السفير- في مطلع كل سنة يعمل الناس حساب السنة الفائتة أما نحن فنعمل حساب ثلاثين سنة وربما أربعين سنة إلى الوراء وقد نعمل حساب البلد كله في جردة واحدة. كل عام نراجع السؤال نفسه يبقى أم لا يبقى. انه سؤال ميتافيزيقي، يوجد أم لا يوجد.
أما حساب الخسائر الفائتة والآتية فليس هناك من يعمله، يمكن أن يقال إن حسابنا كله خسارة بخسارة. يمكن أن يقال إن محطات الخسارة تعاد بالحرف. أمام كل تحد جديد ينقسم البلد وينجو لأن من لا يقدر على الوحدة لا يقدر أيضاً على الانفصال. انه عجز تاريخي. ان نتقدم أو نتأخر، ان نكون أو لا نكون ـ عجز تاريخي. كنا منذ وقت نناقش مسائل الرواية العربية، قيل لنا إن الرواية المصرية تنقل صورة المصري الصغير، المصري العادي أو بكلمة ثالثة تنقل صوراً من الشعب.
روايتنا ليست لذلك لأن الشعب، الشعب الذي يتكون من الناس العاديين، الذي يتكون من أوساط الناس لا يوجد عندنا. ليس عندنا أناس عاديون ولا أوساط الناس. كل لبناني وأمامه حرب، كل لبناني وأمامه معركة. كل لبناني انتحاري في سبيل قضية ما. اللبناني الطبيعي لا يوجد، كل لبناني فوق أو تحت طبيعي كل لبناني مغامر. يغامر في أفريقيا وأميركا واستراليا لكن عينه على لبنان. هنا فقط يصبح بطلاً أو وغداً أو إلهاً أو عبداً. هنا فقط يمكنه أن يقول أنا أو الطوفان. هنا فقط بوسعه أن يدمر كل شيء وأن يرده إلى العدم. هنا فقط يستطيع أن يساوي بلداً. هنا فقط يمكنه أن يكون عظيماً أو يكون في الحضيض.
لبنان بلد التجارب واللبناني، كل لبناني، موعود بتجربة تساوي وجوده، كلنا موعودون بتجارب تساوي وجودنا. كلنا قادرون هنا على أن نجعل وجودنا مسألة كونية. كلنا مخوّلون بأن نبدأ نحن أو نبدأ بلداً أو حكومة أو مصيراً. هنا نحن على الحد المصري. كل يوم يمر هو خطوة، نحو المصير، كل يوم يمرّ هو لهذا وحده يوم مصيري. ليس وقتنا هنا بالأيام والساعات. ليس وقتنا وقت الناس العاديين الطبيعيين الذين يحسبون الأيام.
وقتنا يعد بالتضحيات والخسائر والقرابين والمصائر. وقتنا يحسب بالأهداف البعيدة والقريبة. وقتنا هو سؤالنا، نطرحه على أنفسنا وعلى وجودنا. نحن يتامى كل قضية، يتامى كل مصير. نمشي تحت شمس الله الحارقة، نبحث عن صليب، عن خاتمة، نبحث عن النهايات الكبيرة اللائقة بأولاد بعل، بأولاد العدم.
أما حساب الخسائر الفائتة والآتية فليس هناك من يعمله، يمكن أن يقال إن حسابنا كله خسارة بخسارة. يمكن أن يقال إن محطات الخسارة تعاد بالحرف. أمام كل تحد جديد ينقسم البلد وينجو لأن من لا يقدر على الوحدة لا يقدر أيضاً على الانفصال. انه عجز تاريخي. ان نتقدم أو نتأخر، ان نكون أو لا نكون ـ عجز تاريخي. كنا منذ وقت نناقش مسائل الرواية العربية، قيل لنا إن الرواية المصرية تنقل صورة المصري الصغير، المصري العادي أو بكلمة ثالثة تنقل صوراً من الشعب.
روايتنا ليست لذلك لأن الشعب، الشعب الذي يتكون من الناس العاديين، الذي يتكون من أوساط الناس لا يوجد عندنا. ليس عندنا أناس عاديون ولا أوساط الناس. كل لبناني وأمامه حرب، كل لبناني وأمامه معركة. كل لبناني انتحاري في سبيل قضية ما. اللبناني الطبيعي لا يوجد، كل لبناني فوق أو تحت طبيعي كل لبناني مغامر. يغامر في أفريقيا وأميركا واستراليا لكن عينه على لبنان. هنا فقط يصبح بطلاً أو وغداً أو إلهاً أو عبداً. هنا فقط يمكنه أن يقول أنا أو الطوفان. هنا فقط بوسعه أن يدمر كل شيء وأن يرده إلى العدم. هنا فقط يستطيع أن يساوي بلداً. هنا فقط يمكنه أن يكون عظيماً أو يكون في الحضيض.
لبنان بلد التجارب واللبناني، كل لبناني، موعود بتجربة تساوي وجوده، كلنا موعودون بتجارب تساوي وجودنا. كلنا قادرون هنا على أن نجعل وجودنا مسألة كونية. كلنا مخوّلون بأن نبدأ نحن أو نبدأ بلداً أو حكومة أو مصيراً. هنا نحن على الحد المصري. كل يوم يمر هو خطوة، نحو المصير، كل يوم يمرّ هو لهذا وحده يوم مصيري. ليس وقتنا هنا بالأيام والساعات. ليس وقتنا وقت الناس العاديين الطبيعيين الذين يحسبون الأيام.
وقتنا يعد بالتضحيات والخسائر والقرابين والمصائر. وقتنا يحسب بالأهداف البعيدة والقريبة. وقتنا هو سؤالنا، نطرحه على أنفسنا وعلى وجودنا. نحن يتامى كل قضية، يتامى كل مصير. نمشي تحت شمس الله الحارقة، نبحث عن صليب، عن خاتمة، نبحث عن النهايات الكبيرة اللائقة بأولاد بعل، بأولاد العدم.