أثناء قيام دورية من فصيلة بئر حسن بقمع مخالفة بناء لشخص من آل د.، تعرّض عناصرها لاعتداء من الأشخاص المخالفين فأُصيب بعضهم بجروح ونُقل آمر فصيلة بئر حسن الملازم أول علي الضيقة إلى المستشفى إثر إصابته بحجر في رأسه، ما أدى إلى فقدانه الوعي. لم تنته المسألة عند هذا الحدّ، بل استعان صاحب المخالفة بعائلتين معروفتين لتصفية حسابه مع الضابط المذكور.
بدأت عملية ترهيب منظّمة فصار مجهولون يتّصلون على رقم هاتفه ورقم المركز ويتوعّدونه بالقتل إن بقي في مركز فصيلة بئر حسن. ولم يقف المهدّدون عند حدّ الاتصالات، بل ألقى بعضهم زجاجة مولوتوف حارقة أمام مبنى الفصيلة منذ أيّام، ما أدى إلى اشتعالها أمام المبنى من دون أن تؤدي إلى وقوع إصابات أو تُحدث أي أضرار مادية. ورغم التهديدات التي لم تتوقف حتى لحظة كتابة هذه السطور وفق المعلومات الأمنية، لا يزال الملازم أول علي الضيقة في مركزه آمراً لفصيلة بئر حسن، لكن «الأخبار» علمت أن الضابط المذكور يلازم منزله منذ تاريخ الحادثة ولا يبارحه. اتّصلت «الأخبار» بالضابط الضيقة لكنه رفض التعليق على القضية طالباً الرجوع إلى شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي للحصول على أية معلومات متعلّقة بالموضوع.
بديهيٌّ أن يكون الضابط قلقاً على حياته، فالخطر ضريبة المهنة التي يدفعها معظم الضباط، لكن السؤال البديهي أيضاً، والذي قد يتبادر إلى الذهن، يتمحور حول دور مديرية قوى الأمن الداخلي. فمديرية غير قادرة على أن تحمي ضبّاطها كيف تُطبّق القانون؟ وفي هذا السياق، يتحدّث مسؤول أمني رفيع في قوى الأمن الداخلي لـ«الأخبار» فيشير إلى حصول حالات مشابهة مع عدد من الضبّاط، لكنه يلفت إلى أنّ ذلك جزء من عمل الضبّاط الذين يسقط منهم الجرحى والشهداء. وإذ يرى المسؤول المذكور أنّ المديرية تقوم بدورها لجهة توفير الحماية لهؤلاء، يلفت إلى أن لا ضمانة مئة في المئة.
إذاً هذه ليست المرّة الأولى التي تُهدَّد فيها حياة ضابط، فالضبّاط على تماس دائم مع الجريمة والمجرمين. لكن الغريب في الأمر أن الضبّاط في حالة كهذه يُقررون الانتقال وتغيير مكان عملهم أو سكنهم حفاظاً على حياتهم. ورغم الحديث عن إجراءات تتخذها المؤسسة الأمنية إذا تعرّض أحد ضبّاطها للخطر، تشير الوقائع إلى أن الضبّاط المهددين يلجأون إلى أطراف سياسية لتدعم عملية النقل التي يطلبونها.
في المقابل، يبرز رأي ضابط في قوى الأمن الداخلي يشير إلى أن التهديد الحاصل لا يطاول الملازم أوّل في شخصه فحسب، بل يستهدف ضبّاط المديرية كلهم. ويلفت الضابط المذكور إلى أن ما يجري قد يُثني ضبّاطاً كُثراً عن أداء المهمّات المكلّفين بها، فعندما تُصبح حياتهم على المحك يُصبح الواجب أمراً ثانوياً بالنسبة إلى الجميع. ويُنهي الضابط المذكور حديثه بالتشديد على ضرورة «توقيف جميع المشتبه فيهم على الفور أو فليوقفوا قمع المخالفات».
المسألة المطروحة تدقّ ناقوس الخطر. فالضبّاط الملتزمون بالقانون هم عصب هذه المديرية، وإن لم تسارع المؤسسة الأمنية إلى إيجاد معالجة جذرية للموضوع، فإنّ ذلك قد يقضي على محاولتها بناء مؤسسة قوية قادرة على حماية نفسها قبل حماية المواطن.
يُذكر أنها ليست المرّة الأولى التي يتعرّض فيها عناصر دورية لاعتداء أثناء قمعهم لمخالفات البناء في تلك المنطقة.
الحُماة بحاجة إلى حماية
رغم أنّ وظيفة عناصر قوى الأمن الداخلي السهر على أمن الناس وحماية أرواحهم وممتلكاتهم، فإنّ هؤلاء غالباً ما يكونون وممتلكاتهم ضحية هذه التهديدات والاعتداءات، فقد سبق أن تعرّض آمر فصيلة الشويفات الرائد جورج منصور لتهديد بالقتل بسبب إزالته مخالفة بناء أيضاً.
كما تُسجّل المعلومات الأمنية يومياً تقريباً تعرّض عناصر دورية، تقوم بواجبها بقمع مخالفات البناء، للاعتداء على أيدي المخالفين بطريقة متكررة. رغم تحوّل قمع المخالفات والاعتداء على العناصر إلى ظاهرة لم تعالَج المسألة بعد. من جهة أخرى، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن سيارة عسكرية من نوع «دودج تشارجر» تعرّضت للرمي بالحجارة أمام فصيلة برج البراجنة، حيث أصيبت بحجر على زجاجها الأمامي. ولفت الخبر إلى أن العمل جارٍ لمعرفة الفاعل.