أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بيلمار المستاء من تسريب «سي بي سي»... هل يستقيل؟

الإثنين 29 تشرين الثاني , 2010 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,579 زائر

بيلمار المستاء من تسريب «سي بي سي»... هل يستقيل؟
على الرغم من الحديث المتكرر عن تقدم مهم في المسعى العربي السوري السعودي، وان الجهود وصلت الى المربع الاخير والحاسم، فإن الجو العام المواكب لتلك الصورة يوحي بأنّ نذر العاصفة تقترب من لبنان مع قرب صدور القرار الاتهامي لـ«حزب الله» بالتورّط باغتيال الرئيس رفيق الحريري. وتؤشر الى ذلك السيناريوهات السياسية الحربية والصدامية التي تتوالد من هنا وهناك، والتي دخل بعض الاعلام العربي الى الترويج لها في الساعات الماضية.
واذا كانت تلك السيناريوهات، وبصرف النظر عن جديتها او وهميتها، قد نجحت في زرع القلق على مجمل المساحة اللبنانية، مما هو آت ومن حجم ما قد تأخذه العاصفة في طريقها، فإنها تحمل من جهة ثانية على طرح الآتي:
ـ ان المسعى العربي السوري السعودي الذي حقق تقدما جديا كما يقال، هل هو من الصلابة التي تمكنه من الصمود في وجه تلك العاصفة ورياح التوتير والضغط التي ينفخها الاميركيون والاسرائيليون وبشكل يومي في اتجاه اشعال الفتنة في لبنان عبر القرار الاتهامي ضد حزب الله؟
ـ اذا كان هذا المسعى يتمتع بشيء من الصلابة، فمن اين مصدرها، وهل هي متأتية من دعم اقليمي او دعم اوروبي او دعم دولي، وهل ان هذا المسعى منطلق من مبادرة مشتركة محصورة فقط بين الرياض ودمشق، وابعد من ذلك هل ان الرياض تدخل في هذا المسعى اصلا بمعزل عن الاميركيين وخلافا لرغبة الادارة الاميركية.
ـ هناك شبه اجماع محلي وخارجي على ان قرار بيلمار بات وشيك الصدور، ولكن هل اكتمل هذا القرار ليصدر، وهل تجمـّعت العناصر الاتهامية التي تجرّم حزب الله وتؤكد تورطه في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهل يمكن لبيلمار ان يصدر قرارا غير مكتمل، وهل يستطيع اصدار قرار اتهامي على جرعات بين وقت وآخر.
ـ اذا كان قرار بيلمار مستندا على فرضية تزامن الاتصالات، فماذا بقي من هذا القرار بعدما تكشفت فضيحة الاختراق الاسرائيلي لقطاع الاتصالات في لبنان، وقدرة هذا العدو على تطويع الشبكة والتحكم بها تنصتا وتعقبا وخلق تزامنات ومكالمات وهمية وصولا الى «البصمات الصوتية» وزرع ارقام مدسوسة في الهاتف الخلوي كما جرى مع بعض المقاومين؟
يقول مواكبون لحركة المسعى السوري السعودي إنهم يملكون ما يمكنهم من التأكيد على ان هذا المسعى محصّن، بقاعدة ان الجميع في حاجة الى التسوية من بيروت الى دمشق الى الرياض وحتى كل المجتمع الدولي المعني بالشأن اللبناني، تداركا للأسوأ الذي قد ينتج عن قرار اتهامي سياسي، وكدليل ساطع على تلك الحاجة ان هذا المسعى بقي، او أبقي في منأى عن التأثر بكل الضغوط والضجيج الذي رافق انطلاقته بشكل جدي جدا، وتوصله في فترة لاحقة الى «معطيات ممتازة» وبت مجمل العناوين الرئيسية للتسوية، اذ لم يبق سوى بعض التفاصيل التي تنتظر وصول مستشار الملك عبدالله بن عبد العزيز الى دمشق في الايام القليلة المقبلة للبت النهائي بكل ما تم التوصل اليه، ولولا الوعكة الصحية التي ألمـّت بالملك عبدالله بن عبد العزيز، لما تأخر البت بها حتى الآن، وفي هذا السياق يجب ان نقرأ جيدا زيارة الرئيس سعد الحريري الى ايران والنتائج السياسية التي ستنتج عنها تباعا في المدى المنظور.
وأما في ما خص القرار الاتهامي ضد «حزب الله»، فهناك من يعتقد انّ ما صدر في قناة «سي بي سي» الكندية يشكل عيّنة من صيغة غير رسمية، قام بتسريبها أحد القضاة الكنديين لكبير المراسلين في القناة المذكورة ماكدونالد، وستتضمن في مكان آخر نصا واضحا حول كيفية اغتيال الحريري بدءًا من عملية الرصد ومراقبة الحريري قبل اشهر من اغتياله وصولا الى الميتسوبيشي ومصدرها ومن أتى بها ومن قادها ومن فخخها واين ركنت وكيف فجرت، انتهاء بدور مجموعة الهواتف المقفلة. الى جانب قرائن اخرى لها صلة بالبصمات الصوتية وفحوص الـ«دي ان اي». وهناك من يتحدث في فريق الاكثرية عن وجود شهود جدد في هذه القضية.
على ان معنيين بملف المحكمة والتحقيق يخالفون القائلين بصدور قريب للقرار، ويستند هؤلاء الى مضمون تقرير دبلوماسي غربي ورد الى مراجع مسؤولة وفيه:
ـ ان التحقيق الدولي قد توقف بالكامل منذ ان اعلن السيد حسن نصرالله وقف التعامل نهائيا مع المحكمة الدولية بعد حادثة العيادة النسائية. ولم يقم مكتب المدعي العام بأي خطوة يعتد بها منذ ذلك الحين.
ـ ان تسريب القناة الكندية «سي بي سي» قد ادى الى احداث ارباك كبير في المحكمة الدولية، وادى الى تجاذب جدي بين فريق المحققين، مع تبادل اتهامات، وقد احتج بيلمار لدى بعض المراجع الدولية على هذا التسريب الخطير والمسيء لمسار التحقيق.
ـ ان القرار الاتهامي لم يكتمل بعد، وقد حصلت محاولات حثيثة من قبل البعض في فريق التحقيق الدولي لاختراع قرائن وادلة تدين «حزب الله»، او لتوريط «حزب الله» في الاغتيال، الا ان هؤلاء فشلوا حتى الآن.
ـ ان هناك قناعة شبه تامة لدى البعض في فريق التحقيق الدولي بأنّ فرضية التزامن لم تعد قرينة اساسية يركن اليها في توجيه الاتهام الى اي طرف لبناني.
ـ ان اسرائيل تمارس ضغطا كبيرا جدا على المحكمة الدولية وفريق التحقيق بوسائل متعددة منها الاتصال المباشر بطرق استخبارية او دبلوماسية، للتعجيل بإصدار القرار الاتهامي ضد «حزب الله»، او من خلال ما تنشره وسائل اعلام العدو وكذلك ما يعلنه المستوى السياسي في اسرائيل، عبر التصريحات المتتالية التي وان كانت تتضمن في الشكل توقعات لصدور قريب للقرار وما سيحصل في لبنان بعد صدوره، الا ان تلك التصريحات تنطوي في مضمونها على مخاطبة مباشرة للمحكمة الدولية وبيلمار وبلغة «الأمر»: اصدر قرارك سريعا ضد «حزب الله».
ـ ان هناك كلاما غير مؤكد يتردد في بعض الاوساط المحيطة بالمحكمة الدولية يتحدث عن استقالات محتملة من المحكمة، ولكن ليس هناك ما يؤكد او ينفي ان يبادر بيلمار الى الاستقالة قبل اصدار القرار الاتهامي.
بناء على ما تقدم، تستغرب شخصية معنية بالتحقيق كيف ان المجتمع الدولي بالاضافة إلى البعض في لبنان يروجون للعدالة الدولية، كما رسمت طريقها اسرائيل في اليوم الثاني لاغتيال الحريري اي في الخامس عشر من شباط 2005، حيث قال وزير الدفاع الاسرائيلي شاوول موفاز في احتفال في قاعدة للجيش الاسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة «ان المعلومات التي لدينا تؤكد ان من قتل الحريري هي مجموعة ارهابية تابعة لسوريا». الغريب ان ما قاله موفاز حول تلك المجموعة، تبناه التحقيق الدولي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة؟!

Script executed in 0.19133901596069