يريد فريق 14 آذار استعادة مشهد انطلاقته عبر جعل الناس محرّكه الأساسي، هذا مع افتراض عدم وجود قوى خارجية أو عواصم كانت العنصر الأساسي لتشغيل «ثورة الأرز». يبحث الأكثريون عن أمور تعيد إلى الجمهور حماسته في الانخراط السياسي، ما دفع قيادة 14 آذار إلى بحث مجموعة من الأفكار لإعادة دمج مجموعة من الوجوه في الحياة السياسية وضمن أطر واضحة. على الأقل، هذا ما تهيّئ له القوات اللبنانية التي تقوم بمساعٍ لإطلاق لقاء مسيحي يكون «على يمين الأمانة العامة لقوى 14 آذار».
وصلت إلى معراب منذ أسابيع مجموعة من الشكاوى الشخصية بأن بعض الشخصيات المسيحية مهمّشة ولا تقوم بدورها على صعيد خوض المعركة السياسية. ويقول مطلعون على أجواء رئيس الهيئة التنفيذية، سمير جعجع، إنّ هذه الشكاوى تخطّت إطار التعبير عن الاستياء، وبلغت حد وضع الضغوط على معراب لتنظيم تجمّع يسعى إلى تفعيل دور هذه المجموعة التي يمكن أن تؤدي دوراً قيادياً على صعيد الاختلاط بالناس والظهور في الإعلام.
النظرة القواتية للمعركة المقبلة مع حزب الله يمكن تلخيصها بالآتي: «باستطاعة حزب الله فعل ما يشاء بقوة سلاحه، ليحتلّ المناطق التي يريدها وليفعل ما يشاء، ونحن عاجزون عن ردعه. لكن في السياسة الخناق يضيق على الحزب، وهو بات في بيت اليكّ».
وفي إطار القراءة القواتية للأزمة، يشدد المعرابيّون على أنّه لا مستقبل لقيام حزب الله بانقلاب في الشارع أو بإسقاط الحكومة، فهو بعد تلك المرحلة يعجز عن الحكم أو عن تأليف حكومة جديدة. تدفع هذه القراءة الأكثريين إلى التركيز على المواجهة السياسية والفوز بـ«تأييد الرأي العام». وفي الإطار، يجري الاستعداد لإطلاق تجمّع الشخصيات المسيحية، وغيرها من التجمّعات التي ستكون متخصّصة في الشؤون القانونية.
لكن الحديث الأكثري عن المواجهة المدنيّة لا يأخذ الطابع السلمي في كل المجالس. ففيما يشدد القواتيون على أنّ المعركة ستكون في السياسة، ثمة في فريق 14 آذار من يتحدث عن أنّ دخول حزب الله إلى شوارع العاصمة أو غيرها من المناطق، سيحوّله بغضون ساعات إلى «قوة احتلال». أي أنّ هذه المواجهة المدنية، أو الشعبية، يمكن أن تتحوّل إلى مواجهة شعبية مسلّحة، ما يمكن أن يكمّل المواجهة السياسية التي يعدّ لها قسم من الفريق الأكثري.
لكن اللافت أنّ الحديث عن معركة سياسية يدور في مجالس القواتيين، أما الحديث عن «قوة احتلال» فيجري في مجالس قوى حملت مرّة واحدة السلاح وفشلت بغضون ساعات. السؤال عن هذا الانقلاب في المواقف يجيب عنه أكثريّون: لا فرق، «الكل يكمّل بعضه».
في الأثناء، عاد عدد من أطراف قوى 14 آذار إلى الواجهة. وبعد طول انقطاع عن الإعلام والكثير من النقد الذاتي نتيجة سلسلة الارتباكات والخسائر السياسية ـــــ غير الانتخابية ـــــ يستعيد الأكثريون نشاطهم على اعتبار أنّ معركة جديدة يجري الاستعداد لها.