إلا أن كلام الصباح في بيروت، لم يكن نفسه كلام بعد الظهر فيها. ففي الصباح، بدا وكأن الناس يسرقون لحظات هدوء ما، بانتظار ما سيهلّ عليهم من رياح الاستشارات. يعبّر بعضهم عن تقبّل طفيف لترشيح الرئيس نجيب ميقاتي، لاسيما وأن هؤلاء رأوا في ترشيح المعارضة للرئيس عمر كرامي، «تحدياً لفريق 14 آذار ولطائفة السنة في لبنان، وهو تحد لن ينتهي على خير». لا يخرج الكلام المذكور بوضوح، أو بعلانية، على ألسنة الناس، إلا أنهم يكررون: تعبنا، أنهكنا، استنفدنا..
ولكن، عند الظهر، وبعد إصدار المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري بيانا أعلن فيه أن «تيار المستقبل يرفض من الآن، المشاركة في أي حكومة يترأسها مرشح الثامن من آذار»، احتدت المواقف لتظهر في تصريحات الناس: الحريري أو لا أحد.
«أهون الشرور»، ولكن..
في جولة صباحية في العاصمة، وتحديداً في شوارع عائشة بكار، والطريق الجديدة، والأشرفية، ورأس النبع، ورأس بيروت، يتبين أن هناك من يرى في ترشيح ميقاتي، «أهون الشرور، لا سيما إذا تبين أن ترشيحه جاء بغطاء سعودي ـ مصري ـ قطري»، بحسب ما يقول المحامي الشاب مازن. ويسأل: «لا يعني ذلك أننا تخلينا عن الرئيس سعد الحريري! مطلقاً!».
في الطريق الجديدة، يبقى الأفق للافتات أضيفت إلى تلك التي رفعت خلال اليومين الأخيرين، يعلن أبرزها: «إذا ناديتنا لبينا النداء، الحكومة لك، وليست لسواك»، و«الزعامة لمن صان الكرامة وأنتم الضمانة لحفظ الأمانة»، و«أنت والحقيقة، والاستقرار، ولبنان أولاً»، و«مهما تعالت نبرات أصواتهم، فالقافلة تسير».
ويكمل الناس ما تشهره اللافتات: «نحن نؤمن بأن الشيخ سعد يجب أن يُكمل معركته حتى النهاية، ونحن على ثقة من أن حلفاءه في الخارج وفي الداخل لن يتركوه وحيداً في منتصف الطريق»، تقول يسمى، وهي طالبة في «جامعة بيروت العربية».
تخشى يسمى التي أعادت منذ الأسبوع الماضي تعليق صورة الرئيس رفيق الحريري فوق صدرها، «رفعوا المسدس بوجه رئيسنا (سعد الحريري)، وفي وجه حليفه وليد جنبلاط، وجندوا حلفاءهم من سوريا وإيران وسنّة المعارضة، ونفذوا مناورة في الشارع، ونفذوا تعبئة في الشارع وفي الطائفة الشيعية، وبعدها وقفوا وقالوا لنا: أنتم تدفعون البلد إلى الفتنة». يهز صديق يسمى، وسام، رأسه، مؤيداً لكــل كلمــة تنطق بها، بانفعال، ويعود ليوجز تصريحها: «يعني بالمختصر المفيد، كان بإمكانــهم أن يــقولوا لنا: نحن الأقوى ونحن معنا السلاح، ونحن سنحكم لبنان».
حظوظ «الهضم» نهاراً
على الرغم من الدعم التام للرئيس الحريري، عبّرت بعض الآراء عن تقبّل محدود للرئيس ميقاتي، كبديل عن الرئيس عمر كرامي، «وحان الوقت لنعترف بأن المعارضة اتقنت لعبتها إلى حد ما، فميقاتي مقبول من بعض السنة، ويمكن لمبادرة ترشيحه أن تكتمل وتنجح أكثر في حال استطاع أن يؤلف حكومة بوزراء يهضمهم الشارع السني المؤيد للرابع عشر من آذار، حتى في حال انتقل إلى المعارضة ولم يــشارك في الحكومة»، يقول ناصر، وهو أستاذ في إحدى الجامعات الخاصة في بيروت.
تكرر رأي ناصر على ألسنة كثيرين طوال يوم أمس، إلا أنه يبقى مبهماً بالنسبة إلى باتريك، وهو يطالع الصحف في مقهى في ساحة ساسين في الأشرفية. يقول الرجل: «في لبنان، كل شيء وجهة نظر، وكل الأمور نسبية. ما يمكن أن يُطبق على الأسماء التي سيختارها الرئيس ميقاتي لحكومته.. فمن سيُحدد مدى تقبل 14 آذار لهم؟ مثلاً، هل يُعتبر طرح اسم جميل السيد كوزير للعدل، غير استفزازي؟ ووئام وهاب كوزير الداخلية، منطقي؟ وعبد الرحيم مراد لوزارة التربية، مقبول؟ وإبراهيم كنعان لوزارة المالية، سيُخفف الهدر؟ وسليمان فرنجية للداخلية، ليُطالب بالبينغو، عادل؟». يكرر باتريك: «إذا ما استلمت هذه الأسماء البلد، فعلى الدنيا السلام، سنكون تحت رحمتهم، وسنعاقب من المجتمع الدولي، وستُقطع عنا المنح وستخف الاستثمارات، وهو ما لمسته بنفسي! إذ منذ استقالة الوزراء، خسرت شركة الإعلانات التي أعمل فيها ثلاثة من مشاريعها السنوية الضخمة، بسبب الأوضاع السياسية، التي قد تتحول إلى أمنية في ليلة وضحاها».
حتى اللحظة، لا تزال «اللعبة في مرحلة الاستشارات، والشارع السني يخشى إحباطاً لا بد آت، فترشيح الحريري لنفسه ثم خسارته أمر محبط، أما خروجه من الحكم فمحبط أكثر»، بحسب زهير، وهو صاحب متجر للأدوات الكهربائية في تلة الخياط.
أما جميلة، وهي ربة منزل، فلم تر في مشهد ساعات النهار إلا إعادة تكرار للحياة السياسية اللبنانية التي اختصرتها بجملة: «بيروح الشبعان وبيجي الجوعان».
ولكن، عند الظهر، وبعد إصدار المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري بيانا أعلن فيه أن «تيار المستقبل يرفض من الآن، المشاركة في أي حكومة يترأسها مرشح الثامن من آذار»، احتدت المواقف لتظهر في تصريحات الناس: الحريري أو لا أحد.
«أهون الشرور»، ولكن..
في جولة صباحية في العاصمة، وتحديداً في شوارع عائشة بكار، والطريق الجديدة، والأشرفية، ورأس النبع، ورأس بيروت، يتبين أن هناك من يرى في ترشيح ميقاتي، «أهون الشرور، لا سيما إذا تبين أن ترشيحه جاء بغطاء سعودي ـ مصري ـ قطري»، بحسب ما يقول المحامي الشاب مازن. ويسأل: «لا يعني ذلك أننا تخلينا عن الرئيس سعد الحريري! مطلقاً!».
في الطريق الجديدة، يبقى الأفق للافتات أضيفت إلى تلك التي رفعت خلال اليومين الأخيرين، يعلن أبرزها: «إذا ناديتنا لبينا النداء، الحكومة لك، وليست لسواك»، و«الزعامة لمن صان الكرامة وأنتم الضمانة لحفظ الأمانة»، و«أنت والحقيقة، والاستقرار، ولبنان أولاً»، و«مهما تعالت نبرات أصواتهم، فالقافلة تسير».
ويكمل الناس ما تشهره اللافتات: «نحن نؤمن بأن الشيخ سعد يجب أن يُكمل معركته حتى النهاية، ونحن على ثقة من أن حلفاءه في الخارج وفي الداخل لن يتركوه وحيداً في منتصف الطريق»، تقول يسمى، وهي طالبة في «جامعة بيروت العربية».
تخشى يسمى التي أعادت منذ الأسبوع الماضي تعليق صورة الرئيس رفيق الحريري فوق صدرها، «رفعوا المسدس بوجه رئيسنا (سعد الحريري)، وفي وجه حليفه وليد جنبلاط، وجندوا حلفاءهم من سوريا وإيران وسنّة المعارضة، ونفذوا مناورة في الشارع، ونفذوا تعبئة في الشارع وفي الطائفة الشيعية، وبعدها وقفوا وقالوا لنا: أنتم تدفعون البلد إلى الفتنة». يهز صديق يسمى، وسام، رأسه، مؤيداً لكــل كلمــة تنطق بها، بانفعال، ويعود ليوجز تصريحها: «يعني بالمختصر المفيد، كان بإمكانــهم أن يــقولوا لنا: نحن الأقوى ونحن معنا السلاح، ونحن سنحكم لبنان».
حظوظ «الهضم» نهاراً
على الرغم من الدعم التام للرئيس الحريري، عبّرت بعض الآراء عن تقبّل محدود للرئيس ميقاتي، كبديل عن الرئيس عمر كرامي، «وحان الوقت لنعترف بأن المعارضة اتقنت لعبتها إلى حد ما، فميقاتي مقبول من بعض السنة، ويمكن لمبادرة ترشيحه أن تكتمل وتنجح أكثر في حال استطاع أن يؤلف حكومة بوزراء يهضمهم الشارع السني المؤيد للرابع عشر من آذار، حتى في حال انتقل إلى المعارضة ولم يــشارك في الحكومة»، يقول ناصر، وهو أستاذ في إحدى الجامعات الخاصة في بيروت.
تكرر رأي ناصر على ألسنة كثيرين طوال يوم أمس، إلا أنه يبقى مبهماً بالنسبة إلى باتريك، وهو يطالع الصحف في مقهى في ساحة ساسين في الأشرفية. يقول الرجل: «في لبنان، كل شيء وجهة نظر، وكل الأمور نسبية. ما يمكن أن يُطبق على الأسماء التي سيختارها الرئيس ميقاتي لحكومته.. فمن سيُحدد مدى تقبل 14 آذار لهم؟ مثلاً، هل يُعتبر طرح اسم جميل السيد كوزير للعدل، غير استفزازي؟ ووئام وهاب كوزير الداخلية، منطقي؟ وعبد الرحيم مراد لوزارة التربية، مقبول؟ وإبراهيم كنعان لوزارة المالية، سيُخفف الهدر؟ وسليمان فرنجية للداخلية، ليُطالب بالبينغو، عادل؟». يكرر باتريك: «إذا ما استلمت هذه الأسماء البلد، فعلى الدنيا السلام، سنكون تحت رحمتهم، وسنعاقب من المجتمع الدولي، وستُقطع عنا المنح وستخف الاستثمارات، وهو ما لمسته بنفسي! إذ منذ استقالة الوزراء، خسرت شركة الإعلانات التي أعمل فيها ثلاثة من مشاريعها السنوية الضخمة، بسبب الأوضاع السياسية، التي قد تتحول إلى أمنية في ليلة وضحاها».
حتى اللحظة، لا تزال «اللعبة في مرحلة الاستشارات، والشارع السني يخشى إحباطاً لا بد آت، فترشيح الحريري لنفسه ثم خسارته أمر محبط، أما خروجه من الحكم فمحبط أكثر»، بحسب زهير، وهو صاحب متجر للأدوات الكهربائية في تلة الخياط.
أما جميلة، وهي ربة منزل، فلم تر في مشهد ساعات النهار إلا إعادة تكرار للحياة السياسية اللبنانية التي اختصرتها بجملة: «بيروح الشبعان وبيجي الجوعان».