العنف إليها».
وجاء الموقف الأخير لقائد الجيش العماد جان قهوجي ليعطي دفعا قويا لتلك التدابير والإجراءات، وليمنح المدينة جرعة من الطمأنينة كانت بأمس الحاجة إليها.
وأصدر مفتي طرابلس والشمال مالك الشعّار إلى خطباء المساجد تعميما للتأكيد في خطب الجمعة أمس على التهدئة والدعوة إلى «التعقل والحكمة والحوار في التعاطي مع كل الأمور».
مواقف محليّة
لا ينفي مؤسس «الحركة السلفية» في طرابلس الشيخ داعي الإسلام الشهّال أن الوضع في طرابلس «حساس» وأن هناك «محاولات لإحداث جوّ من التوتّر يسودها، بحيث تتحولّ إلى متنفسّ للاحتقان السياسي».
ويقول الشهّال لـ «السفير» إن «الفتن شأنها خطير جدا ولا يمكن دائما السيطرة على النيران»، لافتا إلى أنها «ليست المرّة الأولى التي يحاول فيها البعض إلباس السلفيين القميص وجعلهم كبش محرقة. لكن هذا الأوان قد فات بإذن الله».
يضيف ان «السلفيين يدعون إلى التهدئة والى الحوار، ويدعون أصحاب المسؤولية السياسية والأمنية إلى حمل مسؤوليتهم والقيام بما يمليه عليهم الواجب والضمير».
ويقول الشهّال «نحن نتابع الأمور ونقوم بمسؤوليتنا الشرعية وهي رفع الظلم ودفع الظلم، والدعوة إلى الهدوء والحوار والعدل».
من جهتها، تتابع كتلة نواب طرابلس اجتماعاتها المفتوحة، وهي تعكف على إجراء سلسلة اتصالات مع مختلف الأطراف السياسية والحزبية والأجهزة الأمنية للوقوف على أوضاع المدينة من الناحية الأمنية وطمأنة المواطنين والتأكيد أن لا أساس لكل الشائعات التي يجري بثها هنا وهناك.
وعقد النائب محمد كبارة سلسلة اجتماعات مع عدد كبير من المسؤولين ومن القيادات السياسية والحزبية من مختلف الاتجاهات والانتماءات، مشيرا إلى انه «لمس من الجميع حرصا على وحدة المدينة وعدم الانجرار إلى أفعال تؤدي إلى تعكير أمنها وهدوئها ووحدة أبنائها وتفاعل أحيائها في مختلف المناطق، وخصوصاً بين القبة وجبل محسن والتبانة».
ويقول النائب كبارة: «نطمئن أبناء المدينة أولاً وندعوهم إلى نبذ الشائعات التي تهدف إلى التهويل وبثّ المخاوف التي تؤدي إلى تعطيل مسيرة الحياة، كما نطمئن أصحاب النيات الخبيثة ممن يروّجون للشائعات أن خطتهم مكشوفة ومفضوحة وأن المدينة واحدة موحدة».
بدوره، استغرب رئيس مجلس قيادة «حركة التوحيد الإسلامي» الشيخ هاشم منقارة ما أسماه «عودة بعض الطفيليات للظهور من جديد والتنظير بمنطق الفتنة الذي سبق وفشل في السابق، إلا أننا نرى أن دعم وتعويم هذه الحالات مجدداً لا ينسجمان مع مساعي درء الفتن الذي ينادي به الجميع في لبنان».
إلى ذلك، اعتبرت اللجان الأهلية في بيان أن «طرابلس العيش الواحد الكريم بين مختلف طوائفها تنبذ التطرف وتدعو إلى المحبة والسلام وترفض أن ينطق باسمها أصحاب الغايات الرخيصة في الوقت الذي تحتاج فيه المدينة إلى رص الصفوف الداخلية والمساهمة في تعزيز السلم الأهلي تجنباً للفتنة المذهبية التي يسعى إليها أصحاب المشاريع المشبوهة للنيل من وحدة اللبنانيين عموماً، والمسلمين خصوصاً».
وليس الكلام عن فتنة، وتوتّر ينعكس جمودا في الشارع، وحوادث أمنية، وأضرارا تلحق بالناس وأرزاقهم، بمخاوف مستقبليّة في العاصمة الثانية، بل أضحى كل ذلك حقيقة يوميّة واقعة.
ويبدو الشللّ واضحا على الحركة الاقتصادية والتجارية في المدينة نهارا. وصار الأهالي يحجمون عن التنّقل مساء وليلا تحسّبا لأي طارئ.
ويتفق الطرابلسيون على أن «مدينة العلم والعلماء» لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الأعباء، ولا سيما الأمنية منها، في وقت تتطلع إلى أن توليها الحكومة رعاية خاصة عبر المشاريع التنموية، وليس عن طريق استخدامها من قبل بعض الأطراف لتوجيه الرسائل، أو كي تخوض حروبا جديدة بالنيابة عنها.
ولم يأت الخوف في طرابلس من فراغ. فقبل أيّام، أطلقت قذيفة «إنيرغا» عند مدخل جبل محسن، وألقيت قنبلة صوتية في مجرى نهر أبو علي، أعقبهما ظهور مسلح وتبادل للاتهامات. ثم تلى كل ذلك تنامي الشائعات عن عودة الأطراف المحليّة للتسلح، وعن حضور لمجموعات سلفية وأخرى أصولية على علاقة بتنظيم «القاعدة» إلى المنطقة.
وفي اليومين الماضيين، نشط عدد من الجمعيات في رفع اللافتات والصور «المستفزّة»، وكان آخرها صور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التي تضمنت عبارات مناهضة لزيارته إلى لبنان، الأمر الذي تزامن مع كلام عن أعمال شغب سوف تشهدها طرابلس يوم الزيارة احتجاجا عليها.
وتفاقم التوتر لدرجة دفعت الأطراف السياسية والأمنية للتحرك السريع للمساهمة في عودة الحياة «طبيعية» إلى مناطق التبانة والقبة وجبل محسن، والمناطق الأخرى، إلا أن عامل الخوف لا يزال مسيطرا على الجميع، خصوصا في ظل ما يشاع من أن سبب انحسار التوترات هو اقتراب موعد زيارة الرئيس الإيراني، التي ستليها جولات توتر جديدة سيكون للمدينة نصيب وافر منها.
مساع سياسيّة وأمنيّة
وعلمت «السفير» أن القصر الجمهوري أجرى سلسلة من الاتصالات الحاسمة مع الأجهزة المعنية مطالبا بنزع الصور واللافتات التي تتناول الرئيس الإيراني «على وجه السرعة» لأنه «ضيف الدولة اللبنانية وليس ضيف جهة حزبية معينة». كما عملت البلدية على إزالة بعض اللافتات والصور بناء على قرار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي.
وتتسارع المعالجات السياسية والأمنية على قاعدة أن «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، خصوصا أن جميع الأطراف المعنيين باتوا على قناعة راسخة، بأن أي فلتان أمني قد يحصل في شوارع العاصمة الثانية، معرّض بقوة للخروج عن السيطرة، وسترتدّ انعكاساته وتداعياته عليهم بالدرجة الأولى وعلى المدينة عموما التي تعاني أصلا من مشاكل اجتماعية ومعيشية بالغة الصعوبة.
وقام عدد من القيادات السياسية والحزبية بعقد سلسلة لقاءات مع الأطراف المعنيين للتأكيد أن «أمن طرابلس هو خط أحمر»، وأنه «من غير المسموح به أن تكون الفيحاء مكسر عصا وأرضا خصبة لتبادل الرسائل المتفجرة، إذ يكفيها ما عانته وما تعانيه».
واتفق الأطراف على ضرورة سحب فتائل التفجير من المدينة، الواحد تلو الآخر، بدءا من نفي مسألتي تهريب السلاح وتواجد عناصر للقاعدة في المدينة، وصولا إلى إزالة أسباب التوتر والاستفزاز.
وترافقت المساعي السياسية مع تدابير أمنية مشددة للجيش اللبناني في مناطق التوتر، حيث سيّر دوريات وأقام حواجز تفتيش عند مداخلها، وعزز مواقعه.
وبحسب المعلومات المتوفرّة لـ«السفير»، فقد أبلغ الجيش كل الأطراف المعنية بأنه «لن يتهاون مع أي مخل بالأمن وسيضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه العبث باستقرار المدينة أو إعادة جولات العنف إليها».
وجاء الموقف الأخير لقائد الجيش العماد جان قهوجي ليعطي دفعا قويا لتلك التدابير والإجراءات، وليمنح المدينة جرعة من الطمأنينة كانت بأمس الحاجة إليها.
وأصدر مفتي طرابلس والشمال مالك الشعّار إلى خطباء المساجد تعميما للتأكيد في خطب الجمعة أمس على التهدئة والدعوة إلى «التعقل والحكمة والحوار في التعاطي مع كل الأمور».
مواقف محليّة
لا ينفي مؤسس «الحركة السلفية» في طرابلس الشيخ داعي الإسلام الشهّال أن الوضع في طرابلس «حساس» وأن هناك «محاولات لإحداث جوّ من التوتّر يسودها، بحيث تتحولّ إلى متنفسّ للاحتقان السياسي».
ويقول الشهّال لـ «السفير» إن «الفتن شأنها خطير جدا ولا يمكن دائما السيطرة على النيران»، لافتا إلى أنها «ليست المرّة الأولى التي يحاول فيها البعض إلباس السلفيين القميص وجعلهم كبش محرقة. لكن هذا الأوان قد فات بإذن الله».
يضيف ان «السلفيين يدعون إلى التهدئة والى الحوار، ويدعون أصحاب المسؤولية السياسية والأمنية إلى حمل مسؤوليتهم والقيام بما يمليه عليهم الواجب والضمير».
ويقول الشهّال «نحن نتابع الأمور ونقوم بمسؤوليتنا الشرعية وهي رفع الظلم ودفع الظلم، والدعوة إلى الهدوء والحوار والعدل».
من جهتها، تتابع كتلة نواب طرابلس اجتماعاتها المفتوحة، وهي تعكف على إجراء سلسلة اتصالات مع مختلف الأطراف السياسية والحزبية والأجهزة الأمنية للوقوف على أوضاع المدينة من الناحية الأمنية وطمأنة المواطنين والتأكيد أن لا أساس لكل الشائعات التي يجري بثها هنا وهناك.
وعقد النائب محمد كبارة سلسلة اجتماعات مع عدد كبير من المسؤولين ومن القيادات السياسية والحزبية من مختلف الاتجاهات والانتماءات، مشيرا إلى انه «لمس من الجميع حرصا على وحدة المدينة وعدم الانجرار إلى أفعال تؤدي إلى تعكير أمنها وهدوئها ووحدة أبنائها وتفاعل أحيائها في مختلف المناطق، وخصوصاً بين القبة وجبل محسن والتبانة».
ويقول النائب كبارة: «نطمئن أبناء المدينة أولاً وندعوهم إلى نبذ الشائعات التي تهدف إلى التهويل وبثّ المخاوف التي تؤدي إلى تعطيل مسيرة الحياة، كما نطمئن أصحاب النيات الخبيثة ممن يروّجون للشائعات أن خطتهم مكشوفة ومفضوحة وأن المدينة واحدة موحدة».
بدوره، استغرب رئيس مجلس قيادة «حركة التوحيد الإسلامي» الشيخ هاشم منقارة ما أسماه «عودة بعض الطفيليات للظهور من جديد والتنظير بمنطق الفتنة الذي سبق وفشل في السابق، إلا أننا نرى أن دعم وتعويم هذه الحالات مجدداً لا ينسجمان مع مساعي درء الفتن الذي ينادي به الجميع في لبنان».
إلى ذلك، اعتبرت اللجان الأهلية في بيان أن «طرابلس العيش الواحد الكريم بين مختلف طوائفها تنبذ التطرف وتدعو إلى المحبة والسلام وترفض أن ينطق باسمها أصحاب الغايات الرخيصة في الوقت الذي تحتاج فيه المدينة إلى رص الصفوف الداخلية والمساهمة في تعزيز السلم الأهلي تجنباً للفتنة المذهبية التي يسعى إليها أصحاب المشاريع المشبوهة للنيل من وحدة اللبنانيين عموماً، والمسلمين خصوصاً».