أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«القاعدة» في لبنان: قتال عدوّ عدوّي (1)

الثلاثاء 28 كانون الأول , 2010 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,251 زائر

«القاعدة» في لبنان: قتال عدوّ عدوّي (1)


في الثالث والعشرين من كانون الأول الجاري، أصدر مركز الفجر للإعلام بياناً عن «كتائب عبد الله عزام»، وهو اسم أحد فروع تنظيم القاعدة في بلاد الشام. في هذا البيان تتابع الكتائب معركتها الإعلامية ضد حزب الله على نحو أساسي.

تحت عنوان «ولتستبين سبل المجرمين» سبق أن أصدرت «كتائب عبد الله عزام» بيانين في سلسلة تولّى توقيع البيانين الأوّلين صالح بن عبد الله القرعاوي، وهو اسم لأحد القياديين في القاعدة في بلاد الشام، بينما البيان الثالث بنسخته الإلكترونية لم يحمل هذا التوقيع.

وكان البيان الأول قد صدر في 13 تشرين الأول من العام الحالي، بينما صدر البيان الثاني في 24 من تشرين الثاني الماضي، ويأتي البيان الثالث ليفتح الباب أمام بحث في استراتيجيا تنظيم القاعدة، والسلفية الجهادية، وشقيقتيها من سلفية دعوية وسلفية وسطى تتأرجح بين الجهادية والدعوية، في لبنان والمنطقة.

اللافت في البيان الثالث، من سلسلة «لتستبين»، تركيزه أساساً على الجيش اللبناني. ففي البيان الأول كان التركيز على الظلم الذي تتعرض له الطائفة السنية من الشيعة، وفي الثاني أُشير بالاسم إلى مصطفى حمدان، مع إبداء الانزعاج من دوره في إعادة إطلاق تنظيم «المرابطون»، إذ رأى البيان أن حمدان يخدم مصالح الشيعة وحزب الله. وفي البيان الثالث كان التركيز بنحو كبير على دور الشيعة وحزب الله في استخدام الجيش لغاياته، وظلمه لأهل السنّة، تحديداً عبر نائب قائد استخبارات الجيش العميد عباس إبراهيم.

فعباس إبراهيم، بحسب الحلقة الثالثة من السلسلة، «كانَ وما زالَ هُوَ مَنْ يقودُ الحربَ على أهلِ السنةِ في لبنانَ، وفي مخيماتِ اللاجئينَ المهَجَّرِينَ، ويحرِّكُ الجيشَ لذلك، ويتصرفُ في وحداتِهِ، ويَشحنُ عناصرَهُ ضِدَّ أهلِ السنة. وبتحرِيكِه الخفيِّ للجَيشِ للبطشِ بأهلِ السنةِ، يظهرُ الأمرُ على أنَّهُ صراعٌ بينَ النصارى والسنّة»، علماً بأن التكتيكات الأخيرة للقاعدة كانت قد وجهت وجهها نحو العداء للمسيحيين، سواء في العراق أو في مصر أو في مناطق أخرى كتركيا.

لكن في الحلقتين الثانية والثالثة من سلسلة المخاطبات التي توجهها كتائب عبد الله عزام إلى أهلها (أهل السنّة) في لبنان، يتراوح الخطاب بين اتهام المسيحيين بالعمل والتآمر على الطائفة السنية المظلومة، وحينها لا بد من مراجعة المجال الزمني الذي صدر فيه البيان الأول في السلسلة والذي كان في مرحلة «أزمة وفاء وكاميليا» مع الأقباط ومجزرة كنيسة المهد في بغداد، والعداء للشيعة وحزب الله، ونائب قائد استخبارات الجيش اللبناني عباس إبراهيم وقبله مصطفى حمدان (في البيانين الثاني والثالث) بصفتهما منفذي سياسات حزب الله والشيعة والصفوية في لبنان، والعاملين على مهانة أهل السنّة.


انظر شمالاً


على الرغم من موقف تنظيم القاعدة الدولي، والفرع المحلي، من القوى الوسطية السنية، وتيار المستقبل، إلا ان هذا الموقف يبقى مكبوتاً في الكثير من بيانات التنظيم، وفي خطابات القائدين الرئيسيين في التنظيم، الشيخ أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري، بينما المعلن دائماً هو حالة العداء مع القوى الأخرى، وإن كان تيار المستقبل (العلماني بحسب تنظيم القاعدة) هو أولى بالقتال أو بالتوجه إليه بصفته من الأعداء، وخاصة أنه لا يحكم بما أنزل الله، ولا ينطلق من منطلقات إسلامية، كذلك فإنه يمثّل الذين يوالون المسلمين من الكفار بحسب القاعدة الشرعية الواردة في القرآن «يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين» (سورة التوبة الآية 123)، فإن هذه القاعدة الشرعية لا تطبّق هنا، بل العكس.

فالقتال الواجب هو أولاً للأقرب فالأقرب، وبالتالي فإن مقاتلة الكفار داخل المنزل أولى، وبعدها ينطلق المسلمون لقتال الكفار في محيط المنزل، ومن ثم إلى الأوسع فالأوسع. إلا أن ما يظهر من البيانات الثلاثة الأخيرة لـ«كتائب عبد الله عزام» هو بالضبط قتال عدوّ عدوّها، بحسب الأولويات، وبالتالي فإن الأولى بالقتال إيران وسوريا، اللتان تسلّمتا مهمة إخضاع أهل السنّة بعد فشل الولايات المتحدة وإسرائيل في هذه المهمة. (علماً بأن هناك فتوى للشيخ محمد بن عثيمين تخفف من الآية عبر إيرادها إلى جانب «لا إكراه في الدين»، وللشيخ عبد العزيز بن باز رأي في المجال، لكن الاتفاق هو على تفسير الأقرب فالأقرب.

في المرحلة التالية، فإن القتال واجب ضد حزب الله، ومن عاونه، لذلك يذكر مصطفى حمدان بالاسم، وكذلك عباس إبراهيم، وفي استهداف لا يمكن أن يخفي أن حزب الله عدوّ (أو خصم) تيار المستقبل، وفي المرحلة الثالثة من البيانات يصبح التحذير موجهاً إلى باقي الطوائف للامتناع عن معاونة الشيعة في مسعاهم لإحكام السيطرة على أهل السنّة.

تركيز الحلقات الثلاث من سلسلة «لتستبين» على دور الشيعة في اضطهاد أهل السنّة، وفي التلاؤم إلى حدّ التطابق مع برنامج تيار المستقبل، دفع أحد المراقبين وأبرز المطّلعين على الملف الجهادي في لبنان إلى القول: «انظر شمالاً»، في إشارة إلى شمال لبنان، حيث تعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية بكثافة، بعضها يعمل على تشجيع بعض الجهاديين والسلفيين والاستفادة منهم، وبعض الأجهزة تعمل على تفكيك قدرات هؤلاء وإحباط أعمالهم، في صراع لم يعد خفيّاً بين جهازين رئيسيين في البلاد، هما فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي، والشعبة الثانية في الجيش.


بلاد الحرمين


في الجزء الأول من لتستبين، كان الشيخ القرعاوي قد أسس لمفهومه في الصراع مع الشيعة من خلال الهزيمة التي ألحقها الجهاديون بأميركا والحملة الصليبية الصهيونية في العراق وباقي أرجاء المعمورة، واقتطاع المشروع الأميركي لإيران قطعة من الأرض لتعمل (بالتوافق مع الولايات المتحدة) على التحكم فيها واستثمارها سياسياً.

فـ«أميركا المهزومة تريد قبل انسحابها (من العراق) أن تكل أمر محاربة الإسلام إلى غيرها، ليكون خليفة لها في قتال المجاهدين ومحاربة أهل السنة كافة، كي لا ينقلب نصرهم تمكيناً وينتزعوا الشعوب المسلمة المظلومة من رق الظلم والاستبداد من قبل زمر عميلة متسلطة. لذا، فقد تكفلت إيران الصفوية وأذرعتها لإخوانهم في الظلمِ والطمعِ في المنطقة، تكفلت بحمل الراية من بعد أميركا، والتصدي للمجاهدين ومن ورائهم أهل السنة جميعاً، والمشروع الصفوي له طموح كبير في بلدان المسلمين، ويظن مِن نفسه أنه أهل لخلافة الأميركيين في ذلك ـــــ خابوا وخسروا ـــــ فهو متعطش لدماء المسلمين، وطامع في السيطرة على بلادهم. فبعد أن سلَّمت لهم أميركا العراق ـــــ وهيهات أن تَسلَم لهم ـــــ جاء دور الشام، وإذا سلِمَت لهم ـــــ وهيهات أن تسلم لهم ـــــ فسيمتد نفوذهم إلى دويلات الخليج، ثم هدفهم الرئيسي بلاد الحرمين، فحربهم على المسلمين في لبنان هي حرب على أهل السنة في جميع بلدان العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه. والشيعة وما تسمى دول الممانعة يزعمون كذباً وزوراً أنهم هم من وقف في وجه المشروع الصهيوصليبي. وأما على صعيد الأفعال، فكانوا شريكاً حقيقيّاً للحملة الصليبية على بلاد المسلمين».

إذاً هي الرؤية الاستراتيجية التي يعتمد عليها الشيخ صالح القرعاوي ومن خلفه تنظيم القاعدة في منطقة بلاد الشام. وهي رؤية قد لا تتفق كل قيادات القاعدة عليها، إلا أنها لكونها عن أحد المراكز الإعلامية (مركز الفجر للإعلام)، فهي من أدبيات تنظيم القاعدة في بلاد الشام، وهي تأخذ صفة الرسمية، ما دام التنظيم الدولي لم يتخل عن«كتائب عبد الله عزام».

المشكلة مع حزب الله والشيعة في لبنان أنهم جزء من الخطة الإيرانية الصفوية والسورية العلوية لضرب المجاهدين ولمحاصرة المسلمين في المنطقة، وهم يستخدمون باقي الطوائف في هذه السبيل. وطبعاً فإن حزب الله وحركة أمل والشيعة يمنعون المجاهدين من الوصول إلى العدو الإسرائيلي لمقارعته وضربه.


ضد حزب اللّه


في منظور تنظيم القاعدة، فإن لبنان ليس ساحة جهاد (بعد)، لكنه منطلق يمكن استخدامه لضرب العدو بين حين وآخر. ورغم ذلك، فإن الشعار الدائم لمواجهة حزب الله هو منعه للمجاهدين من قتال إسرائيل، وحراسته للحدود الدولية بين لبنان والعدو.

قبل هذه المرحلة، كان التنظيم الدولي وكتائب عبد الله عزام (في بياناتها اللبنانية التي حملت أيضاً اسم «سرايا زياد الجراح») قد أعلنا أن الحصون التي رفعت في وجههما هي من حزب الله، ومن الجيش ومن قوات الطوارئ الدولية، ثم أطلقت صواريخ كاتيوشا، وكاتيوشا كورية الصنع قصيرة المدى، على عدة دفعات، في إطار ما دعته خرق الحصون (وهي عمليات وقعت بين عامي 2008 و2010)، وأعلنت قدرتها على خرق هذه الحصون للقوى الثلاث التي تحمي حدود إسرائيل.

إلا أن هذا الجانب العملي من الجهاد توقف مؤقتاً على الأقل، وتابع الفرع المحلي في التنظيم الجهادي الدولي في الجهاد عبر البيانات ومواقع الإنترنت، وقدم القراءة للواقع تحت عنوان فهم المعطيات السياسية، وبالتالي ضرب حزب الله لكونه يدّعي أنه فريق مقاوم، بينما في واقع الأمر هو يعمل على ظلم أهل السنة والمجاهدين.

إلا أن الاستنتاج هذا يبدو متأخراً. طبعاً وجّه تنظيم القاعدة الدولي الكثير من الهجاء لحزب الله في الماضي، لكن الانطلاق من أن إيران وسوريا وحزب الله هي بدائل العدو الصهيو ـــــ أميركي، الذي انهزم تحت ضربات المجاهدين في العراق وفي أفغانستان، هذا المنطلق ينسخ مرحلة طويلة من الهجوم الذي قام به التنظيم الدولي ضد حزب الله في لبنان، وضد الشيعة أينما وجدوا.

في التراجع التاريخي، كانت استراتيجية القاعدة (ولا مبالغة في اعتبارها استراتيجيا)، قد قامت على العداء للمسيحيين، الذين يمثّلون شوكة في خاصرة الأمة الإسلامية، وصولاً إلى شنّ حملة عليهم في العراق، وهي التي افتتحت بمجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد، حيث قتل 44 شخصاً في الكنيسة في 31 تشرين الأول الماضي، وكان ذلك في ردّ فعل أوّل على حماية (أو اختطاف) الكنيسة القبطية في مصر لوفاء وكاميليا، اللتين أسلمتا وعادتا إلى دينهما لاحقاً.

حينها، أطلق التنظيم من العراق بياناً أشار فيه إلى ضرب النصارى في أراضي الأمة، وخاصة في العراق ومصر وبلاد الشام، أي لبنان طبعاً، إلا أن البيان هذا صدر مع وقف التنفيذ.

اللافت، أن المرحلة التي أتى فيها البيان والمجزرة والصراع على وفاء وكاميليا، كانت المرحلة التي حاولت فيها إسرائيل اعتبار الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح في القدس جزءاً من تراث الشعب الإسرائيلي، ورفضت فيها إسرائيل قراراً صادراً عن منظمة اليونيسكو، حيث في اليوم نفسه رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرارات اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة، والصادرة في 21 من شهر تشرين الأول، التي حملت خمسة قرارات مناهضة لإسرائيل، هي: إبداء القلق من أعمال التنقيب الإسرائيلية في القدس، اعتبار الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح جزءاً من الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن أي عمل إسرائيلي هو انتهاك للقانون الدولي، إبداء القلق من مواصلة إسرائيل بناء الجدار الفاصل، وإدانة حصار غزة.

بداية الحملة المضادة الإسرائيلية ترافقت مع عملية القاعدة ضد كنيسة سيدة النجاة في بغداد، فعادت عقدة الإسلام المتطرف والإجرامي إلى كل من سمع في تلك اللحظة بيان بنيامين نتنياهو، وكان من السهل إبداء التعاطف الدولي مع قرارات حكومة إسرائيل القاضية بوضع اليد على الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح. وعادت نغمة الحرب على الشرق، لأن الشر يأتي من الشرق العربي ـــــ الإسلامي.

بعد أسابيع قليلة، كان «القاعدة» يكاد ينسى الشأن المسيحي. وفي 24 تشرين الثاني كان البيان الثاني للشيخ صالح القرعاوي يصدر، مشيراً بالإصبع إلى أعداء تيار المستقبل في لبنان، ناعتاً إياهم بنعوت تصف عمالتهم للشيعة.

وفي البيان الثالث الصادر منذ أيام، تتحدث «كتائب عبد الله عزام» بالعقل والمنطق إلى أبناء الطوائف اللبنانية، مطالبة إياهم بعدم ترك أبنائهم يخدمون من حيث يعلمون أو لا يعلمون مخططات حزب الله والشيعة ومشاريعهم في لبنان.


الضغط على تركيا


في قراءة بيانات تنظيم القاعدة، سواء في بلاد الشام أو تلك التي تبنّت عملية كنيسة سيدة النجاة، يمكن اعتبار أن التنظيم تحول إلى ضرب المسيحيين، وأنه أبعد من تكتيك مرحلي، وأن التنظيم تحول من العداء للشيعة، الذين قتل منهم في العراق أكثر مما قتل من الأميركيين، إلى ضرب النقطة الأضعف. لكن ما ستحمله الأشهر القليلة التي تفصل المجزرة عن يومنا هذا يؤكد أن الانتقال من ضرب الشيعة إلى ضرب المسيحيين لم يكن أكثر من عمل تكتيكي محدود استنفدت أغراضه، وعاد الخطاب «القاعدي» إلى سابقه.

وهي ليست المرة الأولى التي يُستخدَم فيها المسيحيون ضحايا تكتيكيين لتنظيم القاعدة؛ فبعيد المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي على متن السفينة مرمرة في اليوم الأول من شهر حزيران، وقع أمران يستدعيان التدقيق: الأول هو ضرب تنظيم القاعدة للسفير البابوي وقتله، وهي ربما أسوأ عملية يمكن أن يتخيّلها إنسان خلال أزمة كبيرة كالمجزرة التي تعرّض لها أسطول الحرية الذي يحاول فك الحصار المضروب على قطاع غزة. والأسطول يضم متضامنين مسلمين ومسيحيين ويساريين.

وكأن العملية وحدها لا تكفي، إذ خرج حينها الظواهري في خطاب متلفز، نشر يوم 15 من شهر آب، ليطالب تركيا بوقف التعاون مع إسرائيل. حينها، كانت تركيا تعيش في أحلك مراحل العلاقات مع الدولة الإسرائيلية، التي بدأت بالتردّي خلال العملية الإسرائيلية على قطاع غزة في بداية عام 2009 والمعروفة باسم الرصاص المصبوب، وصولاً إلى أخذ مواقف حادة بعيد مجزرة الباخرة مرمرة.

وطالب الظواهري بوقف التعاون مع إسرائيل، وانتقد بحدة مشاركة القوات التركية في أفغانستان، داعياً الشعب التركي إلى الضغط على حكومته لسحب اعترافها بإسرائيل. واتهم الظواهري الحكومة والجيش التركيين بمعاداة الإسلام والمسلمين، والمشاركة في الحملة الصليبية على الأمة الإسلامية.

إلا أن العداء الثابت لحزب الله والشيعة في لبنان والعراق لا ينطلق من مجرد منع لمجاهدين، غير موجودين على الأرض حالياً، من الوصول إلى مبتغاهم في ضرب إسرائيل. ثمة أسس نظرية وعقدية، وفتاوى كثيرة أشهرها ربما فتوى أحد كبار هيئة العلماء في السعودية، الشيخ عبد الله بن جبرين، بعد خمسة أيام من بداية حرب تموز على حزب الله، حينها حرّم تأييد حزب الله في الحرب.


غداً: المنطلقات النظرية

وأقسام السلفية المتكاملة


الجزء الثالث من «لتستبين» نهاية الحلم الوردي

نشر مركز الفجر للإعلام، القريب من تنظيم القاعدة، بياناً من «كتائب عبد الله عزام»، هو الثالث من سلسلة «لتستبين سبل المجرمين»، تضمن ثلاثة أقسام: الأول هو «الجيش اللبناني»، والثاني «كلمة إلى طوائف لبنان»، والثالث هو «غوانتانامو لبنان رومية». ومما جاء في البيان:

«بعدَ خروجِ السوريينَ وُكِلَ الأمرُ لحزبِ الله؛ فَمَنْ رضيَ عَنهُ الحزبُ والشيعةُ عموماً يُحمى ويُدعَمُ ويَقْوَى جانبُه، ومَنْ خالَفَ الحزبَ ولمْ يرْضَ عَنهُ قادةُ الحزب، فإنَّ التهميشَ والإقصاءَ مصيرُه، وإنِ اسْتدعَى الأمرُ قَتْلَه.. فإنهُ يُقتَلُ ليُزاحَ عَنِ الساحةِ.

ولهذا الخنوعِ التامِّ مِنْ أكبرِ رؤوسِ الجيشِ وأهَمِّ عناصِرِهِ لسيطرةِ الشيعة، فإنَّ الشيعةَ في لبنانَ ـــــ متمثلينَ في حركَتَيْ أملَ وحزبِ اللهِ ـــــ يَستخدمونَ الجيشَ كأنجعِ أداةٍ لِقمعِ أهلِ السنةِ بِدعوَى حمايةِ القانونِ والمحافظةِ على الأمْنِ وحربِ الإرهاب، ولِيُظهِرُوا بذلك للدولِ الغربيةِ إخلاصَهُمْ في الحربِ على ما يُسَمُّونَهُ الإرهاب، وكانَ مِنَ المناسِبِ أنْ يكونَ لَهُمْ مندوبٌ في الجيشِ، فكانَ قلبُ الشيعةِ في الجيشِ هُوَ العميدُ الشيعيُّ عباسُ إبراهيم.

هذا الرجلُ هُوَ العقلُ المدبرُ للحربِ على أهلِ السنةِ، وهُوَ حاملُ لوائِها، وَهُوَ مَنْ يَقِفُ وراءَ سفكِ دمائِهِمْ وظلمِهِمْ، والحزبُ وحركةُ أملَ يَحمُونَ هذا الرجلَ ويوَفِّرُونَ لَهُ الغطاءَ الكافيَ لاستمرارِ نفوذِهِ. إنَّ إبراهيم كانَ وما زالَ هُوَ مَنْ يقودُ الحربَ على أهلِ السنةِ في لبنانَ، وفي مخيماتِ اللاجئينَ المهَجَّرِينَ ويحرِّكُ الجيشَ لذلك، ويتصرفُ في وحداتِهِ، ويَشحنُ عناصرَهُ ضِدَّ أهلِ السنة، وبتحرِيكِه الخفيِّ للجَيشِ للبطشِ بأهلِ السنةِ؛ يظهرُ الأمرُ على أنَّهُ صراعٌ بينَ النصارى والسنة؛ فالنصارَى يُمَثِّلُهُمْ ظاهراً الجيش، وأهلُ السنةِ يُستضعَفونَ ويُظلَمونَ على أنَّهُمْ هُمْ مَنْ يُمَثِّلُ الإرهاب. والحقيقةُ أنَّها معركةُ الشيعةِ مَعَ طوائفِ لُبنان، يَضرِبُونَ الطوائفَ بِبَعْضِها، ويُدِيرُ عباسُ إبراهيمَ المعركةَ بِاسْمِ الجيشِ حتى تُنْهَكَ الطوائف.

ولْنَرَ ما يَفعلُهُ قائدُ الجيشِ «قهوجي»، وكيفَ يَخرُجُ للإعلامِ ويُرَدِّدُ ما يُرَدِّدُهُ الحزبُ وكذابُ الضاحيةِ مِنْ أنَّ المجاهدينَ السنةَ هُمْ عُمَلاءُ لليَهودِ، وأنَّ الجيشَ سَيقفُ بالمرصادِ لليهودِ وللمجاهدينَ الذينَ يقولُ عَنْهُمْ إنَّهُمْ عملاءُ وإرهابيون؛ يُريدونَ تَفجيرَ لبنانَ وضربَ استقرِارِهِ وخَلْقَ الفتنةِ فيه. ونحنُ نقولُ لقائدِ الجيش؛ إنَّ سَعْيَكَ خَلْفَ الحِزْبِ لإرضائِهِ؛ لنْ تنالَ مِنْهُ شيئاً مما تريد، وإنَّ فسادَكَ الماليَّ ـــــ الذي لا نُريدُ أنْ نضْطَرَّ للكشفِ عَنْ تفاصيلِهِ مُستقْبَلاً ـــــ وسَعْيَكَ وراءَ مصالِحِكَ الشخصيةِ وتقديمَكَ لها على حسابِ مصالحِ أبناءِ طائفَتِك، لنْ ينفعكَ وسيذْهَبُ كلُّه، وإنَّك بِهذا تجني على طائفتِكَ بل وعَلَى نفسِكَ أيضاً. لا نَرَى مُواجهةَ الجيشِ ابتداءً، ولا نرى العملَ الداخليَّ في لبنانَ، وليسَ لنا هدفٌ في أولوياتِنا إلا مقاتلةَ اليهودِ المحتلين، والدفاعَ عَنْ أهلِ السنةِ المظلومين، وحفظَ الحقوقِ المهدرة، لكنَّنا لا نرضى بأنْ تُنْتَهَكَ الأعراضُ والأموال، وتُدهَمَ البيوتُ، وتُهانَ النساءُ، ويُضرَبَ الشيوخُ، ويروَّعَ الأطفالُ؛ بغيرِ ذنب، مِنْ أيِّ جهةٍ.

ولا بدَّ أنْ يأتِيَ يومٌ ينتصرُ فيهِ المظلومُ لنفسِهِ، ويثأرُ مِنْ ظالِمِهِ ولَوْ بأثَرٍ رجْعِيٍّ.. فإذا حَصَلَ ذلك؛ فإنَّ الملومَ فيهِ هُوَ عباسُ إبراهيم وأمثالُه، فَهُوَ مَنْ يَجُرُّ الأذَى إلى طائِفَتِهِ بأفعالِهِ هذه».

وأكد البيان أن على الطوائف الأخرى ألا تضع نفسها في خدمة الصراع الدائر مع الشيعة عبر الجيش، وأعلن كذلك أن كتائب عبد الله عزام تعمل على إطلاق سراح الأسرى في سجن رومية.

Script executed in 0.19053506851196