أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

ميقاتي يجهد لحكومة تَحْكُم وتُطَمْئِن

الخميس 03 شباط , 2011 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,940 زائر

ميقاتي يجهد لحكومة تَحْكُم وتُطَمْئِن

قبل أقل من أسبوع على انتهاء استشارات التأليف التي أجراها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع الكتل والنواب، تجمّع أمامه عدد من المعطيات انطوى على تعاون، مقدار انطوائه على عقبات في طريق تأليفه الحكومة الجديدة. كان قد حمل إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان السبت 29 كانون الثاني، غداة إنهائه اليوم الثاني من الاستشارات النيابية، تصوّراً لحكومته الثانية من 20 وزيراً استمدت مقوّماتها من حصيلة تلك الاستشارات. وضع في التصوّر الأولي العناصر الرئيسية للحكومة الجديدة، ثم تركه جانباً بعدما أبدت قوى 14 آذار رغبة في المشاركة فيها.
1 ـــــ لا يميل إلى الحكومات الفضفاضة من 30 وزيراً، ويفضّل حكومته الثانية أكبر من تلك التي ألفها عام 2005، وكانت من 14 وزيراً، على أن توفر أفضل تمثيل للقوى السياسية من غير أن تثقل، كحكومة الـ30، على عمل السلطة الإجرائية. كان اختباره الأول في حكومة الـ20 التي ناقش تصوّرها الأولي إلى رئيس الجمهورية.
2 ـــــ رغم سعيه إلى حكومة تضم أوسع تمثيل من فريقي النزاع، إلا أن ميقاتي لا يريدها على صورة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري، ولا تلك التي سبقتها وكانت على صورتها أيضاً برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2008، عندما تتحوّل حكومة الوحدة الوطنية أداة تعطيل للسلطة الإجرائية واتخاذ القرارات بسبب التجاذب بين أفرقائها، وإصرارهم على عدم اتخاذ أي قرار لا يسبقه تفاهم عام عليه.
يحمل ذلك الرئيس المكلف على القول أمام زواره إنه يريد حكومة تحكم، رافضاً تحوّله حَكَمَاً بين أطرافها. بل يذهب إلى رفض تأليف حكومة ترغمه على حمل صفارة وبطاقة صفراء يرفعها تارة في وجه هذا الطرف، وطوراً ضد ذاك، سواء اشترك الأفرقاء جميعاً فيها أو لا.
3 ـــــ تحت وطأة الاحتقان المذهبي الحاد، يسعى ميقاتي إلى حكومة تُشعر كل طائفة بأنها حكومتها. يريد وزراء سنّة يطمئنون طائفتهم إلى أنها غير مستهدفة ويراد الافتئات على موقعها، ووزراء شيعة يطمئنون طائفتهم إلى حماية المقاومة، ووزراء دروزاً يطمئنون طائفتهم إلى أن الخيارات التي اتخذها رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط تستحق الدفاع عنها والمضي فيها. يقول ميقاتي ذلك أيضاً عن الوزراء المسيحيين الذين يطمئنون طائفتهم إلى دورها.
بل لا يتردّد في القول، كما لمس زواره، إنه سيعطي جنبلاط كل ما يطلبه نظراً إلى أهمية الدور الذي اضطلع به في المعادلة الداخلية أخيراً ودفع في وجهة انتقال هادئ وطبيعي للسلطة. يعكس ذلك ما يقوله الزعيم الدرزي، وما قاله أيضاً الرئيس المكلف معوّلاً في الوقت نفسه على رئيس الجمهورية، من ضرورة تغليب المنحى الوسطي على الحكومة عبر الأركان الثلاثة هؤلاء. يؤول ذلك إلى تمسّك ميقاتي بحصة لسليمان في الحكومة الجديدة على غرار حصته هو فيها.
4 ـــــ كالإسفنجة يمتص الرئيس المكلف كل ما يسمعه من الأفرقاء قبل ذهابه إلى خياراته النهائية في تأليف الحكومة. عندما قيل له بحكومة من 32 وزيراً، لأول مرة في تاريخ لبنان، لتوزير ممثلين للعلويين والأقليات لم يمانع، وجعل الاقتراح قابلاً للدرس والمناقشة انطلاقاً من الإطار الذي حدّده لمهمته في تأليف الحكومة. وهو أنه لا يقيّد نفسه سلفاً بشروط وموانع يصبح في ما بعد أسيرها.
يحمله ذلك على الإصغاء إلى كل الملاحظات وتدوينها وجوجلتها. ولأنه لا يكبل نفسه بالمحظورات المسبقة شأن الأفرقاء الآخرين، لا يحصر مرحلة التأليف بمهلة محدّدة. سمعه زواره يقول إن الحكومة يمكن أن تؤلف في يوم واحد، وقد يتطلب إنجازها بضعة أيام أخرى قد تمتد إلى ما بعد 14 شباط، من غير أن يقترن ذلك بمغزى المناسبة.
5 ـــــ لاحظ الرئيس المكلف، في ضوء ما سمعه في الاستشارات النيابية ثم في المشاورات غير الرسمية، أن قوى 14 آذار تضع شروطاً عالية السقف، وأن قوى 8 آذار تتصرّف في المقابل على أنها انتصرت انتصاراً كاملاً. لا هو مع تلك، ولا مع هذه. يسعى إلى حكومة لا تنقل الصراع من الشارع إلى مجلس الوزراء كي يصبح ساحة انفجار خلافات الطرفين، فتشلّ السلطة الإجرائية مجدّداً كما مع حكومتي 2008 و2009، بل يرمي إلى حكومة تضع أولويات العمل الجدّي ومواجهة التحديات التي تنتظرها.
ما يجزم به أمام زواره أنها ليست حكومة انتقالية على غرار تلك التي ألفها في 19 نيسان 2005 واستمرت إلى 21 حزيران، أشرفت خلالها على الانتخابات النيابية، فانتهت مهمتها بانتهائها، بل أقرب إلى حكومة تستمد دورها من الظروف الاستثنائية التي يمر فيها الوضع الداخلي بغية تثبيت الاستقرار وإزالة الالتباس التي يحوط بعلاقة لبنان مع كل من سوريا والمجتمع الدولي وتحديد خيارات الحكم وإطلاق عمل المؤسسات الدستورية.
6 ـــــ لمس ميقاتي في حصيلة الاستشارات والمشاورات واللقاءات التي عقدها أن المشكلة الفعلية التي تواجهه في التوزير لا تقيم عند السنّة والشيعة والدروز، بل بين الزعماء الموارنة. بعض مَن سمع الرئيس المكلف لاحظ قلقه حيال التجاذب بين الزعماء الموارنة الذين يقاربون المشاركة في الحكومة من منطلق أنها لا تتسع لاثنين منهم في أحسن الأحوال. يتنافسون على عدد الوزراء ونوعية الحقائب، وعلى الحقائب السيادية.
ولأن المشكلة لا تكمن في التوزير الكاثوليكي والأرثوذكسي والأرمني، يقول ميقاتي، أفصح التناقض الذي يباعد بين الزعماء الموارنة، عن جانب من مبرّرات موقف المعارضة الجديدة من المشاركة. بعدما تيقّن من أن الحريري لا يريد ضمّ تيار المستقبل إلى الحكومة الجديدة، أصاب الارتباك الرئيس أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع: الأول يريد المشاركة عاكساً تأييداً واسعاً في حزب الكتائب لهذا الخيار. والثاني يريد بدوره المشاركة، إلا أنه لا يودّ الانفصال عن الحريري الذي حسم خياره بالإحجام، ما وضع جعجع على أهبة موقف مشابه.
في المقابل، مع تفهّمه وجهة نظر حليفيه من المشاركة في الحكومة بغية أن لا تخلى الساحة المسيحية، سياسياً وانتخابياً، في جبل لبنان الشمالي وفي بعض الشمال للرئيس ميشال عون، وفي البعض الآخر من الشمال للنائب سليمان فرنجية، إلا أن إصرار الحريري على عدم الانضمام إلى حكومة ميقاتي يحمل الجميّل وجعجع على ملاقاته.

Script executed in 0.21504187583923