شادي جواد
لم يتمخض الاجتماع «الفلكلوري» لقوى الرابع عشر من آذار الذي انعقد أمس في «البريستول» عن شيء يمكن أن يضاف إلى ما سبقه من اجتماعات في المكان نفسه، مع مفارقة وحيدة أن وجوهاً كثيرة كانت قد ساهمت في وضع الأسس لانطلاقة هذه القوى قد غابت عن الاجتماع، مفقدة نسبة عالية من مفعول البيانات التي تصدرها هذه القوى والتي أصبحت تصدر «غب الطلب» بما يلبي احتياجات وإملاءات وكر عوكر الذي ينشط في هذه المرحلة في إعطاء الدروس التحريضية وإغداق الوعود التي أثبتت المراحل والتجارب السابقة عدم جدواها على الإطلاق.
فالبيان الذي صدر، والذي كتب مسبقاً بإيحاء أميركي ووضع ساكن معراب لمساته عليه، لم يأت بأي جديد. فالنقمة على السلاح هي التي تضبط إيقاع هذه القوى التي لا يجمعها أي مشروع، والموقف من عدم المشاركة لم يكن مفاجئاً، وبالتالي فإن القصد من عقد هذا الاجتماع «المبتور» لا يتعدى سببه حدود إثبات الوجود وإعادة شد العصب الجماهيري الذي يشهد في هذه الأونة حالة من الاسترخاء وصلت إلى حدود، أن شريحة من جماهير «14 آذار» باتت تدرك، أن خطاب بعض صقور هذه القوى بات لا يصرف على الساحة اللبنانية ولا حتى على المستوى الإقليمي والدولي الذي يخضع هذه الأيام الى جملة متغيرات قد تقلب المشهد رأساً على عقب مع قابل الأيام.
ويعرب مصدر متابع لحراك هذه القوى والإخفاقات التي لحقت بها وأدت إلى انتقالها من ضفة الأكثرية إلى موقع الأقلية ومنها إلى المعارضة، عن اعتقاده، بأن اجتماع «البريستول» صحيح أنه كان مخصصاً لاتخاذ موقف موحد من عدم المشاركة في الحكومة الجديدة، غير أنه خصص جانباً منه إلى وضع الآلية لتأمين حشد جماهيري كبير في المهرجان المنوي إقامته في «14 آذار» في وسط بيروت، بعد أن وصلت معلومات إلى «بيت الوسط» مفادها، أن تحريض الناس على النزول إلى المهرجان يحتاج إلى استنفار عام على المستوى السياسي والمالي ولا سيما أن المتغيرات التي اجتاحت الساحة الداخلية على المستوى السياسي جعلت الكثيرين يعيدون النظر في مواقفهم، خصوصاً أنهم شعروا في كثير من المرات بالخذلان والنسيان، وعلى وجه الخصوص على مستوى المطالب التي لم يتحقق منها إلا النذر اليسير.
ويقول المصدر، قد ينجح فريق «14 آذار» في حشد الألوان في وسط بيروت بفعل ضخ المال وتأمين النقل والضغط من خلال الوظيفة وما شابه، ولكن ماذا بعد هذا اليوم وما هي الخطوات التي سيتبعها هذا الفريق في المستقبل؟
لا شك أن هذا الفريق سيحمل قضية السلاح في المستقبل كقميص عثمان من خلال شعار «الشعب يريد إسقاط السلاح»، غير أن هذا الشعار سيواجه بشعار «الشعب يريد بقاء السلاح» وبالتالي فإن أي شعار ضد السلاح لن يجد طريقه في بيئة احتضنت ولا تزال هذا السلاح الذي تعتبره حاجة ملحة لمواجهة المخاطر والتهديدات «الإسرائيلية».
ويذكّر المصدر، بأن كل العناوين التي طرحها فريق «14 آذار» هي عناوين ثبت عقمها وعدم جدواها في مراحل سابقة، وبالتالي فإن طريق المعارضة الجديدة ستكون وعرة ولن تصل إلى أي جديد. ولن ينفع هؤلاء ارتفاع منسوب الصراخ الذي لن يلقى أي صدى على الضفة المقابلة، والذي ربما يزعج شريحة واسعة من الفريق نفسه الذي بات يحتاج إلى أفعال، وليس اختصار أي تحرك على مجرد اعتلاء المنابر وتوزيع الاتهامات واستحضار الخطابات المذهبية والطائفية، التي لم يحسن هذا الفريق تسييسها وهو في عز سطوته مدعوماً من الدول الكبرى، ويتخذ من اغتيال الرئيس رفيق الحريري متراساً لإطلاق النار على شريكه في الوطن.