قبل عيد الأضحى بأيام، كانت دمشق تستعد لاستقبال الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي كان يفترض أن يستقبل لاحقاً الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بينما كان الرئيس السوري بشار الأسد قد أبلغ أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هاتفياً بفحوى ما تم الاتفاق عليه مع المملكة.
كل الترتيبات كانت جاهزة لإبرام التسوية بشأن لبنان. فجأة أُعلن عن مرض الملك عبد الله، فتدحرجت المخاوف بأن يكون هناك ما قطع الطريق على التسوية، وانفرجت أسارير بعض المراهنين على انهيار الحلّ، لولا أن عاد التواصل السوري ـ السعودي بسرعة ليستدرك ما تسلل من تشاؤم، وليعيد النبض إلى شرايين مشروع التفاهم الذي حظي بمظلّة واسعة من الدول المتابعة للوضع في لبنان.
وإذا كانت هذه التسوية قد أُنجزت، فلماذا الانتظار؟
وفقاً للمعطيات المتوفرة، فإن بنداً وحيداً ما زال يخضع للنقاش، يتعلّق بمواعيد الخطوات الإجرائية للخروج من المأزق اللبناني. فهل يعلن رئيس الحكومة سعد الحريري «براءته» من القرار الظني والمحكمة الدولية قبل صدوره، أم بعد الصدور؟
تلك هي النقطة التي تستحوذ اليوم على مضمون الحوار، بعد أن كان النقاش حولها قد توقّف مع مرض الملك عبد الله. لذلك، فإن عدم الاتفاق عليها يؤخّر إنجاز التسوية التي أنجزت توافقاً على بند شهود الزور بإحالتهم على القضاء العادي، وكذلك على البنود الأخرى المتعلّقة بالخطوات اللاحقة لاستيعاب القرار الظني وإبرام الحلّ بصيغته اللبنانية، ومن بينها اللقاء بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس الحكومة سعد الحريري، كذلك إعلان الحريري دعمه المقاومة ورفض استهدافها، فضلاً عن السير دستورياً بالتعديلات على الصلاحيات الإجرائية لرئيس الجمهورية، والتفاهم مبكراً على قانون الانتخاب والشروع بإنشاء مجلس الشيوخ.
كل الجهات الخارجية باتت في صورة التسوية ومضمونها، لذلك فإن هذه التسوية تنتظر الخروج إلى النور بعد أن تُستأنف الاتصالات السورية السعودية التي اقتصرت خلال فترة مرض الملك عبد الله على التواصل الهاتفي، للتأكيد على استمرار العمل بذات الروحية، وأن شيئاً لم يتغيّر في ما تم الاتفاق عليه مسبقاً.
أين العقدة في البند العالق؟
تقول مصادر سياسية إنها سمعت في دمشق، نقلاً عن السعودية، أن الرئيس سعد الحريري يريد حفظ نفسه من تداعيات هذا الاتفاق، وأن سوريا أبلغت المملكة أنها مع هذا التوجه، وتقدّر الظرف الحساس للرئيس الحريري، لكن هناك تحدّيات كبيرة تتهدد لبنان، وهي على استعداد لمساعدته على تخطّي هذا الاستحقاق وتقديم الدعم اللازم لمنع الإضرار بموقعه وحضوره. كما أن «حزب الله» على استعداد لمواكبة هذا الجهد بما يضمن استيعاب نتائج القرار الذي سيتّخذه رئيس الحكومة. والأمر نفسه ينسحب على رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط. لكن هواجس الحريري تضيق من دائرة ردّ فعل الشارع إلى دائرة الحلفاء الذين قد «يجلدونه» في حال قام بالخطوات التي تنص عليها التسوية، لذلك فهو يطرح أفكاراً تتعلّق بمستقبل علاقته بهم، وضرورة فتح قنوات الاتصال معهم من أجل استيعاب رد فعلهم.
وعلى وقع النقاش في هذه النقطة، ضاق الحوار إلى حدوده الدنيا في الخطوات الإجرائية. سوريا و«حزب الله» يريدان أن تتّخذ الحكومة اللبنانية في جلسة قريبة قراراً محدداً من نقطتين: إحالة الشهود الزور على القضاء العادي، ودعوة المحكمة الدولية إلى عدم الأخذ بدليل الاتصالات الهاتفية كمعطى يبنى عليه لتوجيه الاتهام، وأن أي قرار ظني يستند إلى هذا الدليل يكون غير موضوعي في ظل الاختراق الإسرائيلي لشبكات الهاتف في لبنان والعبث الذي يمكن أن يكون قد افتعله بـ«داتا» الاتصالات.
أما الحريري، فإنه يبدي استعداده للسير في هذا القرار بشقيه، لكن بعد أن يكون القرار الظني قد اتضح رسمياً، بحيث يمكن عند ذاك الركون إلى مضمونه لقرار حكومي في هذا الصدد، لأنه يعتبر أنه من الخطأ التشكيك بالقرار والحيثيات التي قد يتضمنها قبل أن يُكشف مضمونه. وفي رأي الحريري أن استباق القرار الظني بالتصويب عليه سيسيء إلى صورته وإلى صورة الحكومة، وبالتالي ما هو ممكن بعد صدور القرار الظني قد يكون أكثر فاعلية ومصداقية مما يمكن أن يكون قبله.
عند هذه النقطة، يبدو النقاش مستمراً بين هاجس «حزب الله» من محاولة كسب الوقت حتى صدور القرار الظني، وبين هاجس الحريري من عدم القدرة على تحمّل تبعات الخطوات التي يُفترض أنه وافق على اتخاذها، بل شرع في التمهيد لها من طهران عندما أعلن التمسّك بحماية المقاومة ومعادلة «الجيش والشعب والمقاومة».
لكن هذا النقاش المعلّق منذ مرض الملك عبد الله سيُستأنف الأسبوع الحالي، وربما خلال ساعات، عندما يصل موفد الملك نجله الأمير عبد العزيز إلى العاصمة السورية، بعد أن يكون الحريري قد تلقى تشجيعاً فرنسياً للتسوية يعبّر عنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وعلى هذا الأساس، يمكن القول إن التسوية ستوضع خلال الأيام القليلة المقبلة على نار حامية لإنضاجها بصيغتها النهائية من دون معرفة المخرج المناسب للنقطة العالقة.
كل الترتيبات كانت جاهزة لإبرام التسوية بشأن لبنان. فجأة أُعلن عن مرض الملك عبد الله، فتدحرجت المخاوف بأن يكون هناك ما قطع الطريق على التسوية، وانفرجت أسارير بعض المراهنين على انهيار الحلّ، لولا أن عاد التواصل السوري ـ السعودي بسرعة ليستدرك ما تسلل من تشاؤم، وليعيد النبض إلى شرايين مشروع التفاهم الذي حظي بمظلّة واسعة من الدول المتابعة للوضع في لبنان.
وإذا كانت هذه التسوية قد أُنجزت، فلماذا الانتظار؟
وفقاً للمعطيات المتوفرة، فإن بنداً وحيداً ما زال يخضع للنقاش، يتعلّق بمواعيد الخطوات الإجرائية للخروج من المأزق اللبناني. فهل يعلن رئيس الحكومة سعد الحريري «براءته» من القرار الظني والمحكمة الدولية قبل صدوره، أم بعد الصدور؟
تلك هي النقطة التي تستحوذ اليوم على مضمون الحوار، بعد أن كان النقاش حولها قد توقّف مع مرض الملك عبد الله. لذلك، فإن عدم الاتفاق عليها يؤخّر إنجاز التسوية التي أنجزت توافقاً على بند شهود الزور بإحالتهم على القضاء العادي، وكذلك على البنود الأخرى المتعلّقة بالخطوات اللاحقة لاستيعاب القرار الظني وإبرام الحلّ بصيغته اللبنانية، ومن بينها اللقاء بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس الحكومة سعد الحريري، كذلك إعلان الحريري دعمه المقاومة ورفض استهدافها، فضلاً عن السير دستورياً بالتعديلات على الصلاحيات الإجرائية لرئيس الجمهورية، والتفاهم مبكراً على قانون الانتخاب والشروع بإنشاء مجلس الشيوخ.
كل الجهات الخارجية باتت في صورة التسوية ومضمونها، لذلك فإن هذه التسوية تنتظر الخروج إلى النور بعد أن تُستأنف الاتصالات السورية السعودية التي اقتصرت خلال فترة مرض الملك عبد الله على التواصل الهاتفي، للتأكيد على استمرار العمل بذات الروحية، وأن شيئاً لم يتغيّر في ما تم الاتفاق عليه مسبقاً.
أين العقدة في البند العالق؟
تقول مصادر سياسية إنها سمعت في دمشق، نقلاً عن السعودية، أن الرئيس سعد الحريري يريد حفظ نفسه من تداعيات هذا الاتفاق، وأن سوريا أبلغت المملكة أنها مع هذا التوجه، وتقدّر الظرف الحساس للرئيس الحريري، لكن هناك تحدّيات كبيرة تتهدد لبنان، وهي على استعداد لمساعدته على تخطّي هذا الاستحقاق وتقديم الدعم اللازم لمنع الإضرار بموقعه وحضوره. كما أن «حزب الله» على استعداد لمواكبة هذا الجهد بما يضمن استيعاب نتائج القرار الذي سيتّخذه رئيس الحكومة. والأمر نفسه ينسحب على رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط. لكن هواجس الحريري تضيق من دائرة ردّ فعل الشارع إلى دائرة الحلفاء الذين قد «يجلدونه» في حال قام بالخطوات التي تنص عليها التسوية، لذلك فهو يطرح أفكاراً تتعلّق بمستقبل علاقته بهم، وضرورة فتح قنوات الاتصال معهم من أجل استيعاب رد فعلهم.
وعلى وقع النقاش في هذه النقطة، ضاق الحوار إلى حدوده الدنيا في الخطوات الإجرائية. سوريا و«حزب الله» يريدان أن تتّخذ الحكومة اللبنانية في جلسة قريبة قراراً محدداً من نقطتين: إحالة الشهود الزور على القضاء العادي، ودعوة المحكمة الدولية إلى عدم الأخذ بدليل الاتصالات الهاتفية كمعطى يبنى عليه لتوجيه الاتهام، وأن أي قرار ظني يستند إلى هذا الدليل يكون غير موضوعي في ظل الاختراق الإسرائيلي لشبكات الهاتف في لبنان والعبث الذي يمكن أن يكون قد افتعله بـ«داتا» الاتصالات.
أما الحريري، فإنه يبدي استعداده للسير في هذا القرار بشقيه، لكن بعد أن يكون القرار الظني قد اتضح رسمياً، بحيث يمكن عند ذاك الركون إلى مضمونه لقرار حكومي في هذا الصدد، لأنه يعتبر أنه من الخطأ التشكيك بالقرار والحيثيات التي قد يتضمنها قبل أن يُكشف مضمونه. وفي رأي الحريري أن استباق القرار الظني بالتصويب عليه سيسيء إلى صورته وإلى صورة الحكومة، وبالتالي ما هو ممكن بعد صدور القرار الظني قد يكون أكثر فاعلية ومصداقية مما يمكن أن يكون قبله.
عند هذه النقطة، يبدو النقاش مستمراً بين هاجس «حزب الله» من محاولة كسب الوقت حتى صدور القرار الظني، وبين هاجس الحريري من عدم القدرة على تحمّل تبعات الخطوات التي يُفترض أنه وافق على اتخاذها، بل شرع في التمهيد لها من طهران عندما أعلن التمسّك بحماية المقاومة ومعادلة «الجيش والشعب والمقاومة».
لكن هذا النقاش المعلّق منذ مرض الملك عبد الله سيُستأنف الأسبوع الحالي، وربما خلال ساعات، عندما يصل موفد الملك نجله الأمير عبد العزيز إلى العاصمة السورية، بعد أن يكون الحريري قد تلقى تشجيعاً فرنسياً للتسوية يعبّر عنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وعلى هذا الأساس، يمكن القول إن التسوية ستوضع خلال الأيام القليلة المقبلة على نار حامية لإنضاجها بصيغتها النهائية من دون معرفة المخرج المناسب للنقطة العالقة.