لم يعرف حينذاك إذا كانت المملكة تدفع بسوريا إلى التفاوض مباشرة مع الاميركيين، لان لدى واشنطن مطالب من دمشق قد تحصل عليها من الممر اللبناني، أو أن أميركا تضعط على السعودية بالتعطيل لبنانيا. ولكن، ما جرت معاينته سياسيا هو أن الحروف الاميركية غلبت ال"س. س"، وأن سيدة اميركية واحدة استطاعت ان تهمس في إذن ملك وزعيم لبناني شاب لا يلقى غمزة فوقع تحت تأثيرها، فكانت خلاصة العصف السياسي في نيويورك انتهاء عصر ما عرف بال"س. س".
عاش الملك وماتت مبادرته، تعافى فتوعكت الى أن مارست عليها واشنطن القتل الرحيم، وبحنكة المعارضة فانها لزمت الجنرال ميشال عون النعي بعدما حرص الامين العام ل"حزب الله" على الا يسير بأي خطوة سياسية الا بالتوافق مع الشريك المسيحي. لكن عون وفي بيان وداع ال"س" قال: "إن المعارضة تبحث عن حلول اخرى"، داعيا مجلس الوزراء الى "الاجتماع للبحث في المخارج". وفي الوقت نفسه، كان وفد من المعارضة يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان للتشاور في الحلول المقترحة، على ان ينعقد في الرابية الاجتماع الموسع لوزراء المعارضة مع عون والخليلين، اللذين كانا قد زارا دمشق وتبلغا من قيادتها أمس نبأ انتهاء مفاعيل التسوية.
وبناء على نتائج اجتماع الرابية، يتحدد الخط البياني للمعارضة، لكنه حكما سيعتمد اللعبة الديموقراطية من داخل المؤسسات بعدما أصبح الشارع وراءه، وللعبة شروطها وأعدادها برلمانيا ووزاريا وستجد نفسها أمام عملية قطع حساب حقيقية هذه المرة لثلثها المعطل وأكثريتها او اقليتها داخل مجلس النواب.
وهنا، يكمن دور النائب وليد جنبلاط نيابيا، وهو الذي تحسس الطقس السياسي الملبد فألغى مؤتمره الصحافي اليوم.
وفي المحصلة، فإن الحلول الداخلية لا تزال متاحة بعد ما وضعت الكرة مرة جديدة في ملعب رئيس الجمهورية. وفي المعلومات فإن وفد المعارضة طلب من رئيس الجمهورية عقد جلسة لمجلس الوزراء غدا لاتخاذ قرارات لبنانية لم تقو عليها التسوية الاقليمية، ومن هذه القرارات سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية، ووقف التمويل والغاء بروتوكول التعاون، وقد وعد رئيس الجمهورية بالاتصال برئيس الحكومة سعد الحريري للتشاور، وقال مصدر في الوفد للجديد إنه ما لم تلب هذه المطالب فإن المعارضة لن تستطيع الاستمرار في الحكومة. ويعتقد ان مطالب المعارضة تعجيزية، لا سيما في بندها غير المعلن ألا وهو ضمان عودة الحريري غدا.