كتب المحرر السياسي في جريدة البناء
هل أصبح لبنان على قاب قوسين أو أدنى من الولوج في باب الحل.. أم اننا على طريق تسوية ما، تنقذ البلد من الانجرار الى المأزق في ضوء ما يشهده من انقسام عمودي حاد عماده قضية المحكمة الدولية والقرار الظني المفبرك على خلفية «شهادات» الشهود الزور غير الآيل ملفهم الى البت والحسم؟
أحد سفراء الاجتماع الدبلوماسي الرباعي الذي عقد في دار السفارة السعودية أخيراً وحضره سفراء سورية، السعودية، ايران ومصر، قال حسب ما نقل عنه لـ»البناء» أحد السياسيين المقربين وفي لقاء خاص على هامش احتفال رسمي: «ان المقبل من الأيام القليلة بعد الأعياد، يقصد الميلاد ورأس السنة، سيكون مطمئناً لكل اللبنانيين إن شاء الله».
وعندما سأله السياسي المقرَّب ما إذا كان يقصد بكلامه الوضع الأمني، أجاب السفير: «لا استقرار أمنياً من دون استقرار سياسي، ونحن نطمئنكم من الاتجاه السياسي».
كلام نصرالله
انسحاباً على كلام السفير، يأتي ما قاله مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع لـ»البناء» من ان كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير ـ يقصد في التاسع والعاشر من عاشوراء ـ لم ولن يمر مرور الكرام في دوائر المحكمة الدولية، ومقار كل المهتمين بأمرها، وخصوصاً ما قاله السيد حول الرشى وبازار بيع الوثائق الموثقة بالأسماء والصور وبالآلاف من الدولارات، وهو الذي لا يتكلم إلا بما هو واثق منه، وكل كلامه موضع كامل الثقة، ما يطرح بالتالي ألف سؤال وسؤال، حول التعاطي مع هذه الوثائق بهذه الخفة وبهذه الحفنة من الدولارات، ما يخلص الى سؤال بارز وأساسي وهو: ما هو المبلغ الذي تقاضاه كاتب القرار الظني من خلال ما فبركه واستحدثه من وثائق ذهبت باتجاه اتهام فريق معيَّن بجريمة الاغتيال؟
وإذا كان السؤال هنا: هل ستستطيع هذه المحكمة مواصلة الهروب الى الأمام والتهديد والوعيد بين الفينة والأخرى بقرب صدور القرار المفبرك؟ فإن الاجابة هي انه لم يعد باستطاعة هذه المحكمة وبعد كل المعلومات والوثائق، اصدار هذا القرار بالطريقة والمضمون اللذين تريدهما.
معطيات إيجابية
حيال هذه المعطيات، يقرأ مصدر سياسي مطلع ايجابيات سيحملها مطلع العام الجديد، ايجابيات مبنية على سلسلة معطيات محلية واقليمية ودولية، وسيسأل المصدر المطلع نفسه هل سيُقدم رئيس الحكومة سعد الحريري على السير بالحل أو التسوية المرسومة ويغادر منطقه الرمادي المعتمد؟ كما يسأل المصدر في الموازاة هل ستبقى واشنطن على طريق العرقلة وتمنع الوصول الى أي حل؟
لقاء قريب
وما يندرج في سياق هذه المعطيات الايجابية وفق المصدر السياسي المطلع، ان لقاءً سعودياً ـ سورياً مرتقباً على قاعدة الانجاز لا التداول، وهو ما سيحصل في وقت قريب من خلال زيارة سيقوم بها نجل الملك السعودي الأمير عبد العزيز الى دمشق.ويقول المصدر: يبدو ان القمة السورية ـ الفرنسية في باريس لم تكن بلا مردود، وان العدو «الإسرائيلي» وبعض أدواته حاولوا تسخيف ما تمخضت عنه تلك الزيارة.
جون كيري
كما ترددت في هذا السياق معلومات عن ان مرشح الرئاسة الأميركي السابق جون كيري طلب خلال زيارته الأخيرة الى سورية إدخال الولايات المتحدة الأميركية طرفاً في المسعى السوري ـ السعودي، فقيل له ما قيل في باريس بأن المطلوب دعم هذا المسعى وتشكيل شبكة حماية له لا دخول أطراف أخرى فيه.
الحكومة العراقية
في السياق الايجابي ذاته يقول المصدر ما يندرج في إطار المسألة العراقية الآيلة الى الحل بدءاً من اليوم وفق العديد من القراءات التي ستنتج حكومة بعد طول انتظار، وهذا ما أكده السفير العراقي أمس، حين قال: ان حكومتنا ستبصر النور قريباً والمسألة لا تتعدى الساعات الـ72.
فيلتمان ومشهدي العراق ولبنان
من هنا فإن باب المناورة يطبق شيئاً فشيئاً على الأميركي، فماذا سيقول السفير فيلتمان بعد كل هذه المعطيات، وهو الذي كان يقول ما حرفيته وفق ما نقل عنه: «خلينا نخلص من المشهد العراقي لنرى ماذا سيحصل في المشهد اللبناني؟».
اضافة الى كل ذلك يتابع المصدر فيقول: هناك أيضاً الدور الفرنسي من خلال المسعى الذي يقوم به الرئيس نيقولا ساركوزي الضاغط بامتياز على عدم الاستعجال في صدور القرار الظني، وهذا ما صدر عن الاليزيه بعد اللقاء الهام مع الرئيس الأسد أخيراً.
أمام هذا المشهد العراقي والدولي والاقليمي، يعود المصدر الدبلوماسي الأوروبي الرفيع ليقول ان الأميركي مدرك تمام الادراك ان انعكاسات سلبية سياسية سيحصدها من خلال خروجه سياسياً من لبنان اذا ما وقعت الواقعة، وهو يدرك تماماً ردة فعل حزب الله حيال هذا الأمر، وسيحاول بشتى الطرق والوسائل تحسين الشروط لضمان بقائه لاعباً على الساحة اللبنانية، من خلال ما بات يعرف بالتسوية أو الحل.
لا نستطيع
المصدر نفسه يعود بالذاكرة الى الوراء ويحاكي فريق الرابع عشر من آذار بكامله، فيما تكثفت اتصالاتهم مع الأميركيين ابان أحداث السابع من أيار، وكانت تردهم الأجوبة بأننا لا نستطيع ان نفعل لكم شيئاً، ومنذ العام 2008 الى اليوم لم يتغير شيء ولن يستطيع الأميركي فعل أي شيء.
المصدر الدبلوماسي الرفيع يختم فيقول: التسوية السورية ـ السعودية شبه منتهية ولا تنتظر إلا اللمسات الأخيرة وتحديد المكان والزمان والحضور لتوقيعها، وان الرئيس الحريري، لن يتجرأ على رفض ما سيطلبه الملك عبدالله في ظل الغطاء العربي والدولي والاقليمي، وسيوقّع بالأحرف الأولى على تفاصيل الاتفاق.
تراجع منسوب التصعيد
هذا المناخ الخارجي المشجّع انعكس على الساحة السياسية الداخلية في نهاية الأسبوع، حيث تراجع منسوب التصعيد والتوتر بشكل ملحوظ، وإن كانت السجالات الإعلامية لم تتوقف، ولا سيما ان الأمور واسباب التباين لا تزال على حالها.
وفيما تحدثت المعلومات عن مشاورات سيجريها رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة هذا الأسبوع للدعوة الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء بين الميلاد ورأس السنة، قالت مصادر مطلعة انه لم يطرأ أي تغير على المواقف والأجواء التي سبقت وتخللت الجلسة الماضية بشأن ملف الشهود الزور، مشيرة الى انه يفترض ان تجري مشاورات ومداولات في هذا الشأن للتفاهم على هذا الموضوع من أجل نجاح الجلسة المنوي عقدها.
وفي هذا المجال، نقل عن الرئيس نبيه بري أمس تأكيده انه ما زال على اقتراحه الذي طرحه أخيراً في شأن ملف الشهود، مشدداً أيضاً على أهمية محاكمة الشهود الزور بدل التلهي بالبدع والفتاوى القانونية والدستورية.
وأعرب بري عن استعداد المعارضة للمشاركة في أي جلسة لمجلس الوزراء، مكرراً ان الموضوع ليس عندنا.
مشاورات رئاسية
وفي الاطار نفسه، ذكرت مصادر مطلعة لـ»البناء» مساء أمس، انه لا يستبعد ان تجري خلال الأسبوع مشاورات بين قصر بعبدا وكل من عين التينة وبيت الوسط لاعادة البحث في موضوع الخروج من الأزمة الراهنة بشأن ملف الشهود الزور، لكنها أضافت انها لا تتوقع الوصول الى نتائج ايجابية ما دامت المواقف على حالها، ولا سيما ان الرئيس الحريري مصر على عدم احالة الملف المذكور الى المجلس العدلي.
رعد: ضجيج وقرقعة
في المواقف، كان الأبرز أمس، لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي انتقد الجلبة الداخلية «من ضجيج وقرقعة لا شأن لحزب الله بها»، وأكد في الوقت نفسه ان الحزب يعمل للحوار وللانقاذ من المؤامرة الدولية. وقال اننا نمد أيدينا الى كل من شاركنا هذه الأهداف ونريد تفاهماً يحفظ البلاد من شر فتنة يريد «الإسرائيليون» استدراج البعض إليها.
بريطانيا قلقة
ولفت أمس كلام لوزير الخارجية البريطاني وليام هيغ يعكس مواقف وطبيعة الحركة الأميركية حيث أعرب عن قلقه حيال الوضع في لبنان، متخوفاً من حصول أزمة واندلاع أعمال عنف في الشهر المقبل في لبنان، مجدداً تأكيد بلاده على دعم المحكمة، ولافتاً الى زيادة المساهمة المالية البريطانية فيها كما فعلت الولايات المتحدة.