والثاني سؤال وجهه النائب حسن فضل الله الى الحكومة عن «أسباب تخصيص وزارات معينة باستشاريين يعملون باسم UNDP لقاء بدلات مرتفعة جداً وتدفع، في النهاية، من أموال الخزينة اللبنانية، خلافاً للأنظمة المالية والإدارية المرعية الإجراء».
فقد قرر البعض أن يزجّ بالبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في عملية التصدّي لعمل السلطة الاشتراعية ودورها الرقابي، فدفع بمكتب البرنامج في لبنان إلى اصدار بيان يحاول التعمية على المعطيات المتداولة في لجنة المال والموازنة النيابية عن وجود مكتب باسم البرنامج يستعمله «فريق سياسي» للسيطرة على مفاصل وزارة المال ووزارات أخرى وإنشاء ادارات رديفة للإدارات النظامية الخاضعة للرقابة والمساءلة، فرأى البيان أن هذه «المعلومات»، التي استندت اليها اللجنة النيابية لتعليق اعتمادات هذا الفريق، «مغلوطة وغير دقيقة» وتندرج في خانة «السجال الدائر حول اقرار موازنة عام 2010»، وهي عبارة تتبنّى موقفاً غير مباشر يرى أن مناقشة النوّاب لمشروع الموازنة هو «سجال» وليس واجباً دستورياً ووطنياً.
وتعمّد البيان المذكور الإكثار من مديح الذات، عارضاً «إنجازات كثيرة»، لكنه لم يقدّم توضيحاً واحداً حول طبيعة عمل هذه المكاتب الممولة من الدولة اللبنانية، ومدى توافقها مع معايير «الشفافية العالية» التي يتغنّى بها، ويتعمّد بيان UNDP الخلط، بهدف التعمية، بين مشاريعه وبرامجه وشراكاته الكثيرة وبين مكاتبه المهيمنة على الوزارات، فيستفيض في استخدام العبارات «الإنشائية» ليقول إنه يوظّف 400 لبناني، تتراوح رواتبهم بين 800 و4000 دولار، وهناك 5 في المئة من هؤلاء تتجاوز رواتبهم هذه الأرقام.
فقد فضحت مناقشة موازنة عام 2010 في لجنة المال والموازنة العديد من التجاوزات للقوانين والانظمة، تؤدي إلى هدر المال العام بعيداً عن أي رقابة مالية أو ادارية، لا بل تبين وجود فوضى مقصودة للتهرّب من الرقابة، يغطيها البرنامج، ما يسمح لفريق سياسي بالتصرف بالمال العام من دون أي محاسبة أو مساءلة... وما قضية التوظيف عبر برنامج الامم المتحدة الانمائي في الوزارات برواتب خيالية، سوى جزء من التسيب والفلتان الحاصلين، بحيث تساهم الدولة في مكتب البرنامج في وزارة الاقتصاد والتجارة، مثلاً، بمبلغ 900 ألف دولار لتغطية مخصصات 22 شخصاً، فيما لا تدفع المنظمة الدولية سوى 50 الف دولار!
أما في وزارة المال، فتساهم الدولة بمبلغ 1.4 مليون دولار، لمجموعة اشخاص يتقاضون رواتب عالية جداً بحجة أنهم في منظمة دولية، في مقابل وجود موظفين يعملون في الاختصاص نفسه في الوزارة ولا يتقاضون ربع رواتب موظفي البرنامج. واللافت أن البرنامج يتقاضى عمولة لادارة هذه العملية الغير القانونية تبلغ نسبتها ما بين 5 و10% من مجمل الاعتمادات.
هذه المعطيات الموثّقة، دفعت النائب حسن فضل الله الى توجيه سؤال الى الحكومة، عبر رئاسة المجلس النيابي، أثار فيه التجاوزات للأنظمة والقوانين المرعية على الصعيدين المالي والإداري، إذ إن الجداول ومساهمات الدولة في هذا البرنامج أظهرت أن مساهمة
الدولة اللبنانية تصل الى حدود 90 في المئة من تغطية النفقات، وليس هناك أي ضوابط قانونية تحكم هذا الإنفاق، وهناك غياب الرؤية للجدوى العملية من هذا البرنامج، ويجري اعتماد مبدأ التوظيف من خارج الإدارة العامة على الرغم من وجود كفاءات في الإدارة تتقاضى رواتب محددة وفق الأنظمة وتقوم بالأعمال نفسها. اضافة الى غياب معايير الاختيار والتوظيف واعتماد مبدأ الاستنساب. بحيث إن المستشارين في الوزارات التي تتعاون مع هذا البرنامج يحلّون محل إدارات الدولة المحددة صلاحياتها في القانون، ويؤدون أدواراً حساسة، على رغم كونهم يخضعون لبرنامج دولي بما لا يجيز لهم التحكم بأعمال الإدارة العامة، ومع ذلك فهم غير خاضعين للهيئات الرقابية والأنظمة المعمول بها.
وقال فضل الله إن الفوارق الشاسعة في الرواتب أدت الى ظهور فئتين من الموظفين يقومون بمهمات متشابهة مع وجود تمييز فاضح بينهما مالياً وإدارياً. لذلك طلب فضل الله من الحكومة الإجابة عن الآتي:
– الجدوى الفعلية من الانخراط في هذا البرنامج المموّل في معظمه من خزينة الدولة.
– أسباب فسح المجال أمام وزراء للاستعانة باستشاريين من دون حدود فيما تقتصر صلاحية زملائهم على مبلغ شهري بقيمة 3 ملايين ليرة للاستعانة باستشاريين عملاً بقرار صادر عن مجلس الوزراء منذ أعوام عديدة.
– أسباب مخالفة لأنظمة الرواتب والأجور والتعويضات المقررة قانوناً للعاملين في القطاع العام، إذ يخصص الاستشاري بمبالغ شهرية كبيرة.
– أسباب عدم مراقبة اعمال هؤلاء الاستشاريين لأن بعضهم في وزارات رئيسية يقومون بأعمال غير استشارية ويتدخلون في أعمال الإدارة من دون أي سند قانوني.
(الأخبار)