أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«حزب المحكمة»

السبت 18 كانون الأول , 2010 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,084 زائر

«حزب المحكمة»
يطلب السيد حسن نصر الله، من فريق المحكمة اللبناني، أن يقف على الحياد. فالمقاومة، قادرة وحدها، على هزيمة المحكمة، وإبطال مفعول القرار الاتهامي، وإعادة المسألة إلى أصلها: المواجهة بين سلاح المقاومة، وبين اسرائيل ومن معها، هناك وهنالك و... هنا طبعاً.
لدى فريق المقاومة يقين، بأن المعركة ستسفر عن سقوط المحكمة بالضربة القاضية، بعدما ثبت، لهذا الفريق على الأقل، على أن المحكمة مطعون في دستوريتها وشرعيتها، ومطعون في آلياتها ومهنيتها، ومطعون بنزاهتها وتجردها، ومطعون بحيادها وموضوعيتها، ومطعون بأخلاقها وسلوكها... ومطعون مسبقاً بقرارها الاتهامي، و«بالحقيقة» الزائفة التي ستصنعها، من خلال شهود زور مفترضين، وشهود اتصالات مخترقين.
لدى فريق المقاومة، يقين واطمئنان، أن نصف المعركة قد نجح، وأن النصف الآخر، سيكلل بالفوز... إنما...
إنما المشكلة، ليست مع المحكمة الخاصة بلبنان، وحدها. المشكلة، كل المشكلة، مع «حزب المحكمة» في لبنان، وهو حزب منتشر في الطائفة السنية، وفي بعض المسيحيين، وبعض من لا مطرح له. فهؤلاء، يصرون على أن المحكمة، متمكنة من شرعيتها الدولية، ولا قوة فوق قوتها، ولا أحد يستطيع أن يزحزحها، وليس بمقدور قوة محلية أو اقليمية ان تغير في حضورها وعملها وسطوتها، وأنها ممتعةّ بالحصانة المهنية والأخلاقية و... ضاربة الصفح عن أخطاء كارثية، ارتكبها ديتليف ميلس ومعاونه، وضاربة عرض الحائط بفضيحة شهود الزور، وضاربة عرض الحائط باتهام دمشق السالف، وضاربة عرض الشارع، بما يتسرب من إخبارات المحكمة، واتهام التسريب لعناصر وازنة في المقاومة.
المشكلة مع «حزب المحكمة» في لبنان، تماماً، كما كانت قبل السابع من أيار عام 2008. يومها، لم تكن مع اسرائيل، التي دمرت ودمرت ودمرت وخرجت خائبة في آب 2006. ويومها، لم يحاسب حزب الله، الذين قبلوا كوندوليسا رايس، ولا الذين استضافهم جيفري فيلتمان في السفارة الأميركية، ولا الذين طوبوا دايفيد وولش، مرشداً أميركياً لثورة الأرز، ولا حاسب وتابع حفلة الشاي في ثكنة مرجعيون...
كان حزب الله قادراً على هضم هذه الخروقات، لأن مواجهتها، تنكأ الجراح المذهبية المزمنة، وتعطي اسرائيل، فرصة التفرج على ما أنتجته حربها على اللبنانيين، لتكبيد المقاومة خسائر داخلية، باهظة الكلفة.
حيّد «حزب الله» نفسه عن كل هذه الأمور. كان يشبه آلة تسجيل، من دون أن يكشف سجلاته. هو يقول، إنه أغنى من موقع ويكيليكس، في ما خص مواقف «حزب المحكمة» وأسرارها. غير أن أسانج تفوق على الحزب، في كونه أفصح عما عنده، فكشف لنا ما دار بين وزير دفاع لبنان، وبين السفيرة الأميركية، فظهر وكأننا في وطن، جيشه على الحياد، في معركته الكبرى. وأن الجيش طبقات طائفية، منها الممتاز ومنها الرث ومنها الغث. كما كشف لنا، ما دار بين طرف عربي داعم لحزب المحكمة وبين السنيورة، لتأليف «فيلق» عربي يتصدى لحزب الله وينزع سلاحه، إضافة إلى ما ارتكبه وليد جنبلاط (الحليف المتنقل من إلى ثم من إلى وهكذا دواليك، مطمئنا إلى العفو الذي يكتسبه بعد كل احتفال جنوني) ومن معه من قيادات آذارية، على اتصال بوزارة الاتصالات، التي أشعلت نيران السابع من أيار.
يخبئ حزب الله ما لديه. لا يكشف عن شيء لاعتبارات داخلية. «ويكيليكس» اللبناني غير موجود. لم يمر من عندنا بعد. علماً، لو أن حزب الله، يكشف عما لديه ـ إذا كان لديه ما لديه ـ فإن النفق المتبقي من المعركة يكون قد أنجز... لأن معركة إسقاط المحكمة، لا تصل إلى خواتيمها، إلا بإسقاط «حزب المحكمة» بالبرهان قبل إلزامه بالتخلي عنها، «بالومى» أو «بالإشارة» أو «بالتهديد المبطن».
ثبت أن «حزب المحكمة» حصين، لأنه محصّن بفائض الضعف العسكري، فقوة فائض الضعف، تكاد توازي «فائض القوة» لدى حزب الله. فهو، في تحصنه «بقناعاته» و«خياراته» و«محكمته»، رمى بثقله كاملاً، عندما أعلن انسحابه من امتحان القوة... فكل قوة المقاومة، لم تعد مجدية، إزاء من قرر عدم المواجهة، واعتماد اللجوء إلى «قوة 14 آذار في ضعفها»، فلا تطلبوا منها أكثر من ضعفها. ضعفها منعتها. ضعفها هو غاندي لبناني هجين ولكنه ذو فعالية.
وحدها الوثائق، قادرة على طي صفحة المحكمة. لقد أسقطت المحكمة، لدى فريق لا يحتاج إلى براهين دامغة على انحيازها وعلى سوء أدائها. أسقطت محكمة بلمار، بالتدريج. أما حزب المحكمة، فلا يزال حياً يرزق، وينشط برغم السين سين، وينتظر القرار الظني، ليصير منصة إضافية له. (وكل كلام آخر طوباوي ومنافق). وحدها الوثائق، التي تكشف رواية حرب تموز، وروايات التعاون، وروايات تلفيق شهود الزور، تلعب الدور الحاسم، في الزام «حزب المحكمة» على التخلي عن عقيدة «الحقيقة الاتهامية لسوريا ثم لحزب الله».
فهل يأتي زمن ويكيليكس اللبناني أم ننتظر فصلاً جديداً من المواجهة في المؤسسات الرسمية ثم في الشارع ثم... الله أعلم.

Script executed in 0.18949007987976