ومن المرجّح أن تلقي الطبيعة أمطارها المتفرّقة، فيما تتساقط الثلوج على المرتفعات بدءاً من 1500 متر، بعدما كست المرتفعات التي تعلو 900 متر، محاصرة عددا من القرى والبلدات من جنوب لبنان إلى شماله. إلا أن العاصفة المتوقعة يوم الجمعة المقبل ستقتصر على الأمطار ولن تشبه تلك التي شهدها لبنان خلال اليومين الماضيين، بحسب مدير عام مؤسسة الأبحاث الزراعية ميشال إفرام.
وقد قست العاصفة على أربعة أولاد في منطقة عكار، فخسروا أمهم من جرائها. كما حاصرت عدداً من المرضى في بلدة كفرقوك في البقاع الغربي، وعائلة في بلدة مشمش العكارية.
وكانت سبباً في تفشي حالات السرقة لموجودات بعض المقاهي والمطاعم البحرية المتضررة والمجاورة لجسر المدفون في منطقة البترون. إلى تلك الحالات الخاصة، كانت آثار العاصفة جامعة، فطالت المزروعات وألحقت أضراراً في الطرقات الساحلية والجبلية حيث سجلت بعض الانهيارات... فيما التزم عدد من تلامذة لبنان وطلابه منازلهم، بسبب إقفال عدد من المدارس وتأجيل امتحانات جامعية.
وانقطع التيار الكهربائي عن عدد من المناطق بسبب الأضرار المختلفة التي لحقت بالقطاع، فضاقت سبل العيش لدى عدد من المواطنين، إذ توقفت أفران بعض القرى والبلدات عن العمل، وأضحى من المستحيل الاستعانة بالكهرباء للتدفئة. كما نفدت وسائل التدفئة الأخرى، من مازوت وغاز وحطب لدى عدد كبير من تجّارها.
وإذا كانت تلك هي الحال في البلدات والقرى الجبلية، حيث وصل ارتفاع الثلوج إلى أكثر من متر، فإن الساحل اللبناني لم يسلم من الأضرار. إذ اغتالت الأمواج عدداً من المراكب التي ارتاحت إلى تغلّب الصيف على الشتاء، كما عبثت بشباك الصيادين وأدواتهم، من دون أن تسلم المقاهي والمطاعم البحرية من بعض الأضرار. كما بعثرت العاصفة في موجودات عدد من المطاعم المحيطة بالأنهر، لا سيما وأن نسبة المتساقطات بلغت 176،4 ملم، ووصل المعدّل إلى 233 ملم.
العريضي: الصيادون أشد المتضررين
أمام الواقع، عملت فرق الإنقاذ التابعة لوزارة الأشغال العامة على فتح الطرقات المقطوعة، وقد عصيت عليها طريق ينطا البقاعية وطريق شبعا التي فتحت في ساعات متأخرة من النهار، حسبما أشار وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي. وقد اعتبر أن العاصفة «كانت لتكون أضرارها أشد على المواطنين في الساحل لولا خطة تنظيف مصارف المياه وحوافي الطرقات التي بدأتها الوزارة منذ سنتين. ولهذه الأسباب، لم يعلق الناس في برك المياه على الطرقات والأتوسترادات الساحلية».
وأكّد أن عديد الوزارة وعتادها، من عناصر وجرافات، كافية وإنما «تحتاج تلك الأخيرة إلى تحديث أو استبدالها بأنواع جديدة. وقد عرضنا بند شراء جرافات جديدة للمناقشة خلال جلسة مجلس الوزراء»، لافتاً إلى أن الأموال الخاصة بشراء ست آليات جديدة مدرجة في الموازنة.
إلى ذلك، اعتبر العريضي أن الانهيارات التي أصابت الطرقات الجبلية طبيعية، سببها إنزلاق الأتربة، وهي مدرجة في إطار العوامل الطبيعية. وكشف أن الوزارة ستبدأ بمسح الأضرار التي طالت الطرقات والمرافئ، معلناً أن الصيادين هم الأكثر تضرراً. ودعا إلى تنظيم قطاع الإعلانات الذي «لم يتضرر بفعل العاصفة الا لعدم مراعاته أصول زرع الإعلانات على جوانب الطرقات، تماماً كما تضررت بعض معارض السيارات بسبب إقفال أصحابها لبعض القنوات وتحويلها إلى ممرات، وهو أمر أثرناه أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة لإيجاد حلّ له». وأوضح أنه وضع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في أجواء الإجراءات والخطوات المتخذة، شاكراً اتحادات البلديات التي قامت بواجبها خلال يومي العاصفة.
وإذ تحدثت بعض الأوساط عن احتمال تجدّد العاصفة ليل الجمعة – السبت المقبل، أكّد العريضي أن الإجراءات نفسها سوف تتخذ «مع زيادة في الاستنفار».
الجمعة المقبل: أمطار، لا عاصفة
في حين أعلنت مصلحة الأرصاد الجوية ان ما سيشهده لبنان يوم الجمعة المقبل ليس عاصفة تشبه تلك التي طالته خلال اليومين الماضيين، كشف مدير عام مؤسسة الأبحاث الزراعية ميشال إفرام أن يوم الجمعة سيحمل أمطاراً لا عاصفة. ووصف الطقس الذي عصف بلبنان أخيراً بـ»غير الاعتيادي نظراً لسرعة الرياح التي وصلت إلى 125 كيلومتراً في الساعة، وغزارة الأمطار وكمية الثلوج التي سقطت خلال أربع وعشرين ساعة». واعتبر إفرام أن ذاك الطقس يندرج في سياق تضخّم العوامل الطبيعية، مؤكداً أن العاصفة «لن يكون لها تأثير سلبي على مسار الطبيعة بل على العكس، سيكون إيجابياً»، ناصحاً المزارعين بالبدء بعمليات التشحيل لكافة أنواع الأشجار المثمرة والكروم، لا سيما وقد طالتها أضرار كثيرة. وكان عدد من المزارعين في مختلف المناطق اللبنانية قد أفادوا بأن نسبة أربعين أو خمسين في المئة من محاصيلهم تعرضّت للأضرار.
على صعيد آخر، أعلن رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء يحيى رعد أن الهيئة استهلت مسحها لكافة المناطق اللبنانية، من دون أن يملك تفاصيل عن حجم الأضرار «لأن المتضررين أنفسهم لم يتمكنوا من تقديرها بعد»، كما اوضح لـ»السفير». لكنّه أشار إلى أن الصيّادين هم الأكثر تضرراً.
ولفت إلى طلب الهيئة الاستعانة بلجان من الجيش اللبناني، خصوصاً وأن المسح يتطلب وقتاً، معلناً أن الجهة التي ستتولى المسح في الهيئة هي المكتب الاستشاري لشركة «خطيب وعلمي» الهندسية.
وإذ وعد رعد بأن «يقوى زخم المسح بعد انحسار العاصفة»، أكّد أن العمل الذي تقوم به الهيئة يعتبر «ربحاً للوقت، لأن مجلس الوزراء لم يقرّ مسألة التعويضات بعد».
أضرار الكهرباء
وكانت «مؤسسة كهرباء لبنان» قد أعلنت في بيان لها أمس، أن «العاصفة أدت إلى حصول أعطال عديدة طالت معامل الإنتاج وشبكتي النقل والتوزيع، ما أدى الى انخفاض التغذية بشكل ملحوظ في المناطق اللبنانية كافة».
وقد توقفت المجموعة البخارية في معمل الزهراني عن العمل بسبب انهيار قسم من جبل النفايات في صيدا في البحر. بينما توقفت مجموعات معمل الجية الحراري ومجموعتان في معمل الذوق عن العمل بسبب الصدمات التي تعرضت لها الشبكة بفعل قوة العاصفة، بالإضافة الى النفايات التي قذفتها الامواج الى مأخذ مياه تبريد المجموعات في معمل الذوق، ما ادى الى انسدادها.
كما أشارت الشركة إلى تعطل العديد من خطوط النقل، و»خصوصا التوتر 150 ك.ف. التي تربط معمل الجية بمحطتي بصاليم والجمهور بفعل الصواعق». وتوقف استجرار الطاقة الكهربائية بشكل كامل من سوريا ومصر بفعل تراكم الثلوج.
وأكّدت ان الفنيين «يبذلون اقصى الجهود لتصليح الاعطال في معامل الانتاج وخطوط النقل، على أن يكون قد عاد الوضع تدريجياً الى ما كان عليها قبل العاصفة منذ الأمس. كما ان الفرق الفنية في المؤسسة تعمل على تصليح الاعطال الطارئة على مستوى التوزيع على مدار الساعة، وذلك ضمن الامكانيات المتاحة وبالرغم من الصعوبات العديدة والنقص في العناصر البشرية».