أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

ميليشيات القذافي تشعل حرب المدن ... بالمذابح

الإثنين 07 آذار , 2011 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,503 زائر

ميليشيات القذافي تشعل حرب المدن ... بالمذابح

وشهدت مختلف انحاء ليبيا، أمس، عمليات كر وفر في حرب المدن التي اشعلتها ميليشيات القذافي مع المعارضين، كان أعنفها في مدينتي الزاوية ومصراتة المجاورتين للعاصمة طرابلس، حيث تحدثت المعلومات عن مقتل وإصابة العشرات، فيما واصل الثوار تقدمهم من المناطق الشرقية باتجاه مدينة سرت، في الوسط، حيث تمكنوا من الوصول إلى بلدة بن جواد التي تقع على مسافة مئة كيلومتر من تلك المدينة التي تعتبر مسقط رأس القذافي، قبل أن تتمكن القوات الحكومية من إبعادهم إثر معارك طاحنة، ليعيدوا تنظيم صفوفهم للتقدم باتجاهها مجدداً.

وكان الثوار الليبيون نجحوا، أمس الأول في السيطرة على بن جواد الواقعة على الساحل الشمالي في شرقي البلاد، وقال متحدث باسم الثوار إن السيطرة على بن جواد تعني عملياً فتح جبهة سرت، لافتاً إلى أن معلومات أتت من المدينة تفيد بأن سكانها على استعداد للانضمام إلى الثوار، في وقت ذكرت مصادر من المعارضة أن أهالي بلدة بني وليد، الواقعة على مسافة نحو 250 كيلومتراً من سرت، خرجوا لفرض حصار على المدينة.
وتمكنت ميليشيات القذافي، بعد ظهر أمس، من استعادة السيطرة على بن جواد، الواقعة على بعد 40 كيلومتراً إلى الغرب من رأس لانوف، المدينة النفطية التي سيطر عليها الثوار يوم الجمعة الماضية. وقال شهود عيان إن بن جواد شهدت قتالاً عنيفاً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل، وإصابة 14 آخرين، بينهم مراسل فرنسي، لكن الثوار أعلنوا، بعد ظهر أمس، أنهم أعادوا تجميع صفوفهم، مشددين على أنهم عازمون على استعادة بن جواد، والتقدم نحو مدينة سرت.
وكانت غارات جوية استهدفت معسكراً للثوار كان مقر كتيبة سابقاً في شرقي مدينة راس لانوف، من دون أن يبلغ عن وقوع إصابات، وقد تصدّى الثوار للطائرات المغيرة بالمضادات الأرضية وبطاريات الصواريخ المحمولة على الكتف.
وتمكن الثوار، أمس الأول، من إسقاط مقاتلة حربية فوق أجواء رأس لانوف. وأظهرت لقطات بثتها محطة «تي في 5» الفرنسية حطام طائرة أسقطت بمضادات أرضية خلال تحليقها فوق المنطقة. وتبين مقتل الطيارين، وأحدهما يحمل الجنسية السورية كما أوضحت المحطة التلفزيونية، لكن مصدراً سورياً رسمياً نفى لـ«السفير» ما أذاعته بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن وجود طيارين سوريين يشاركون في عمليات الطيران الحربي الليبي، مشدداً على أن هذا الخبر «عار عن الصحة».
الجبهة الغربية
أما على الجبهة الغربية، فقد سعت ميليشيات القذافي إلى بسط سيطرتها على مدينتي الزاوية (40 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس)، ومصراته (200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس).
ومنذ يوم أمس الأول، شنت قوات القذافي سلسلة هجمات على الزاوية، بعدما حاصرتها من جهاتها الأربع. وتقدمت الدبابات من المحورين الشرقي والغربي داخل المدينة، قبل أن يتصدّى لها الثوار المتحصنون في المنطقة المحيطة بميدان الشهداء في وسط المدينة، ويرغمونها على الانسحاب. وبالرغم من قيام السلطات الليبية بقطع الكهرباء وخطوط الاتصال عن الزاوية، إلا أن المعارضين نقلوا من المدينة أنباء عن مجازر بشعة ارتكبتها الكتائب الأمنية التابعة للنظام، ولا سيما كتائب خميس، ابن القذافي، مؤكدين أن الدبابات قامت بقصف عشوائي لمنازل المدنيين خلال انسحابها.
وقال طبيب في احد مستشفيات الزاوية إن القوات التابعة للقذافي ارتكبت «مجزرة حقيقية» في المدينة الواقعة على بعد 40 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس، والتي تسيطر عليها المعارضة منذ 27 شباط الماضي. وأوضح الطبيب أن «الوضع كارثي. لقد قتلوا العديد من المواطنين... وقتلوا ابنتي»، مشيراً إلى أن «المرتزقة كانوا يطلقون النار على كل من يجرؤ على الخروج من منزله بمن في ذلك الأطفال»، لكن مصادر أخرى في المدينة تحدثت عن مقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً.
وحتى ليل يوم أمس، كان الثوار في الزاوية ما زالوا يقاومون هجمات قوات القذافي. وبحسب مصادر في المدينة، فإن الثوار اتبعوا في عمليات صد الهجمات تلك تكتيكاً عسكرياً يقوم على استدراج القوات الغازية إلى المدينة، ومن ثم الانقضاض عليها وإجبارها على الرحيل.
وبدا الوضع في مصراتة مشابهاً لجهة طبيعة الهجمات وطرق التصدي لها، وأيضاً لجهة المجازر الوحشية التي ارتكبها النظام في المدينة، حيث تحدث شهود عيان عن مقتل العشرات. وأكدت مصادر في مصراتة أن المدينة ما زالت تحت سيطرة المحتجين، بالرغم من الهجمات المتكررة التي شنتها القوات الحكومية، ومحاصرتها لها.
طرابلس
أما طرابلس، فاستيقظت على دوي الرصاص من مدافع رشاشة، ما وصفته الحكومة بانتصارها على الثوار في مدن رئيسية في شرقي البلاد. ومع بزوغ الفجر، خرج الآلاف من مؤيدي القذافي إلى الشوارع وهم يلوحون بالأعلام ويطلقون النار في الهواء.
وبدا الخوف على وجوه الناس في حي تاجوراء، الذي يقطنه أبناء الطبقة العاملة، ويمثل أحد نقاط الانتفاضة ضد القذافي في العاصمة، حيث انطلقت سيارات مسرعة تقل أنصار القذافي وهم يهتفون «الله.. ومعمر.. وليبيا وبس». لكن أهالي الحي أكدوا أن حملتهم للتغيير لم تتزعزع بعدما سمعوا أن الثوار دحضوا ادّعاءات الحكومة بتحقيق انتصارات في مدن كالزاوية وبنغازي.
ويعكس التناقض بين تاجوراء ووسط طرابلس حجم التوتر في مدينة منقسمة بشكل متزايد. ويعج الحي بالشائعات، إذ قال السكان أن إطلاق الرصاص قبل الفجر بدا أشبه بالقتال.
لكن المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم نفى هذه المعلومات، قائلاً للصحافيين إن ما سمع في العاصمة هو أصوات ألعاب نارية احتفالية، وان الناس موجودون في الشوارع يرقصون في الميدان. غير أنه أضاف «أنصحكم بعدم الذهاب إلى هناك من اجل سلامتكم».
وكانت قناة «الليبية» القريبة من سيف الإسلام القذافي ذكرت أن النظام استعاد السيطرة على مدن رأس لانوف وطبرق ومصراتة. إلا أن الثوار وصحافيين وشهوداً عياناً نفوا هذه المعلومات.
القذافي
في هذا الوقت، دعا معمر القذافي إلى إرسال لجنة تحقيق «من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي» للتحقيق في الاضطرابات التي تهز ليبيا، ووعد بالسماح للمحققين بالتحرك بحرية. وقال القذافي، في مقابلة نشرتها صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية: «أولا أريد أن تأتي لجنة تحقيق من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا... وسنسمح لهذه اللجنة بمعاينة الوضع ميدانيا من دون عقبات»، موضحاً انه «إذا كانت فرنسا ترغب في تنسيق عمل لجنة التحقيق وقيادتها، سأؤيد ذلك».
وحذر معمر القذافي من انعكاسات الوضع في ليبيا على أوروبا التي تواجه تدفقاً للمهاجرين غير الشرعيين القادمين خصوصاً من شمال أفريقيا، مشيراً إلى أنّ «آلاف الناس سيجتاحون أوروبا انطلاقاً من ليبيا ولن يستطيع احد إيقافهم».
كما كرر تأكيده على جهود نظامه في مكافحة تنظيم «القاعدة»، قائلاً «سيكون لديكم (أسامة) بن لادن على أبوابكم. سيكون لديكم جهاد إسلامي في وجهكم في المتوسط». وأضاف أن الإسلاميين المتطرفين «سيهاجمون الأسطول السادس الأميركي وستحصل أعمال قرصنة هنا على أبوابكم، على بعد 50 كلم عن حدودكم... وسيطلب بن لادن فدية من البر والبحر وستحدث أزمة دولية حقيقية».
وكرر الزعيم الليبي اتهاماته بأن الثوار «اعتادوا على تناول حبوب للهلوسة» يوزعها عناصر من القاعدة «قدموا من العراق وأفغانستان وحتى من الجزائر». وأضاف «لم أطلق يوماً النار على شعبي. هنا في ليبيا، لم نطلق النار على احد وستظهر لجنة التحقيق ذلك».
من جهته، قال ابن القذافي، سيف الإسلام، إنه «في حال لم يساعدنا الأوروبيون قد تتحول ليبيا إلى صومال المتوسط». وأضاف «سيكون هناك قراصنة قبالة سواحل صقلية وجزيرة كريت ولامبيدوزا. وسيكون هناك ملايين المهاجرين وسيصل الارهاب الى أبوابكم». وتابع «ما زلنا نعتبر الرئيس ساركوزي صديقنا وصديق ليبيا. لقد استقبلناه مراراً وهو استقبل والدي في باريس».
وأضاف «منذ ثلاثة اسابيع كان هناك لغط والكثير من الشائعات والتقارير الكاذبة. وهذا اثر على الجميع بمن في ذلك على رئيسكم، ولا يمكنني ان ألومه». وانتقد سيف الإسلام ضمناً تغير موقف الاسرة الدولية حيال والده، قائلاً «عندما يكون النظام متيناً يقابل بالاحترام وعندما ينهار الجميع يقول وداعاً... لكننا لم نرحل بعد».
وكان سيف الإسلام اعتبر، في حديث لشبكة «سى إن إن» الإخبارية الأميركية أمس الأول، أن الرافضين لحكم والده يمثلون نسبة ضئيلة من الشعب الليبي، وأن نحو 85 في المئة من الشعب يؤيدون معمر القذافي.
بريطانيا
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن الثوار في شرق ليبيا أسروا ثمانية من جنود القوات الخاصة البريطانية. وأفادت الصحيفة أن الجنود كانوا يرافقون دبلوماسياً بريطانياً عبر الأراضي التي يسيطر عليها الثوار وكان الدبلوماسي يأمل في إجراء اتصالات مع قوات الثوار. ورفضت الحكومة البريطانية التعليق على ذلك. وقال بيان لوزارة الدفاع «نحن لا نؤكد أو ننفي هذه القصة، ولا نعلق على القوات الخاصة»، لكن وزير الدفاع وليم فوكس أقر بوجود فريق دبلوماسي صغير في بنغازي، قائلاً «نحن على اتصال به ولكن من غير اللائق بالنسبة لي أن أعلق بما هو أكثر من ذلك».
ومساء ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن فريق الدبلوماسيين غادر ليبيا بعدما عقد اجتماعات مع مجــموعات من الثوار الليبيين

Script executed in 0.18849802017212