فوفود الأهالي بدأت تصل إلى بنت جبيل قبل الاحتفال بساعات بهدف حجز الأماكن في أقرب مكان من المنصّة التي سيعتليها نجاد في ملعب المدينة لإلقاء خطبته. «لا يذكّرنا هذا اليوم إلّا باليوم الذي ألقى فيه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله خطبته بعد التحرير في 25 أيار 2000، أي عندما شعرنا بأنّ علينا واجباً أخلاقياً ووطنياً يجب أن نؤدّيه من خلال استقبال من له الفضل الكبير بتحرير قرانا وبلداتنا، ودعم صمودنا في وجه المحتلّين الغزاة. وهكذا نشعر اليوم بالنسبة إلى زيارة رئيس الجمهورية الإيرانية»، يقول محمد نور الدين، من بلدة خربة سلم.
حاولت اللجنة التنظيمية للمهرجان، والتي تضمّ أفراداً من حزب الله وحركة أمل بالتنسيق مع بلدية بنت جبيل، أن تنظّم الحشود الكبيرة، بعد توفير وسائل النقل من القرى والبلدات الجنوبية لتقلّهم إلى بنت جبيل، وتوزيع الحشود المتدفقة عبر المداخل الأربعة لبنت جبيل، وتوفير مواقف للسيارات قريبة من المداخل الرئيسية، ثم نقل ما تيسّر بواسطة الفانات الى الملعب. فيما اضطرّ مئات المواطنين إلى قطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام، ولم يتّسع الملعب للحشود فتوزّع الأهالي على الطرقات وفي الساحات الصغيرة وأسطح المنازل. وقد سجّلت حالات إغماء كثيرة بين الأهالي بسبب الحشود. مدارس المنطقة جميعها أقفلت نهار أمس، حتى أن أساتذة المدارس الرسمية الذين توجّهوا الى مدارسهم باكراً وجدوها فارغة من الطلاّب الذين فضّلوا الذهاب صباحاً الى بنت جبيل للمشاركة في استقبال نجاد.
في ملعب بنت جبيل علّقت صور الرئيس نجاد الى جوار صور السيد نصر الله والرئيس نبيه برّي والسيد موسى الصدر والقائد العسكري السابق لحزب الله عماد مغنيّة ومصطفى شمران، وعلّقت لافتة كبيرة كتب عليها «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت»، اضافة الى صور لدبّابات اسرائيلية دُمّرت في حرب تموز، وأُحيط الملعب بالأعلام اللبنانية والايرانية.
«المناسبة هذه تعزّز صمودنا، وتؤكّد النصر والقوّة وتجعلنا أكثر ثقة بقدرتنا على العيش بأمان، بخلاف ما يردّده البعض»، يقول محمود سعد، أحد أصحاب المنازل القريبة من الملعب. ويرى أن «الأهالي الذين شهدوا حرب تموز، وسمعوا خطبة السيد نصر الله في الملعب ذاته يشهدون اليوم المزيد من الدعم والإحساس بالأمان والقوّة عند اعتلاء الرئيس نجاد المنبر الذي اعتلاه سيّد المقاومة ولم يستطع جيش أكبر قوّة في المنطقة الوصول اليه ولو لدقيقة واحدة». ويرى فؤاد بزّي نفسه «محظوظاً لإقامتي في هذا المكان الذي أصبح أبرز المحطّات لأن الرئيس الإيراني وطأها بقدمه». ويقول رئيس بلدية بنت جبيل، عفيف بزّي: «لهذا الملعب دور في تذكير الأهالي بمحطّات الانتصار والتحدّي، ونحن اليوم نرى أن حضور نجاد إلى هذا الملعب هو دعم اضافي لنا ولمقاومتنا».
انتظرت الحشود الغفيرة طويلاً قبل أن يصل الرئيس الإيراني، فقد كان من المتوقّع أن يصل في الساعة الثالثة والنصف عصراً لكنه وبسبب الإجراءات الأمنية المشدّدة وصل قرابة الساعة الخامسة والنصف، وكانت زوجته قد وصلت قبله بنحو ساعة. أطلّ الرئيس المنتظر وسط تصفيق حارّ برفقة السفير الايراني غضنفر ركن آبادي ومسؤول الجنوب في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، وحضور ممثلين عن الرؤساء الثلاثة وعدد من الوزراء والنواب. وقف صامتاً لدقائق ينظر إلى الحشود الفرحة والرايات الكثيرة المرفوعة. ثم تحدث النائب محمد رعد مرحباً بالضيف، قائلاً: «تحلّ بيننا أخاً مسؤولاً أميناً ناصراً، في مكان وقف فيه قبل سنوات سيّد المقاومة وسجّل للتاريخ حقيقة صارخة، أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت. تحلّ بالجنوب على تخوم فلسطين حيث يكثر وجع القدس، هنا سقطت اسطورة الصهاينة، هنا انكشف زيف تفوّقهم، وهنا كان النصر المبين والمؤزّر، ونبت فرع الشهداء، وحضنت الأمة دماء المجاهدين، وحمل الإمام الصدر همّ الوطن».