أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أهالي ضحايا الطائرة الإثيوبية يسألون الدولة عن تقرير تحطمها

الأربعاء 24 تشرين الثاني , 2010 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,737 زائر

أهالي ضحايا الطائرة الإثيوبية يسألون الدولة عن تقرير تحطمها
لم يتطابق محتوى الحلقة الحوارية التي نظمتها جمعية «نحو المواطنية»، تحت عنوان «الصندوق الأسود»، مع ما كان يتوقعه أهالي ضحايا الطائرة الإثيوبية التي سقطت في بحر بيروت في 25 كانون الثاني من العام الجاري. وعلى الرغم من أن شباب الجمعية خصّوا كارثة الطائرة وقضية ناسها بجلسة من مشروعهم «نعم للحوار»، إلا أن المتحدثين في الجلسة ليسا، في الأساس، مصدر أية أجوبة «تشفي غليل» الأهالي المتعطشين للمعلومات التي تساعدهم على فهم ما حصل لأحبائهم من جهة، وترشدهم إلى مصير حقوقهم وتعويضاتهم من جهة ثانية.
ويعود عدم امتلاك المحامي جو نصر الله والنائب غسان مخيبر معلومات دقيقة حول التحقيق في تحطم الطائرة، إلى تحول الملف إلى سر من أسرار الدولة، على ما يبدو. فبعد إصدار مكتب التحقيقات الفيدرالي الفرنسي الذي تتعاون معه اللجنة المؤلفة في لبنان للتحقيق في حادثة الطائرة، تقريره الثاني، تم تسليم نسخة منه إلى الحكومة، إلا أن الجهات الرسمية اللبنانية احتفظت بالمعلومات لنفسها، بعيداً عن عائلات 54 ضحية لبنانية، على الأقل، انطلاقاً من فرضية أن تلك الجهات لا تحمل مسؤولية إعلام عائلات الضحايا الإثيوبيين وسواهم من ركاب الطائرة، أيضاً.
فتحولت الجلسة إلى مطالعة قانونية قدمها نصر الله وعرض فيها لما ينص عليه القانون الدولي، على مستوى تحطم الطائرات، وتحديداً «اتفاقية شيكاغو» التي صادق عليها لبنان في العام 1947 (صدرت الاتفاقية في العام 1944). وفصَّل نصر الله الملحق 13 من الاتفاقية، الذي يشدد على أن هدف التحقيق في سقوط الطائرات ليس التعويضات بقدر ما هو تحديد أسباب التحطم لتجنب حوادث مماثلة في المستقبل.
ولعل أهم ما قاله نصر الله في هذا السياق يتمثل في أن الاتفاقية والملحق لا يلزمان الدولة اللبنانية (بما أنها الجهة المخولة التحقيق في تحطم الطائرة التي سقطت على أراضيها)، بوقت محدد لتقديم تقريرها حول الكارثة. وبالتالي، لا مستند قانونيا يمكِّن الأهالي من إرغام الدولة على إطلاعهم على التحقيقات حالياً. ولكن الاتفاقية عينها، تتمنى على الدولة المعنية، تقديم تقرير مبدئي بما يمكنها الإفصاح عنه من نتائج التحقيقات، في الذكرى السنوية الأولى لوقوع الحادثة، أي بعد حوالى شهرين ويوم، في حالة لبنان.
ومع نعي النائب غسان مخيبر دور المجلس النيابي التشريعي والرقابي، «فهو شبه ساقط من هذه الناحية»، لم تجد أسئلة أهالي الضحايا عن الدور الذي يمكن أن يؤديه المجلس في مساعدتهم، أجوبة شافية. فقد انطلق مخيبر من وجود 313 مشروع قانون عالقاً في المجلس، ليقول إن لجنة الإدارة والعدل التي تمر عبرها هذه المشاريع لا تجتمع إلا مرتين في الأسبوع ولمدة ساعتين فقط! فمتى ستناقش المشاريع المطروحة، التي تتراكم سنة بعد أخرى؟ ودعم مخيبر كلامه عن شلل المجلس بذكر النتيجة التي توصل إليها في تقرير تناول عمل المؤسسة البرلمانية، والذي جاء بمثابة «مضبطة قانونية للمجلس»، مستخلصاً «عدم فعالية متابعة مجلس النواب».
وبالعودة إلى كارثة الطائرة الإثيوبية، رأى مخيبر أن التعاطي الرسمي يختصر بـ«تلبكوا التلبيكة العجيبة، تجاه وقوع طائرة، فماذا لو وقع زلزال؟»، ليشير إلى أن «لبنان معرض لزلازل طبيعية وعسكرية وسياسية، ما يطرح سؤالاً حول كيفية إدارة الطوارئ والإنقاذ وحول مسؤوليات الجهات المعنية». واستنتج مخيبر في ختام مطالعته ان «كل جهة كانت تريد شدَّ الكاميرا نحوها، خلال كارثة الطائرة».
وكان لكلام مخيبر الذي تناول العديد من القضايا غير المقفلة في لبنان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر طائرة كوتونو، والطائرة التي كانت تحمل ذهباً وسقطت في بحر بيروت، وغيرها، أثر محبط على الأهالي، إذ زاد من مخاوفهم من إبقاء ملف أبنائهم وحقوقهم مفتوحاً إلى ما لا نهاية.
ومع ذلك، نصح مخيبر بالإقدام على بعض الخطوات التي اعتبرها ضرورية، وأهمها متابعة أصحاب القضية أنفسهم لقضيتهم: «صدقوني، يمكن تكون انفع في لبنان»، مشدداً على أهمية دور الهيئات المدنية والإعلام، من دون أن ينسى الإشارة إلى «بطء القضاء واسـتغلاله وتسيــيسه في لبنان».
ومع الحديث عن التقصير الرسمي، خرج من بين الحضور من يسأل مخيبر عن السبب الذي يمنع النواب من طرح الثقة بالحكومة التي تفشل في إدارة الملفات، فكان الجواب بأن «بنية الدولة في لبنان لا تسمح للمجلس بممارسة هذا النوع من الصلاحيات، فحكومة استغرق تشكيلها أشهرا لا تسقط بهذه الطريقة».
انتهت جلسة الحوار، وعاد الحاضرون من أهالي ضحايا الطائرة الإثيوبية إلى منازلهم، بعدما توزعوا على العديد من مكاتب المحاماة التي تتسابق للتوكل في قضيتهم. تراهم يسعون وحيدين وراء حقوق أبنائهم، يرسلون الكتب للرسميين ويطالبون يومياً بمواعيد للقائهم علّهم ينعمون عليهم ببعض الإجابات، ولكن «لا حياة لمن تنادي»، حسبما قال أبو هيثم ارناؤوط وربى ذبيان، وهما من ذوي الضحايا.

Script executed in 0.19669985771179