وجهت السيدة نازك رفيق الحريري رسالة في ذكرى ميلاد رفيق الحريري، جاء فيها: "أيّها الأحبّة، تعود الذكرى ويتجدّد اللقاء والموعد. هي ذكرى ولادة تتوجّت بشهادة وبينهما عمرٌ أمضيته يا رفيق العمر تنشر مبادئ الحق وترسي أسس السلام في موطنٍ أردته بلداً للحريّة والسيادة والازدهار والأمان، وأرضاً للمحبّة. هوذا لبنان جسر العبور إلى العالم ومحجّةٌ للأمم؛ لبنان الحوار والتواصل وبلد النخب والمبدع للثقافة والريادة الفكريّة. إنّه لبناننا جميعاً لبنان الطوائف المـجتمعة في طائفةٍ واحدةٍ موحّدة لبنان التسامح والاعتدال. إنه بلد الأمل في الغد، الذي دافع عنه الرئيس الشهيد رفيق الحريري بدمه وحياته وكلّ شهداء العدالة والحرية والاستقلال".
الحريري سألت في رسالتها: "أين نحن اليوم من لبناننا هذا؟ تكاد جسور الوصل التي مددناها مع شهيد لبنان الكبير في حياته وبعد الاستشهاد تتداعى أمامنا والجدران الكلاميّة آخذةٌ في الارتفاع كأنّها تتسابق إلى السحاب وتسحب معها الألفة والمودّة بين الإخوة والأخوات في الوطن. كأنّه كتب علينا أن نعيش أسرى الجدران، تفرّقنا الحدود في مدينةٍ واحدة وتتعالى بيننا الحواجز شاهقةً في بلدةٍ واحدة. يقولون إن أول الحرب كلام فليكن كلامنا إذاً طريق العبور إلى السلم الأهلي الدائم إلى الاستقرار والإنماء المتناغم وليكن نقاشنا بنّاءً لا جدلاً عقيما ولا تراشقاً خطابياً يؤجج النفوس ويوقظ الفتن النائمة. فليكن كلامنا مسلكاً إلى بناء الدولة التي نحلم جميعاً بها، الدولة الحرة السيدة المـستقلة والعادلة".
وأضافت: "في الرابع عشر من شباط يوم اغتيل شهداؤنا الأبرار اجتمعنا في ساحة الشهداء ساحة الحريّة لننادي بالعدالة ولكي نبحث معاً عن الحقيقة. قرّرنا جميعاً أن نعرف من اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهدائنا الأبطال. فولدت المحكمة من رحم مسيرةٍ وطنيّةٍ مشينا فيها، تحت علم لبنان الحبيب، نحمل كتابنا المقدّس المصحف والإنجيل رمزاً للوحدة الإنسانية والوطنية ونرفع شعلة الولاء للوطن والعدالة للشهداء. مشينا والقلب على القلب، في درب الحقيقة فهل نتوه اليوم في السبل ونضلّ عن الهدف؟"، مؤكدةً أنَّ "عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري متمسكةٌ بوحدة الوطن تمسّكها بالحق والحقيقة، ولن تقبل للمحكمة أن تسيّس"، وجددت القول: "إنَّ عائلة الرئيس الشهيد لن تأخذ أحداً بالظّن ولا أحداً بذنب آخر. وسوف ننتظر مع الشعب اللبناني جميعاً ومع كل من ينتظر معرفة من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ننتظر الكلمة الفصل المبنيّة على الأدلة القاطعة الدامغة ولن نقبل أقلّ من ذلك".
ولفتت إلى أنَّ "الرئيس الشهيد رفيق الحريري قدّم عمره ودماءه الطاهرة حتى يبقى لبنان سليماً معافى"، وأضافت: "نحن عائلته وابننا سعد الذي أخذ على عاتقه تكملة مسيرة والده الوطنية والسياسية تعهّدنا أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الناس، وقطعنا عهداً لروح شهيدنا الغالي بأننا سوف نصون لبنان ونحافظ على وحدة أبنائه ونبقي وجهه الحضاري وندافع بالحق عن كل واحدٍ من أهله الأحبّاء".
وإذ شددت على أنَّ "الحقيقة لن تكون بإذن الله سبباً للفتنة"، رأت الحريري أنَّ "الحقيقة ستكون أول كلمةٍ في مستقبل لبنان المشرق"، وتابعت: "ثم تليها العدالة والحرية والسيادة والاستقلال والعيش بكرامة وبأمنٍ وسلام. وسوف نقرأ في صفحات الغد سطور التسامح والاعتدال والعيش معاً بمحبةٍ ومودّة والانفتاح على الجميع على الجار والأخ القريب وعلى الصديق البعيد. وسوف نكمل سويّةً حلم الرئيس الشهيد رفيق الحريري بإذنه تعالى، فنواصل بناء الدولة ودعم مؤسساتها الشرعية لأنها تبقى الضمان الأفضل للأمن والسلام وفي طليعتها مؤسستنا العسكرية".
وقالت: "لنعمل ونكن سوياً جيشاً ومقاومة في خندقٍ واحد لتحصين أنفسنا والدفاع عن بلدنا الحبيب لبنان في مواجهة أي اعتداءٍ على الوطن وحدوده والتصدي لهذا العدو الغاشم الذي احتلّ أرض فلسطين وغايةٌ في نفسه المزيد والجشع والطمع بمحاولاته الدائمة، للعبث بنا وبحدودنا وقتل أهلنا وأطفالنا وظلمهم في فلسطين وفي الأراضي التي ما زالت محتلّة في جنوب بلدنا الحبيب لبنان. فليكن همّنا واحداً لكل مواطنٍ لبنانيٍ ولكل مواطنٍ عربي هو التكاتف ضد هذا العدو المتربص بنا الذي ما أراد لنا إلا سوءاً وما نظر إلينا إلا وكأنه يستطيع أن يسلب منا حقّنا معاذ الله".
الحريري شددت على أنَّ "لبنان أمانةٌ في أعناقنا وكذلك دماء شهدائنا الأبرار"، مضيفةً: "فحقّ لبنان علينا أن نعزز فيه شروط الوحدة الوطنية والأمن والسلم والعدل، وأن نحميه من الفتن والمخاطر المتربصة به وبنا جميعاً. أما حقّ شهدائنا الأساسي فهو ألا نتعب من السعي إلى الحقيقة حتى تتحقّق العدالة لهم وللوطن، لأن العدالة أيّها الأحبة هي سيفٌ مسلطٌ على من قتل واغتال ولكنها خطّ الدفاع الأوّل عن الأبرياء وضمانةٌ للبنان وللمنطقة بأسرها. إن العقاب ليس ثأراً ولا تشفياً لا سمح الله، بل إنه العبرة لكل من يستهين قتل نفسٍ بغير حق ولكل من يستحلّ إراقة دم إنسانٍ بريء".
ولفتت إلى "قوله تعالى في كتابه الكريم "ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب"، إذ لعلّ العدالة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل من رافقه على درب الحرية والسيادة والاستقلال فسقط شهيداً أو بقي، بحمد الله بطلاً حياً، لعلّ العدالة تكون عبرةً لمن يعتبر والحصانة للبنان والمنطقة وللعالم أجمع حصانةً ضدّ الجرائم اللا إنسانية، ولعلّها تكون أيضاً شعاع النور الذي يكسر عتمةً يريد الأعداء إغراقنا فيها".