أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بيلمار يبحث عن «حلقات مفقودة» في القرار الاتهامي.. فلا يجدها

الإثنين 01 تشرين الثاني , 2010 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,000 زائر

بيلمار يبحث عن «حلقات مفقودة» في القرار الاتهامي.. فلا يجدها
أن يكشف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أن المعلومات التي جمعتها لجنة التحقيق الدولية عن كل اللبنانيين، تذهب الى إسرائيل، فمعنى ذلك أحد أمرين، إمّا انّ اسرائيل تجند محققين في اللجنة، وإمّا أن اسرائيل هي التي تدير التحقيق، أي أنها جنّدت لجنة التحقيق كلها، وكلا الأمرين يوصل للنتيجة ذاتها.
وأن يقرّر السيد نصر الله رفع المواجهة مع التحقيق الدولي الى حد الدعوة الى مقاطعته، فمعنى ذلك امتلاكه «معطيات يقينية» عما تقوم به سرًّا وعلانية، ما باتت تعرف في أوساط «حزب الله» بـ«اللجنة الدولية بالمواصفات اللحدية لإلباس «حزب الله» جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري»، بحسب «التوجيه الاسرائيلي للاتهام» الذي انطلق في الخامس عشر من شباط 2005 أي بعد يوم واحد من اغتيال الحريري، وأعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي شاوول موفاز آنذاك بقوله حرفيا في ذلك اليوم: «حسب معلوماتنا، فإن وراء هذا الاعتداء مجموعة إرهابية تساعدها سوريا».
وإذا كان نصر الله قد أقرّ بخطأ التأخـّر في إنهاء مرحلة المساكنة القسرية مع المحكمة والتحقيق وبالتالي رمي يمين الطلاق عليها، إلا أن العودة عن هذا الخطأ جاءت بـ«فضيلة تعويضية» عن كلّ ما فات، حوّل فيها «السيد» المحكمة الى جسم غريب في الجسد اللبناني، وتلك حقيقة أقرّ بها أحد الدبلوماسيين الغربيين مبديا خشيته «من أن تكون المحكمة قد خرجت من منطقة الأمان الى الاستهداف المباشر، وخصوصا بعدما بدا جليا أن نصر الله فرض على المحكمة مسارا جديا وقسريا بات من الصعب عليها ان تحيد عنه أو أن تعمل بالطريقة ذاتها التي كانت عليها قبل الخطاب»... أكثر من ذلك، فإن الجدية التي أظهرها نصر الله ستضطر كثيرين في لبنان وخارجه إلى التفكير ملياً حيال كيفية التعاطي مع المحكمة والتحقيق وتاليا مع القرار الاتهامي.
تلك الخشية الدبلوماسية الغربية، اقترنت بأسئلة من العائلة الدبلوماسية ذاتها، تحرّكت سريعا بعد الخطاب في اتجاه «حزب الله»، في محاولة واضحة لالتقاط صورة الخطوة التالية وقياس بعدها السياسي وغير السياسي، وبالأخص مداها الميداني وما إذا كانت قوات «اليونيفيل» تقع ضمن نطاق تلك «الخطوة المستورة» وهنا تكمن الغاية الحقيقية للحركة الدبلوماسية الغربية، وليس كما حاول أحد الدبلوماسيين أن يغلفها بالقول «إننا نؤكد لكم أن المحكمة الدولية تعمل بصورة مستقلة وليس في سياق سياسي»!
ولكنّ لدى «حزب الله» جواباً مقتضباً مفاده «أن المحكمة الدولية بالنسبة إلينا قد ماتت ولم يعد لها وجود، ونحن من البداية لم نكن غافلين عن شيء بل وضعنا التحقيق بكل ما شابه ويشوبه تحت المجهر، وأعطينا فرصا كثيرة وحذرناهم مما هم فاعلون، لكنهم لم يرعووا لا في الداخل ولا في الخارج، وقد وصلنا إلى قناعة لا جدال فيها بأن هذه المحكمة ومن يقف وراءها يريدون أن يحققوا الهدف الإسرائيلي، لذلك نحن لسنا معنيين لا بتلك المحكمة ولا بالتحقيق».
واذا كان البعض من الأوروبيين يحاولون النأي بأنفسهم عن القرار الاتهامي، إلا أنهم لم ينجحوا باستدراج «حزب الله» الى كشف أوراقه المستورة. وما وصل الى مسامعهم كان تكرارا لجملة قصيرة بالغة الوضوح والدلالة: «لا أحد يمكنه أن يتنبأ بما قد يحصل لا قبل صدور القرار ولا بعد صدوره».
وربطا بذلك، ارتفع منسوب القلق الأوروبي من القرار الاتهامي، وثمة حديث عن خطوة فرنسية مرتقبة ربطا بما تبلّغه الرئيس نبيه بري من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، حيث عبر الأخير عن نيته بلعب «دور ما» على صعيد القرار الاتهامي، وخصوصا بعدما حذر بري أمام الرئيس الفرنسي «من الارتدادات الخطيرة لقرار اتهامي (وفق نسخة «ديرشبيغل») على لبنان عامة، والتي قد لا تنحصر مخاطرها على السنة والشيعة وحدهم، بل على الجميع، والمسيحيين خاصة، حيث تضعهم تلك الارتدادات الخطيرة في دائرة الخطر الشديد بما يهدد مصيرهم ووجودهم في لبنان».
غير أن الغيوم السياسية السوداء التي تجمعت إثر حادثة العيادة النسائية، تشير الى أن نذر المواجهة القاسية مع «حزب الله» بدأت تطل برأسها، وخصوصا أن هناك في «حزب الله» من بدأ يلاحظ أن رائحة القرار الاتهامي باتت قوية جدا، علما أن لا أدلة جدية حتى الآن على تأجيل صدوره الى ما بعد آخر السنة والى آذار تحديدا، كما لا أدلة جدية تؤشر إلى صدوره قريبا على الرغم من أن المناخ السياسي الخلافي الحالي يوحي بمحاولة خلق البيئة الملائمة لصدوره، تلاقي التحريض الأميركي الأخير لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان في بيروت والرياض وباريس.
على أن متابعين لبنانيين لمسار التحقيق الدولي يعكسون أجواء تخبط وارتباك في لجنة التحقيق باتجاهات عدة:
أولا، فريق يدعو للتريث بإصدار القرار الاتهامي، وبالتالي التوسع في التحقيق ليشمل كل الفرضيات. كما يدعو إلى إبقاء التعاون قائما بين التحقيق الدولي و«حزب الله»، فمن شأن هذا التعاون أن يشكل عاملا مساعدا جديا للتحقيق، وقد يؤدي ذلك إلى كشف بعض المعطيات التي تؤشر إلى أطراف أخرى ومنها إسرائيل.
ثانيا، فريق يروّج بأن بيلمار دقق في فرضية تحليق «الاواكس الإسرائيلية» في أجواء مسرح اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في السان جورج لحظة الاغتيال. إلا أن هذا الفريق لم يشر إلى التدقيق في قرينة وجود العميل الإسرائيلي غسان الجد في ساحة الجريمة قبل يوم من حصولها، علما أن هناك من يؤكد أن الجد موجود حاليا في «نورث كارولينا» في الولايات المتحدة الأميركية وفي متناول يد بيلمار إن أراد.
ثالثا، فريق يشدد على الاستمرار في مسار اتهام «حزب الله»، ويقود هذا التوجّه رجل المخابرات البريطاني مايكل تايلور الذي عيّنه القاضي دانيال بيلمار رئيسا لفريق المحققين. ومن بين هذا الفريق من يدعو بدوره إلى إصدار تدريجي للقرار الاتهامي، وعدم انتظار جهوزه بصورة كاملة، إذ ان من شأن الصدور التدريجي أن يبقي «حزب الله» في موقع الدفاع.
رابعا، فريق يقول ان القرار الاتهامي لا يزال يحتاج إلى وقت إضافي، ولا سيما أن ما يملكه بيلمار في يده كناية عن حلقات منفصلة بعضها عن بعض، وهو يسعى جهده للوصول إلى الحلقات المفقودة، والتي يبدو انه فشل في العثور عليها. وبناء على ذلك فإن الكلام عن التأجيل مرده حاجة بيلمار إلى الوقت وليس لأي سبب آخر. إذ ان ما في بيده لا يوصل إلى قرار متماسك، وصدوره على هذه الصورة يعني ولادته ميتا.

Script executed in 0.19328808784485