أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الأسدوالسيد نصراللّه لتركيا وقطر: لا تعـاون مع الحريري

السبت 22 كانون الثاني , 2011 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,426 زائر

الأسدوالسيد نصراللّه لتركيا وقطر: لا تعـاون مع الحريري

موقفان حازمان أخرجا ـــــ أو يكادان ـــــ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من السباق إلى رئاسة ثالثة حكومات عهد الرئيس ميشال سليمان:
أولهما، للرئيس السوري بشّار الأسد في القمّة الثلاثية التركية ـــــ القطرية ـــــ السورية في دمشق في 17 كانون الثاني، عندما أعلن لتركيا وقطر أنّ على الحريري أن يتنحّى في المرحلة السياسية الجديدة ويترك الحكم لسواه، وهو خيار ملائم له على أن يُنظر في التعاون معه مجدّداً في ما بعد. وعزا السبب إلى تعذّر تفاهمه مع المقاومة.
ثانيهما، الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي أبلغ وزيري الخارجية التركي أحمد داود أوغلو والقطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني عندما استقبلهما ليل 18 كانون الثاني، أنه انتهى إلى خلاصة تجعله لا يستطيع مواصلة العلاقة مع الحريري بعد تجربة مخيّبة، أظهر فيها رئيس حكومة تصريف الأعمال عدم التزامه ما يتعهّد القيام به. وقدّم نصر الله شرحاً مستفيضاً إلى الوزيرين الزائرين عن مراحل علاقته بالحريري كي يستخلص أنه لا يؤيد العودة إلى التعاون معه، ولا وجوده على رأس الحكومة الجديدة.
قدّم أوغلو وبن جاسم إلى نصر الله صيغة حلّ تستند إلى التسوية السعودية ـــــ السورية، وسمّياها رؤيتهما للحلّ، ورغبا في معرفة موقفه منها. ردّ بأنه يودّ أولاً التشاور مع حلفائه في شأنها. طلب الوزيران التركي والقطري موعداً ثانياً للاجتماع به في الساعات التالية، فأجاب نصر الله بأن لا موجب لتكبّدهما مشقة الانتقال وإزعاجهما مجدّداً، وأنه سيوفد إليهما معاونه السياسي الحاج حسين الخليل، الذي كان يحضر الاجتماع، لإطلاعهما على موقف حزب الله وحلفائه من رؤية الوفد التركي ـــــ القطري، لكنّ الخليل لم يقصد الوزيرين في مقرّ إقامتهما إلّا الساعة الثانية والنصف بعد منتصف ليل 19 كانون الثاني، حاملاً جواباً سلبياً، وهو عدم الموافقة على صيغة الحلّ التي أدرجت تسمية الحريري رئيساً للحكومة في عداد بنودها.
فجر 20 كانون الثاني، غادر أوغلو وبن جاسم بيروت وقد خلّفا وراءهما بياناً أعلنا فيه تجميد مبادرتهما وعودتهما إلى بلديهما، بسبب تحفظات لم يفصحا عنها، ولا عن الجهة التي تسبّبت بها وأدّت إلى توقف الوساطة التركية ـــــ القطرية.
وبإعلانه أمس وقوفه إلى جانب سوريا والمقاومة في مواجهة المحكمة الدولية، حسم رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط المسار الذي ستسلكه الاستشارات النيابية الملزمة المرجّحة الاثنين المقبل، تبعاً لمعطيات منها:
1ـــــ أنها المرة الأولى التي تشهد فيها المادة 53 من الدستور منافسة قاسية على أصوات النواب في يومي الاستشارات تمهيداً للتكليف. في الغالب دار التنافس بين مرشحين محتملين لتأليف الحكومة في الأيام السابقة للاستشارات، حتى إذا أزف موعد هذه لم يبقَ أمام النواب إلا مرشح واحد جرى التوافق عليه لتسميته أو الامتناع عن تسميته. ومذ وُضعت موضع التنفيذ لأول مرة في أول استشارات نيابية ملزمة عام 1990، للمفارقة قبيل تأليف أولى حكومات الرئيس عمر كرامي، كان اسم الرئيس المكلف يُعرف قبل يوم على الأقل من بدء الاستشارات، وكان التكليف الخطوة الأسهل كي تكمن العقبات في التأليف.
على مرّ 19 عاماً من اختبار المادة 53، لم ينشأ الخلاف على الرئيس المكلف إلا مرتين فقط كانتا مع الرئيس رفيق الحريري، حملتاه على الاعتذار عن عدم قبول التكليف رغم توافر غالبية نيابية مرجّحة لتسميته. الأولى عام 1998 فحلّ محله الرئيس سليم الحص، والثانية عام 2004 عندما حلّ محله كرامي. في كلتيهما كانت المشكلة مع الرئيس إميل لحود، وأتتا بعد استحقاقين متشابهين حملا الحريري الأب على القبول بتعديل الدستور لانتخاب لحود، ومن ثم تمديد ولايته، كان الرئيس الراحل جزءاً من إمرارهما بغية أن يكافَأ بالبقاء في رئاسة الحكومة. ولم تكن دمشق تمانع، في المرتين، في ترؤس الحريري الأب الحكومة. في استشارات الاثنين والثلثاء، يذهب كرامي والحريري الابن إلى تنافس حاد لن تُحسم نتيجته إلّا في اليوم الثاني، قبيل إعلان التكليف، نظراً إلى فارق ضئيل في الأصوات لن يتجاوز ثلاثة أصوات، يجعل كلاً من المرشحَين يغلب الآخر بأكثرية نسبية من النواب المستفتَين.
2ـــــ إلى اليوم لا يزال الموعد مبدئياً للاستشارات النيابية الملزمة التي أرجأها رئيس الجمهورية ميشال سليمان من الاثنين الماضي إلى بعد غد الاثنين. وبحسب معلومات لدى أوساط رسمية واسعة الاطلاع، فإن أكثر من محاولة ضغط يتعرّض لها الرئيس عبر سفراء دول كبرى ترمي إلى حمله على تأجيل ثان للاستشارات، تفادياً لترجيح كفّة قوى 8 آذار ومرشحها فيها على الحريري، إلّا أنه لا مؤشرات ملموسة بعد تُنبئ بتأجيل استشارات الاثنين، وخصوصاً أنّ التكليف لن يكون هذه المرة سبباً لأزمة طويلة تواكب التأليف، أو تؤدي إلى تعثّره على نحو ما كان متوقعاً الاثنين الفائت لو أتيحت إعادة تكليف الحريري تأليف الحكومة الجديدة.
3ـــــ بات ترشيح كرامي لترؤس الحكومة الجديدة شبه محسوم لدى المعارضة، وكان المؤشر الميداني البارز لذلك أمس، نشر قوة من الجيش في محيط منزله في طرابلس، بل تنطلق المعارضة في دعم ترشيح كرامي ـــــ وقد أبدى استعداده لتحمّل المسؤولية ـــــ من أكثر من مبرّر تتوخى من خلاله تخفيف وطأة الذريعة التي يتسلح بها تيّار المستقبل، وهي أن تكليف كرامي سيفتقر إلى تأييد 21 نائباً سنياً يمثّلون القوة التمثيلية الحقيقية في الطائفة لتسمية الحريري، فيما تضم المعارضة نائبين سنّيّين فقط، إلى نواب طرابلس الأربعة، الذين لا يزالون يحيّدون أنفسهم عن الانحياز إلى أحد طرفي المواجهة:
أول تلك المبرّرات، أنّ كرامي شقيق رئيس حكومة شهيد كان لا يزال في الحكم عندما اغتيل، شأن الحريري ابن رئيس حكومة سابق شهيد عندما اغتيل.
ثانيها، ردّ الاعتبار إلى كرامي بعدما أرغم في 28 شباط 2005 على الاستقالة في مجلس النواب، على أثر تحميل حكومته مسؤولية اغتيال الحريري الأب وتأليب الشارع السنّي عليه في انتخابات 2005 و2009. ولعلّ المفارقة التي يلتقي عليها المرشحان المتنافسان في استشارات الاثنين والثلثاء، أنّ شرط تولي كرامي رئاسة حكومة 1990 كان التسليم بالمصالحة الوطنية، عندما قبل بتوزير سمير جعجع في حكومته بعدما كان قد اتهمه باغتيال شقيقه الرئيس رشيد كرامي، وأن شرط تولي الحريري الابن رئاسة حكومة 2009 كان التسليم أيضاً بمصالحة النظام السوري، والاعتذار من الأسد عمّا قيل فيه بعدما كان قد اتهمه باغتيال والده.
ثالثها، تخفيف وطأة التشنج السنّي في طرابلس بإعادة رئاسة الحكومة إليها، ومن ثمّ محاولة بناء توازن جديد في زعامة الطائفة، فلا توصد الأبواب تماماً دون آل الحريري. على نحو كهذا يعكس الاهتمام بأدوار لزعماء سنّة آخرين، سوى الحريري وكرامي، كالرئيس نجيب ميقاتي والوزيرين السابقين ليلى الصلح ومحمد الصفدي، مغزى ذا دلالة.
4ـــــ رغم الاضطراب والقلق اللذين بدَوَا على وجهه وهو يعلن تخليه عن تحالفه السياسي مع الحريري، ويؤكد خروجه من الوسط إلى المعارضة كي يكون جزءاً لا يتجزأ من الغالبية النيابية الجديدة، اختار جنبلاط ـــــ شأن ما فعل دائماً في استحقاقات داهمة مماثلة كما في أعوام 1977 و1983 و1989 و2005 وصولاً إلى 2009ـــــ الانتماء إلى المحور الأقوى نفوذاً في لبنان والمنطقة، في ظلّ توازن القوى الحالي، الذي أخرج الحريري من السلطة، وقوّض غالبية قوى 14 آذار، وعطّل الدور السعودي في لبنان، ومكّن سوريا من الإمساك بمعظم مفاصل السلطة والاستقرار فيه. ما لم يقله الأسد مرة للزعيم الدرزي وانتظر من الأخير أن يبادر إليه لتوطيد التزامه الخيارات الاستراتيجية لسوريا والمقاومة في آن واحد، أمران: الانقلاب الكامل على المحكمة الدولية، وقلب الغالبية النيابية.


نواب طرابلس يتحرّكون على بوصلة جنبلاط

عبد الكافي الصمد
لا يدلّ الهدوء الذي يخيّم على طرابلس هذه الأيام على أنها تعيش أجواء ارتياح واستقرار، لا بل إن تحوّلها لتعود إلى صلب القرار من خلال إمكان عودة رئاسة الحكومة إليها، جعل ذلك الهدوء لا يبعث على الاطمئنان، وسط مخاوف من أن يؤدي الاشتباك السياسي الدائر حول من سيسميه النواب في استشاراتهم النيابية إلى ردّات فعل في الشارع.
مع أنه لم يُسجّل أيّ توتر في الشارع الطرابلسي والشمالي، فإن ذلك مرده إلى الانضباط الذي فرضته التعليمات المشددة للقوى السياسية المعنية على مناصريها بالتزام الهدوء وضبط النفس، وعدم القيام بأيّ استفزازات، أو الانجرار إلى أيّ مشاكل، وهو مشهد لم يمتد إلى منابر المساجد في المدينة، التي شهدت أمس انقساماً سياسياً عبّر بوضوح عن حجم التباين الموجود.
لقد شهدت مساجد طرابلس للمرة الأولى منذ سنوات، انشطاراً في مواقفها لجهة مقاربتها الحدث الحكومي، من غير وجود أيّ توجيه رسمي لها من دار الفتوى بهذا الخصوص، إذ فيما جدّد خطباء تأييدهم رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، داعين إلى بقائه في رئاسة الحكومة، برز خطباء آخرون بمواقفهم المؤيدة للرئيس عمر كرامي في ترؤسه الحكومة المقبلة، بعدما أعلن بطريقة غير رسمية تأييد المعارضة تسميته.
في غضون ذلك، غاب كرامي عن استقبال المواطنين في مكتبه بطرابلس، لـ«انشغاله بمواعيد في دارته ببيروت»، حسب ما أوضح مكتبه الإعلامي، وتولى هذه المهمة نيابةً عنه نجله فيصل، الذي اضطر إلى الوقوف ساعات عدة وهو يستقبل المواطنين.
وفيما لا يزال كرامي يفضل الصمت حيال الموضوع الحكومي، أفادت مصادره «الأخبار»: «نحن لم نكلَّف بعد بتأليف الحكومة»، مؤكدةً «ضرورة الاحتكام إلى المؤسسات في أيّ خلاف، وعدم الاستعانة بالشارع نظراً إلى محاذيره، لأنه إذا وجد شارع هنا، فهناك شارع يقابله».
هذا الحذر الذي يلتزم به كرامي يعود إلى أنه يريد لتجربته الثالثة في رئاسة الحكومة أن تكون ثابتة وناجحة على عكس تجربتيه السابقتين، وهو رغم الصعاب التي يدرك حجمها وخطورتها، يدرك أنّ السلطة كفيلة بنقل كثيرين البندقية من كتف إلى أخرى، وبجذب آخرين للوقوف إلى جانبه أو على الحياد.
وسط هذه الأجواء، بقي السؤال عن موقف النواب الأربعة في طرابلس، نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي وأحمد كرامي وقاسم عبد العزيز، من الكباش السياسي الدائر مبهماً ويسوده الغموض، من غير أن يزيله موقفهم في 15 الجاري، عند اعتبارهم مقام رئاسة الحكومة «موقعاً وطنياً بامتياز».
فحسابات النواب الأربعة تنطلق بالجملة من أنه إذا كانت أصواتهم مرجحة في الاستشارات النيابية فإنهم سيُسمّون الحريري، إما إذا حسم النائب وليد جنبلاط خياره لمصلحة تسمية معظم نواب اللقاء الديموقراطي مرشح المعارضة، أي باختصار ما يكفي لترجيح كفته على الحريري، فإن النواب سيسلكون في المفرق سبلاً مختلفة.
ففي هذه الحالة سيسمّي النائبان كرامي وعبد العزيز، الحريري، على الأغلب، انطلاقاً من حسابات انتخابية بالدرجة الأولى، بينما سيفضّل ميقاتي والصفدي عدم تسمية أحد بناءً على حسابات مختلفة لكليهما، في موقف سيمثّل «نصف غطاء» سياسي لكرامي من نواب مدينته.
فالصفدي الذي يدرك أن طموحه في الوصول إلى السرايا أصبح صعباً للغاية في هذه الظروف، يرى في وقوفه في منتصف الطريق إعلاناً لتمايزه من جهة، وحفظاً لحظوظه من جهة أخرى في دخول أيّ حكومة مقبلة، سواء ترأسها الحريري أو كرامي، لمعرفته أن ابتعاده عن الحكومة يعني تراجعاً في حضوره السياسي.
أما ميقاتي، الذي يبدو محرجاً للغاية، والذي لا ينظر إلى توزيره لأنّ طموحه لا يقل عن رئاسة الحكومة، فإنه سيبقي الخيط الرفيع الذي يربطه مع الحريري، وهو إذ يعرف أنّ عدم تسميته أحداً يعني من زاوية ما أنه يُسلّف كرامي موقفاً من جيب غيره، فإنه لا يغيب عن باله، أن موقفه هذا يُبقي على قليل من حظوظه في عودته ثانيةً إلى السرايا.

Script executed in 0.21725702285767