ولا سيما أن الفاتيكان حرص منذ البداية على عدم إظهار انقسام ماروني بين من يريد من البطريرك أن يستقيل ومن لا يريده أن يفعل ذلك. وبحسب مصدر فاتيكاني، فإنّ قوى مسيحية عديدة لديها مآخذ على البطريرك الحالي، منها التيار الوطني الحر وتيار المردة، التزمت الصمت ولم يصدر عنها أي موقف، ترحيبي أو غيره، من استقالة البطريرك. وتجنّباً لإحراج الفاتيكان أو خروج الانقسام الماروني بشأن بقاء البطريرك في موقعه إلى العلن، أكّد المصدر الفاتيكاني أنّ الكرسيّ الرسولي يتجه إلى قبول استقالة البطريرك قريباً جداً لقطع الطريق على وفود الراغبين بعودته عن استقالته. وبحسب المصدر، سيقبل الفاتيكان استقالة صفير خلال أقلّ من أسبوع.
من جهة أخرى، احتدم التنافس بين المطارنة للحلول محلّ صفير، وسط معلومات غير أكيدة عن إبلاغ المطران سمير مظلوم، الذي يراه البعض أقرب المطارنة إلى قوى المعارضة المسيحية، المقربين منه عدم رغبته بالترشح، في ظل احتدام التنافس جدياً بين المطرانين بشارة الراعي ويوسف بشارة الذي بموازاة نيله تأييداً قوياً من تيار المستقبل، قام بجولة كبيرة شملت رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية ومجموعة من الضباط الموارنة النافذين في المؤسسة العسكرية، وهو يتواصل مع بعض النافذين في الرابطة المارونية بهدف تأليف هؤلاء لوبي يسوّق له داخل الرابطة ويحاول جمعها حوله. وفي السباق إلى البطريركية، يبذل المطارنة المرشحون جهداً لاستقطاب الرهبانيّات، وخصوصاً الرهبنة اللبنانية المارونية التي تمثّل جسماً دعائياً مهماً، مع الأخذ في الحسبان أنّ البطريرك صفير مهتمّ جدّاً بالخلف، لخشيته على الملفّات التي تتعلق بعمل بكركي في السنوات الماضية.
يُذكر أنّ الانتخاب البطريركي، بحسب مذكّرات البطريرك صفير التي كتبها الزميل أنطوان سعد، ليس اقتراعاً سرياً، إذ يكتب الناخب اسمه واسم الشخص الذي ينتخبه بكل وضوح، ويتولّى رئيس المجمع وكاتبان فضّ الأوراق وإعلان اسم المرشح المكتوب على الورقة لكن من دون قراءة اسم المقترع. واللافت بعد انتخاب البطريرك صفير، تكتّم الأساقفة عن عدد الأصوات التي ينالها كل مرشح وعلى عملية الاقتراع برمّتها. وبحسب سعد، فإنه بعد مضيّ أكثر من ستة عشر عاماً على انتخاب صفير، حافظ المطارنة، حتى المستقيلون منهم، على تكتّمهم بشأن نتائج الاقتراع الذي أجري في بكركي بين 17 و 19 نيسان 1986.