هل دخلت «مغامرة» الحوار الوطني في مراحلها النهائية ام ان وظيفتها لم تنته بعد؟
هل أصبح الإنجاز الوحيد لطاولة الحوار حتى الآن، وهو «الصورة الجامعة»، مهددا، ام ان إمكانية إعادة تجميع أجزاء الصورة ما زالت قائمة؟
هل ذبلت الورود البيضاء التي تتوسط عادة طاولة الحوار، أم ان الرئيس ميشال سليمان ما زال قادرا على إنعاشها بقطرات من «ندى» التوافق الرئاسي؟
هل انسحاب المعارضة من جلسة الامس هو انسحاب تكتيكي وموضعي من أجل تحسين شروط العودة، ام انه يؤشر الى تعديل استراتيجي في سلوكها وخياراتها؟
هل ينطوي موقف المعارضة المستجد على رسالة الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أم انه موجه الى فريق 14 آذار ورعاته؟
هل يمكن القول ان دمشق هي بمثابة «المتغيب» غير المعلن عن جلسة الحوار لإرسال إشارات معينة الى من يهمه الامر، أم ان لا علاقة لها بمن يعتذر ومن يحضر؟
هل ما زال موضوع الاستراتيجية الدفاعية صالحا كمادة وحيدة للنقاش على جدول الاعمال، أم ان الاحداث تجاوزته وفرضت بنودا جديدة لا بد لهيئة الحوار من مواكبتها إذا أرادت ان تبقى على قيد الحياة السياسية؟
بطبيعة الحال، يفتح قرار معظم أركان المعارضة الاعتذار عن عدم المشاركة في الجلسة الثانية عشرة لهيئة لحوار، الباب على سيل من التساؤلات المتناسلة. وإذا كانت الأجوبة موضع اجتهاد حاليا في انتظار «يقين» الايام المقبلة، فإن المرجح هو ان «خلط الأوراق» الذي حصل يعكس انتقال المعارضة من الاستراتيجية الدفاعية الى استراتيجية هجومية بدأت معالمها تتضح شيئا فشيئا.
يوحي سلوك المعارضة في هذه الفترة بانها تمهد الارض امام المواجهة المرتقبة مع القرار الظني من خلال تمتين خطوطها السياسية والسعي الى الاحتفاظ بزمام المبادرة قدر المستطاع، استعدادا لكل الاحتمالات. ومن الواضح في هذا السياق ان التنسيق داخل صفوف المعارضة تطور خلال الفترة الماضية وشهد تحسنا في إيقاعه، لم يكن مألوفا في مراحل سابقة، ذلك ان لقاءات وزرائها عشية جلسات مجلس الوزراء تكاد تكون منتظمة، ومستوى التناغم في المواقف السياسية يرتفع، من دون ان يلغي ذلك التمايزات وأحيانا التباينات الموضعية التي لا تتعلق بالمسائل الحساسة.
ويمكن الاستدلال على «النزعة الهجومية» المتنامية من خلال «العلامات الفارقة» الآتية التي سجلت خلال الايام الاخيرة:
- قرار حزب الله مقاطعة لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الخاصة بلبنان، وعدم التعاون معهما بأي شكل من الأشكال، وهو موقف حظي بدعم من كل أركان المعارضة.
- قرار قوى المعارضة الممثلة في الحكومة، اعتبار الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء مفصلية ووجوب ان تحسم ملف الشهود الزور، حتى لو تطلب الامر التصويت على إحالته على المجلس العدلي.
- قرار أركان المعارضة عدم المشاركة في جلسة الحوار أمس.
ولئن كان اعتذار ستة من أركان المعارضة عن عدم حضور اجتماع طاولة الحوار قد شكل منعطفا في مسارها بعد احدى عشرة جلسة انعقدت برئاسة سليمان، إلا ان هناك من يقول ان هيئة الحوار كانت بحاجة الى صدمة من هذا النوع، بعدما كادت تصاب بـ«التكلس السياسي»، بفعل مراوحتها في المكان.
ولعل التطورات المتلاحقة في ملف القرار الظني والمحكمة الدولية قد سبقت طاولة الحوار التي لا يزال جدول أعمالها المعلن محصورا في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، بينما تعتبر أوساط بارزة في المعارضة ان الظرف أصبح غير ملائم لمواصلة الخوض في هذه المسألة، في وقت بات واضحا ان أصل وجود حزب الله وجوهر خيار المقاومة هما موضع استهداف مباشر من قرار ظني يراد له ان يحقق ما عجزت عنه حرب تموز.
وترى أوساط المعارضة ان المطلوب «ترشيق» هيئة الحوار، بحيث تكون قادرة على مواكبة تحديات المرحلة الحالية والتصدي للمخاطر الحقيقية التي تتهدد لبنان والمتأتية عما يُعد له في مطابخ لاهاي من وجبة مسمومة، أما الاستمرار في الإيحاء بان المشكلة تكمن في سلاح المقاومة، وبالتالي الاستغراق في نقاش عبثي حوله في هذا الظرف الدقيق، فإنما يشكلان هروبا من المواجهة الأصلية وتحويرا للخطر الحقيقي.
وهناك من يرى في هذا السياق انه من المكابرة ان تتجاهل طاولة الحوار حساسية اللحظة الراهنة والمشحونة بكل عناصر التوتر السياسي والمذهبي على خلفية الخلاف العميق حول كيفية التعامل مع ملفي الشهود الزور والقرار الظني، وبالتالي فان مواصلة البحث في الاستراتيجية الدفاعية على وقع تفاقم الانقسام الداخلي بشأنهما لن تكون أمرا صحيا ومنتجا، بل ستؤدي الى توسيع الشرخ الداخلي وزيادة التوتر، لا سيما أن أزمة الثقة المتنامية بين الاطراف الداخلية لن تسمح بتأمين بيئة ملائمة لنقاش علمي وهادئ حول الاستراتيجية الدفاعية، والارجح ان الحرارة المرتفعة للهواجس المتبادلة ستعطي الارجحية في مثل هذه الحال للانفعالات المتراكمة والاحكام المسبقة.
وأغلب الظن، انه سيكون من الصعب ان يبقى موضوع سلاح المقاومة مطروحا للتشريح على طاولة الحوار، بينما لم ينجح مجلس الوزراء بعد في معالجة ملف الشهود الزور الذي يثير الكثير من علامات استفهام لدى حزب الله وحلفائه. وإذا كان منطق فريق 14 آذار يعتبر ان لا رابط بين طاولتي الحوار ومجلس الوزراء، إلا ان الواقعية السياسية تفرض الإقرار بانه لا يمكن قطع الصلة بينهما، وعليه فإن من يستعجل العودة الى مناقشة الاستراتيجية الدفاعية يجب ان يدفع في اتجاه حسم قضية الشهود الزور، بما يطمئن المعارضة ويحصن الجبهة الداخلية، وعندها يصبح المناخ مناسبا للخوض في عناوين أخرى... إن لم يكن القرار الظني أسرع في تصدرها!
هل أصبح الإنجاز الوحيد لطاولة الحوار حتى الآن، وهو «الصورة الجامعة»، مهددا، ام ان إمكانية إعادة تجميع أجزاء الصورة ما زالت قائمة؟
هل ذبلت الورود البيضاء التي تتوسط عادة طاولة الحوار، أم ان الرئيس ميشال سليمان ما زال قادرا على إنعاشها بقطرات من «ندى» التوافق الرئاسي؟
هل انسحاب المعارضة من جلسة الامس هو انسحاب تكتيكي وموضعي من أجل تحسين شروط العودة، ام انه يؤشر الى تعديل استراتيجي في سلوكها وخياراتها؟
هل ينطوي موقف المعارضة المستجد على رسالة الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أم انه موجه الى فريق 14 آذار ورعاته؟
هل يمكن القول ان دمشق هي بمثابة «المتغيب» غير المعلن عن جلسة الحوار لإرسال إشارات معينة الى من يهمه الامر، أم ان لا علاقة لها بمن يعتذر ومن يحضر؟
هل ما زال موضوع الاستراتيجية الدفاعية صالحا كمادة وحيدة للنقاش على جدول الاعمال، أم ان الاحداث تجاوزته وفرضت بنودا جديدة لا بد لهيئة الحوار من مواكبتها إذا أرادت ان تبقى على قيد الحياة السياسية؟
بطبيعة الحال، يفتح قرار معظم أركان المعارضة الاعتذار عن عدم المشاركة في الجلسة الثانية عشرة لهيئة لحوار، الباب على سيل من التساؤلات المتناسلة. وإذا كانت الأجوبة موضع اجتهاد حاليا في انتظار «يقين» الايام المقبلة، فإن المرجح هو ان «خلط الأوراق» الذي حصل يعكس انتقال المعارضة من الاستراتيجية الدفاعية الى استراتيجية هجومية بدأت معالمها تتضح شيئا فشيئا.
يوحي سلوك المعارضة في هذه الفترة بانها تمهد الارض امام المواجهة المرتقبة مع القرار الظني من خلال تمتين خطوطها السياسية والسعي الى الاحتفاظ بزمام المبادرة قدر المستطاع، استعدادا لكل الاحتمالات. ومن الواضح في هذا السياق ان التنسيق داخل صفوف المعارضة تطور خلال الفترة الماضية وشهد تحسنا في إيقاعه، لم يكن مألوفا في مراحل سابقة، ذلك ان لقاءات وزرائها عشية جلسات مجلس الوزراء تكاد تكون منتظمة، ومستوى التناغم في المواقف السياسية يرتفع، من دون ان يلغي ذلك التمايزات وأحيانا التباينات الموضعية التي لا تتعلق بالمسائل الحساسة.
ويمكن الاستدلال على «النزعة الهجومية» المتنامية من خلال «العلامات الفارقة» الآتية التي سجلت خلال الايام الاخيرة:
- قرار حزب الله مقاطعة لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الخاصة بلبنان، وعدم التعاون معهما بأي شكل من الأشكال، وهو موقف حظي بدعم من كل أركان المعارضة.
- قرار قوى المعارضة الممثلة في الحكومة، اعتبار الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء مفصلية ووجوب ان تحسم ملف الشهود الزور، حتى لو تطلب الامر التصويت على إحالته على المجلس العدلي.
- قرار أركان المعارضة عدم المشاركة في جلسة الحوار أمس.
ولئن كان اعتذار ستة من أركان المعارضة عن عدم حضور اجتماع طاولة الحوار قد شكل منعطفا في مسارها بعد احدى عشرة جلسة انعقدت برئاسة سليمان، إلا ان هناك من يقول ان هيئة الحوار كانت بحاجة الى صدمة من هذا النوع، بعدما كادت تصاب بـ«التكلس السياسي»، بفعل مراوحتها في المكان.
ولعل التطورات المتلاحقة في ملف القرار الظني والمحكمة الدولية قد سبقت طاولة الحوار التي لا يزال جدول أعمالها المعلن محصورا في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، بينما تعتبر أوساط بارزة في المعارضة ان الظرف أصبح غير ملائم لمواصلة الخوض في هذه المسألة، في وقت بات واضحا ان أصل وجود حزب الله وجوهر خيار المقاومة هما موضع استهداف مباشر من قرار ظني يراد له ان يحقق ما عجزت عنه حرب تموز.
وترى أوساط المعارضة ان المطلوب «ترشيق» هيئة الحوار، بحيث تكون قادرة على مواكبة تحديات المرحلة الحالية والتصدي للمخاطر الحقيقية التي تتهدد لبنان والمتأتية عما يُعد له في مطابخ لاهاي من وجبة مسمومة، أما الاستمرار في الإيحاء بان المشكلة تكمن في سلاح المقاومة، وبالتالي الاستغراق في نقاش عبثي حوله في هذا الظرف الدقيق، فإنما يشكلان هروبا من المواجهة الأصلية وتحويرا للخطر الحقيقي.
وهناك من يرى في هذا السياق انه من المكابرة ان تتجاهل طاولة الحوار حساسية اللحظة الراهنة والمشحونة بكل عناصر التوتر السياسي والمذهبي على خلفية الخلاف العميق حول كيفية التعامل مع ملفي الشهود الزور والقرار الظني، وبالتالي فان مواصلة البحث في الاستراتيجية الدفاعية على وقع تفاقم الانقسام الداخلي بشأنهما لن تكون أمرا صحيا ومنتجا، بل ستؤدي الى توسيع الشرخ الداخلي وزيادة التوتر، لا سيما أن أزمة الثقة المتنامية بين الاطراف الداخلية لن تسمح بتأمين بيئة ملائمة لنقاش علمي وهادئ حول الاستراتيجية الدفاعية، والارجح ان الحرارة المرتفعة للهواجس المتبادلة ستعطي الارجحية في مثل هذه الحال للانفعالات المتراكمة والاحكام المسبقة.
وأغلب الظن، انه سيكون من الصعب ان يبقى موضوع سلاح المقاومة مطروحا للتشريح على طاولة الحوار، بينما لم ينجح مجلس الوزراء بعد في معالجة ملف الشهود الزور الذي يثير الكثير من علامات استفهام لدى حزب الله وحلفائه. وإذا كان منطق فريق 14 آذار يعتبر ان لا رابط بين طاولتي الحوار ومجلس الوزراء، إلا ان الواقعية السياسية تفرض الإقرار بانه لا يمكن قطع الصلة بينهما، وعليه فإن من يستعجل العودة الى مناقشة الاستراتيجية الدفاعية يجب ان يدفع في اتجاه حسم قضية الشهود الزور، بما يطمئن المعارضة ويحصن الجبهة الداخلية، وعندها يصبح المناخ مناسبا للخوض في عناوين أخرى... إن لم يكن القرار الظني أسرع في تصدرها!