أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

باريس تسعى إلى فصل برّي عن حزب الله؟

الخميس 21 تشرين الأول , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,811 زائر

باريس تسعى إلى فصل برّي عن حزب الله؟

في ظل غياب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن السمع في آخر أيامه في الكي دورسيه، تبدو مواقف الدبلوماسية الفرنسية فضفاضة، والتصريحات لا تصيب مرامي السؤال. ويبدو أن الاعتماد على «الصدفة» هو محركها في الوقت الحالي.
فمن باب الصدف أن «التفجير التقني» الخاص بمسرح جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري حصل بعد يومين من «التنبيه الفرنسي والأميركي والبريطاني» الخاص بالمحكمة الدولية. ومن باب الصدفة أن «إعلان فرنسا تلبية طلب المحكمة الدولية تنفيذ التفجير» جاء بعد رفض كل المصادر التعليق على «تأجيل التفجير». كذلك صدفة شاءت أن يتغيّر اسم العملية من «محاكاة للانفجار» إلى «تفجير تقني»، رغم أن أكثر من مصدر «غير رسمي» أكد أنه بُني «ديكور لمكان الجريمة، وأنه أُحضرت تربة من لبنان خصيصاً»، من دون أن يصدر أي تكذيب رسمي، كذلك نُشر ٣٠٠ جندي في محيط قاعدة تبلغ مساحتها ١٠ آلاف هكتار، واستُقبل ١٠٠ خبير متفجرات وأطباء ومتخصصون في علم المحاكاة لـ«حساب المعادلات التي تسمح لاحقاً بمحاكاة رقمية على الكمبيوتر ودراسة كل الاحتمالات».
مجموعة الصدف هذه تدل، إن لزم الأمر، على أن «تلبية مطالب المحكمة» لم تكن عملية سهلة، في ظل «نزاع بين تيارين في الإدارة الفرنسية»، الأول لا يرى ضرورة أن «تكون باريس في الواجهة»، والثاني يتمسك بمبادئ العدل الدولية.
وقد أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، مباشرة بعد إعلان حصول التفجير، انتصار التيار الثاني بقوله إن بلاده «تجاوبت مع طلب التعاون الذي تقدمت به المحكمة الدولية»، داعياً إلى ترك المحكمة لتواصل عملها بكل استقلال «لما فيه مصلحة لبنان والمنطقة».
لا يمكن نزع هذه التصريحات «العمومية» عن سياق التوتر في لبنان، وخصوصاً مع تشديد فاليرو على «ضرورة عدم محاولة التأثير على أعمال المحكمة».
هذه المواقف، رغم «عموميتها»، يمكن قراءتها كأنها «مقدمات لزيارة الرئيس نبيه بري»، مطلع الأسبوع المقبل.
حديث المصادر الفرنسية عن الزيارة يصبّ في سياق الارتباك الذي يبدو أنه يصيب الدبلوماسية في باريس. فالمصادر تتناسى أن بري هو حليف ثابت لحزب الله، وتشير إليه منفرداً كـ«قوة وسطية» تؤدي دوراً بين الأفرقاء. الملاحظات هذه تغفل أيضاً «الاعتراضات الفرنسية» على ترشيح بري لرئاسة البرلمان، التي كانت مرتبطة أساساً «بملف المحكمة»، حسب قول دبلوماسي عربي في باريس.
كلام المديح يتناقض مع حديث لمصادر أخرى مقرّبة من الملف اللبناني، تشير مواربة إلى أن باريس «لا تنسى دوره في إقفال البرلمان».
والمديح الفرنسي يحمل رسائل كثيرة، كأن باريس تريد من بري أن يقرأها قبل أن يصل إلى عاصمة النور، وفي مقدمتها «الموقف من المحكمة» ووصفها بـ«الواجب الأخلاقي» والضروري لحماية لبنان والاستناد إلى أنه «لا يمكن مخالفة القرارات الدولية».
ويرى بعض الخبراء أن باريس ستحاول خلال اللقاءات التي تعدّ للرئيس بري أن تؤسس لـ«دعم الرئيس سعد الحريري من قوى وسطية»، على اعتبار أن دعم فريقه السنّي من الفريق المسيحي فقط، يمكن أن يُبقي عنصر التوتر بين السنّة والشيعة قائماً. وفي رأي الخبراء إن الفرنسيين يرون في هذا نقطة ضعف تمنع سعد الحريري من «الرد على الهجمات السياسية» التي يتعرض لها.
ويصف خبير عمل سابقاً على هذا الملف الخطوات الفرنسية بأنها تأتي «ضمن الاستراتيجية التي عملت عليها سابقاً للفصل بين طهران ودمشق»، لكنها تطبّق اليوم للفصل بين حزب الله والرئيس بري، على اعتبار أن «بري صديق سوريا» وأن سوريا بُرّئت. ويتابع أن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عندما زار باريس شدد بطريقة غير مباشرة على «ما يمكن أن يفعله بري». يضيف أن باريس تدرك «وزن زعيم «أمل» في المعادلة اللبنانية» والدور الذي يمكن أن يؤديه في إبعاد شبح الفتنة «عند صدور القرار الظني».
ورغم التشديد على أنه «لا أحد يمكنه التنبّؤ بتاريخ الصدور»، إلا أن «التفجير التقني» كان آخر مراحله. وقد تكون الدعوات التي وُجّهت إلى إعلاميين لبنانيين لزيارة لاهاي إعداداً لصدور القرار العتيد «خلال أسابيع».

Script executed in 0.1987190246582