أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

نداء استغاثة إلى طائرة الحريري!

الخميس 02 كانون الأول , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,217 زائر

نداء استغاثة إلى طائرة الحريري!
«العدالة بدون القوة عجز.
والقوة بدون العدالة طغيان»
بليز باسكال
(كاتب وعالم فرنسي من القرن السابع عشر)
لم يتوقف أحد عند المناسبة التي ألقى في إطارها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله خطابه الأحد الماضي، الذي لا تزال تداعياته تتفاعل إلى الآن. كذلك، لم يتوقفوا عند الدلالة التي يمثلها الوقت الذي يفصلنا عن القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وقد بدا انه وضع أمامه ساعتين رمليتين، واحدة تابعة للرئيس سعد الحريري وفريقه والداعمين له لبنانيين وعرباً وأجانب، وواحدة للمقاومة والتيار الذي يقف الى جانبها في الداخل والخارج.
من هنا، فإن الوقت الذي يمضي ويظن الفريق الذي يعتبر ان لـ«حزب الله» علاقة «ما» باغتيال الحريري، إنما هو وقته هو، أي الفريق، وليس وقت المقاومة التي لم تحرّك ساعتها الرملية إلى الآن، في انتظار نتائج المسعى السعودي ـ السوري الذي أكد نصر الله ان أمله كبير في نجاحه.
وبالعودة إلى المناسبة التي ألقى نصر الله في إطارها خطابه الهادئ والحاسم، في آن واحد، لأنه أعطى الفريق الحريري مهلة قد تكون الأخيرة لاتخاذ موقف من القرار الاتهامي والمحكمة «قبل فوات الأوان»، فإنها الاحتفال بذكرى مرور 25 سنة على قيام التعبئة التربوية في «حزب الله»، وهي المؤسسة التي حلّت مكان الكثير من المؤسسات التربوية والجامعية الرسمية والخاصة خلال الأحداث اللبنانية، وتحمّلت مسؤوليات إدارية ومالية واجتماعية، اثر سقوط الدولة في قبضة الميليشيات، وترك المدارس تحت رحمة الأقدار. ويومها واجه التلاميذ والطلاب أخطار التشرد والالتحاق بالميليشيات وجبهات القتال بدلا من دخول المدارس ومتابعة التحصيل العلمي على كل المستويات، من الابتدائي حتى الجامعي.
وساعدت أجهزة التعبئة التربوية، على ما عُرف عنها، البلديات والهيئات المدنية على فتح مدارس، ودعم الأقساط، وتحمّل أجزاء مهمة من الرسوم المدرسية، عبر مساعدات مالية تلقتها من مصادر عدة، أبرزها إيران التي زارها الرئيس سعد الحريري قبل أيام، واعترف، للمرة الأولى، بأنها «تريد الخير للبنان»، بعدما كان قذفها هو وفريقه بأبشع النعوت، من الشهوات «الإمبراطورية» و«الفارسية»، إلى العمل على تعريض استقرار لبنان للخطر بدعمها المقاومة ومؤسساتها المختلفة، وبينها التعبئة التربوية. وقد باتت إيران اليوم، بعد زيارته لها، قوة إقليمية مهمة، وعاملاً داعماً للاستقرار في لبنان والمنطقة!؟
هذه المؤسسة عرضت أمام نصر الله واللبنانيين والعرب بعض حصاد أعمالها للسنة 2010، وهو تخريج ثلاثة آلاف شاب وشابة في مختلف المجالات التربوية والاختصاصات. وكانت سبقتهم إلى التخرج في السنوات والعقود الماضية مجموعات مماثلة، شكّلت رافداً للمقاومة، بالتقنيات والعلوم الحديثة، في الجبر والهندسة والتكنولوجيا الرقمية والرياضيات والكومبيوتر والاتصالات، مما تعجز عن توفيره أقوى الجيوش في العالم. وقد ظهرت فاعلياتها في ميادين القتال، حيث تحتاج معظم الأسلحة إلى معرفة بالرياضيات والهندسة، وخصوصاً هندسة الكمبيوتر وبرمجياته. وقد استطاعت المقاومة بواسطتها تعقّب الطائرات الإسرائيلية التي كانت تصوّر لبنان من فوق، وترصد تحركات الرئيس رفيق الحريري قبل اغتياله، ونجحت في اعتراض البث الذي كان موجهاً نحو مراكز الالتقاط في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونقلت صوره إلى أجهزة المقاومة حيث حُفظت. وقد ساعد ذلك على إحباط عملية انصارية التي اعترف بها الجيش الإسرائيلي، كما ساهم في توثيق القرائن التي جمعها «حزب الله» عن الدور الإسرائيلي في اغتيال الحريري، وخصوصاً الرصد الجوي لتحركاته قبل الاغتيال. وهي القرائن التي طلبها النائب العام في المحكمة الدولية دانيال بلمار من الدولة اللبنانية وأُرسلت إليه بدون معرفة مصيرها، نظراً إلى ان السلطة التي طلبت القرائن من المقاومة لم تتابعها مع المحكمة، لا بل أغرقها بعض المحيطين بالفريق الحريري، بفيض من التشكيك في صحتها التي أكدتها إسرائيل... ويا للأسف. ودل ذلك على جهل وأمية، بل كيدية، في إصرار على اتهام «حزب الله» بأنه يقف وراء اغتيال الزعيم اللبناني الكبير، وإبعاد احتمال تورط إسرائيل في العملية!
ولا تحسبنّ يا دولة الرئيس سعد الحريري انك تستطيع أن تأخذ الدولة رهينة في طائرتك، بتعطيلك عجلة الدولة ورفض إشراك الآخرين في القرار السياسي، والتهرب من محاكمة شهود الزور واتخاذ موقف حاسم من موضوع القرار الاتهامي، علماً بأن التطبيق المجتزأ للطائف جعلك سلطاناً مستبداً، إذ لا أحد في غيابك يستطيع جمع مجلس الوزراء، لا نائب رئيس المجلس الذي هو مجرد صورة، ولا حتى رئيس الجمهورية.
فماذا تراك تنتظر؟
أن يصدر القرار الاتهامي ضد «حزب الله» وأنت في الفضاء على علو 36 ألف قدم، لا خطر عليك ولا مسؤولية؟
لقد آن الوقت للنزول من البرج العاجي الفضائي الذي رفعت نفسك إليه، كأنك فوق مستوى مواطنيك، للنظر إلى ما يريده الثلاثة آلاف شاب وشابة الذين كانوا الأحد في مجمع سيد الشهداء، وسبقهم مئات مثلهم في جامعات لبنان هذه السنة، يحتاجون جميعهم إلى العمل، بعد العلم، قبل ان يبتلعهم اوقيانوس الهجرة.
فهلا نزلت أيتها الطائرة بالحريري على الأرض. فلبنان الذي أحب والده، وبكى عليه ولا يزال، هو في انتظاره لإنقاذه وتحقيق أماني شبابه وشاباته.
[email protected]

Script executed in 0.21868395805359