جمع المخرج جمال شورجه كلاً من يوسف الخال، وكندة علّوش، وباسم مغنية، ونسرين طافش، وبيار داغر وكارمن لبّس، لتصوير فيلم يروي قصة قرية جنوبية خلال عدوان تموز. الشريط الذي ينزل إلى الصالات اللبنانية في الصيف، شهد انسحاب حنان ترك بحجة أنّه «أداة ترويج للسياسة الإيرانيّة»
سماء الجنوب تمطر قذائف إسرائيليّة بعد قيام «حزب الله» بأسر اثنين من جنود الاحتلال في تموز (يوليو) 2006. هذه الأحداث يستعيد بعضاً من ملامحها فيلم «جنوب السماء» الذي كتبه علي دادرس من إيران وهادي قبيسي من لبنان، بالتعاون مع لجنة استشارية لبنانية اختصاصية في تعريف فريق العمل إلى تاريخ المقاومة وخصائص المجتمع اللبناني وأحداث عدوان تموز، وتفاصيل أخرى عن الجيش الإسرائيلي. العمل من إخراج جمال شورجه وإنتاج مشترك بين شركة الإنتاج الإيرانيّة «فدك»، والشركة المنفذة للإنتاج «ريحانة غروب».
يتألف فريق العمل من 70 شخصاً، يقفون خلف الكاميرا ويهتمون بأدق التفاصيل لجهة الصورة، والإضاءة، وحركة الكاميرا، وإدارة الممثلين، والماكياج المناسب لسكان قريّة جنوبيّة.
في مواقع التصوير، ليس مستغرباً أن تجد آليات للجيش اللبناني وبعض عناصره. وفي المقابل، صنعت الجهة المنتجة هياكل ومجسمات لدبابات ميركافا إسرائيلية، ثم أحدثت تفجيرات نفذها فريق من الاختصاصيين الإيرانيين، وصولاً إلى تشييد مبان ووحدات سكنية على مساحة 5000 متر مربّع، بدأ العمل على بنائها مع انطلاق الإعداد للفيلم، في مطلع حزيران (يونيو) الماضي. واستُخدمت منازل المواطنين التي فُتحت أمام صنّاع الفيلم والممثلين، وتبرّع كثيرون منهم للوقوف ككومبارس في بعض المشاهد التي تتطلب جماهير غفيرة. وتوزع التصوير بين مناطق جنوبيّة مختلفة منها عدلون، وأنصارية ومليتا، حيث صوّرت المشاهد في مغارة المتحف. كذلك تحوّلت مدرسة برج رحال الرسمية إلى ثكنة عسكرية إسرائيلية، وانتشر فيها الممثّلون بملابس عسكرية إسرائيلية.
يتوخى المخرج جمال شورجه الدقّة في نقل الصورة، ولا يواجه صعوبة كبيرة في تقديم صورة تشبه الواقع، لكونه اعتاد تنفيذ أفلام تحكي عن المقاومة والمقاومين. يوضح أن «السنوات الثماني التي عشتها في إيران في ظل الحرب، أجبرتني على المحاربة، كذلك فإن تجربتي السينمائيّة بدأت في تلك المرحلة، ما دفعني إلى تنفيذ أفلام ومسلسلات عنها»، يقول لـ«الأخبار». وهذا ربما ما جعل كل أعماله السينمائية والتلفزيونية تحمل طابع المقاومة والحرب والنتائج المترتبة عليها.
ليس سهلاً الحصول على أي جواب من المخرج من دون وسيط. المترجمة زينب حمادة التي ترجمت النص من الفارسية إلى العربيّة قبل أن تعاد كتابته مجدداً، تولّت ترجمة أسئلة «الأخبار» وأجوبة المخرج. يتحدث شورجه بحماسة عن فيلم نفّذه في إنكلترا، وكان بطله أحد المحاربين المصابين في الحرب العراقية ـــــ الإيرانية. كذلك يذكر شريطاً آخر نفّذه ورصد خلاله محاولات إسرائيل المتكررة لتجنيد أحد الشبان الإيرانيين وسرقة الآثار من طهران ونقلها إلى الخارج.
الحماسة نفسها يعيشها شورجه اليوم أثناء تنفيذ فيلمه الحالي «جنوب السماء»، مؤكداً أنه لا يجد فارقاً بين لبنان المقاومة وإيران، «وخصوصاً أن جنوب لبنان بالتحديد هو الخط الأول للجهاد الإسلامي والحرب ضد إسرائيل».
يحكي الفيلم قصّة صمود القرى الجنوبيّة في وجه إسرائيل، وهي مستوحاة من قصّة حقيقيّة حصلت فعلاً مع إحدى العائلات. وتنطلق الأحداث من عيتا الشعب، القريّة الجنوبيّة التي رزح أهلها ومقاوموها تحت القصف الإسرائيلي مدة 33 يوماً، وأصابها الدمار والخراب وظلت تقاوم حتى انتهاء العدوان في 14 آب (أغسطس) 2006.
تبدأ الحكاية بعرس يوسف (يوسف الخال) ونسرين (كندة علّوش) الذي عاقه أسر الجنديين وبداية القصف على لبنان، ثم حكاية محمد (باسم مغنية) وزوجته الحامل حنان (نسرين طافش). وكان محمد ويوسف قد انخرطا في صفوف المقاومة للوقوف في وجه القائد الإسرائيلي الحاقد آفي (بيار داغر) الذي كان مسؤولاً عن قيادة المنطقة قبيل الانسحاب وتحرير الجنوب والبقاع الغربي عام 2000. ومع اندلاع حرب تموز، يعود هذا القائد الذي ألحق الأذى بالقرية أيام الاحتلال، فيقتل زوج أم عباس (كارمن لبّس) وابنها، ويعذّبها أشدّ تعذيب. هكذا يتاح لسكان القرية الانتقام منه عند دخوله عيتا الشعب عام 2006.
ورغم كثرة الشركات الإيرانية التي نفّذت أفلاماً سينمائيّة في لبنان، يؤكد مدير الإنتاج علاء قبيسي أن «هذا الفيلم هو الأنضج بين كل التجارب، لافتاً إلى أن رئيس نقابة السينمائيين في إيران تورَج منصوري هو مدير التصوير هنا، ومثله مدير الإضاءة الذي يطالب بإعادة أي مشهد لمجرد وجود فارق بسيط ـــــ تصعب ملاحظته ـــــ عن الذي سبقه، سعياً للوصول إلى الصيغة الأفضل». يذكر أن تصوير الشريط ينتهي قبل نهاية الشهر الحالي، على أن يعرض في الصالات اللبنانية بحلول شهر حزيران (يونيو) 2011.
لماذا اعتذرت حنان؟
يبدو أن حنان ترك اختارت الابتعاد عن كل الأعمال التي قد تسبّب لها المشاكل داخل مصر أو خارجها. هكذا، اعتذرت النجمة المصريّة عن عدم قيامها بدور حنان الذي رُشّحت له في «جنوب السماء»، وأبدت حماستها له منذ البداية. وقبل ساعات من موعد التصوير، فاجأت الشركة المنتجة «ريحانة غروب» باعتذار غير مذيّل بالأسباب. غير أن مصدراً مطّلعاً أكد أنّ اعتذار ترك جاء بسبب الضغوط التي تعرضت لها في القاهرة. وكانت صحيفة «روز اليوسف» قد نشرت مقالةً وصفت فيها الفيلم بأنه «أداة للترويج للسياسة الإيرانيّة وللطائفة الشيعيّة». وأضاف المصدر أنه ينبغي لتُرك توضيح سبب اعتذارها منعاً للشائعات.