أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الوزراء يتبلّغون قرارات... لم يُصدروها

الثلاثاء 21 كانون الأول , 2010 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,776 زائر

الوزراء يتبلّغون قرارات... لم يُصدروها
قرر رئيس الحكومة سعد الحريري أن يذهب في المواجهة مع فريق «المعارضة السابقة» إلى حدّ تزوير محاضر جلسات مجلس الوزراء. ففي ظلّ الاتهامات المتبادلة بتعطيل «مصالح الناس»، فوجئ الوزراء أمس ببريد صادر عن الأمين العام سهيل بوجي يبلغهم فيه أنهم اتخذوا قرارات في الجلستين الأخيرتين من دون أن يكونوا على علم بذلك! وهذا ما قد يستدعي ردّاً قاسياً لمنع تسجيل سابقة تسمح لاحقاً بالالتفاف على أولويّة بتّ ملف شهود الزور، بحسب ما قاله أحد الوزراء لـ«الأخبار». وتحدثت المعلومات المتداولة ليلاً عن دور أساسي لبوجي في هذا الأمر.

في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 15/12/2010، وقبل البدء بمناقشة البنود المدرجة على جدول الأعمال وعلى رأسها بند ملف شهود الزور، قدّم وزير الطاقة والمياه جبران باسيل مداخلة سياسيّة، فاتهم الفريق الآخر بعرقلة تسيير الشؤون الحيويّة التي لا تحتاج إلى قرارات من مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن وزيرة المال ريا الحسن تمتنع منذ شهور طويلة عن سداد مستحقات الشركة المصريّة القابضة للغازات الطبيعيّة EGAS عن الفترة من أيلول 2009 حتى اليوم، محذّراً من أن الاستمرار بهذا السلوك قد يؤدي إلى وقف توريد الغاز إلى معمل دير عمار الكهربائي، ما يكبّد الخزينة نحو 250 مليون دولار سنوياً أكلافاً إضافيّة نتيجة الاضطرار إلى العودة إلى استعمال المازوت في تشغيل هذا المعمل.
عندها، استفسر رئيس الجمهورية ميشال سليمان الأمر من الوزيرة الحسن، فزعمت أنها تحتاج إلى تفويض من مجلس الوزراء لسداد هذه المستحقات، فردّ الرئيس سليمان بالقول: «أعطيناك التفويض»... فأطلّ الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي برأسه من خلف شاشة الكمبيوتر المنصوبة أمامه، ليسأل: «هل اتخذنا قراراً بذلك يا فخامة الرئيس؟»، وما كاد ينهي سؤاله حتى طلب وزير الدولة يوسف سعادة الكلام، فأشار إلى أن هذا الملف مدرج على جدول أعمال الجلسة في البند 16، طالباً من سليمان توضيح ما إذا كان مجلس الوزراء قد بدأ بمناقشة وإقرار البنود الواردة على جدول الأعمال من البند 16. وقبل بتّ البند الأول، أي ملف شهود الزور... ارتبك رئيس الجمهورية وحاول الإيحاء أنه لم ينتبه إلى ذلك، وتصاعدت في الوقت نفسه أصوات بعض الوزراء من المعارضة السابقة مطالبين بالكفّ عن محاولة تجاوز البند الأول ورافضين اتخاذ أي قرار قبل بتّه، فسارع سليمان إلى الانتقال إلى جدول الأعمال من البند الأول، بمعنى أن أي قرار لم يُتّخذ، ثم أعلن رفع الجلسة بسبب عدم التوافق على ملف شهود الزور.
هذا ما حصل في الجلسة المذكورة، وفقاً لما أكّده لـ«الأخبار» الوزراء جبران باسيل وشربل نحّاس ومحمد جواد خليفة ويوسف سعادة... إلا أن ما حصل أمس فجّر فضيحة كاملة تنطوي على تزوير موصوف لمحاضر مجلس الوزراء.
فقد فوجئ الوزراء أمس ببريد صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، وممهور بتوقيع الأمين العام سهيل بوجي، يبلغهم أن المجلس اتخذ قراراً يقضي بدفع المستحقات من ثمن مشتريات الغاز الطبيعي إلى الجانب المصري، والتفويض إلى وزيرة المال سداد تلك المستحقات في مواعيدها... ولم يقتصر التزوير على ادّعاء اتخاذ قرار واحد في الجلسة الأخيرة (البند 16)، بل تجاوز ذلك إلى ادّعاء اتخاذ قرارين في الجلسة السابقة التي انعقدت بتاريخ 10/11/2010 يقضيان بالموافقة على تلبية الحريري لدعوة رسميّة لزيارة روسيا وتفويض التوقيع إليه على عدد من الاتفاقيات معها، والموافقة على استضافة رئيس الحكومة التركيّة ونقل الاعتماد اللازم من احتياطي الموازنة إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء لتغطية النفقات المترتّبة على ذلك.
وبحسب الوزراء الذين استُقصيت المعلومات منهم عن هذه القرارات وطبيعتها، فقد تساءل هؤلاء عن سر استفاقة بوجي بعد نحو 40 يوماً على القرارين المزعومين في جلسة 10/11/2010، ونفوا أن يكون مجلس الوزراء قد ناقش أو اتخذ أي قرار من أي نوع في الجلسة المذكورة، على عكس ما حصل في الجلسة الأخيرة، إذ كانت هناك محاولة مكشوفة لانتزاع أي قرار بهدف كسر موقف وزراء المعارضة السابقة، وأشاروا إلى أن باسيل كان واضحاً في جلسة 15/12/2010 في عدم وجود أي مبرر أو حاجة للتفويض إلى وزيرة المال دفع مستحقات الشركة المصرية، وعرض أمام الوزراء مراسلات بينه وبين الحسن تعود إلى حزيران وأيلول الماضيين يطالبها بسداد هذه المستحقات، وتساءل: «إذا كانت وزيرة المال مقتنعة بحاجتها إلى تفويض من مجلس الوزراء، فما الذي جعلها تتأخّر في طلبها هذا إلى الجلسة الأخيرة؟»، كذلك شرح باسيل أن الاتفاقية الموقّعة مع الجانب المصري تعود إلى تاريخ 30/5/2009، وقد أقرّها مجلس الوزراء الحالي في أول جلسة له في أواخر العام الماضي، وصدّق عليها المجلس النيابي بموجب القانون الرقم 108 بتاريخ 26/6/2010، كاشفاً عن أن الحسن كانت قد وافقت في أيلول الماضي على تقسيط المستحقات السابقة للشركة المصرية على أن يجري الدفع شهرياً منذ ذلك التاريخ فصاعداً، فإذا بها تعرقل الدفع وتطلب في شهر كانون الأول الحالي الحصول على تفويض من مجلس الوزراء، «كأن هناك وزيرين للمال: واحد يظهر في الصورة وآخر يكتب ما يتناقض مع الأول!».
وأشار أحد الوزراء إلى أن الأمانة العامّة لمجلس الوزراء أرادت من خطوتها هذه إحراج المعارضة السابقة من بابين: الأوّل، أن وزراء هذه المعارضة قد وافقوا على قرارات، وبالتالي ما المانع من عقد جلسة في السرايا الحكوميّة ترمي إلى نقاش بنود «تهم المواطنين»، كما يتم تسمية البنود الاقتصاديّة، والثاني، هو القول إن المعارضة توافق على الأمور التي تعني وزاراتها من دون غيرها، في محاولة لدفعها إلى القبول بإمرار قوانين ومراسيم.
ولفت عدد من الوزراء إلى أنه في العادة لا تصدر قرارات عن الحكومة في ما يخصّ سفر رئيس الحكومة أو رئيس الجمهوريّة، بل يُبلغان مجلس الوزراء بنيّة السفر تحت مبدأ إعطاء العلم والخبر، وإذا وُقّع على اتفاقيّات، تُقرّ كلّ اتفاقيّة على حدة.
وأكّد هؤلاء الوزراء عدم بحث نقل اعتماد يخصّ زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وقد جاء في البريد الذي وصل إلى الوزراء أمس أنه «استناداً إلى المرسوم الرقم 8550 تاريخ 29/8/2002 المتعلق بإبلاغ قرارات مجلس الوزراء ومتابعة تنفيذها، نودعكم ربطاً نسخة عن كل من:
1ـــــ قرارين أقرّهما مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 10/11/2010.
ـــــ قرار (عدد 1) أقرّه مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت بتاريخ 15/12/2010».
وقد وقّعها الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي.


مضمون قرارات مجلس الوزراء

بناءً على البريد الذي تلقّاه الوزراء، تبيّن أن مجلس الوزراء كان قد قرّر في ما يخصّ زيارة رئيسه إلى روسيا: «1ـــــ تلبية دولة رئيس مجلس الوزراء دعوة لزيارة روسيا مع وفد مرافق يقوم بتأليفه. 2ــــــ التفويض إلى دولة رئيس مجلس الوزراء أو مَن يكلّفه التوقيع على الاتفاقيات التي يُتوصّل إليها، على أن تغطي وزارة الخارجية والمغتربين النفقات المختلفة المترتبة من جرّاء هذه الزيارة». وقرّر في ما يتعلّق بزيارة رئيس الوزراء التركي: «الموافقة على استضافة رئيس حكومة تركيا مع وفد مرافق بين 24 و26/11/2010 ونقل الاعتماد اللازم من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء على أساس القاعدة الاثني عشرية لتغطية النفقات المختلفة المترتبة من جرّاء هذه الاستضافة». وقرّر في ما يتعلّق بسداد مستحقات الشركة المصريّة: «الموافقة على دفع المستحقات من ثمن مشتريات الغاز الطبيعي إلى الجانب المصري، والتفويض إلى وزيرة المال ريا الحسن (الصورة) تسديد تلك المستحقات في مواعيدها».

Script executed in 0.17786908149719