أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«حزب الله يراكم القوة من 2006ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية» (3). الجيش الإسرائيلي والخشية من الدفاعات الجوية... والترسانة الصاروخية

الخميس 23 كانون الأول , 2010 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,704 زائر

«حزب الله يراكم القوة من 2006ـ 2009: الأسس والاتجاهات المستقبلية» (3). الجيش الإسرائيلي والخشية من الدفاعات الجوية... والترسانة الصاروخية

يرى كاتب الدراسة، غاي أفيعاد، انه علاوة على ذلك وفي ظل هذه الظروف، رأى «حزب الله» أن «المطلوب تطوير عقيدة عسكرية جديدة مبنية على فرضية قوامها انه في الجولة المقبلة من القتال، سيترتب على مقاتليه مواجهة مناورة برية واسعة من قبل الجيش الإسرائيلي». 


ويلفت الكاتب الانتباه الى انه «بالرغم من الصعوبات التي واجهت الحزب، غير انه أظهر مرونة خلاقة في ما يتعلق بقدرته على تحليل حالة معينة، وتحديد الثغرات والاستفادة منها. كما انه يتمتع بقدرة على ترجمة الدروس التي تعلّمها في الواقع العملي، فأظهر حماسة فائقة بتنفيذها الكامل. وفقا لذلك اتسمت السنوات الماضية عقب انتهاء حرب تموز، بعملية مكثفة لتعزيز قوة الحزب متجاوزا القيود المفروضة وذلك باللجوء الى العمل السري. 


ويفند افيعاد الأسس الرئيسية للتعزيزات الجديدة لـ«حزب الله» بأمرين: 


أولا، القوى البشرية العاملة: يشير الكاتب إلى انه خلال حرب 2006 تلقى «حزب الله» ضربة شديدة، إذ خسر ما بين 10 و15 بالمئة من القوى البشرية العاملة لديه. لذلك ظهرت حاجة ملحة عند الحزب لإعادة بناء قوته، فبدأ بعمليات تجنيد واسعة النطاق. وتفيد التقارير أن قرى جنوب لبنان أخليت من الرجال الذين أرسلوا إلى معسكرات تدريب في وادي البقاع وسوريا وإيران في أعقاب الحرب مباشرة. ويشدد على أن «الحزب» كان حريصا في الماضي على كسب الشيعة فقط، لكن في السنوات الأخيرة فتح الباب أيضا أمام السنة والدروز والمسيحيين. 


ويتابع، انه بصرف النظر عن الحاجة الملحة للحزب لزيادة قوته المقاتلة، فإن المقصود من هذه الخطوة الحصول على مكاسب سياسية وعسكرية. فـالحزب، المزروع في قلب السياسة اللبنانية، يرى أن التجنيد أداة تسمح له بتوسيع نفوذه الى مختلف شرائح السكان في لبنان والتي لم تكن من بين مؤيديه التقليديين، كذلك تشكل له وسائل محتملة لتوسيع قوته السياسية. 


ويعتبر أن «طمس الهوية الشيعية للحزب وخلق مزيج سكاني مختلف يعزز صورته، كمدافع عن لبنان أولا، بدلا من أن يظهر بصورة الميليشيا الطائفية. بالإضافة إلى أن اللجوء إلى سكان جدد واكتساب تأييدهم، وقيامه بتدريبهم على القتال، يزيد من فرصته الهادفة الى تعطيل أي مناورة برية يريد الجيش الإسرائيلي القيام بها في العمق اللبناني». 


وبعبارة أخرى فإن هذه الشرائح السكانية المختلفة والتي سيواجهها الجيش الإسرائيلي، هي بمثابة قوة احتياطية، لم تكن سابقا ضمن حسابات «حزب الله». 


ثانيا، التسلح: يشير الكاتب الى أن تسليح الحزب لمقاتليه متنوع، وهذا ما ظهر جليا في الحرب الأخيرة، وذلك من خلال استخدامه صواريخ متنوعة، سورية، إيرانية، وروسية الصنع، يبلغ مداها ما بين 20 و250 كلم، إلى جانب عدد كبير من الصواريخ المتطورة المضادة للدبابات مثل كورنيت، وكورنيكس وغيرها. 


وقد اثبتت هذه الصواريخ فعالية كبيرة في وقف تقدم الهجوم الإسرائيلي في ارض المعركة (في جنوب لبنان). ولان «الحزب» لا يصنع سلاحه الخاص به، بل يعتمد على الإمدادات الخارجية لزيادة قوته، سعى القرار 1701 إلى وقف تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية السورية، وقطع الإمدادات الحيوية عنه، لكنه فشل في فرض جهاز تنفيذي يمنع ذلك، إذ تقع المسؤولية في هذا المجال على الجيش اللبناني. فالواقع يشير إلى أن الحزب يركز في عمليات التسلح على الكمية، حيث التهريب أصبح يشكل عنصرا أساسيا ومهما له للمحافظة على خطوط إمداد مفتوحة. 


يضيف الكاتب أن الحدود اللبنانية السورية تمتد على مسافة تبلغ نحو 360 كلم، منها 100 كلم شمالا والباقي يمتد إلى وادي البقاع. وعلى الرغم من طول هذه الحدود، هناك خمسة معابر حدودية، اثنان في الشرق، منها معبر «القاع» جنوب شرق الهرمل، ومعبر «المصنع» الذي يقع شمال شرق راشيا. ففي حين تشرف قوة ألمانية مؤلفة من 800 جندي على مراقبة الحدود الشمالية منذ أوائل 2008، بالتنسيق مع جنرال من الجيش اللبناني وبتوجيه الماني. يسهل، في المقابل، اختراق الحدود الشرقية، إذ أن عشرات المعابر (غير الشرعية) تسمح للقراصنة بتهريب السلاح إلى مختلف أنحاء لبنان. 


تضيف الدراسة انه يمر عبر معبر المصنع حوالي 200 شاحنة يوميا، تفتش منها 30 بشكل عشوائي، وهو ما قد يسمح بتهريب كميات تجارية من الأسلحة إلى مخازن «حزب الله» بسهولة، ومن ضمنها صواريخ بعيدة المدى. فالواقع على هذه الحدود، هو أنها لعبة بيد «حزب الله». 


ويتابع أفيعاد انه مع نهاية «حرب لبنان الثانية»، بدأ «الحزب» سباق تسلح مكثف، فسوريا جددت له المخزون الاحتياطي الذي استنزف خلال الحرب، وزادت العدد بشكل مهم جدا. ففي صيف عام 2006 كان يقدر عدد الصواريخ لدى الحزب بنحو 12 ألف صاروخ، وفي آب 2007 أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهودا باراك إن العدد ارتفع إلى أكثر من 20 ألف صاروخ، ولاحقا أكدت مصادر استخباراتية أن العدد أصبح 42 ألف صاروخ. 


ويقول أفيعاد «على أي حال لم يركز «الحزب» على الكم فقط، بل عمل بجهد كأحد دروس الحرب، على زيادة مدى هذه الصواريخ من اجل وضع غالبية الداخل الإسرائيلي تحت مرماها وتهديدها». ويشير إلى أن «الحزب حصل كما يبدو على أنواع جديدة من الأسلحة لم يمتلكها من قبل». 


وبعد سنتين من الحرب، اعترف باراك أن معظم سكان إسرائيل هم ضمن مرمى صواريخ «حزب الله»، لافتا الانتباه إلى امتلاكه لصواريخ زلزال وفاتح 110 التي يبلغ مداها مابين 250 الى 300 كلم وبإمكانها حمل رؤوس متفجرة. كما حرص الحزب، على زيادة مخزونه بكميات كبيرة من الصواريخ المضادة للدبابات(كورنتيت وميتس) وغيرها القادرة على ضرب اهدافها من مسافة 5 كلم.. 


في المقابل، طورت إسرائيل نظاما دفاعيا خاصا بدبابات الميركافا، المعروف باسم (ASPRO- A) أي (تروفي). وهذا النظام، بحسب أفيعاد، قادر على تحديد الصواريخ المضادة للدبابات في الجو واعتراضها قبل الوصول الى الدبابة، وهو ما من شأنه أن يحيد أداة هامة للمقاومة (أي الصواريخ المضادة للدروع التي يمتلكها)، ويسمح للدبابات والمدرعات الإسرائيلية بالدخول إلى عمق الأراضي اللبنانية، وانتزاع قرار المعركة والسيطرة الميدانية عليها. 


ويضيف أفيعاد أن «حزب الله» استثمر جهودا خاصة في سلاح الدفاع الجوي والذي كان يعد نقطة الضعف الرئيسية له في حرب تموز. وهذه الخشية تكونت لديه تحسبا من قدرة إسرائيل على جمع معلومات استخباراتية عنه، والعمل على خلق أهداف دون عوائق تذكر، وتمكنها من إدخال قوات خاصة إلى داخل العمق اللبناني، وضرب المراكز المحورية له. 


لذا أدرك «حزب الله» أن فعالية الصواريخ التي تحمل على المركبات تكاد لا تذكر، وغير كافية للمواجهة، وأن ثمة حاجة ملحة لنظام أكثر تطورا، وقادر على اعتراض الطائرات الحربية المقاتلة وطائرات التجسس والاستطلاع بدون طيار، المحلقة على علو مرتفع. 


aوفي هذا السياق، قال رئيس الاستخبارات العسكرية في تصريح له، «ان سوريا وضعت كافة قدراتها الاستراتيجية بتصرف «حزب الله»، كما عبر باراك في حزيران 2009 للامين العام للامم المتحدة بان كي مون، عن قلقه من اختلال التوازن التسلحي لمصلحة «حزب الله»، مشيرا إلى أن «الحزب اكتسب قدرات جديدة في مجال الدفاع الجوي». 


ولم يستبعد أفيعاد قيام ســوريا وإيران بتهريب أنظمة مضادة للطائرات مثل (SA- 8) و (SA- 15). فهذه الأنظمة تُثبّت على ناقلات جند مدرعة ومجهزة بأنظمة رادار قادرة على تتبع عدة أهداف في وقت واحد، فضلا عن اعتراض الطــائرات على علو مرتفع، مستخدمة صواريخ موجهة. فــهذه المنظومة بحسب أفيعاد، تعد مثالية للمقــاومة، كونها متحركة وتخفى بسهولة وتتطلب فريقا او طاقما مؤلفا من ثلاثة عناصر لإدارتها وتشغيلها. 

Script executed in 0.19998002052307