أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

المعارضة تُعدّ للإمساك بالسلـطة... إلّا إذا ... و تحسم أمرها: الحريري لن يعود إلى السرايا

الجمعة 14 كانون الثاني , 2011 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,283 زائر

المعارضة تُعدّ للإمساك بالسلـطة... إلّا إذا ... و تحسم أمرها: الحريري لن يعود إلى السرايا
 تخطّت قوى 14 آذار مرحلة الـso what. لم تعد غير مكترثة بما سيتخذه خصومها من خطوات. طوال يوم أمس، شُغل سياسيو الأكثرية السابقة بعمليات الإحصاء. دخلوا في لعبة الحسابات التي يشعرون معها بأن عودة سعد الحريري إلى السرايا الحكومية لم تعد مضمونة. المتفائلون منهم يجزمون بأن قوى المعارضة السابقة لن تكون قادرة على تأليف حكومة منفردة. ويجزم أصحاب هذا الرأي بأن النائب وليد جنبلاط لن يجازف بعلاقته مع السعودية والرئيس سعد الحريري في مقابل أمر غير مضمون. أما الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي، فهما، بحسب الأكثريين السابقين، ليسا في وارد معاداة بيئتهما الجغرافية والمذهبية.

لكن ثمة بين قوى 14 آذار من هو أكثر واقعية من زملائه. يقول بعض «ثوار الأرز» إن النائب وليد جنبلاط «غير مضمون، لكنه ليس قادراً على منح قوى المعارضة أصوات كتلته كلها، فالمحسوم أن النائب مروان حمادة سيكون إلى جانبنا، وكذلك النائبان هنري حلو، وفؤاد السعد، ونعمة طعمة المرتبطة مصالحه المالية عضوياً بالسعودية. والبحث اليوم يتمحور حول موقف علاء الدين ترو وإيلي عون وأنطوان سعد».
في الخلاصة، يشعر مؤيدو الحريري بالضغط إلى درجة التحسر على خسارتهم للنائب نقولا فتوش. هذا الشعور، أنتجته المعلومات المتداولة عن قرار لدى فريق المعارضة السابقة، يقضي بعدم السماح لسعد الحريري بالعودة إلى السرايا الحكومية. مصادر هذا الفريق تتحدّث بلهجة حاسمة لا لبس فيها: «عندما قرّر الحريري إنهاء المفاوضات ورفض التسوية، كان يعلن مواجهة معنا. وعلى هذا الأساس، نفّذت المعارضة البند الأول من خطة المواجهة». وبحسب مسؤول رفيع في قوى 8 آذار، فإن الفريق الذي أفشل التسوية في الولايات المتحدة والسعودية، كان يرى في إسقاط الحكومة خطاً أحمر، وهو فوجئ بسرعة تحرك المعارضة، وبالنتيجة المضمونة لهذا التحرك.
ماذا بعد؟ يجيب مسؤول في أحد أطراف المعارضة السابقة بالقول إن «القرار نهائي ولا عودة عنه: لن نرشح لرئاسة الحكومة إلا من يتعهد باتخاذ خطوات تؤدي عملياً إلى تحقيق ما كان مأمولاً من التسوية التي أجهضت في نيويورك». الثقة بين هذا الفريق ورئيس الحكومة المقالة تلامس حدود الصفر. «لكن ذلك لا يقفل الباب نهائياً أمام عودته إلى السرايا، إذ إن بإمكانه ترؤس حكومة تدوم حتى عام 2013، فيما لو تعهد بإسقاط مشروع المحكمة الدولية». يقول هذه العبارة مسؤول بارز في المعارضة السابقة، من باب إلقاء الحجة لا أكثر، وخاصة بعد التصريح الذي أدلى به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عقب زيارته الرئيس السابق للجمهورية إميل لحود أمس، إذ قال إن الحكومة سيترأسها «من له مسيرة مقاومة وطنية في هذا البلد وقدرة على التصدي للمشاريع الاستكبارية».
وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر معارض أن فريقه السياسي لم يحسم بعد اسم الشخصية السنية التي ستسمّيها خلال الاستشارات التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال سليمان ابتداءً من يوم الاثنين المقبل، بعدما أصدر أمس مرسوماً بإقالة الحكومة وتكليفها تصريف الأعمال. لكن المرشحين كثر. «والرأي سيستقر على شخصية تملك الحد الأدنى من الحيثية الشعبية، كالرئيس نجيب ميقاتي والرئيس عمر كرامي والوزير السابق عبد الرحيم مراد والنائب السابق أسامة سعد». وإضافة إلى هؤلاء، ثمة شخصيات يجري تداول أسمائها بوصفها مرشحة لمنصب الرئاسة الثالثة، كالوزير السابق عدنان عضوم، من دون التأكد مما إذا كان طرح اسمه جدياً، أو في سبيل الضغط على الطرف الآخر لا غير.

إلى أين ستصل المعارضة؟

تذهب بعض المصادر إلى حد القول إن خصوم الحريري ما كانوا ليلجأوا إلى إسقاط حكومته، لو لم يكونوا متيقّنين من قدرتهم على تأليف حكومة من لون سياسي واحد، ومن دون أي تنسيق مع فريق آل الحريري، حتى إن بعض واقعيي فريق الثامن من آذار يحملون القلم والورقة لإثبات هذه النظرية، فيحتسبون أصوات النواب، قبل أن يؤكدوا أن النائب وليد جنبلاط سيحسم أمره إلى جانب قوى المعارضة السابقة وسوريا. وبرأي هؤلاء، فإن لقاء جنبلاط مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم أمس، ولقاءه المرتقب يوم غد السبت مع الرئيس السوري بشار الأسد، سيحسمان موقفه نهائياً، وخاصة أن موقف الرئيس الأسد من المحكمة الدولية محكوم بعدّه إياها شبيهة باتفاق 17 أيار، مع ما يعنيه ذلك من لزوم إسقاطها بوصفها أداة عدائية في وجه سوريا والمقاومة في لبنان.
لكن، هل الوضع السياسي الداخلي والإقليمي مؤات لتأليف حكومة من لون واحد؟ يجزم بعض الفاعلين في المعارضة السابقة بأن شيئاً لن يمنع هذه الخطوة: «الاتصالات التي أجرتها السعودية وفرنسا بالقيادة السورية تؤكد أن المشكلة ليست بيننا وبين هذه الأطراف، بل بين الملك عبد الله بن عبد العزيز من جهة، والفريق الذي عرقل التوصل إلى تسوية. وداخلياً، ثمة، للمرة الأولى فرصة لتصويب مسار الحكم. والجميع يعرف أن المساس بالأمن ممنوع، وخاصة أن من يحاول العبث بالأمن سيكون أول المحترقين».
وتلخص قوى المعارضة هدف خطتها للفترة المقبلة بأنه «محو آثار الانقلاب الذي شهدته البلاد عام 2005. فالحكومة المقبلة سيكون على رأس أولوياتها إلغاء كل التزامات لبنان مع المحكمة الدولية، ومطالبة الأمم المتحدة بمراجعة الاتفاق الملحق بالقرار 1757، قبل الانتقال إلى اتخاذ قرارات داخلية من شأنها تقديم تجربة جدية في الإصلاح القضائي والإداري والأمني والاقتصادي».
وماذا إذا وصل الأمر إلى حد فرض عقوبات على الحكومة اللبنانية إذا لم تتعاون مع المحكمة الدولية؟ يجيب مصدر رفيع المستوى في المعارضة قائلاً إن هذه الخطوة مستبعدة جداً، في ظل حرص عدد من الدول الكبرى على العلاقة مع دمشق والقوى الفاعلة في المعارضة، وخاصة أن الطرف الأكثر تضرراً من أي عقوبات سيكون الفريق الموالي للغرب في لبنان، فضلاً عن أن الحدود اللبنانية ــــ السورية لن تُقفل مهما اشتدت الضغوط الدولية.
وفي السياق السياسي ذاته، سيطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال الساعات المقبلة، ليشرح وجهة نظر الحزب من التطورات الأخيرة. ولفتت مصادر معنية إلى أن إطلالة نصر الله المقبلة لن تلغي المؤتمر الصحافي الذي كان قد وعد بعقده للكشف عن معطيات تتصل بالمحكمة الدولية وملف شهود الزور وغيرها من القضايا الخلافية.
وفي المواقف المعلنة في بيروت أمس، أكد السفير السعودي علي عواض عسيري، «استمرار جهود المملكة العربية السعودية واتصالاتها مع القوى السياسية اللبنانية والتزامها العمل على مؤازرة الأشقاء اللبنانيين، انطلاقاً من حرص القيادة السعودية على أمن لبنان واستقراره».
وكان لافتاً مساء أمس التطور الأمني الذي وقع في بلدة بيت شباب، حيث ألقيت قنبلتان يدويتان على مركز للتيار الوطني الحر، من دون وقوع أي إصابات. وقد لاقى الحادث استنكاراً واسعاً، وخاصة من حزبي الكتائب والقوات اللبنانية.
خارجياً، وفي الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي أن السفير الأميركي الجديد لدى سوريا روبرت فورد، سيغادر إلى دمشق يوم السبت المقبل، أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أن الولايات المتحدة «تتابع عن كثب» الوضع في لبنان، لافتاً إلى أن «الاضطرابات وما قد ينجم عن الوضع السياسي المتوتر من عنف يمثّلان تهديداً لاستقرار المنطقة وأمنها». ونفى العقيد ديفيد لابان أن تكون بلاده قد أرسلت سفناً عسكرية إلى السواحل اللبنانية، موضحاً أن «وزارة الدفاع والحكومة الأميركية ترغبان في أن يلجأ جميع الأطراف الى الوسائل السلمية لتسوية الوضع».
من جهته، دعا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط «جميع اللبنانيين إلى التهدئة والامتناع عن التصعيد أو التحريض، سواء أكان إعلامياً أم سياسياً»، مشيراً إلى «ضرورة أن يتحرك الجميع لمعالجة الوضع الحالي فى إطار المؤسسات الدستورية». وحيّا أبو الغيط «الرئيس سعد الحريري على المواقف التي اتخذها في الفترة الأخيرة بهدف تأمين استقرار الأوضاع داخل لبنان». وأكد «أن مصر مستمرة في دعمها لجهود الرئيس الحريري المخلصة لخدمة لبنان، في إطار الحفاظ على أسس الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية والاستقرار فيها».
بدوره، عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن أسفه «لما آلت إليه تطورات الوضع في لبنان بعد استقالة وزراء المعارضة في ظرف خطير يثير المخاوف من دخول لبنان مرة أخرى نفق التأزم والتوتر السياسي وانفراط وحدة الصف اللبناني مع ما يحمله ذلك من مخاطر وتهديدات لمسيرة الأمن والاستقرار والتنمية في لبنان».

Script executed in 0.19558906555176