بنت جبيل :
حين راح رئيس الجمهورية الإسلامية يصرخ بلكنته الايرانية مكرراً اسم المدينة العاملية، مرةً بعد مرة، كانت بنت جبيل تؤكد أنها رُسّخت واحدة من عواصم الشيعة السياسية.
بنت جبيل، في يومها الطويل المشهود، وقفت أمس، لا لتسلم محمود أحمدي نجاد مفتاحها، بل لتنال بوجوده اعترافاً بأهمية رمزيتها، وتقدمت على سابقاتها في احتضان الحراك بصفته الشيعية، بدءاً من صور وإمام «المحرومين» الذي غُيّب مصيره، إلى بعلبك التي حضنت الشبان الملتحين المجهولين الذين بنوا حزباً مؤمناً بكل حرف من حروف الثورة الاسلامية الخمينية، إلى بئر العبد وحارة حريك والضاحية الخزّان البشري.
لبنت جبيل قدرها وكانت ذروته حلول الرئيس الايراني فيها، هو الذي يبدو كأنه الآن يعيش الايام الاولى من انتصار الثورة. المدينة التي باتت رديفاً للتحرير، سحقت سحقاً بعد ست سنوات، لكنها لم تسقط فباتت رمزاً ثانياً للصمود وللانتصار، كانت البارحة على موعد ثالث مع اكتمال العقد الشيعي، ذاك الذي يبدأ في لبنان مع السيد موسى الصدر، ويذهب إلى ايران حيث الامامان الخميني والخامنئي، ليعود إلى شهداء حزب الله، قادته، الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي ومصطفى شمران وعماد مغنية، وصولاً إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ورئيس حركة أمل نبيه بري. هؤلاء رفعت صورهم في الجهة المقابلة للمنصة، في آخر الملعب. هم صور الطائفة المرفوعة في ساحات قراها ومدنها وشوارعها، اضيف إليهم رئيس الجمهورية الضيف، وغاب عنهم السيد محمد حسين فضل الله، وقد كان من كان في هذه السيرة الطويلة لحزب الله الذي قرر مرة جديدة أن يتحدى اسرائيل ليس من بنت جبيل، بل بها، مضيفاً إلى السيرة الذاتية للمدينة أن ألد أعداء اسرائيل أطلق من المدينة المزعجة نفسها يقينه بأنها ستزول.
هذا الرجل الرئيس يبدو كمن يحاول اشغال اقل قدر ممكن من الفضاء المحيط به، غمره التأثر من شدة الترحيب الذي فاض على بنت جبيل وضاقت به شوارعها وملعبها وأسطح مبانيها المطلة على الملعب الممتلئ عن آخره بنساء إلى جهة ورجال إلى جهة أخرى، وإضافة إلى مدرج حشر على صفوفه ثلاثة آلاف فتى بلباس كشافة المهدي أتوا من مناطق الجنوب فقط، في رقم يدل على حجم هذا الكشاف وحده، وعلى الاعداد المحتملة لكشفييه الذين سيصيرون حزبيين في مرحلة لاحقة من حيواتهم. قرر مبادلة الحب بأكثر، وألقى خطاباً حماسياً تلقفه جمهور بالانفعال الملائم، محولاً التحية، «خوش آمديد» وقد حفظنا جميعاً انها تعني أهلا وسهلاً، إلى ما يشبه الهتاف «بالروح والدم» لرجل يمثل بلداً يرون فيه سندهم وأخاهم الكبير النووي، ولرجل مهد قائدهم السيد حسن نصر الله بخبرته في مخاطبتهم لمجيئه، ورفع من تأهبهم لملاقاته، حتى بات أمر استقباله ومواكبته والهتاف له كيفما أطل، واجباً، من صباح المطار الباكر، إلى ليل الضاحية الحاشد، إلى شمس بنت جبيل التي سطعت فوق رؤوس انتظارهم لساعات، هم الآتون من المحيط الجنوبي كله، حتى سقط منهم عشرات المغمى عليهم من الاعياء.
وبنت جبيل التي ظنت أنها تحضرت للنهار المشهود فوجئت على ما يبدو بيوم شعبي وإعلامي بدت على سعادتها به، غير مستعدة لمثله. فالاعلاميون غزوا مبكرين المكان المخصص لهم بالقرب من مستشفى صلاح غندور في صف الهوا بالعشرات، من كل الجنسيات ووسائل الاعلام. ومع اجهزة عملهم الالكترونية الكثيرة، يجب أن تخضع لتفتيش دقيق، ومع اصرار المنظمين على ايصالهم مع آلاتهم بعد تفتيشها، بالباصات إلى المنصة في الملعب البعيد، عانى هؤلاء الامرين من الانتظار الطويل أمام المكتب الاعلامي ثم في انتظار باصات عالقة في الشوارع، ثم في الطريق المزدحم بشدة إلى أرض الاحتفال. هذا عدا عن ذهول المنظمين من حزب الله وجنود ورتباء وضباط الجيش اللبناني الذين لم يستطيعوا التحكم بتحريك الحشود العابرة في شوارع المدينة على الاقدام إلى مبتغاها، تزاحمها سيارات وباصات أهالي شهداء حزب الله الذين يوليهم اهتمامه الخاص، اضافة بالطبع إلى ضيوف شرفه.
سوق المدينة المزدانة شوارعها وأسقفها بمثلثات الزينة الحمراء والخضراء والبيضاء كانت جديدة ونضرة، وجزءاً من مدينة تمضي في طريقها لأن تكون واحدة أخرى مختلفة تماماً عن التي كانت قبل 12 تموز 2006. محلات بقالتها ومطاعمها عاشت أحلى ساعاتها والناس يتدافعون بالمناكب على انواع الطعام والشراب. وبعدما أكثرت من شكر قطر، حتى رسخت الشكر على قرميد أحد مبانيها الكبيرة، قررت أن تشكر إيران بالقرميد نفسه، فغطت قطر، مؤقتاً، بالعلم الإيراني. الناس الذين أموا الملعب، ظلوا على حماستهم نفسها، تحت شمس قاسية راحت تخفف من قسوتها والوقت يمر ونجاد يتأخر عن الوصول. الأناشيد حمستهم. هذه الأناشيد التي خلطت الحديث، يغني أحمدي نجاد، بتلك الانغام الموسيقية التي تعود إلى الثمانينيات كانت أول ما اصغى إليه مفتوناً شباب بدايات حزب الله. الصوت الآخر الذي لعب الدور الاكبر في التخفيف عنهم، كان الزميل حيدر دقماق، المسؤول الاعلامي في منطقة الجنوب. مذيع الاخبار في «المنار» أحياناً، طوّع صوته الجهوري، ولغته الجميلة المختلفة في اسلوبها عن عادات عريفي الاحتفالات في ابقاء جمهوره متحفزاً وصارخاً. دقماق الذي لم ترهبه جدية المنبر ظل على روح مرحة، تحيي الرئيس ليس بالفارسية فحسب، بل بالانكليزية والفرنسية والارمنية، وصولاً إلى العربية وأخيرا الجنوبية التي أتقن قولها وبدت الاحلى، ناسياً التركية فقط، ولها ما لها من شعبية. دقماق التقط خيط معنى الدخول العميق لنجاد في بنت جبيل. «أهلا بالرئيس العالمي الاستثنائي وليموتوا في غيظهم في تل أبيب. هذا الجنوب يخرج إليك بجلباب العز». خرج الجنوب إلى نجاد إذاً بعدما مر دقماق على معظم الآباء المؤسسين، في إيران وهنا.
الجمهور في بنت جبيل متنوع الاعمار والتجارب والفهم والانتماء السياسيين، غير ان كثراً، استعادوا أياماً عتيقة لحزب الله باتت حنيناً، ليس في هذه المدينة وقد كانت الراية الصفراء فيها قبل عشر سنوات تهمة قاتلة، فإذا بها اليوم تغطي معظم سمائها وتغيّر وجهها تماماً. الاحتفاء بالثورة الاسلامية الايرانية في بنت جبيل، بشخص هذا الرئيس بالتحديد، في شهر نال نصيبه من التوقع بأن حرباً اسرائيلية ستقع، اسباب اخرى للفهم بأن الحزب يتحدى بشدة، مرتاحاً إلى أن تحية الجنوبيين لنجاد ستكون كما يريد: صوره المرفوعة بالآلاف على الطرق. الحضور بعشرات الآلاف. الهتاف الهستيري لخروجه إلى المنبر، والتفاعل اللحظوي مع خطابه. آلاف البالونات بألوان العلمين اللبناني والايراني، تطير جنوباً. لم يعد هناك إلا أن ينزل الرجل ليتمشى في أزقة بنت جبيل، ويجلس لشرب الشاي امام بيت من بيوتها، مدردشاً مع اصدقائه، حول قناعته الراسخة بأن اسرائيل زائلة، رسوخ قناعته بأن الامام المهدي سيظهر، وربما، من يدري، على إحدى هذه الهضاب هنا.
غادر الضيف كما أتى، من دون ان يعرف الموجودون في الملعب كيف. هم سيخرجون مشياً بالطبع. لأكثر من ساعة، ستطبق بنت جبيل على ازدحامها. يحل الليل على المدينة وقد انقطعت الكهرباء. الناس يزيلون عن العتمة وحشتها، والمدينة تستمتع ببرودة مسائها. بعد قليل يغادرها كل ضيوفها وتنام. تكون أضافت يوماً آخر مشهوداً وكبيراً إلى دفتر يومياتها. تراه رصيداً يكبر. وترى الرمز الذي هي عليه يتجذر. كذلك يفعل عدوها القريب... يسجل أن حسن نصر الله تحداه في الألفين وأحمدي نجاد بعد عقد من الزمن. من الساحة نفسها. من المدينة نفسها.
حين راح رئيس الجمهورية الإسلامية يصرخ بلكنته الايرانية مكرراً اسم المدينة العاملية، مرةً بعد مرة، كانت بنت جبيل تؤكد أنها رُسّخت واحدة من عواصم الشيعة السياسية.
بنت جبيل، في يومها الطويل المشهود، وقفت أمس، لا لتسلم محمود أحمدي نجاد مفتاحها، بل لتنال بوجوده اعترافاً بأهمية رمزيتها، وتقدمت على سابقاتها في احتضان الحراك بصفته الشيعية، بدءاً من صور وإمام «المحرومين» الذي غُيّب مصيره، إلى بعلبك التي حضنت الشبان الملتحين المجهولين الذين بنوا حزباً مؤمناً بكل حرف من حروف الثورة الاسلامية الخمينية، إلى بئر العبد وحارة حريك والضاحية الخزّان البشري.
لبنت جبيل قدرها وكانت ذروته حلول الرئيس الايراني فيها، هو الذي يبدو كأنه الآن يعيش الايام الاولى من انتصار الثورة. المدينة التي باتت رديفاً للتحرير، سحقت سحقاً بعد ست سنوات، لكنها لم تسقط فباتت رمزاً ثانياً للصمود وللانتصار، كانت البارحة على موعد ثالث مع اكتمال العقد الشيعي، ذاك الذي يبدأ في لبنان مع السيد موسى الصدر، ويذهب إلى ايران حيث الامامان الخميني والخامنئي، ليعود إلى شهداء حزب الله، قادته، الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي ومصطفى شمران وعماد مغنية، وصولاً إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ورئيس حركة أمل نبيه بري. هؤلاء رفعت صورهم في الجهة المقابلة للمنصة، في آخر الملعب. هم صور الطائفة المرفوعة في ساحات قراها ومدنها وشوارعها، اضيف إليهم رئيس الجمهورية الضيف، وغاب عنهم السيد محمد حسين فضل الله، وقد كان من كان في هذه السيرة الطويلة لحزب الله الذي قرر مرة جديدة أن يتحدى اسرائيل ليس من بنت جبيل، بل بها، مضيفاً إلى السيرة الذاتية للمدينة أن ألد أعداء اسرائيل أطلق من المدينة المزعجة نفسها يقينه بأنها ستزول.
هذا الرجل الرئيس يبدو كمن يحاول اشغال اقل قدر ممكن من الفضاء المحيط به، غمره التأثر من شدة الترحيب الذي فاض على بنت جبيل وضاقت به شوارعها وملعبها وأسطح مبانيها المطلة على الملعب الممتلئ عن آخره بنساء إلى جهة ورجال إلى جهة أخرى، وإضافة إلى مدرج حشر على صفوفه ثلاثة آلاف فتى بلباس كشافة المهدي أتوا من مناطق الجنوب فقط، في رقم يدل على حجم هذا الكشاف وحده، وعلى الاعداد المحتملة لكشفييه الذين سيصيرون حزبيين في مرحلة لاحقة من حيواتهم. قرر مبادلة الحب بأكثر، وألقى خطاباً حماسياً تلقفه جمهور بالانفعال الملائم، محولاً التحية، «خوش آمديد» وقد حفظنا جميعاً انها تعني أهلا وسهلاً، إلى ما يشبه الهتاف «بالروح والدم» لرجل يمثل بلداً يرون فيه سندهم وأخاهم الكبير النووي، ولرجل مهد قائدهم السيد حسن نصر الله بخبرته في مخاطبتهم لمجيئه، ورفع من تأهبهم لملاقاته، حتى بات أمر استقباله ومواكبته والهتاف له كيفما أطل، واجباً، من صباح المطار الباكر، إلى ليل الضاحية الحاشد، إلى شمس بنت جبيل التي سطعت فوق رؤوس انتظارهم لساعات، هم الآتون من المحيط الجنوبي كله، حتى سقط منهم عشرات المغمى عليهم من الاعياء.
وبنت جبيل التي ظنت أنها تحضرت للنهار المشهود فوجئت على ما يبدو بيوم شعبي وإعلامي بدت على سعادتها به، غير مستعدة لمثله. فالاعلاميون غزوا مبكرين المكان المخصص لهم بالقرب من مستشفى صلاح غندور في صف الهوا بالعشرات، من كل الجنسيات ووسائل الاعلام. ومع اجهزة عملهم الالكترونية الكثيرة، يجب أن تخضع لتفتيش دقيق، ومع اصرار المنظمين على ايصالهم مع آلاتهم بعد تفتيشها، بالباصات إلى المنصة في الملعب البعيد، عانى هؤلاء الامرين من الانتظار الطويل أمام المكتب الاعلامي ثم في انتظار باصات عالقة في الشوارع، ثم في الطريق المزدحم بشدة إلى أرض الاحتفال. هذا عدا عن ذهول المنظمين من حزب الله وجنود ورتباء وضباط الجيش اللبناني الذين لم يستطيعوا التحكم بتحريك الحشود العابرة في شوارع المدينة على الاقدام إلى مبتغاها، تزاحمها سيارات وباصات أهالي شهداء حزب الله الذين يوليهم اهتمامه الخاص، اضافة بالطبع إلى ضيوف شرفه.
سوق المدينة المزدانة شوارعها وأسقفها بمثلثات الزينة الحمراء والخضراء والبيضاء كانت جديدة ونضرة، وجزءاً من مدينة تمضي في طريقها لأن تكون واحدة أخرى مختلفة تماماً عن التي كانت قبل 12 تموز 2006. محلات بقالتها ومطاعمها عاشت أحلى ساعاتها والناس يتدافعون بالمناكب على انواع الطعام والشراب. وبعدما أكثرت من شكر قطر، حتى رسخت الشكر على قرميد أحد مبانيها الكبيرة، قررت أن تشكر إيران بالقرميد نفسه، فغطت قطر، مؤقتاً، بالعلم الإيراني. الناس الذين أموا الملعب، ظلوا على حماستهم نفسها، تحت شمس قاسية راحت تخفف من قسوتها والوقت يمر ونجاد يتأخر عن الوصول. الأناشيد حمستهم. هذه الأناشيد التي خلطت الحديث، يغني أحمدي نجاد، بتلك الانغام الموسيقية التي تعود إلى الثمانينيات كانت أول ما اصغى إليه مفتوناً شباب بدايات حزب الله. الصوت الآخر الذي لعب الدور الاكبر في التخفيف عنهم، كان الزميل حيدر دقماق، المسؤول الاعلامي في منطقة الجنوب. مذيع الاخبار في «المنار» أحياناً، طوّع صوته الجهوري، ولغته الجميلة المختلفة في اسلوبها عن عادات عريفي الاحتفالات في ابقاء جمهوره متحفزاً وصارخاً. دقماق الذي لم ترهبه جدية المنبر ظل على روح مرحة، تحيي الرئيس ليس بالفارسية فحسب، بل بالانكليزية والفرنسية والارمنية، وصولاً إلى العربية وأخيرا الجنوبية التي أتقن قولها وبدت الاحلى، ناسياً التركية فقط، ولها ما لها من شعبية. دقماق التقط خيط معنى الدخول العميق لنجاد في بنت جبيل. «أهلا بالرئيس العالمي الاستثنائي وليموتوا في غيظهم في تل أبيب. هذا الجنوب يخرج إليك بجلباب العز». خرج الجنوب إلى نجاد إذاً بعدما مر دقماق على معظم الآباء المؤسسين، في إيران وهنا.
الجمهور في بنت جبيل متنوع الاعمار والتجارب والفهم والانتماء السياسيين، غير ان كثراً، استعادوا أياماً عتيقة لحزب الله باتت حنيناً، ليس في هذه المدينة وقد كانت الراية الصفراء فيها قبل عشر سنوات تهمة قاتلة، فإذا بها اليوم تغطي معظم سمائها وتغيّر وجهها تماماً. الاحتفاء بالثورة الاسلامية الايرانية في بنت جبيل، بشخص هذا الرئيس بالتحديد، في شهر نال نصيبه من التوقع بأن حرباً اسرائيلية ستقع، اسباب اخرى للفهم بأن الحزب يتحدى بشدة، مرتاحاً إلى أن تحية الجنوبيين لنجاد ستكون كما يريد: صوره المرفوعة بالآلاف على الطرق. الحضور بعشرات الآلاف. الهتاف الهستيري لخروجه إلى المنبر، والتفاعل اللحظوي مع خطابه. آلاف البالونات بألوان العلمين اللبناني والايراني، تطير جنوباً. لم يعد هناك إلا أن ينزل الرجل ليتمشى في أزقة بنت جبيل، ويجلس لشرب الشاي امام بيت من بيوتها، مدردشاً مع اصدقائه، حول قناعته الراسخة بأن اسرائيل زائلة، رسوخ قناعته بأن الامام المهدي سيظهر، وربما، من يدري، على إحدى هذه الهضاب هنا.
غادر الضيف كما أتى، من دون ان يعرف الموجودون في الملعب كيف. هم سيخرجون مشياً بالطبع. لأكثر من ساعة، ستطبق بنت جبيل على ازدحامها. يحل الليل على المدينة وقد انقطعت الكهرباء. الناس يزيلون عن العتمة وحشتها، والمدينة تستمتع ببرودة مسائها. بعد قليل يغادرها كل ضيوفها وتنام. تكون أضافت يوماً آخر مشهوداً وكبيراً إلى دفتر يومياتها. تراه رصيداً يكبر. وترى الرمز الذي هي عليه يتجذر. كذلك يفعل عدوها القريب... يسجل أن حسن نصر الله تحداه في الألفين وأحمدي نجاد بعد عقد من الزمن. من الساحة نفسها. من المدينة نفسها.