لا تزال عادة اقتناء "مونة الشتاء" متوارثة لدى اللبنانيين الذين يقطنون في المناطق الجبلية والبعيدة عن مدينة بيروت لحفظ ما يحلو لهم من الماكولات الشهية وتناولها في ايام الشتاء والبرد القارس.
وعلى الرغم من توافر المواد الغذائية في المحلات التجارية الكبرى فان مذاق الاطعمة التي تصنع يدويا وتحفظ في البيوت من دون مواد حافظة وتعرض عادة في معارض متخصصة في بيروت لاتتوافر في اي من الاستهلاكيات كالتين ودبس الرمان والعنب والبندورة والقمح والكشك وجميع انواع الالبان والاجبان وغيرها.
وتتمسك الحاجة ام شكيب سيف الدين بعادة "المونة" منذ اكثر من نصف قرن فتنكب في فصل الخريف على العمل بكل صبر وروية لتامين المونة الشتوية لها ولاولادها واحفادها فتعمد الى تخزين الحبوب والفواكه المجففة المطبوخة والالبان والاجبان والقمح والدبس مع اقتراب فصل الشتاء من كل عام.
وقالت الحاجة ام شكيب من احدى قرى منطقة البقاع لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان "المونة" الشتوية تطيل العمر ويستطيع المرء تناول الذ وافخر انواع الماكولات في الشتاء بعيدا عن المواد الخطرة التي تدخل في تصنيع المواد الغذائية.
واضافت ان تلك المأكولات كالقمح والبرغل والجوز والصنوبر والفاصولياء والالبان تعطي جسم الانسان المناعة والقوة وكل الفيتامينات لتقيه من الامراض والبرد معتبرة ان الناس في الجبل هم اقل عرضة للمرض من اولئك القاطنون في المدينة.
وردا على سؤال حول كيفية حفظ مشتقات الحليب لفترة طويلة قالت ان حليب الماعز يعتبر من افضل انواع الحليب ويعمل منه اللبنة والجبنة التي تحفظ باوعية زجاجية مع زيت الزيتون على مدار السنة.
وذكرت ان هناك صنفا اخر من الالبان يسمى ب(القمبريس) وهو يشبه اللبنة لكنه الذ طعما منها ويميل للحموضة ويحفظ هذا النوع عادة في جرة من الفخار.
ويشتهر اهل الارياف ايضا بتخزين انواع الدبس المختلفة فالسيدة خلود ابو سلوم تشتري كميات كبيرة من الرمان الحامض ومن ثم تقوم بغليه على النار لبضع ساعات ليتحول بعدها الى دبس طبيعي يضاف الى الماكولات الدسمة ويعتبر هذا النوع من افضل العصائر لتخفيض نسبة الكوليسترول في الدم.
وتجد في "المكدوس" المحشو بالجوز والثوم ويصنع من ثمار الباذنجان طعما لذيذا تقدمه لعائلتها وزوارها ويتم عرضه في اسواق مخصصة للمنتوجات اللبنانية المتميزة.
وترفض خلود (57 عاما) من بلدة كفريا البقاعية شراء اي مواد تموينية من المحال التجارية بسبب احتوائها على مواد حافظة مضرة.
ويعتبر فصل الخريف موسما لقطاف ثمار الزيتون حيث يلجأ الناس الى جمع حباته الجيدة الخضراء والسوداء لتكبس وتوضع في اوعية لتصبح جاهزة للاكل بعد مرور اسبوعين تقريبا على كبسها فيما حبات الزيتون الاقل جودة فترسل الى المعاصر حيث يتم استخراج الزيت منها في حين تبقى الحبات الرديئة التي يستخرج منها الصابون البلدي.
ويعد الزيتون اللبناني من افضل الانواع العالمية فهو يزرع في مناطق عكار في الشمال وحاصبيا وشبعا في الجنوب وفي عدد من مناطق جبل لبنان الجنوبي كاقليم التفاح والشوف.
ويمون الناس ايضا في فصل الشتاء المربيات ومنها مربى المشمش والتين والدراق والكرز والتفاح والفراولة والسفرجل والاجاص.
وتعتبر المونة جزءا من التراث الشعبي اللبناني الاصيل الذي يتمسك ويتفاخر به اللبنانيون على مر الاجيال ولذلك لا خوف على انقراض هذه العادة على الرغم من غزو المحال التجارية الكبرى الريف اللبناني.(النهاية) ع ح / م ج ز كونا200929 جمت اوك 10
