أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

نجاد في لبنان: ضيف استثنائي ... في لحظة استثنائية

الأربعاء 13 تشرين الأول , 2010 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,900 زائر

نجاد في لبنان: ضيف استثنائي ... في لحظة استثنائية
هذه هي قاعدتنا في التعامل مع شعوب المنطقة وهذا هو مشروعنا ولا نخجل من حمل راية المقاومة».
انطلاقا من هذه المعادلة الواضحة، يصبح التعامل الإيراني مع لبنان، «من دولة إلى دولة.. لكن دولة مقاومة بشعبها وجيشها ومقاومتها ومؤسساتها. أصل وجود المقاومة هو عنصر اطمئنان. نحن صرفنا مئات ملايين الدولارات لدعم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.. وأين؟ في أميركا اللاتينية، فكيف الحال مع شعب تجمعنا به الثقافة والجوار والعاطفة والمصالح والتاريخ والمستقبل»؟
عندما كانت أسرة بهلوي على رأس السلطة في إيران، وخاصة في زمن الشاه محمد رضا بهلوي، كانت إيران تسمى «شرطي الخليج». وكان أغلب العرب المعتدلين، يقبل بفارسية الخليج العربي. ايران وقتذاك كانت اسرائيلية أكثر من اسرائيل وأميركية أكثر من الأميركيين، وكان «السافاك» يسرح ويمرح في لبنان، بعلم السلطة، سعيا لزج المعارضين للنظام الايراني في السجون.. لذلك ربما كان الكثيرون يعتبرون ايران جارة وصديقة ودولة وامبراطورية وحضارة... الخ.
أما أن تكون ايران رأس حربة القوى المنتصرة لفلسطين والمقاومة في لبنان، وعلى أية أرض عربية، في مواجهة المعتدي الاسرائيلي، وأما أن تكون ايران دولة ذات نفوذ ومكانة علمية واقتصادية وسياسية وعسكرية ونووية، فإن ذلك يزعج خاطر واشنطن ومعها بالتأكيد تل أبيب.. لذلك كان لا بد من التأديب وتدفيع ايران الثورة ثمن خياراتها الاستراتيجية الكبرى في المنطقة.
لو كان شاه ايران حيا وحل ضيفا على بيروت، لما اكفهرت وجوه كثيرة في المنطقة، أما أن الضيف أحمدي نجاد، فقد تداخلت الحسابات، ولذلك، راح الاسرائيليون والأميركيون يهددون ويشوشون.. حتى صوروا الزيارة كأنها لحظة بداية مشهد دراماتيكي يبدأ مع الزيارة ولا أحد يدري كيف ستكون النهاية، خاصة عند عتبات الحدود مع فلسطين المحتلة.
وإذا كان الايرانيون مقتنعين بأن اسرائيل «أوهن من أن تقدم على مغامرة من نوع المس بأي مواطن ايراني، فكيف برئيسها»، فإن المسألة تتعدى حدود الاستشهاد بحد ذاته.. وخير دليل على ذلك ما نقل عن أحمدي نجاد، عشية توجهه الى بيروت، عندما كان البعض يتحدث أمامه عن «التحديات الأمنية» فأجاب مستهزئا: «هم لا يعرفون أن أغلى أمنية عندي هي أن أموت شهيدا، وأنا جاهز نفسيا لذلكّ».
يصل الرئيس احمدي نجاد حاملاً معه خطاباً سياسياً منفتحا على الخصوصيات اللبنانية ومتفهما لها، وصلبا في عدائه لإسرائيل ودعمه للمقاومة. سيداري من تجب مداراتهم وخاصة حلفاء المقاومة، من الأطياف اللبنانية كافة.
ومستفيدا من وجوده على تخوم الحدود مع فلسطين المحتلة، سيشدد نجاد على ان العرب والمسلمين، بمختلف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية، يتعرضون لخطر واحد هو الخطر المتأتي عن وجود الكيان الإسرائيلي المحتل
في قلب الأمة، مدعوما من الولايات المتحدة الاميركية، كما سينبه الى الفتن التي يثيرها أعداء الامة وضرورة التصدي لها. وسيبدي استعداد ايران لتسليح الجيش اللبناني، وتقديم كل ما يلزم من أجل تدعيم صمود المواطنين في المناطق الحدودية المتاخمة لفلسطين.
وتعبيرا عن رمزية الشهيد المقاوم عماد مغنية، ستكون هناك محطة لنجاد عند ضريحه، ومن غير المستبعد أن يبادر الى زيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان أول رئيس حكومة لبنانية يزور إيران في العام 1997 فاتحاً الطريق أمام توطيد أواصر التعاون بين البلدين، وصولا الى ابداء استعداده لتوفير قطع غيار للطائرات الايرانية والدخول في مشاريع كبرى تتعلق بالطاقة وغيرها.. وذلك قبل أسابيع قليلة من استشهاده.
آفاق اقتصادية
ويشكل الجانب الاقتصادي بُعدا حيويا في زيارة نجاد للبنان، التي تم تمديدها مبدئيا حتى يوم الجمعة، حيث يترقب الخبراء الاقتصاديون أن تنعكس إيجابا على الحراك الاقتصادي والتجاري بين البلدين، من خلال مساهمتها في إزالة المعوقات المسببة لضعف التبادل وتواضعه.
البداية كانت مع مذكرة التفاهم الموقعة بين وزيري الطاقة الايراني واللبناني بقيمة 450 مليون دولار من القروض الايرانية الميسرة، وتتمتها ستتمثل باعلان أحمدي نجاد «عن أمر مهم جدا في موضوع الطاقة والكهرباء»، وكذلك ابداء استعداد ايران لمبادرة في موضوع التنقيب عن النفط في السواحل اللبنانية ومد شبكة غاز تجعل لبنان مرتبطا بالشبكة الاقليمية الآسيوية.
وتراهن شريحة واسعة من رجال الاعمال على دفع «العجلة» الى الأمام، إذا لحظت الاتفاقيات التي ستوقع مع إيران، الإمكانيات التي تتمتع بها القطاعات المختلفة في لبنان، فضلا عن تفعيل عمل مجلس الأعمال المشترك اللبناني ـ الإيراني، وتطوير حجم الاستيراد للمنتجات اللبنانية، وجعلها متوافرة أمام المستهلك الإيراني.
وقد أطلق الوفد الإيراني التجاري والاقتصادي خلال لقاءاته مع رجال الأعمال في بيروت أمس الأول، رسائل واضحة تعكس الرغبة الايرانية في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفتح آفاق جديدة وواسعة أمامها، ولعل ابلغ هذه الرسائل تمثل في تأكيد نائب وزير التجارة رئيس منظمة التنمية التجارية في إيران بابك افقهي ضرورة «أن يرتفع الاستيراد من لبنان ليصل إلى 90 في المئة، إذ هو الآن دون الـ 10 في المئة»، مبديا استعداد بلاده لان تكون حلقة وصل بين الاغتراب اللبناني في أفريقيا ولبنان عبر تسهيل حركة الاستيراد والتصدير.
وقال رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير لـ«السفير» إن أبرز مجالات التعاون مع إيران ترتبط في المرحلة الأولى بتوسيع حجم التبادل التجاري بين البلدين، خصوصاً أن الحجم الحالي للتبادل لا يزيد على 100 مليون دولار، إذ يبلغ إجمالي صادرات إيران إلى لبنان حوالى 40 مليون دولار، فيما إجمالي صادرات لبنان إلى إيران يبلغ حوالى 48 مليون دولار.
أما أهم المطالب اللبنانية فتتركز، بحسب شقير، حول إنشاء منطقة تجارية حرة بين البلدين، وإلغاء القيود الجمركية والسماح بدخول كل السلع والبضائع.
اتصال نجاد ـ عبد الله
وقبل ساعات من وصوله الى بيروت، أجرى الرئيس نجاد اتصالا هاتفيا بالملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، هو الاول من نوعه بينهما منذ فترة طويلة.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية انه جرى خلال الاتصال بحث العلاقات الثنائية بين البلدين واستعراض مجمل الأوضاع في المنطقة.
كما اجرى نجاد اتصالا مماثلا بالملك الاردني عبد الله الثاني .
ورجحت مصادر دبلوماسية بارزة في بيروت أن يكون تمديد زيارة نجاد حتى يوم الجمعة مرتبطاً بوصول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى بيروت في اليوم نفسه، حيث من المتوقع عقد لقاء لبناني ـ إيراني ـ تركي قد يكون موضوع القرار الظني والمخارج المطروحة أحد أبرز عناوينه.
يذكر أن مصادر حزبية لبنانية أشارت إلى زيارة يقوم بها الرئيس التركي عبد الله غول إلى بيروت «في المستقبل القريب».
في هذه الاثناء، قال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان ان من حق لبنان ان يقيم علاقة مع من يريد، معتبرا في مقابلة مع محطة «العربية» ان الزيارة رسمية وهي جاءت بناء لدعوة الرئيس اللبناني. كما أعربت فرنسا عن عدم قلقها من زيارة احمدي نجاد الى لبنان، وأشارت مساعدة الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستين فاجيس الى ان باريس لا تتخوف منها، فهي زيارة من رئيس دولة الى دولة اخرى ولا داعي للقلق.
وردا على سؤال عما إذا كانت الاجتماعات التي عقدت بين رجال الاعمال الايرانيين مع نظرائهم العرب ولا سيما اللبنانيين في بيروت تشكل خرقا للعقوبات الدولية المفروضة على ايران، أكدت فاجيس ان «موضوع العقوبات على ايران شيء والاتفاقات الثنائية شيء آخر»، موضحة ان «فرنسا لا تبدي قلقا ازاء هذا النوع من الاجتماعات».
استمرار التشويش الإسرائيلي
في هذه الاثناء، واصلت اسرائيل التشويش على زيارة نجاد، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية ييغال بالمور ان اللبنانيين يجب ان يكونوا أول من يدرك التداعيات الشديدة لهذه الزيارة على بلدهم، وأضاف: عندما يُنسب الى أحمدي نجاد ان لبنان يشكل حدود إيران مع إسرائيل، يصبح على العالم العربي ان يدرك اللهجة العدوانية للرئيس الايراني.
وأشارت الصحيفة الى أنه تم خلال الأيام الأخيرة نقل إنذارات من طهران إلى جهات أمنية واستخبارية مسؤولة في بيروت تحذّر من «نشاط شاذّ» من جانب إسرائيل في لبنان بهدف إجهاض زيارة نجاد لدرجة القيام بمحاولة لاغتيال نجاد و(السيد) حسن نصر الله.
وذكرت الصحيفة انه في أعقاب هذه الإنذارات تم تعزيز طوق الحماية حول الرئيس الايراني، فيما أوضح الإيرانيون أنهم دون سواهم سيتولون مهمة حماية وحراسة نجاد خشية ان يتمكن جهاز «الموساد» الاسرائيلي من دسّ عملاء في صفوف أجهزة الأمن اللبنانية.
تحركات معادية
وعشية زيارة نجاد التي ستشمل الجنوب، رُصدت خلال الساعات الـ 24 الماضية، تحركات غير عادية لجيش الاحتلال الإسرائيلي على تخوم مزارع شبعا المحتلة وبلدتي شبعا وكفرشوبا، والخط الحدودي في القطاع الشرقي، خصوصا في المحور المحاذي للوزاني ـ الغجر ـ العباسية ـ المجيدية وبمحاذاة السياج الشائك قرب بركة النقار. ونفذ جيش الاحتلال خلال ساعات فجر امس، مناورة بالذخيرة الحية داخل الطرف الجنوبي للمزارع لمدة 3ساعات، استُعملت خلالها مختلف انواع الأسلحة.

Script executed in 0.19045495986938