، وإن «تردادها سيأتي عرضاً في المرّات الأولى» قبل أن يتوسع الشرح بتشعب علاقات حزب الله المزعومة بشبكات التهريب العالمية.
ويرى أن ذلك يأتي بهدف «تجريم الحزب في اللاشعور العربي» في المرحلة الأولى، مما يقود إلى «نزع هذه الهالة المحيطة بعمله المقاوم». ثم تمتدّ الحملة الإعلامية عبر «ريبورتاجات» تطاول المافيا وكارتيلات أميركا اللاتينية مع التلويح بتعاون «لصيق» مع منظمات إرهابية قبل أن يعود اسم حزب الله إلى التقديم بوصفه إحد أبرز هذه المنظمات التي تستفيد من تجارة الموت.
يوافق أكثر من مراقب أوروبي على ما يقوله الخبير، ويرى هؤلاء أن «لصق تهمة الإتجار بالمخدرات» هي السبيل الوحيد لوضع حزب الله على لائحة الإرهاب، إذ إنه بات شبه مؤكد أن القرار الاتهامي أياً كان مضمونه، وما يمكن أن يستتبعه من ردود فعل لن يسمح بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب لأسباب شتى، منها أن ذلك سيؤكد «الأهداف السياسية» التي تقف وراء المحكمة. كذلك فإن تشديد المسؤولين الأوروبيين على «الدور السياسي لحزب الله» ورفضهم مطالب واشنطن إدراج اسمه على لائحة الإرهاب، يجعل من الصعب تغيير مواقفهم رأساً على عقب إلا إذا تأزم الوضع في لبنان ولجأ الحزب إلى استعمال سلاحه في الداخل، وهو ما باتت تستبعده دوائر القرار حتى في ظل تفاقم تلك الأزمة.
كذلك، بات ثابتاً أن السيناريوات الاسرائيلية التي تتحدث عن «هجوم حزب الله لاحتلال لبنان» تثير الابتسام أكثر مما تؤخذ على محمل الجد في الدوائر المتابعة في أوروبا.
إلا أن هذه الدوائر تصبح متقبلة لوضع حزب الله على لائحة الإرهاب، إذا «ترسخت قناعة ما» بأنه منغمس في تمويل عمله عبر الإتجار بالمخدرات والتعامل مع كارتيلات الجريمة المنظمة. ويقول الخبير الفرنسي في هذا الصدد، إنه «يكفي شكوك حول تواطؤ» (soupçons de collusion) لكي يوضع الحزب على لائحة الإرهاب وتمويل الإرهاب ويكون عليه «برهنة براءته» لسحب اسمه من هذه اللائحة الدولية، في «لعبة شبيهة بمسألة أسلحة الدمار الشامل».
وإذا وضعنا جانباً الاتهامات الإسرائيلية الدائمة للمقاومة بتهريب الممنوعات والمخدرات، وكذلك «النسج الخيالي» لكيفية تعامل حزب الله مع مهربي مخدرات إسرائيليين للحصول على معلومات، وهو ما لا يمكن التأكد منه حتى ولو صحت «الحكايات»، فإنه يمكن متابعة بروز «خطة تجريم حزب الله» التي بدأت قبل سنة وبضعة أشهر عندما بدأ الحديث يدور عن «ركاكة الاتهامات» التي يمكن أن يحملها القرار الاتهامي وعن «قوة رد فعل المقاومة» في حال اتهامها أو اتهام أفرادها. ففي ٢٩ تموز عام ٢٠٠٩ صدر عن مكتب محاسبة الحكومة التابع للكونغرس في الولايات المتحدة تقرير يتهم فنزويلا بـ«عدم التعاون الكامل في الحرب على تجارة المخدرات» وندّد التقرير بتساهل كاراكاس في التعامل مع جماعات التهريب الكولومبية. بالطبع رفض الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الاتهامات وذكر أنها تأتي في سياق «تهديدات أميركا لفنزويلا». ورأت وزارة الخارجية الفنزويلية أنها «تفتقر إلى الموضوعية»، إلا أن إسرائيل دخلت على خط الاتهامات وقال رئيس إدارة أميركا اللاتينية والكاريبي في وزارة الخارجية الاسرائيلية، دوريت شافيت، لصحيفة «تمبو» الكولومبية، إن كاراكاس «تؤوي مقاتلين من حزب الله» في منطقة «جوخيرا» (شمال غرب) فنزويلا وكذلك في جزيرة مارغاريتا في البحر الكاريبي.
بعد أربعة أشهر، في ٢١ تشرين الثاني عام ٢٠٠٩، خرج ضابط إسرائيلي رفيع، دايفيد أغمون، ليصرح لقناة التلفزيون الإسرائيلية الثانية، بأن «الجيش الإسرائيلي يسمح بعض الأحيان للبنانيين بتهريب مخدرات إلى داخل البلاد». وفسر ذلك بأنه بهدف «الحصول على معلومات عن حزب الله».
وفي مطلع هذا العام عادت صحيفة «دير شبيغل» الألمانية لتفجّر الموضوع بتاريخ ١٢ كانون الثاني ٢٠١٠ بحديثها عن اتهام أجهزة شرطة لحزب الله بتمويل عملياته من تجارة المخدرات في أوروبا، بناءً على تحقيق أظهر «وجود كوكايين على أوراق نقدية» ضبطت مع شخصين من عائلة لبنانية يشتبه في أنها هرّبت مبالغ كبيرة إلى لبنان.
وبعد أشهر قليلة، في ٢٦ حزيران ٢٠١٠، دخل الكونغرس على الخط مرة ثانية وخرجت النائبة عن ولاية كارولينا الشمالية، سوي ميريك، لتحذّر زملاءها من «التواطؤ بين حزب الله وكارتيلات المخدرات على الحدود الأميركية المكسيكية».
في أي حال، «الدودة باتت في الثمرة»، حسبما يقول المثل، فقد تلقفت «المواقع المعادية» لحزب الله ولحلفائه هذا التراشق، لترويج أخبار حول «تجارة حزب الله» وتوجيه أفظع النعوت له ولحلفائه، وخصوصاً إيران.