، المتمثلة بقطعة قد تكون تراثية مر عليها الزمن، بإمكانها أن تنير المنزل بواسطة قارورة غاز من دون حاجة إلى منّة من التيار الكهربائي. صولات السيدة الثلاثينية وجولاتها «ما منها فايدة» كما تؤكد، لتكتفي بعلبة شمع إلى حين تأمين «اللوكس».
المشكلة بدأت مع العاصفة الثلجية التي ضربت البقاع أخيراً، والتي أجبرت عدداً كبيراً من أعمدة شركة كهرباء لبنان على الانحناء، في الوقت الذي تناثرت فيه أشلاء الأسلاك الكهربائية المعدنية، وتلك المغلفة منها بالبلاستيك، بين المنازل وفي الساحات وعلى أطراف الطرقات وفي الأراضي الزراعية، لتنعم المنطقة من بعدها بمسحة عتم في أوج الحداثة وعصر الـ«UPS»، والبطارية. الأضرار التي خلّفتها العاصفة «كبيرة جداً» كما أكد أحد المسؤولين عن الكهرباء في البقاع، حيث لفت إلى أن شبكة التيار الكهربائي في المنطقة لم تكن «جاهزة» لاستقبال عاصفة قاسية من هذا النوع، مشيراً إلى أن الأعطال طاولت غالبية خطوط المنطقة بدءاً من التوتر العالي إلى المتوسط والمنخفض، وفي غالبية قرى البقاع الشمالي، وخصوصاً في قضاء بعلبك. التيار الكهربائي بدأ بالعودة تدريجاً إلى قرى بدنايل حوش الرافقة يونين ومقنة وإيعات وبعلبك، فيما لا تزال قرى بريتال، حزين، طاريا، شمسطار، بيت مشيك وحدث بعلبك تفتقر إلى التيار الكهربائي منذ بدء العاصفة. المسؤول في مؤسسة كهرباء البقاع أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن فرق الصيانة تعمل بجهد كبير ومضاعف لتأمين التيار للأهالي، لكن المشكلة تكمن في ضعف الكادر البشري العامل في المؤسسة الذي يؤثر على سرعة العمل، واعداً القرى التي ما زالت تعاني الانقطاع في التيار الكهربائي أن تعود التغذية تدريجاً بدءاً من يوم الثلاثاء.
انقطاع التيار الكهربائي في عدد من قرى البقاع الشمالي، سبّب معاناة حقيقية للأهالي، وخصوصاً في ظل الضغط المعيشي والاقتصادي الكبير الذي يرزحون تحته منذ فترة. فغالبية المتطلبات والاحتياجات المنزلية تحتاج إلى التيار الكهربائي، الأمر الذي دفع البعض إلى العودة إلى كل ما هو قديم، بالإضافة إلى إقدام البعض الآخر، الذي تتوافر لديه السيولة المادية، على شراء مولدات كهربائية صغيرة قد تفي بالغرض وإن بقوة 2 KVA.
اختراع الـ«UPS» والبطارية، لم يكونا على قدر المسؤولية، وخصوصاً أن تغطيتهما لا يمكن أن تدوم أكثر من ثماني ساعات، ليحتاجا من بعدها إلى التشريج بالطاقة الكهربائية. وبما أن التيار غير متوفر إلى حين تنتهي فرق الصيانة من إصلاح الأعطال الهائلة على الشبكات كلها، وبما أن الغالبية تخلّت عن فكرة المولدات الكهربائية، فالمنازل البقاعية ستبقى مصابيحها وأدواتها الكهربائية مصابة بالشلل. وريثما يعود التيار، يبدو أن البقاعيين مجبرون على نبش مخلفات الأجداد من وسائل الإنارة، ليعيدوا ترميمها وتأهيلها واستعمالها من جديد.
«والله ورجعنا لإيام اللوكس»، يقول علي فرحات، الذي أشار إلى أنه عاد «غصباً عنه» إلى استعمال اللوكس، الذي كان قد تخلّى عنه منذ فترة، مقابل «الاختراع العصري»، في إشارة منه إلى الـUPS، «اللي أثبت فشله في العاصفة» يقول فرحات. فعدم توفر مصادر شحن للبطاريات، دفعه إلى إصلاح اللوكس وشراء قارورة غاز له، و«شاشة حريرية» يقول.
وإذا كان فرحات قد تسنّى له حل المشكلة، فإن الغالبية من البقاعيين لم يتمكنوا من العثور على لوكس موروث، أو حتى جديد لشرائه، فاكتفوا إما بالشمع، أو الاعتماد على لمبة صغيرة وتشغيلها على بطارية السيارة، كما فعل رضوان شداد. أما محمد شمص فقد أكد أنه في رحلة بحثه عن لوكس للإنارة، لم يترك محلّاً تجارياً إلا قصده في غرب بعلبك، إلا أن الرد كان دائماً بالنفي وبأنهم سيعمدون إلى تأمينه خلال الأيام القليلة المقبلة. وإلى حين «يفرجها الله» يعتمد شمص على الشمع، بانتظار تأمين اللوكس، «خاصة إنو الكهربا وبحسب الأعطال اللي عم نشوفها بدها أكثر من شهر حتى يمشي حالها» يقول شمص.
من جهة ثانية، أوضح محمد زين الدين، صاحب محل تجاري، أن «ثمة طلبيات على لوكس الغاز بما يزيد على المئة»، ولو كان يعلم بما ستؤول إليه الأمور «كنا اشترينا كمية كبيرة وحققنا فيها الربح» يقول. ندرة المحال التي لا زالت تحتفظ بهذه القطع، تعود بحسب رأيه إلى أمور الحداثة التي تمكنت من إطاحة كل ما هو قديم «بس الإيام رجعت لتأكد إنو ما إلنا إلا قديمنا». وعن سعر اللوكس، يقول زين الدين إنه لا يتجاوز الثلاثين ألف ليرة.
بين كل هؤلاء، ثمة ناس في البقاع ما زالوا يعتمدون فعلياً على اللوكس، ومنهم فاطمة مشيك التي لم تتأثر وعائلتها من مشكلة الكهرباء في بلدتها مصنع الزهرة، فهي تعتمد، بسبب ضعف التيار «اللي ما بيشغّل براد ولا تلفزيون، ولا حتى لمبة حتى بإيام الصحو»، على لوكس غاز، وعلى قنديل كاز قديم،»من هيدا اللي إلو فتيل قماش بيتغمّس بالكاز، وإلو بنورة (زجاجة بيضاوية)» تقول مشيك. اعتمادها على وسيلتين للإنارة مردّه إلى ارتفاع سعر قارورة الغاز حيث وصل سعرها حد 26 ألف ليرة، فتستعمل اللوكس للسهرة والقنديل عند النوم.